بيروت | Clouds 28.7 c

قراءة في انتخابات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست): انشقاق القائمة المشتركة العربية، وارتماء زعيم إسلامي في حضن نتنياهو - القدس المحتلة / أحمد حازم

مجلة الشراع 22 شباط 2021

 

انتخابات الكنيست الإسرائيلية التي ستجري في الثالث والعشرين من الشهر المقبل وللمرة الرابعة خلال سنتين تقريباً، تتميز هذه المرة بحالتين على الصعيد العربي واليهودي. الحالة العربية هي الانقسام الذي حصل في "القائمة المشتركة" الرباعية التكوين منذ العام 2015 والذي أدى إلى قائمتين، وهما، قائمة  المشتركة الثلاثية ( الجبهة الشيوعية التي يرأسها أيمن عودة، الحركة العربية للتغيير برئاسة د.احمد طيبي والتجمع الوطني الديمقراطي برئاسة د.سامي أبو شحادة) وقائمة (القائمة العربية الموحدة) التي تضم  الحركة الإسلامية الجنوبية برئاسة د.منصور عباس بتحالف مع مازن غنايم، الرئيس السابق للسلطات العربية المحلية.

وهنا لا بد من القول أن الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني منقسمة إلى قسمين منذ العام 1996. قسم حمل اسم الحركة الإسلامية (الشمالية) برئاسة الشيخ رائد صلاح المعروف بـ "شيخ الأقصى"، وهي ترفض انتخابات الكنيست ولا تشارك فيها لا ترشيحاً ولا انتخاباً وتدعو بشكل دئم إلى مقاطعة هذه الانتخابات، لأنها غير مجدية لفلسطينيي الداخل ، أي فلسطينيو ألـ 48،.

 أما القسم الثاني من الحركة فأطلق على نفسه اسم "الحركة الإسلامية (الجنوبية) التي يرأسها (نظرياً) الشيخ حماده أبو دعابس. وكثيرون يعتبرون وجوده على رأس الحركة الجنوبية مجرد (شكل) فقط والرئاسة الحقيقية هي لمنصور عباس.

في السابع عشر من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2015 أصدر نتنياهو قراراً  ينص على  اعتبار  للحركة الإسلامية الشمالية تنظيمًا غير مشروع. وتم إستدعاء عددًا من قيادتها للتحقيق، وتلقت 17 جمعية ومؤسسة تابعة لها أوامر بحظر نشاطها. الأمر الذي لاقى استنكاراً شعبياً وخرجت مظاهرات ومسيرات عديدة تنديدًا بهذا القرار

خلاف منصور عباس مع القائمة المشتركة، يعود إلى تصريحات عباس بضرورة التعاون مع رئيس الوزراء نتنياهو لأن مصلحة العرب تتطلب حسب رأيه التعاون مع الحكومة الإسرائيلية لتحقيق أهدافهم، وهذا يتنافى مع الخط  السياسي العام للمجتمع العربي. 

 إضافة إلى هؤلاء ظهر على الساحة الانتخابية للكنيست الإسرائيلي  حزب عربي جديد  وهو حزب "معاً لعهد جديد" برئاسة محمد دراوشة، الذي تقلد عدة مناصب حساسة في مؤسسات يهودية، والذي دخل سباق التنافس للحصول على مقاعد في الكنيست. ولا شك أن تفكك القائمة المشتركة ستكون له عواقب وخيمة على  بالنسبة نتائج الانتخابات.

على الصعيد اليهودي فإن الحالة الجديدة في هذه الانتخابات هي الانشقاق الذي حصل في حزب الليكود اليميني الذي يرأسه رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، الإنشقاق قاده   جدعون ساعر بسبب خلافات سياسية بينهما، أدى إلى انفصال ساعر عن الليكود  وتأسيس حزب "أمل جديد".  إضافة لذلك نشأت  أحزاب صهيونية جديدة.

بين فترة وأخرى تخرج علينا معاهد استطلاعات الرأي بمعلومات تحمل نتائج لا تبشر بالتفاؤل عربياً ويهودياً. هذه الاستطلاعات تقول ان بعض الأحزاب لا حظوظ لديها في عبور نسبة الحسم وهي 3.25% من أصوات المقترعين، ولذلك أعلن كل من رئيس حزب (الإسرائيليين) الجديد ورئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، انسحابه من المنافسات.

وقد شاركه في هذه الخطوة رئيس حزب (تنوفا)، عضو الكنيست عوفر شيلح، الذي أعلن عن انسحابه بعد فشل مفاوضاته مع حزب العمل برئاسة ميخائيلي، وقيل أنه لن يتجاوز نسبة الحسم كما قالت نتائج آخر استطلاع للرأي. وكان شيلح قد انشق مؤخرا عن حزب (يش عتيد) برئاسة يائير لبيد، وشكل حزبا مستقلا، لكنه قرر عدم البقاء في السباق الانتخابي.
عربياً، وعلى ذمة الاستطلاعات، فإن المشتركة الثلاثية ستحصل على تسعة مقاعد، واستطلاعات أخرى نقول انها ستفوز بـ 7 مقعدا، بينما ستحصل القائمة الموحدة التي يرأسها منصور عباس على أربعة مقاعد، واستطلاعات أخرى تقول انها لن تعبر نسبة الحسم. ولم تذكر الاستطلاعات أي شيء عن حزب معا.

وبالرغم من أن رون خولدائي كثيراً ما صرح بأنه المنافس القوي ل نتنياهو وحزب الليكود، وأنه " لا يستطيع الوقوف جانباً فيما يرأس الحكومة الإسرائيلية متهم بقضايا جنائية”، إلا أنه انسحب من المنافسات على الكنيست، لكنه سيظل يعمل وهو خارج الكنيست من أجل تغيير الحكومة، حسب قوله.

خولدائي يحمّل نتنياهو المسؤولية بقوله: “لقد جرنا إلى الانتخابات العامة أربع مرات باهظة الثمن وغير ضرورية في أقل من عامين،بهدف تمكينه من الهروب من العدالة”. صحيح أن خولدائي انسحب من المنافسة، لكنه، قال أنه قرر العمل على تغيير الواقع وتجييش قوى سياسية لتغيير الحكومة خارج إطار الكنيست. وذلك انطلاقا من خبرته في المجال العام." حسب تصريحات له.

محللون سياسيون يرون أن نتنياهو لديه تخوف كبير من تشكيل تحالف بين الأحزاب اليمينية والوسطية المعارضة لإسقاطه. وعلى سبيل المثال من المتوقع وحسب استطلاعات الرأي أن يحصل حزب "يوجد مستقبل" الوسطي برئاسة يائير لابيد على 17 مقعدا، وحزب "العمل" الوسطي برئاسة ميراف ميخائيلي متوقع له الحصول على 7 مقاعد، و"إسرائيل بيتنا" اليميني برئاسة أفيغدور ليبرمان على 5 مقاعد، و"أزرق أبيض"الوسطي برئاسة وزير الحرب بيني جانتس 4 مقاعد، إضافة إلى حزب "ميرتس اليساري الذي يتوقع أن يحصل على 4 مقاعد.

 وإذا اتفقت هذه الأحزاب مع حزب "أمل جديد" برئاسة ساعر، وحصلت على دعم عربي فإنه سيكون بإمكان هذه الأحزاب منع نتنياهو من تشكيل الحكومة. صحيح أن هذه الأحزاب متفقة على إبعاد نتنياهو عن تشكيل الحكومة، لكنها تعاني من خلافات سياسية فيما بينها. وإذا لم تستطع هذه الأحزاب تسوية الخلافات بينها، فإن نتناهو بالتأكيد سبستغل كل فجوة بين هذه الأحزاب لصالحه، وسيكون ذلك صاحب الحظ الأكبر في البقاء على رأس الحكومة.

في حملته الانتخابية يبذل نتنياهو كل ما في وسعه من اجل جعل الصراع الرئيسي على أنه مواجهة بين اليمين واليسار، بينما الحقيقة غير ذلك، لأن صراع يدور داخل معسكر اليمين وحزب الليكود نفسه هو جزء من ليمين إن لم يكن أهمه، لأن اليسار من ناحية عملية غير قادر بتاتاً  بسبب ضعفه على مواجهة نتنياهو.

محللون سياسيون يرون أن نتنياهو وللأسف، نجح في تفكيك القائمة المشتركة العربية، ولكن ليس هو فقط المسؤول، حيث تقع المسؤولية أيضا على قوى أخرى، منها؛ الأحزاب القديمة التي تشكل القائمة المشتركة، والتي لم تقرا العنوان المكتوب على الحائط والتي جاءت من الجيل الشاب الذي أراد هو الاخر الاندماج، مما يعتبر خطأً كبيراً، وتحدي الإسلامي  منصور عباس رئيس  (القائمة الإسلامية الجنوبية) الذي رفض قبول الخطوط الوطنية وسعى لتشكيل تحالف من المحافظين العرب واليهود. ومن جهة أخرى فشل قادة المشتركة العربية في مواجهة التحدي.

الوسوم