بيروت | Clouds 28.7 c

أم على قلوب أقفالها ..؟! ليلة الكوابيس! / بقلم: محمد خليفة

أم على قلوب أقفالها ..؟!

 ليلة الكوابيس! / بقلم: محمد خليفة

 

لا بد أن ليلة الاثنين-  الثلاثاء 17 / 18 ايلول/ سبتمبر الجاري كانت ((ليلة كوابيس)) لأطراف محور الشر الثلاثي، روسيا، وايران، ونظام العصابة الأسدية .

إنها ليلة الهزيمة، أو ليلة الصدمة بامتياز، أو ليلة اليقظة من أوهام النصر، بأقسى طريقة يمكن تخيلها. ولو أن كافة الدول المعادية للمحور قررت ترتيب جدول أحداث الليلة الاستثنائية، لما جاءت النتائج كما حدثت فعلاً في تلك الليلة. فالاقدار دائماً أقوى، وهي وحدها التي رتبت الأحداث!

أولاً - بالنسبة لروسيا: لا بد أن الاتفاق الذي ((فرضه)) أردوغان على صديقه بوتين في سوتشي كان مؤلماً للكبرياء الروسي. ولا بد أن الرئيسالسلطان انتقم من بوتين الذي أذله في العاشر من آب/ اغسطس 2016 وأجبره على الاعتذار له كتابياً عن اسقاط الطائرة ((السو)) في تشرين الأول/ نوفمبر    2015  والرضوخ لشروطه إن اراد الاستمرار في أداء دور ما في سورية .

اليوم رد أردوغان لبوتين الصاع بمثله، وفرض عليه اتفاقاً لا يخدم خططه، ولا يلبي أحلامه. وحسب مصادر تركية ظل اردوغان يهدد بإلغاء زيارته الى سوتشي حتى ساعة قبل موعد اقلاع طائرته إذا لم يقبل بوتين بشروطه للاتفاق الجديد، فرضخ هذا لكيلا يخسر تركيا التي استعادت علاقاتها مع حلفائها الأصليين في الغرب بعض الدفء في الأسبوعين الاخيرين وتلقى دعمهم له بشأن ادلب .

الاتفاق أسقط نهائياً الخيار العسكري في ادلب وقدم المدينة للأتراك، بينما كان بوتين وحليفاه الآخران يريدون استكمال مجازر حلب والغوطة ودرعا ليعلنوا مع نهاية السنة الجارية سقوط ((المدن المحررة)) و((نهاية المعارضة المسلحة بإجبارها على الاستسلام)) وإستعادة الأسد لسلطاته على الشمال، وإخراج تركيا من اللعبة. ولكن أردوغان هو الذي فرض ما يريد: أمن ادلب من أمن أنقرا، وجود القوات التركية في سورية شرعي، ولن تنسحب قبل أن ينسحب الآخرون: ايران وروسيا وأميركا، وقبل التوصل لحل سياسي، وفق التفاهمات الدولية يلبي مطالب الشعب السوري ويخرج الأسد من السلطة.

ثانياً - بالنسبة لايران: أخرج اتفاق سوتشي الروسيالتركي ايران تماماً من ملف ادلب، وجعلها أول وأكبر الخاسرين . إذ كانت تريد المشاركة في الحرب على المدينة لتقول للاسرائيليين والاميركيين: نحن في سورية للحرب على الارعاب، لا لتهديدكم.

ولكن هذا الادعاء لم يعد ينطلِ على أحد، فالعالم يعلم أن ايران كانت دائماً مع الحلول الدموية، ووقفت وراء كل مجزرة ارتكبها الأسد. ولم تتوقف هزيمة ايران السياسية عند إخراجها من الاتفاق التركيالروسي حتى جاءت الضربة الجديدة الموجعة لمنشآتها الصاروخية في اللاذقية وحماة وحمص، في وقت واحد، وبشكل متزامن مع توقيع اتفاق سوتشي. فإيران نقلت في الشهور الأخيرة الى هذه المنطقة الحساسة بعض مصانعها وقواعدها الاستراتيجية هرباً من ضربات الاسرائيليين حول دمشق والجنوب، واحتماء بالروس الذين نشروا في قاعدتهم في حميميم صواريخ400 S .

ولكن هذه اللعبة لم تنطلِ أيضاً على الاسرائيليين ولا الاميركيين، بل ولا على الروس الذين سحبوا أنفسهم من المنازلة بين اسرائيل وايران، واعترفوا للاميركيين بفشلهم في اقناع الايرانيين بمغادرة سورية .

ومع كل ضربة جديدة يتكرر توجيه الاتهام للاسرائيليين، ولكن الضربة الجديدة مساء الاثنين الماضي حملت جديداً شديد الاثارة. إذ أكد مسؤول الاعلام في ((الائتلاف الوطني)) أحمد رمضان أن ((التحالف الدولي)) هو الذي قصف المواقع الايرانية - السورية هذه المرة لا اسرائيل، لأن الأهداف المقصوفة تحوي مخازن ومنشآت تتصل بالاسلحة الكيماوية .

وإذا صحت المعلومة فهي تعني أن دول الغرب بقيادة اميركا بدأت باستصال الأورام الايرانية السرطانية من سورية. ويعني ترجمة عملية للتهديدات التي صدرت عن واشنطن ولندن وباريس وبرلين مؤخراً بمعاقبة الأسد إذا استعمل الكيماوي مجدداً. ويعني أيضاً أن التحالف الغربي يبعث برسالة مزدوجة، لإيران وروسيا معاً، تعبر عن السخط على روسيا، لأنها ما زالت تحمي الاسد والايرانيين، وتحاول فرض أجندتها السياسية وتتنكر لالتزاماتها بخصوص الحل السياسي في سورية. وهذه الضربة تدفن أحلام الاسد وروسيا وايران بتحقيق شيء بالقوة .

ثالثاًبالنسبة للأسد: لا بد أن ليلة الاثنينالثلاثاء الماضية هي الأسوأ منذ بداية الثورة، فما جرى يعني نهاية أحلامه بالبقاء في السلطة بعد الآن، فالاتفاق بين الرئيسين أردوغان وبوتين انتصار كبير لغريمه الأول اردوغان، ويعطي شرعية دولية لا يمكن لأحد انكارها، وهو يعلم أن اردوغان لم يقبل حتى الآن رغم المحاولات الروسية القبول ببقاء الاسد في السلطة، ويرفض التطبيع معه، ولم يزل داعماً بقوة للمعارضة السياسية،  وخصوصاً ((الاخوان)).  والاسد خسر ادلب،  وأجزاء مهمة من حلب وحماة واللاذقية، قريباً من عقر داره في القرداحة. وفوق ذلك فالصواريخ التي ضربت المنشآت الكيماوية في اللاذقية تعني تهديداً مباشراً له، وللمنطقة العلوية التي بقيت آمنة ومحمية حتى الآن.

ولم ينقص جدول أعمال هذه الليلة الحافلة سوى أن تسقط الدفاعات السورية طائرة اليوشن روسية وعلى متنها 14 عسكرياً لقوا حتفهم بنيران مجهولة، وغرقوا مع طائرتهم في البحر، بحيث يصعب فحص حطامها لتحديد من أسقطها، قوات الاسد أم قوات التحالف التي كانت قريبة من الساحل تقصف المنشآت الكيماوية في الوقت نفسه!.

بهذه العملية الغامضة تحولت احداث الليلة أشبه بفيلم بوليسي جداً.. فإذا كانت صواريخ الاسد هي التي أسقطت اليوشن فهل حدث ذلك خطأ أم قصداً تعبيراً عن حالة جنون انتابت الأسد كرد فعل على اتفاق سوتشي..؟!

وإذا كانت صواريخ التحالف الدولي هي التي أسقطتها فالأمر أخطر، ويعني قراراً غربياً بضرب الروس في سورية، رداً على جرائمهم ورفضهم للحل السياسي المتفق عليه منذ2012 .

هكذا ينبغي علينا توقع أن لا الاسد ولا بوتين قد ناما جيداً في هذه الليلة الكابوسية !

الوسوم