بيروت | Clouds 28.7 c

نقاش هادئ  في جوّ صاخب..! / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 28 شباط 2021

 

بغض النظر عن اعداد المجتمعين في الصرح البطريركي للاستماع الى كلمة سيدنا البطريرك مار بشارة الراعي وهم بالآلاف

وبغض النظر عن حزبية المجتمعين وقد طغت صورة القوات اللبنانية وشعاراتها على المناسبة...

  ومع ان البطرك الراعي بدا انه وسّع جبهته لتشمل قسماً كبيراً لعله الاكثر عدداً من المسيحيين الحزبيين حتى انه لم يبق بعيداً عن حمايتها سوى المردة وجماعة عون!

... فإن كلمة البطرك التي تحدثت في امور كثيرة تهم كل اللبنانيين ومنها الفساد والقضاء والجوع ودعاهم الا يسكتوا عن امور عديدة الا ان البطرك الراعي لا يفوته ان كل اهتمام بكلمته سيتوقف على ما قاله في ثالوث جديد طرحه ويطرحه منذ فترة وهو:

السّلاح والحياد والمؤتمر الدولي

  نعم، هو ثالوث...

لكنه كثلاثة شعب في سيف واحد...

أو هو سيف برأسين هما الحياد والمؤتمر الدولي يستهدف الشعبة الثالثة وهو السلاح اي سلاح حزب الله!

وإذا كان هناك من يظن ان البطرك الراعي يستطيع بموقعه الكنسي محلياً او فاتيكانياً يملك ان يؤثر بأي من الشّعب الثلاثة فهو يظلم البطرك حتى لو بدا انه انغمس في شأن سياسي هو الاكثر مدعاة للانقسام بين اللبنانيين، بل ان البطرك نفسه ما كان لجأ الى هذه العلنية والشعبوية والحاجة الى الاحاطة الحزبية لو  كانت الشرعية المسيحية الممثلة بموقع رئاسة الجمهورية مؤيدة لهذه الثلاثية !

والمفارقة ان البطرك الذي يجهر بهذه الشعبوية لأنه عجز عن اقناع الشرعية المسيحية الممثلة برئاسة الجمهورية بأي من طروحاته وهو عجز عن اقناع الرئيس ميشال عون بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري..

 كما عجز عن اقناعه بتحرير التشكيلات القضائية التي قدمها له اعلى مرجع قضائي ماروني هو نفسه البطرك الذي يرفض الطلب من هذا الرئيس ان يستقيل على الرغم من كل هذا، وعلى الرغم من ان كل المسيحيين الحزبيين والمستقلين وعموم الجمهور المسيحي وكلهم يشكلون اكثر من 90% من المسيحيين يعتبرون ان بداية حل الازمة في لبنان هي في استقالة عون من منصبه!

طيب..

اذا كان البطرك الراعي عاجزاً عن اقناع شخص واحد او بالاحرى هو لا يريد ان يقنعه وما زال مدافعاً عن بقاء شخص واحد بترك منصبه بعد ان اوصل اللبنانيين والمسيحيين منهم الى جهنم... فكيف سيتسنى له اقناع بقية اللبنانيين بدعواته الثلاث؟

تعالوا الى الاهم

الثالوث الذي يتبناه البطرك وهو:

نزع السلاح

والحياد الايجابي

والمؤتمر الدولي...  وهو غاية اطلالته من بكركي بعد ظهر السبت في 27/2/2021 قلنا ان اللبنانيين منقسمون حوله (حتى لو انحصر الرفض بجمهور الثنائي الشيعي وما تبقى من جمهور عون ومن هيئات رافضة لأي تدخل دولي او اعلان حياد لبنان) فهل هو الرهان على تدخل اجنبي لفرض هذا الثالوث؟

 لقد كتبنا في مقال سابق ان لبنان مدول بالكامل الّا ربع، (التدويل حاصل في لبنان.. الّا ربع ! ? مجلة الشراع 20 شباط 2021 ) وان وجود عشرة آلاف جندي دولي في الجنوب هو تدويل كامل، وان هؤلاء متعايشون مع سلاح حزب الله وان كل من يدعو الى مواجهة بين هذه القوى وبين الحزب عليه ان يقنع أولاً الدول الاجنبية التي ارسلت جنودها بناء على القرار 1701 بفتح حرب ضد الحزب في الجنوب .. واذا حصل هذا المستحيل عندها يمكن ان تقول بأن التدويل يمكن ان ينجح!

الامر الآخر في التدويل..

 وقد كتبنا ايضاً ان مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التي قبلتها كل القوى السياسية في لبنان هي تدويل من نوع اقوى لأن الاجماع عليها كاد يعطيها قوة القانون، وغبطة البطرك لم يستطع ان يقنع شخصاً واحداً مارونياً هو ميشال عون بتطبيقها، فهل هناك املاً في تدويل آخر وقد بهدل ماكرون السياسيين اللبنانيين مرات عدة علناً وفي الغرف المغلقة وفي اتصالاته الهاتفية..

ولا حياة لمن تنادي  يا سيدنا البطرك ؟!

وانت تتحدث عن التدويل لعل في ذاكرتك واقعة كيف اشتبك اركان التدويل او الذين يعتمد عليهم به وهما اميركا وفرنسا حين كان ماكرون في ذروة مهمته في لبنان كيف قطع مجنون اميركا دونالد ترامب الطريق عليه بفرض عقوباته المحقة في توقيت ذبح مبادرة ماكرون ...

والآن،

يا سيدنا البطرك لا يمكن ابعاد تأثير اي حوار مرتقب بين ايران واميركا جو بايدن عن اوضاع لبنان والعالم كله يعلم العلاقة الجدلية بين احد طرفيه وهو ايران وبين اقوى قوى لبنان التي يمس الثالوث عصبها مباشرة وهو حزب الله ...

إنها يا سيدنا البطرك إقحام للبنان في صراع سلمي في شكله احياناً ودموي في احيان كثيرةً بين اميركا وايران.. في وقت تدعو فيه الى الحياد...

حياد بين من ومن؟

حيث يملك كل من المتحاورين اميركا وايران مؤيدين في لبنان وكل منهمً يعتمد على هذا الطرف او ذاك لتعزيز موقعه في لبنان!

وفي حين ان نزع سلاح حزب الله سيعتبر انتصاراً لاميركا واسرائيل وقوى لبنانية عديدة، فإنه سيكون هزيمة لقوى عديدة في لبنان..

فأين الحياد؟

مع اننا نكرر لك يا سيدنا البطرك اننا نؤيدك في دعوتك للحياد الايجابي ونحن متأكدين انك تعلم عنه منذ ان قاده جمال عبد الناصر مع عظماء ذلك العصر الراحلون نهرو  وتيتو وسوكارنو واحمد بن بله ...

عندما قيل لجمال انك تدعو للحياد بين الشرق والغرب رد قائلاً: نحن حيادنا ايجابي وليس سلبياً، وهذا يعني اننا ونحن مع تحرر الشعوب من الاستعمار فإن كل من يقف مع هذا التحرر فنحن معه سواء كان من الشرق او من الغرب!

ونظن يا سيدنا البطرك انك مع شعب فلسطين في حقه بتقرير مصيره وانك ستطلب من اميركا ان تساعده لتحقيق هذا الامر وسيظلّ لبنان محايداً وستكون مع كل من يساعده بالعودة الى وطنه من لبنان او من سورية او من اي بلد في العالم حتى لو كان لبنان محايداً..

 وكذلك مع حق الشّعب السّوري ضد كل الاحتلالات التي يتعرض لها بدءاً من الإحتلال الصهيوني الى الاحتلال الاميركي وما بينهما ويكون لبنان محايداً ..

غير اننا يا سيدنا،

يجب ان نتمسك بأهم اركان وجود لبنان وهو وحدته الوطنية والبحث دائماً عما يحميها ويحافظ عليها، وان يبعد عنها كل دعوة تؤدي الى التفرقة او الإنقسام حتى لو رآها البعض محقة فالإجماع شرط النجاح...

هذا هو لبنان

وقد اعطيت مجده

حسن صبرا

الشراع في 28/2/2021

 

الوسوم