بيروت | Clouds 28.7 c

عودة الحديث عن الاغتيالات: نصرالله وجنبلاط على رأس لائحة المهددين! – بقلم زين حمود

عودة الحديث عن الاغتيالات: نصرالله وجنبلاط على رأس لائحة المهددين! – بقلم زين حمود

 

*كلام جديد لا يقتصر على تحليلات يشير الى احتمال عودة مسلسل الاغتيالات

*جنبلاط يراد من استهدافه استدراج ردات فعل تطيح المصالحة في الجبل

*دور نصرالله في لبنان والاقليم يضعه في دائرة الاستهداف مع الحديث عن خرائط سياسية جديدة

*المنطق الاميركي ضد ايران لتأليب الداخل ضد حكامه له ملحق خاص بلبنان

*هل نحن امام تموضع جديد لجنبلاط منذ خروجه من 14 آذار/ مارس في 2 آب/ اغسطس 2008؟

*سيناريو استهداف بري سقط قبل اشهر نتيجة ترتيبات وسهر القوى الامنية والعسكرية

 

 

عودة الحديث عن الاغتيالات اثار عدة تساؤلات حول خلفياته وصدقيته, في ظل احتدام الصراع وليس فقط الخلاف الداخلي – الخارجي على ملفات كبيرة واستثنائية, فضلاً عن الصيغة التي ستبنى عليها معادلة الحكومة الجديدة.

وما توقعه النائب السابق فارس سعيد مؤخراً, استناداً الى ما قال انه تحليل وليس معلومات محددة, سلط الضوء على موضوع الخشية من عودة الاغتيالات, وإن كان سعيد جاهر في العلن بما يتم تداوله وراء الجدران المقفلة في أوساط معنية بمتابعة مثل هذا الملف ومواجهته بكل السبل المتاحة والممكنة.

إلا ان كل ذلك, لا يوازي ما كشفه قيادي بارز في تيار ((المستقبل)) عن وجود مخطط اغتيالات تشمل لائحة من الشخصيات, بهدف خلق مسارات جديدة على مستوى الوضع في لبنان وترابطه كساحة بساحات أخرى في المنطقة او الاقليم. وخطورة ما يكشفه هذا القيادي الذي نتحفظ عن ذكر اسمه لأسباب عديدة, هو انه لا يندرج في اطار ((بروباغندا)) يمكن ان يلجأ اليها أي طرف او يستخدمها من أجل التجييش وشن الحملات على اطراف منافسة بل يدخل في سياق قراءة موثقة للتطورات مدعمة بمعلومات, كما يندرج في اطار الخشية مما يراد للبنان الانزلاق فيه وسط الانقسامات التي تجاوزت حد المعقول.

يقول القيادي المذكور ان النائب السابق وليد جنبلاط وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله هما على رأس لائحة الاغتيالات التي يهدف المخطط المشار اليه الى تنفيذها, وان ثمة اسماء اخرى بين الشخصيات اللبنانية المستهدفة , الا ان المحور في هذا المخطط هما زعيم المختارة والقائد الأول لما يسميه الاعلام المعادي لحزب الله ((اكبر أذرع ايران في المنطقة التي يراد كسرها)).

ولكل عملية اغتيال من العمليتين, ظروفها وأهدافها التي قد تكون مختلفة في خلفياتها ومؤداها وما يمكن ان يسفر عنها من تداعيات وارتدادات, الا انهما كنتيجة من شأن كل واحدة منهما ان تكون اشبه ما يكون بزلزال لا بل تسونامي من الأحداث وردود الفعل.

حديث الاغتيالات المستعاد اليوم, في ضوء بعض التحليلات والمعلومات, ليس جديداً في ضوء ما كانت ذكرته الشراع في نيسان / ابريل الماضي حول وجود ((سيناريو)) يستهدف اغتيال الرئيس نبيه بري من أجل افتعال ردود افعال انتقامية لالغاء الانتخابات النيابية التي جرت في ايار / مايو الماضي. وهو سيناريو تأكد بعد حين انه كان جدياً وانه سقط نتيجة ترتيبات نوعية اتخذت للحؤول دون تنفيذه ونتيجة السهر الدائم للقوى الامنية والعسكرية على حفظ الأمن والاستقرار والتصدي لأي محاولة للعبث بالسلم الأهلي, اضافة بالطبع الى السقف الدولي الذي يؤمن حتى الآن مناخات تضمن الحد الأدنى من الاستقرار كما هو حاصل حالياً.

إلا ان تجدد الكلام عن الاغتيالات اليوم واحتمال عودته يأخذ اشكالاً جديدة بالحديث عن استهداف نصرالله وجنبلاط.

 

مضبطة اتهام على ضفتين

 

وليس بعيداً عن هذا الكلام, فإن الحديث عن الاغتيالات تحول الى مادة اتهامية تعيد الى الأذهان ما كان يحكى ويروج لها في سنوات سابقة ولا سيما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005, وصار جزءاً من الحملات السياسية.

ومن الواضح ان لغة الاتهام تأتي تبعاً للطرف الذي يحكي بها,وحسب الاصطفافات السابقة ((8 و14 آذار)) فإن سورية بشار الأسد هي المتهمة بأي اغتيال قد يصيب جنبلاط او أي قيادي آخر في قوى الرابع عشر من آذار, والأمر نفسه بالنسبة لاسرائيل والولايات المتحدة اذا كان المهدد بالاغتيال السيد نصرالله او الرئيس نبيه بري او غيرهما من الطرف المصنف بأنه من قوى الثامن من آذار.

ولذلك فإن هناك مضبطة اتهام جاهزة بشأن استهداف جنبلاط ومفادها انه بعد احداث السويداء والمجزرة الكبيرة التي ارتكبت بحق شريحة من ابنائها لها امتداداتها وعمقها في أكثر من دولة في المنطقة وبينها لبنان، والموقف المعلن من جنبلاط بتحميل بشار الاسد مسؤولية تنفيذها, فإن زعيم المختارة المتهم من قبل أطراف داخلية بالوقوف بايعاز خارجي وراء تأخير تشكيل الحكومة, صار مهدداً وان المطلوب استدراج ردات فعل بحكم ما عرف سابقاً عن انصار جنبلاط عندما اغتيل والده عام 1978من أجل الاطاحة بالمصالحة في الجبل وبالتالي في البلاد كلها, وهو ما أبدى كثيرون تخوفهم من حدوثه مؤخراً مع ارتفاع حدة السجالات بين جنبلاط والوزير جبران باسيل, قبل ان يعودا ((بسحر ساحر)) لترطيب الأجواء ومحاولة التخفيف من الشحن الذي رافق هذا السجال والذي عززه دخول النائب طلال ارسلان على الخط وهو سبب ما يسمى اليوم العقدة الدرزية وكذلك دخول الوزير السابق وئام وهاب على خلفية توقيف احد أعضاء حزبه السابقين ويدعى رشيد جنبلاط بعد انتقاده العهد وجبران باسيل, محذراً من حصول احتكاكات وصدامات.. الخ.

وما جرى في السويداء على ايدي تنظيم ((داعش)) او على ايدي سواه, قد يكون على هذا الصعيد بمثابة منعطف بالنسبة للبنان, خصوصاً وان من شأنه ان يشي بإنتهاء المسار الذي سلكته المختارة منذ الثاني من اب / اغسطس في العام 2008 في مؤتمر ((البوريفاج)) الشهير بالخروج من قوى 14 آذار ما ادى الى فرطها ولو بعد حين, لا سيما بعد محاولة ضرب دور بيضة القبان الذي ادته الزعامة الجنبلاطية برفض مطالب جنبلاط لتشكيل الحكومة الجديدة وتحميله مسؤولية العقدة الدرزية.  وهو منعطف سيكون له نتائجه في حال تبدل تموضع جنبلاط على الخارطة السياسية الصغرى في لبنان والكبرى في المنطقة.

مضبطة الاتهام هذه تركز على ان النظام السوري الذي نجح في تثبيت نفسه, عائد الى أداء دوره في أكثر من ميدان, وأن لبنان على رأس هذه الميادين كونه شكل على الدوام مداه الحيوي على غير صعيد, وأنه لن يتردد في القيام بكل ما من شأنه استعادة هذا المدى الحيوي الذي امن له على مدى عقود سابقة شبكة امان اقليمية ودولية, فضلاً عن الداخلية.

ولا يقتصر الأمر على مضبطة الاتهام هذه, اذ يذهب البعض الى القول ان اغتيالاً ما لقيادي او نائب من الصف الثاني او الثالث في قوى 14 آذار قد يحصل من أجل تحريك العقد القائمة ودفع الأمور باتجاه تنازلات ما يراد للفريق الأذاري السابق ان يقدمها, او ان يستعاض عن ذلك بفصل جديد مما عرف سابقا باسم ((القمصان السود)) للوصول الى التنازلات الآنفة.

وما يقال على هذه الضفة تجد أكثر منه على الضفة الأخرى بالنسبة لاستهداف السيد نصرالله, علماً ان أمين عام حزب الله ليس جديداً القول انه مستهدف من اسرائيل على وجه الخصوص, وما الترتيبات الامنية المتخذة من قبل الحزب لحمايته منذ سنوات طويلة إلا واحدة من الأمثلة على ان ما يقال عن استهدافه ليس جديداً.

لكن كلام القيادي البارز في تيار ((المستقبل)) يسلط الضوء على اعتبارات جديدة تجعل من امكانية التعرض لحياة نصرالله أولوية ما بعدها أولوية, سواء من قبل الكيان الصهيوني او غيره, وهو امر يتصل بشكل اساسي بموقعه داخل المعادلة اللبنانية له خبرته الطويلة وتجاربه الكثيرة فضلاً عن معرفته بأدق التفاصيل المتعلقة بطريقة التعاطي مع هذا الطرف او ذاك او حتى هذا الزعيم او ذلك. وعليه ان استهدافه لهذه الاعتبارات يولد فراغاً هائلاً لن يكون مماثلاً للفراغ الذي أمكن لنصرالله تعبئته وبسرعة قياسية بعد اغتيال الامين العام السابق السيد عباس الموسوي.

أما الأهم من الاعتبارات الداخلية, فيتعلق بدور نصرالله في الاقليم بدءاً من سورية, في ظل تصاعد الكلام عن إعادة انتشار عسكري لإيران وحزب الله وقوات أخرى حليفة لهذا المحور, علماً ان الكلام تصاعد مؤخراً وبشكل غير مسبوق عن ان ما اعقب قمة هلسنكي بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب لن يكون كما كان قبلها, وخصوصاً في سورية, وهو ما يحتاج الى فترة اختبار لجلاء صورة الموقف بطريقة واضحة ولا لبس فيها، خصوصاً وان ما نتج عن القمة ما زال يندرج في اطار ما يقوله كل طرف من أجل الترويج لسياساته, بينما حقيقة ما جرى لا يمكن ادراك كنهها  إلا من خلال ما سيحصل على الارض خلال فترة من المؤكد انها لن تكون طويلة.

 

اغتيال وحصار

 

وهذا الاستهداف لنصرالله، مطروح اليوم بالتوازي مع استهداف آخر, يرمي الى ايجاد شرخ بين الحزب وبيئته الحاضنة, واذا اتخذ المنطق الاميركي المتبع مع ايران من أجل الدفع بداخلها الى التحرك احتجاجاً على سياسات أدت الى افقار الايرانيين بفعل تدهور قيمة العملة الايرانية كما ادت الى تراجع الخدمات وتفاقم الازمات المعيشية علماً ان واشنطن ترامب ماضية باتجاه المزيد من فرض العقوبات على طهران، وخصوصاً  في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل، فإن المنهجية نفسها قد تكون متبعة اليوم مع حزب الله, او ان ملحقاً للتوجهات الاميركية ضد ايران قد يكون مطروحاً اليوم ضد الحزب.

وثمة تراكمات على هذا الصعيد يراد لها ان تتحول الى سياق نوعي جديد, وما العراق والاحتجاجات الشعبية فيه سوى نموذج يراد تكراره في لبنان, خصوصاً وان مضبطة الاتهام من قبل قوى الثامن من آذار جاهزة في الحديث عن انه يراد مما يجري حالياً تجويف نتائج الانتخابات النيابية وصولاً الى افشال العهد بحكم تحالفه مع الحزب.

وعلى هذا الاساس فان ملفات عديدة قد يكون ملف الكهرباء في الجنوب بداية فيها, لإثارة مواضيع حياتية ومعيشية ومالية هامة في كل مناطق تواجد الحزب تؤمن الوقود اللازم لضرب العلاقة بين الحزب وبيئته الحاضنة, من أجل توجيه السهام الى قلب الحزب مباشرة، خصوصاً وان الملف الاقتصادي والاجتماعي والمالي يمكن ان يشكل الخاصرة الرخوة التي يستطيع خصوم الحزب واعداؤه النفاذ منها من أجل صرفه عن الأجندة الاقليمية التي يتولى العمل وفقها, ومن أجل ضرب حضوره في المعادلة اللبنانية كواحد من اهم مرتكزاتها. ولعل أحد اهداف اعلان نصرالله حربه على الفساد هو العمل من اجل تحصين الداخل وإعادة ترتيب اوضاعه بعد ان وصل هذا الفساد الى مستويات خطيرة تهدد بحدوث انهيارات شاملة.

وبين محاولة اغتيال نصرالله وسياق زرع الاسافين بين الحزب وقاعدته ,ثمة سباق كما يبدو, الا ان الهدف واحد وهو عدم إبقاء الحزب في المرحلة الجديدة كما هو عليه اليوم او ما كان عليه بالأمس.

وفي كل الاحوال, فإن الحديث عن عودة الاغتيالات تتسع دائرته, واخطر ما فيه هو ان أحد اهدافه المبيتة الانتقال الى مرحلة جديدة, ليس معروفاً مآلها, الا انها بالطبع في حال حصلت ستهز أركان مرحلة استقرار الحد الادنى القائمة اليوم, والتي لن يكون أحد في الداخل بمنأى عما يمكن ان يلحق بالبلاد من جراء ضربها.

                                                                                                                                          زين حمود

كلام صور:

السيد نصرالله: على رأس قائمة المهددين

النائب السابق وليد جنبلاط: يراد من استهدافه استدراج ردات فعل

الرئيس نبيه بري: كان يراد تعطيل الانتخابات باستهدافه

الرئيس ميشال عون: عودة الاغتيالات لإفشال عهده

النائب السابق فارس سعيد: ما قاله تحليل وليس معلومات

مجزرة السويداء: قد تكون منعطفاً بالنسبة للبنان

 

 

الوسوم