بيروت | Clouds 28.7 c

خاص – "الشراع" / ماذا بعد "الاشتباك" بين عون والرئيس المكلف؟ حلبة مصارعة مفتوحة.. ولا حكومة

مجلة الشراع 30 آذار 2021

 

ماذا بعد الاشتباك الشخصي بين عون والحريري؟

من الان وحتى اشعار اخر، اسدلت الستارة على المشهد اللبناني المتعلق بتشكيل الحكومة على الشكل التالي:

  • تدهور العلاقة  بين ميشال عون وسعد الحريري بشكل غير مسبوق في العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بعد حرب البيانات بين الطرفين والتي وصلت الى حدود الاشتباك الشخصي بينهما،سواء في اتهام كل واحد منهما للاخر بالكذب والتعطيل او سعي كل منهما لتدعيم موقفه بتأييد اطراف داخلية وخارجية له.

  • تجميد الاتصالات المعلنة على الاقل من قبل وسطاء عملوا على خط تقريب المسافة في المواقف بين الطرفين ، من جراء ما حصل ودخول البلاد في مرحلة المراوحة  لابل الدوران في الفراغ . وليس معروفاً الى متى يمكن ان يستمر هذا الجمود الا ان ما هو ظاهر حتى الان هو ان كل فريق يحتاج ربما الى فترة قد تقصر وقد تطول لمراجعة حساباته والبناء عليها.وضمن هذا السياق فان لا صحة وفق معلومات "الشراع" لكل ما يقال عن مبادرات ستطلق او يجري العمل على اعدادها ، وان الاتصالات الدائرة ليس لها الا هدف وحيد وهو العمل على التهدئة بين العهد وفريقه البرتقالي وبين التيار الازرق.

  • خروج المواقف عن دائرة المسايرة والمراعاة في الشكل ، ودخولها مرحلة الصدام المباشر .وقد كان عون سباقاً في هذا الامر عندما تم تسريب شريط مصور قال فيه عون عن الحريري انه" كذاب"، ما يعني ان اي تسوية للمشكلة الحكومية العالقة باتت تحتاج اولاً الى نوع من المصالحة الشخصية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف اذا كان ممكناً تحقيقها ، وذلك قبل العمل من اجل تدوير الزوايا في موضوع حل العقد التي تعترض تشكيل الحكومة. ولهذا السبب فان ازمة الثقة بينهما باتت عميقة للغاية وثمة شكوك واسعة بامكان معالجتها في وقت قريب او حتى بعيد .

اضافة الى ذلك فانه لم يعد سراً ان عون ومعه طبعاً جبران باسيل يعمل من اجل ابعاد الحريري عن سدة الرئاسة الثالثة. خصوصا وانه لم يتردد في ابلاغ كل من السفيرتين الاميركية والفرنسية في لبنان بذلك.

ولا بد من اجل تحقيق المصالحة المطلوب حصولها كمقدمة لاعادة وصل ما انقطع تعبيد الطريق لمصالحة بات واضحاً انها الاساس للاولى وتشمل جبران باسيل الذي يرفض الحريري الاجتماع به رغم تمني قوى داخلية وخارجية عليه التشاور معه كونه يحمل مفاتيح التسوية مع قصر بعبدا.

  • على الرغم من النفي الصادر اكثر من مرة من دوائر القصر الجمهوري حول التمسك بالثلث المعطل ،فقد بات مؤكداً تمسك فريق عون وصهره جبران باسيل بهذا الثلث فضلاً عن تمسكه بحقيبة الداخلية. وكل ذلك يشير الى ان موضوع تشكيل الحكومة تجاوز مسألة سد الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية لحل مشاكل الناس وازمات البلاد المالية والاقتصادية والامنية ،ليصبح قضية تتعلق بمعادلة السلطة في فترة السنة ونصف المتبقية من ولاية عون والفراغ غير المستبعد في موقع الرئاسة الاولى بعد انتهائها.

ومع النقاش الدائرحالياً حول مبررات حصول رئيس الجمهورية على الثلث المعطل وعدم جوازه، خصوصا وان البعض يعيد الموضوع الى محاضر اتفاق الطائف وما هو منسوب لرئيس حزب الكتائب الراحل جورج سعادة  حول تفاهم لم يدرج في الاتفاق ويقضي بضمان عدم تحول رئيس الجمهورية الى مجرد شاهد في جلسات مجلس الوزراء بعد حصوله على الثلث المعطل لتعويض ما خسره  من صلاحيات واسعة  كانت له في الدستور قبل تعديله ، فان المسألة على هذا الصعيد تتجاوز قضية صلاحيات يعتبر جبران باسيل انه ينبغي استردادها من ضمن حقوق المسيحيين التي باتت اليوم يافطة من اليافطات التي يستخدمها رئيس التيار في محاولة منه لاستعادة ما فقده على المستوى الشعبي وتراجع التأييد المسيحي للتيار الوطني الحر ورمزه المؤسس والاول ميشال عون.

اما الجديد اللافت في موضوع الثلث المعطل، فهو الحديث عن النصف زائد واحد الذي يتهم باسيل الحريري بانه يريد تأمينه لنفسه في الحكومة التي يريد فرض تشكيلها.

 فصرنا على ما يبدو امام معادلة قوامها الصراع بين من يريد الثلث المعطل وبين من يريد النصف زائد واحد. وكل ذلك يعبر بصرف النظر عن صوابيته عن ان الهدف هو الامساك بالسلطة كما ورد انفاً خلال الفترة المقبلة.

ومعنى ذلك ،في حال  تحقق لاحد الفريقين مطلبه او لم يتحقق ذلك اذا تم التوصل الى تسوية ليس فيها ثلث معطل اونصف زائد واحد ان الحكومة المزمع تشكيلها هي حكومة متاريس ، او حكومة مكبلة بالصراعات والعاجزة بالتالي عن تولي مهمة الانقاذ والاصلاح ووقف الانهيار الحاصل.

وبديهي القول،

 ان الحديث عن حكومة يكون فيها للحريري النصف زائد واحد غير واقعي ، خصوصاً وان النواب ال65 الذين سموه في الاستشارات النيابية الملزمة لن يمنحوه الثقة في مجلس النواب اذا تقدم بمثل هذا الامر. الا انه وفق الحسابات الباسيلية فان المقصود من النصف زائد واحد هو ان الحريري سيستند الى تحالفه مع الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط والمردة بما يؤمن له الاكثرية في مجلس الوزراء واقرار ما يريده هذا الفريق في شتى الميادين وفي كل الصعد والحقول ، بينما يتحول وزراء رئيس الجمهورية الى مجموعة لا قيمة لموقفهم في اي تصويت ، خصوصا وان ممثلي حزب الله اذا شارك في الحكومة سيكون موقفهم محايداً ، من منطلق موقف الحياد وعدم التدخل في الخلاف الدائرحاليا بين عون والحريري حول موضوع تشكيل الحكومة.

وهذا الواقع  لايعني الا امرا واحدا وهو ان الهجوم على الحريري لا يقتصر عليه وحده ،بل يشمل اطرافا اخرين على خلفية الكلام السابق المنسوب لعون والذي اتهم فيه قوى مؤثرة وفاعلة بالانقلاب على العهد.

وفي العودة الى السؤال الاول المطروح : ماذا بعد الاشتباك الشخصي بين عون والحريري ،فان الواضح ان البلاد دخلت اليوم حلبة مصارعة بين التيارين الازرق والبرتقالي  وكذلك بين التيار الوطني الحر وكل من لا يشاركه الرأي بتشبثه بالثلث المعطل .

 ووفقاً لما يقوله العاملون على التهدئة فان كل يوم يشهد تصعيداً جديداً بينهما.وفيما يتم العمل على اطفاء ما ولدته حرائق خلاف الامس ،ينشب حريق جديد من خلال بيان يصدره المجلس السياسي للتيار الوطني الحر فيرد عليه تيار المستقبل عبر هيئته القيادية او عبر مكتب الحريري لندخل في سياق جديد من السجالات والتصعيد بكل ما يحمله هذا الامر من تداعيات على الوضع العام في البلاد.والاسوأ من ذلك ان كل فريق سواء كان مصيبا او غير مصيب بات اسير مواقفه بشكل بات من الصعب عليه التراجع كونه سيصبح عندها كمن كسرت ارادته لصالح الفريق الاخر.

وضمن حلبة المصارعة هذه  فان النتيجة  واحدة وهي :لا حكومة يمكن ان تشكل ، رغم المواقف الداخلية العديدة التي تدعو الى تشكيل حكومة في اسرع وقت، ورغم تزايد حاجة البلاد الى مثل هذه الحكومة للجم الانهيارات الواسعة الحاصلة في كل المجالات ، ورغم الحراك الدبلوماسي الاجنبي على خط بعبدا وبيت الوسط ، وهو حراك هدفه وفق معلومات "الشراع" استطلاعي لنقل  اجواء ما يدور على خط تشكيل الحكومة الى عواصم الدول التي يمثلها السفراء في لبنان والذين لم يتقدم احد منهم بموقف عملي خارج اطار حث الاطراف الداخلية اللبنانية على تشكيل حكومة في اسرع وقت .

المراوحة في موضوع تشكيل الحكومة مستمرة الى أجل لا احد يعرف مداه حتى الان ، لاسيما بعد ان اصبح هدف  المعركة من قبل عون ومعه جبران باسيل  هو  اخراج سعد الحريري . وهو الامر الذي يبدو انه كان الهدف المضمر قبل ان يصبح علنياً منذ اللحظة الاولى لتكليفه قبل ثمانية اشهر.

واذا كان الحريري لن يعتذر وسيبقى مصرا على موقفه في رفض منح عون  الثلث المعطل، فيما يصر رئيس الجمهورية على شروطه المرفوضة بشكل واسع لبنانياً  ولاسيما لجهة حصوله على "فيتو " الثلث المعطل، فان المراوحة في موضوع تشكيل الحكومة ستستمر في غياب اي اشارة الى ان حلحلة معينة يمكن ان تحصل من خلال" دوحة" جديدة (على غرار اتفاق الدوحة) .

المراوحة ستستمر، الا اذا حصلت قلاقل امنية خطيرة..؛

 تحتم الذهاب الى تسوية او تفرض تدخلاً خارجياً يدفع الاطراف الداخلية الى القبول بما لا تقبل به الان. علما ان لا شيء مضمون على هذا الصعيد بعد ان انقلبت المعادلة السابقة التي كانت تتم من خلالها المعالجات، وقوامها : الخروج من الواقع الصعب الى واقع اقل صعوبة،لتصبح :الخروج من الواقع الصعب الى واقع اكثر صعوبة.

 

 

الوسوم