بيروت | Clouds 28.7 c

صديقي جورج زيادة وداعاً / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 1 شباط 2021

صدمتني السيدة الفاضلة فادية رعيدي زيادة منذ دقائق بخبر رحيل صديقي الانسان الصادق العفوي الفلاح ذا اليد الخضراء والعامل بعرقه الطاهر ابن شحتول جورج زيادة متأثراً بإصابته بوباء كورونا...

ثماني سنوات هي مدة معرفتي بالانسان جورج في محل مونة الضيعة التي تديره السيدة الفاضلة زوجه فادية، والى اخلاقه العالية وحسّه الانساني المرهف كانت لهجته الكسروانية احدى مواهبه التي يشد فيها اذان كل من يلاقيه وهو المبتسم الذي يجيد اغناء جلساته بحكاوي كسروانية فلاحية عن اصحاب واصدقاء منهم من مضى ومنهم من كان معه وقد غادره جورج الآن.

هي ثمانية ايام فقط نقلت المعلم جورج من ارض ملأها خضرة بزرع التوت البري والأرضي شوكي والخرمة وكل عرق اخضر في جنينة بيت بناه حجراً فوق حجر وبنى معه العائلة مع فادية وقد انجبت له ريتا وبترا..

ثمانية ايام نقلت جورج زيادة المليء بالحيوية والنشاط يزرعه حيث يكون بالبسمة واللهجة الكسروانية التي تدعوك حين يلهج بها ان تناديه الاستمرار من دون توقف...

ثمانية ايام حملت جورج زيادة من شحتول الى مستشفى سيدة المعونات ليرقد فيها ومنها الى دار الحق..

كم صدمتني يا فادية وانت تقولين لي منذ دقائق ان المعلم جورج كما كنت انت تنادينه امام الناس قد رحل!

صدمتي الاولى حين اخبرتني ان جورج اصابته كورونا من عمله في دير مار منصور وكنت بين المصدق والمكذب وقد اعتدت سابقاً على تركيباتك التي تستدرج معارفك واصدقائك الى تصديقها، وصدقيني يا فادية انني تمنيت وما زلت ان تكون خبريتك عن رحيل جورج احدى تلك التركيبات...

لكن كورونا لا ترحم وما بقي الا رحمة الله !

ايها الصديق الحبيب جورج زيادة اعذرني فقد كان يجب ان اودعك مساء السبت الماضي في المستشفى لولا الحاح من العزيزة ريتا بانك لن تستطيع رؤيته ،فقفلت الى بيروت على امل الاطمئنان اليومي عنك من العزيزة فادية  وقد رابطت في مستشفى سيدة المعونات في جبيل وكانت تجيب حين سؤالي عن سبب بقائها في المستشفى متخلية عن اعمالها في مونة الضيعة والمنزل: اذا تركت المستشفى فإن جورج لن يبقى فيها لأنه مصمم على العودة الى البيت!

يا صديقي الصادق  العفوي المستقيم ها قد عدت الى شحتول لترقد وحدك مع رحمة الله التي وسعت كل شيء...

كل العزاء لاسرتك المحبة فادية وريتا وبترا والاعزاء شقيقك ميشال وشقيقتك جان دارك والى الصهرين العزيزين طوني وتوفيق والى كل محبيك وعارفيك ..

حسن صبرا

الشراع في 1/2/2021

الوسوم