بيروت | Clouds 28.7 c

أشرف العجرمي في حديثه للشراع: الفلسطينيون هم من يرسموا وجهة الصراع مع اسرائيل... / حوار نداء عودة

مجلة الشراع 21 تشرين الثاني 2020

 

عندما تتعرّف عن قرب إلى أشرف العجرمي ستحتاج للتأمل فيما يصنع جدليّة شخصيته والإثارة حمّالة الأوجه التي ترافق إطلالاته الإعلامية، تلك التي كثيراً ما تقوم على المنابر الإعلامية للإحتلال لمقارعة "إسرائيل" بجرأة الحقائق، فهو كأسير سابق في سجون الإحتلال يعرف الإسرائيليين جيّداً كما قال لي، في تركيبة العجرمي إذن، أنه ، إبن جباليا، اللاجيء في وطنه، ثمّ الأسير في سجون الإحتلال، وزيراً لشؤون الأسرى الفلسطيني عام2007  وعضو لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التي أسّسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام2010 ، وسواء إتفقنا معه سياسياً أم لم نتّفق، فهذا لا يلغي عناد العجرمي في إعادة البوصلة إلى الحقوق الفلسطينية المسلوبة كأساس في الصراع مع العدو الصهيوني، أجرينا هذا الحوار بُعيد أيام قليلة من ذكرى مائة وأربع سنوات على وعد بلفور، وحيث تشهد القضية الفلسطينية منعطفاً تاريخياً من شأنه أن يستحضر كثير من الأسئلة التي تقدّم للقاريء خلاصة للمشهد الفلسطيني اليوم.

 

ماذا عن المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وماذا بعد فشلها؟

- المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية متعثرة لأسباب كثيرة أهمها رغبة "حماس" في الإبقاء على سيطرتها الحصرية على قطاع غزة،  فهو يشكل المعقل الأخير لحركة "الإخوان المسلمين" الذي يسيطرون عليه بدون شركاء، ويبدو أنه ليس من السهل التنازل عن هذا الكيان، عدا عن أن "حماس" تستفيد مادياً بصورة كبيرة من السيطرة على غزة، فهي تجبي ضرائب وتفرض على الناس رسوماً خارج القانون تموّل عبرها خزينتها ومصاريفها الخاصة، في وقت أنّها لا تدفع شيئاً للخدمات العامة وإحتياجات المواطنين، عدا عن الذي تصرفه على عناصرها وموظفيها وهؤلاء أيضاً لا يحصلون على رواتب كاملة.

كان متداولاً أنّ حماس موزّعة بين جناح عسكري وآخر سياسي، اليوم هناك عدّة أجنحة داخل غزّة وخارجها، هناك أجنحة تركيّا وقطر ثمّ مصر، وثمّ لبنان، داخل غزة هناك جناح إسماعيل هنية الذي يشهد داخله تنافساً بينه وبين خالد مشعل، يقابله جناح صالح العاروري ويحيى السنوار،هل يمكن أن ترسم لنا خارطة حماس من خلال هذه الأجنحة؟

بالتأكيد هناك أجنحة داخل "حماس" بين تيار غزة المنقسم إلى تيارات، أحدها برئاسة اسماعيل هنية ومعه جزء من الحرس القديم وتيار يحيى السنوار ومعه الجزء الأكبر من الجناح العسكري للحركة. وتيار الضفة الغربية الذي يصارع على موقعه مقابل سيطرة غزة وتحكمها بالقرار، وهو التيار الأكثر تضرّراً في حركة "حماس" كونه ملاحق من الاحتلال ومن السلطة الفلسطينية في الوقت نفسه. وهناك تيار الخارج  يقوده مشعل الذي يصارع من أجل العودة إلى رئاسة المكتب السياسي للحركة وهو مدعوم من تركيا وقطر ولديه نفوذ وأموال وقوة قد لا تعادل قوة غزة ولكنه ينافس ويستفيد من التناقضات.

الخلافات في "حماس" مرتبطة بالعلاقة مع المحاور المتصارعة مثل العلاقة مع مصر مقابل محور تركيا وقطر ومحور إيران. وأيضاً حول المصالحة الوطنية وتوحيد المناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى خلافات حول الإتفاق مع إسرائيل على الهدنة. وبالأساس الخلافات حول المواقع والنفوذ أكبر من الخلافات حول قضايا سياسية وتكتيكات مختلفة.

بعد فشل حلّ الدولتين، كيف ترى مستقبل دولة الإحتلال وما هو رأيك بالأصوات التي تعود لخيار الدولة الديمقراطية الواحدة وخيار فلسطين دولة علمانية ديمقراطية واحدة؟

- من الواضح أن حلّ الدولتين يتراجع على الأرض بفعل المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الذي يكاد يبتلع الجزء الأكبر من الضفة الغربية والقدس الشرقية، والذي يهدف أساساً إلى قطع الطريق على قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة إقليمياً وقابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكريس سيطرة إسرائيل على غالبية الضفة وتحطيم وهزيمة الرواية التاريخية الفلسطينية لصالح الرواية الإسرائيلية المزوّرة. ومع أن الفرصة أمام حلّ الدولتين تضيق باستمرار، إلا أنه لا يزال الحلّ الأكثر واقعية والمقبول دولياً. وإن كانت أفكار العودة إلى حل الدولة الواحدة بدأت تبرز وتنتشر في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد طرح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسمّاة "صفقة القرن" وتبديدها حلم قيام دولة فلسطينية مستقلة. ولكن هناك فرق كبير وجوهري بين الدولة الواحدة التي يفرضها الاستيطان والسيطرة الإسرائيلية على الأرض، وبين الدولة الديمقراطية الموحدة التي يعيش فيها الجميع على قدم المساواة. فما يسعى إليه اليمين الإسرائيلي هو دولة في الضفة وإسرائيل وإستثناء قطاع غزة منها. وعدم منح الفلسطنيين في الضفة أية حقوق سياسية، أي دولة تمييز عنصري "أبرتهايد". وبالتالي من يرفضون فكرة حل الدولتين عموماً يذهبون باتجاه مشروع اليمين الاستيطاني الصهيوني وليس باتجاه الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة على كامل تراب فلسطين التاريخية.

ما هي طبيعة العلاقات التي قامت بين بعض الدول العربية واسرائيل؟

كلامك عن سعي دول عربية لإقامة علاقات مع العدو الصهيوني فسرته بأن من يحدد السلام معه هو الشعب الفلسطيني اي ان اية علاقة مع اسرائيل من دون الفلسطينيين ليست سلاماً بل هي علاقات ربما كانت سرية فأعلنت.. وعملياً من يواجه اسرائيل هم الفلسطينيون وحزب الله... والنظام السوري هو في حالة حرب نظرياً مع اسرائيل..

ليس جديداً أن هناك أصواتاً في سوريا ولبنان بدأت تمهّد لعلاقة ما مع دولة الإحتلال، بدأت بترسيم الحدود البحرية مع لبنان ولم تنته بتصريحات الرئيس السوري بشأن إستعادة الأراضي المحتلّة، كيف ترى ذلك وماذا يُرسم للّاجئين الفلسطينيين بهذا الشأن؟

- إسرائيل تريد من خلال ترسيم الحدود البحرية مع لبنان تحقيق عدة أشياء، أولاً إستغلال حوض مياه المتوسط بين الدولتين لإستخراج الغاز وتحقيق فائدة اقتصادية كبيرة، وهي تعلم أنها بدون إتفاق مع لبنان لن تستطيع الإستثمار في المنطقة المحاذية للحدود البحرية. ومن جانب آخر هي تطمح بأن تقود هذه المفاوضات لتوسيع نطاق التعاون بين الطرفين إلى ترسيم الحدود البرية وسحب البساط من تحت أقدام "حزب الله"، وتطبيع العلاقات مع لبنان، ولديها في لبنان أطراف معنيّة بالتطبيع واللّحاق بركب الدول العربية المطبّعة.وقد يحصل في هذا الإطار حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. ولكن هذا على ما يبدو لن ينجح.

بعد كلّ هذه الإخفاقات على مستوى القضية الفلسطينية،ما هو وضع السلطة الفلسطينية وكم تعوّل على إعادة إحياء أو تشكيل الأطر الشرعية التي تمثّل الشعب الفلسطيني،أيّ منظمة التحرير الفلسطينية؟

السلطة الفلسطينية ضعفت كثيراً بسبب إجراءات وممارسات الاحتلال الذي يمنعها من السيطرة الفعلية على مناطقها، عدا عن المناطق التي هي تحت السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية، وتعمد سلطات الإحتلال إلى المساس بهيبة السلطة وصلاحياتها. كما أن الإستيطان المكثف وفقدان أفق التسوية السياسية هو أيضاً يضعف السلطة ، والتي  تحولت من حالة مؤقتة ينبغي أن تقود إلى دولة مستقلة، إلى حالة دائمة هي بعيدة كثيراً عن الطموح الوطني بالرغم من أهمية دورها في معالجة مشاكل وهموم الناس. وللأسف إستبدلت السلطة منظمة التحرير وكل محاولات المصالحة وترتيب وضع المنظمة، إستبدلت ذلك بضمّ جميع الفصائل إليها وتعزيز دورها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وهذه لم تنجح بسبب تضارب المصالح والأجندات والتدخلات الإقليمية الضارّة. ومن غير المؤكد أن تنجح الفصائل في التوحّد إذا لم توحّدها صفقة القرن ومشروع الضمّ الإستيطاني..

نداء عودة

 

 

الوسوم