بيروت | Clouds 28.7 c

مؤتمر تأسيسي؟ هل تذكرون نتائج حرب الإلغاء؟/ بقلم حسن صبرا

مجلة الشـراع 13 كانون الثاني 2021

مؤتمر تأسيسي يدعو اليه صهر عون الصغير، في ذروة خلاف الإثنين مع سعد الحريري حول تشكيلة حكومية غير عادية، لأنها ستحكم كما كتبنا في الشراع منذ نحو شهر الى ما بعد.. بعد عون !!! 

الدعوة الى مؤتمر تأسيسي يبدو كأنه تهديد من الإثنين موجه ضد الحريري الإبن !

ولا تكتمل الصورة الكاريكاتورية التي تطفو على السطح بعد ذلك إلا اذا قرأنا المعادلات التالية ؛ 

1- المسيحيون في لبنان لا يشكلون اكثر من 30% من عدد السكان وهم يحصلون منذ العام 1989 على نسبة 50% من الوظائف العليا وخصوصا: رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان والمجلس الاعلى للقضاء ... 

2-ان والد سعد الحريري الرئيس المظلوم رفيق الحريري هو الذي وضع قاعدة " اوقفنا العد " لتثبيت حصة الخمسين بالمئة للمسيحيين .. ولولا ذلك لكانت خرجت دعوات تطالب بأن تكون حصة المسيحيين من المواقع والمراكز السياسية والادارية هي بنسبة عدد سكانهم هذه الايام مثلاً . 

3- مؤتمر تأسيسي كما يدعو اليه جبران باسيل يعني تشليح المسيحيين 17% من حصة حفظها اتفاق الطائف وطبقها رفيق الحريري بحرص شديد ، في وقت يشن فيه العم والصهر حملة شعواء ضد الحريري الابن استعادة لحملة اشد عدوانية صدر فيها كتاب يحمل اسم الإبراء المستحيل ضد الحريرية السياسية بما تمثل ومن تمثل 

4- لن يسمح المسيحيون كلهم بقمتهم الدينية التي يمثلها البطريرك الراعي والكنيسة وعمقها الكاثوليكي الممثل بالفاتيكان وعمقها الفرانكوفوني الممثل بفرنسا ، ولن تسمح القوى المسيحية التي يمكن ان تفتتح سوق عكاظ للتباكي على خسارة 17% من نسبة مشاركة المسيحيين في مواقع السياسة والادارة والامن والقضاء والدبلوماسية ... 

5-  ماذا سيفعل المسيحيون ؟ 

امام قواهم المختلفة سبل عديدة: 

أ -العمل على نبذ بل دفن فكرة المؤتمر التأسيسي والعمل بنفسها على مواجهة مطلقها صهر الرئيس الصغير وفضحه محلياً مسيحياً وفاتيكانياً وفرنسياً ومن تبقى من مسيحيي الشرق .

ب - التمسك بما يمثله الطائف والدستور اللبناني من صيغة عيش مشترك قائم على المساواة والعدل ونبذ كل دعوة تستدعي خللاً لن يكون لا في مصلحة المسيحيين كمواطنين ولا في مصلحة لبنان كوطن نهائي لجميع ابنائه 

وهل الدعوة الى مؤتمر تأسيسي هي الغاية النهائية؟

وهل يعتقدن احد ان الان والصهر لايعلمان استحالة الامر؟ 

بلى انهما يعلمان بالتأكيد فلم اذن يتم طرح امر مستحيل كهذا؟

انه التصويب جهة اليمين للوصول الى اليسار .. كيف؟

 يتم طرح التأسيسي ليرفض للوصول الى الإتحادية والاقاليم المختلفة كما في العراق  وكما يتجه الروس في التخطيط لمصير سورية .. 

وهناك اعتقاد بأن هناك اقليم قائم بذاته مسيحيًا يضم بيروت الشرقية وقضاء المتن الشمالي وقضائي كسروان وجبيل وقضاء المتن الجنوبي من دون ساحله الشيعي .. ويمكن اعتماد هذه الاقضية كقاعدة لفدرالية محددة وترك تداعيات قيامها تعمل تمهيداً لضم مناطق مسيحية اخرى كاقاليم شمالية وبقاعية (زحلة نموذجاً ) وجنوبية ( جزين نموذجاً آخر ) 

للوصول الى هذا الحلم هناك كوابيس على الطريق تتمثل بـ:

1- عمليات فرز مذهبي وطائفي بهدف الوصول الى المناطق النقية او الأقاليم المسيحية المفيدة 

2- تدخلات اجنبية فوق العادة لتمويل حروب الفرز بالسلاح والمال والدعم الاعلامي والسياسي في مجلس الامن والمنظمات الاقليمية

3- خلال حرب السنتين وحروب المئة يوم وما سبق وما تلى مؤتمري لوزان وجنيف حتى مجيء ما اسماه عون حرب التحرير ثم حرب الإلغاء.. ثم هروبه الى السفارة الفرنسية وصولاً الى اغتيال رفيق الحريري كان هناك تفويض اميركي- اسرائيلي - عربي لحافظ الاسد استمر مع وريثه للخلاص على التوالي من منظمة التحرير الفلسطينية ومن الحركة الوطنية اللبنانية بقتل قائدها كمال جنبلاط ثم بالتخلص من كل حضور عربي الذي صار ينسحب تدريجياً وهو سعيد من لبنان  تاركينه فريسة بين براثن حافظ الاسد وزبانيته 

4- مرحلة مؤتمر تأسيسي ستشهد حضوراً  ايرانياً فعالاً فحليف ايران الاساس في لبنان والاقليم وهو حزب الله هو الأقوى على كل الاصعدة .. والاهم انه الاقوى تأثيراً على عون وصهره.. وفي ظل غياب عربي سعيد بهذا الغياب ستتمكن ايران من رسم خطوط المعادلات الاساسية في كل لبنان سواء ظل موحداً او رسم له المؤتمر التأسيسي وتداعياته نجاحاً او فشلاً حرباً او معارك او تفاهمات. 

وهل يمكن تخيل هذا الدور الايراني في ظل صمت فاتيكاني او فرنسي سيتدخل كل منهما مع اميركا للإستجابة لهذا التحدي الخطير في مواجهته؟ 

هنا،

اذا تحدثنا عن الدور الاميركي فيجب ان نأخذ بعين الاعتبار الحوار الاميركي- الايراني الحتمي حول الملف النووي الايراني والتي تريد واشنطن توسيع الحوار ليشمل قضايا مختلفة باتت معروفة ومنها دور ايران في الاقليم والصواريخ الباليستية الدقيقة ، وليس لدى اميركا من هم سوى امن اسرائيل! 

مع التذكير،

 بأن لإيران مطالب تتجاوز رفع العقوبات الى دورها الاقليمي اساساً الى ان يعود الحكام العرب من غربتهم . 

دور ايران في العراق  ظلت فيه او نظمت خروجها لاسباب مختلفة بإرادتها او بالإتفاق مع اميركا سيحمل مكاسب لها واول عناوين المكاسب هو تركيبة الحكم الاساسية التي جعلت السلطة في الحكومة ورئيسها دائماً من الشيعة .. وبعد ذلك فالامور متروكة لطبيعة التحرك الداخلي، ولكن الدور الإيراني تكرس حكماً في العراق  طالما اعتمدت المقاييس المذهبية على حساب الوطنية وعروبة العراق .. ولنتذكر  جميعاً ان العراق انتقل من حالة كان فيها هو الجدار الشرقي للامة العربية الى حالة بات فيها الدور الايراني هو جزء من الحراك الداخلي العراقي وهو حراك كل ادواته عربية ، ومثلما هناك معارضة عراقية لهذا الدور الايراني فهناك مؤيدون عراقيون كثر لهذا الدور 

اما في لبنان وسورية،

فقد قلبت ايران وحزب الله المعادلة التي كانت تقول ان تقسيم لبنان لن يتم الا بعد تقسيم سورية لتصبح ان الذي يمنع تفتيت سورية الذي تسعى له روسيا واميركا لخدمة اسرائيل هو ايران وحزب الله.. لماذا؟ 

لأن ايران ما زالت تقاتل حتى يستعيد آل الاسد كل سورية لحكمهم ، وتحت هذا المنهج تتمدد ايران على حدود سورية مع فلسطين المحتلة لتظل ممسكة براية فلسطين  

عودة الى لبنان  

فهل سيستمر الصهر الصغير بالحديث عن المؤتمر التأسيسي ومن دون رضا حزب الله؟ هناك من يعتقد انه يخاطب غريزة مسيحية ما خائفة او يخوفونها من السنة... او طمعاً في تحقيق مكاسب شخصية .. لكننا نكرر ان حرب الالغاء التي شنها ميشال عون عندما كان قائداً للجيش ضد قائد مسيحي آخر ادت الى خسارة المسيحيين ريادة الدولة اللبنانية، والى هجرة عشرات آلاف المسيحيين تباعاً .. هكذا سيؤدي المؤتمر التأسيسي الى خسارة المسيحيين17 % من مواقعهم 

كيف؟ 

اذا كان الصهر الصغير في وارد حشر حزب الله في الزاوية ليتخلص من سعد الحريري للاستمرار في حكومة حسان دياب حتى آخر حكم عون، فإن عين الحزب على الاقليم اوسع بما لا يقاس من عينه على من يكون حاكماً قادماً في لبنان  بعد عون،. وما قبل الحوار الاميركي - الايراني ليس كما بعده وحسابات حزب الله التي جعلته يؤيد عون للرئاسة منذ العام 2014 .. ربما لن تكون هي نفسها التي يطمح اليها الصهر الصغير ليخلف عمه!

خلاصة القول،

 أن حزب الله لن يكون حزيناً اذا ادى المؤتمر التأسيسي الى المثالثة التي كثيراً ما الصق الحديث عنها به، ولن يبكي السنة اذا ما كرر الصهر الصغير ما فعله عمه بالمسيحيين منذ 31 سنة 

الشراع في 13/1/2021

حسن صبرا

الوسوم