بيروت | Clouds 28.7 c

خاص- "الشراع" / تفاصيل خطة باسيل لتجاوز العقوبات والاخفاقات والفوز في السباق الرئاسي

مجلة الشراع 21 كانون الاول 2020

 

شركة كندية معروفة كلفها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل  بمساعدته على تجاوز ما يمر به من صعوبات،  عبر اجراء دراسة علمية  تتناول واقعه السياسي والتنظيمي والشعبي المتردي، وتوصي باعتماد طرق او وسائل لتحسين صورته امام الرأي العام سواء  في الداخل او في المغتربات او في عواصم القرار المؤثرة في المنطقة والعالم.

الدراسة المطلوبة من الشركة المتخصصة في هذا المجال، اراد باسيل استخدامها في مواجهة كل ما تعرض له من اتهامات وحملات واستهدافات  بسبب ادائه منذ سنوات، والتي وصلت مع  "الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية" التي انطلقت في السابع عشر من شهر تشرين الاول - اكتوبر في العام الماضي الى مدى شديد القسوة ضده وخصوصاً لجهة تعرضه  للجزء الاكبر من السباب اوالشتائم  التي تعرضت لها الطبقة السياسية في لبنان على قاعدة الشعار الذي رفعته وهو:

"كلن يعني كلن"...

وبعد دراسة دقيقة ومركزة  أجرتها الشركة  المذكورة واستندت فيها الى سلسلة من المعطيات بينها رصد المزاج العام ازاء باسيل لا سيما على الصعيد المسيحي، وبينها ايضاً عمليات تقصي ورصد ومتابعة للواقعين السياسي والحزبي في لبنان  واستطلاعات رأي عديدة وجادة وملتزمة بالاصول المهنية العلمية والموضوعية، بعيداً عن اي تسويق او لعب بالارقام، انتهت - الدارسة المذكورة - الى خلاصة وحيدة مفادها انه يستحيل تحسين صورة باسيل مهما فعل ومهما بادر ومهما كان حجم الخطوات التي يمكن ان يقدم عليها.

الا ان الشركة عمدت الى تقديم اقتراح لباسيل يمكن له من خلاله تعويم نفسه ولو بحدود معينة...

وهذا الاقتراح يوصي بتشويه صور الآخرين على الخارطة السياسية والحزبية  من ساسة وقادة احزاب وشخصيات بارزة على الساحة اللبنانية ، لتصبح "صورته المشوهة " جزءاً من الصورة العامة للسياسيين في البلاد وتفصيلاً ليس بالاهمية نفسها التي يمكن ان يكون عليها في حال كان وحيداً على هذه الصورة.

وبناء على هذا الاقتراح الذي أوصت به الشركة الكندية، عمد باسيل الى تشكيل ما سمي "غرف اوضاع "، وبلغ عددها 12 غرفة لا رابط بينها سواه ، وتضم كل غرفة من هذه الغرف متخصصين في القانون والسياسة والاعمال الخ... وهدفها تنفيذ توصية الشركة الكندية بالعمل على ملفات مفصلة عن  الآخرين من منافسيه اوخصومه والعمل على كشفها بكل الوسائل المتاحة في المؤسسات العامة والاعلام والشارع  ... الخ.

ومن خلال عدد الغرف المشار اليها، يتضح ان ما جرى يجري العمل على اساسه هو ان الاعداد والتخطيط والتنفيذ في عمل كل غرفة من غرف الاوضاع الـ12 المشار اليها يخص طرفاً سياسياً او حزبياً معيناً وبشكل منفصل تماماً عن عمل الغرف الاخرى التي ستعمل بدورها على استهداف قادة ومسؤولين وتيارات او احزاب.

 وعلى سبيل المثال لا الحصر فان الغرفة التي تتولى ملف الحزب التقدمي الاشتراكي لا علاقة لها بالغرفة التي تتولى ملف حركة امل او القوات اللبنانية او حزب الكتائب او تيار المستقبل ... الخ.

 فلكل من هذه القوى غرفة تخصها وتقوم بما تعتبره لازماً من اجل تظهير عيوبها بملفات ثمة نقاش واسع في البلاد حول ما اذا كانت مفبركة او حقيقية في بعض جوانبها.

وكل ذلك،

 يدخل طبعاً في الاتهامات التي يوجهها التيار الوطني الحر لما يسميه تحالف الميليشيات ورأس المال الحريري الذي تولى حكم البلاد في مرحلة ما بعد اقرار اتفاق الطائف.

على خلفية هذه الاجواء التي يتحدث عنها اصحاب هذه المعلومات، يمكن فهم حقيقة ما يجري حالياً على الساحة اللبنانية، من عمليات تشويه ممنهجة ومتدرجة ومتعمدة بعناوين ملفات بعضها يتعلق بالاهمال وبعضها الاخر بالمحسوبية والزبائنية وبعضها الثالث يتصل بالهدر في المال العام من دون نسيان ما له صلة بالفساد المستشري في كل المؤسسات، باستثناء الملفات التي بات اسم جبران باسيل جزءاً منها، وفي مقدمتها ملف الكهرباء الذي تسبب بعجز فاق حجمه الاربعين مليار دولار.

ووفقا لهذا الواقع، كما يضيف هؤلاء،

 فان محاولات "شيطنة" الطبقة السياسية ككل متواصلة بشكل حثيث ودؤوب، ولا هدف لها الا طمس  صورة "الشيطان" جبران باسيل اواخراجها من صدارة المشهد العام في البلاد، لاسيما وان لسان حال الكثير من الناشطين على خط الحراك المدني والعاملين على كشف ملفات الفساد والهدر والاخطاء في الاداء العام يعتبر رئيس التيار الحر حجر الزاوية في كل ما اصاب ويصيب اللبنانيين، بمغامراته التي اراد منها كما قال غير مرة ان يقدم نفسه كنموذج يتقدم به على ما عرفه المسيحيون في تاريخهم الحديث مع بشير الجميل وكميل شمعون.  

 هذا على الاقل ما يتم تداوله من اتهامات من قبل اوساط مستقلة وكذلك اوساط غير بعيدة عن التيار الوطني الحر واوساط مهتمة ببقائه قوياً وحاضراً على الرغم من انها غير منضوية حالياً في جسمه التنظيمي، علماً ان بينها من  كان حتى امس قريب يدور في فلك التيار المذكور ويأمل من خلال حرصه على تاريخ ميشال عون  على  استعادة التيار وهجه عبر تصويب مسيرته في اعقاب النكسات التي اصابته بسبب باسيل وخصوصاَ بعد فرضه رئيساً على هذا التيار .

وهناك اليوم شرائح واسعة خرجت من التيار سواءً طوعاً او بالاكراه اثر اقالتها بعد تولي جبران باسيل رئاسة التيار وتدخل الرئيس ميشال عون لحسم الموضوع لصالحه. الا ان هذه الشرائح وعلى الرغم من ابعادها او ابتعادها ما زالت تتفاعل مع اطر التيار ومناصريه وتتأثر بما يدور فيه وكأنها ما زالت داخله .

وبالعودة الى غرف الاوضاع المشار اليها، فانها تستهدف كما تضيف المصادر نفسها كل الاطراف السياسية على الساحة اللبنانية الخصوم او حلفاء الحلفاء ، اضافة بالطبع الى كل المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية ولا سيما الذين يملكون حظوظاً قوية للوصول الى قصر بعبدا على حساب باسيل الذي يسعى بكل ما يمكن ان يتوافر له من وسائل لخلافة عمه ميشال عون .

وفي مقال سابق لـ "الشراع" بعنوان "  يرجى الضغط هنا لقراءة: خاص الشـراع / حروب جبران باسيل الرئاسية*  " تم تسليط الضوء على ما يطال العديد من المرشحين للرئاسة الذين يملكون حظوظاً أوفر من حظوظ رئيس التيار الوطني الحر، ولذلك تم تركيز الحملات عليهم حتى لو ادت الى الحاق الضرر بدورهم الوظيفي المؤثر والهام باعتبارهم سبب الازمات القائمة في البلاد اليوم هذا فضلاً عن الحملات ضد النائب السابق سليمان فرنجية وكل مرشح محتمل يمكن ان تكون الطريق معبدة امامه للوصول الى سدة الرئاسة.

ولا بد من القول بان العقوبات الاميركية على باسيل، دفعته الى تكثيف الحملات وبشكل مضاعف ضد مناوئيه الذين يتهمهم  بتشويه صورته، انفاذاً لتوصية او نصيحة الشركة الكندية كما ورد انفاً، فيما تتوالى اراء المتابعين لسلوك جبران باسيل الذين يتوقعون منه المزيد من التصعيد ضد كل من يعتبرهم خصومه  في المرحلة الحالية والمرحلة القريبة المقبلة لجرهم بعد تجميع الملفات ضدهم الى نوع من مقايضة يطمح من خلالها لقبض الاثمان المطلوبة مقابل طي هذه الملفات. وأهم هذه الاثمان هو من دون شك ضمان وصوله الى  رئاسة الجمهورية.

وفي السياق نفسه فان ما وصف بانه "مفاجأة من العيار الثقيل"  فجّرها عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن قبل ايام يندرج في هذا الاطار، عندما كشف -وفق توصيفه - عن "غرفة سوداء" تعمل على اعداد كل ما من شأنه الاساءة الى كل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط.

ما طرحه ابو الحسن تكامل بالطبع مع ما كان اعلنه زعيم المختارة وليد جنبلاط حول حرب الغاء يشنها حالياً العهد ضد القيادات السياسية الاخرى في البلاد، وفي مقدمتها بري والحريري اضافة الى جنبلاط نفسه.. من دون ان ينسى الاخير الحديث عما شهدته السنوات الماضية من ولاية الرئيس ميشال عون وعن" جهنم" التي تنتظر اللبنانيين في الفترة المتبقية من هذه الولاية.

ويأتي في هذا السياق التحرك الذي قام به نواب اللقاء الديمقراطي للكشف عن الاموال الطائلة التي انفقت وتسببت بها سياسات باسيل في وزارة الطاقة والهدر الكبير في المال العام المترتب عن ادارته لقطاع الكهرباء. وهو  يندرج في اطار الرد على حروب باسيل لتشويه صور كل من تعاطى ويتعاطى الشأن العام في لبنان رداً على ما لحق بصورته.

وقد كتبنا عدة مرات في "الشراع" ان باسيل ضد الجميع والجميع ضد باسيل. علماً ان الامر كان على هذا النحو قبل العقوبات الاميركية ضده.

اما اليوم فان ما يحدث بعد العقوبات يتجاوز هذه المعادلة باضعاف مضاعفة، وهناك شبه اجماع بين القوى السياسية على ان باسيل يرد على ما طاله من عقوبات في الداخل اللبناني وضد كل الاطراف السياسية ،ولم يعد احد بالاجمال بمنأى عن "حروبه"  على هذا الصعيد، واذا اراد احد ان يكون بعيداً عن سهام جبران فعليه ان يبصم له بالعشرة، والا فان حربه المفتوحة ستطاله حليفاً كان او خصماً، وبما يدفع البلاد الى ازمات جديدة تضاف الى سلسلة الازمات الخانقة التي تعاني منها.

ولعل لسان حال  جبران باسيل  في الدفاع عن نفسه قد يكون  قول السيد المسيح : "من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر" .

فالخطيئة او الخطايا التي ارتكبها بحق تياره وحق لبنان - كما يرى كثيرون - يريد تبريرها او يتوهم انه يستطيع تبريرها بهذا العنوان الصارخ والقفز عليها عبر حروبه التصاعدية- الانتحارية في بعض وجوهها- ضد جميع من عمل ويعمل في الشأن العام الفاسد منهم وغير الفاسد والمرتكب وغير المرتكب، ومن منطلق المثل القائل:" عليّ وعلى اعدائي "، على الرغم من كل ما يترتب عنها من نتائج على لبنان الدستور والنظام والكيان والوحدة والسلم الاهلي.

فاذا صحت هذه الاتهامات الموجهة لباسيل هل تستطيع البلاد وأهلها تحمل المزيد من "حروبه التصاعدية - الانتحارية"، خصوصاً وانها يمكن ان تستمر كما يرى خصومه حتى اخر لحظة من ولاية العهد الحالي؟

 

الوسوم