بيروت | Clouds 28.7 c

مطلوب وزراء الكفاءة ليست شرطاً / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 17 أيلول 2020

 

سألت صديقنا القديم عاصم قانصو حين عين حافظ الاسد محمود الزعبي رئيساً للمرة الثانية في سورية:

 يا ابو جاسم، معقول حافظ الاسد يرجع محمود الزعبي رئيساً للحكومة بعد كل هذه السنوات؟ فأجابني ابو جاسم وهو واحد من اطرف من عمل في السياسة في لبنان شوف يا بو احميد، الرئيس الاسد فتش بكل حزب البعث على واحد أخــــرى من الزعبي ملقاش قام خلاه!

وفي جلسة ود بين الرئيس صدام حسين والملك حسين في بغداد سأل العاهل الهاشمي صديقه اللدود:

ابو عدي معقول تجيب حسين كامل وهو ضابط متواضع وزيراً للتصنيع الحربي؟

فأجابه صدام:

 يا ابو عبد الله هذا الولد دخل داري معقول ما بقدر يدخل وزارة في العراق؟

وفي النهاية قتل الزعبي انتحاراً لأنه تجرأ وسأل عن ميزانية النفط في سورية، وقتل حسين كامل (وشقيقه صدام) بعد ان هرب الى الاردن مفشياً اسرار الدولة والاسرة..

انها ثقافة الولاء قبل اي امر اخر وليس للكفاءة مكان حين يحل الحزب والاسرة والمصلحة، فالحاكم يطرب لمن يمدحه حتى وهو يدرك نفاق المادح، والاخطر ان يدرك المادح نقطة ضعف الحاكم فيزيده من المديح نفاقاً حتى يرسله الى جهنم فرحاً بما حظي به من تقريط..

في لبنان يسطع نجم نبيه بري في اختياراته التي تثير الدهشة وهو اعتمد مقياساً في وزرائه ونوابه ومدرائه العامين وسفرائه وفي كل من تسلم منصباً رسمياً في الدولة مالياً او مصرفياً او مجلسياً وهو ان يكونوا اوفياء له شخصياً بنسبة مئة بالمئة، لا شريك لاحد غيره في اي من هؤلاء ولو كان الشريك شقيقه او ابنه... وهذا هو مدخل اختياراته من داخل حركة امل وهو في هذا شديد التأثر لحافظ الاسد، وربما يعتبر ان هذه القاعدة هي التي جعلت عهد آل الاسد يستمر حتى الآن نصف قرن من الزمان واكثر..

انها وصفة مجربة وهي بالتاكيد وجدت هوى في نفس بري حتى يعتمدها..  وإسأل مجرب ولا تسأل حكيم!!

ولا يسأل بري عن مصير سورية بهذه الوصفة، ومن يراقبه كيف يتعامل مع حالة لبنان الذي يراقب العالم موته السريري يتساءل من الذي تعلم من الآخر حافظ الاسد او نبيه بري؟

على كل ينبغي الا نظلم بري وحده في خياراته فسعد الحريري لم يخالط الاسد ولم يعش تجربة بري ولم يستوعب الدروس التي مر بها والده، وها هو يختار من جماعاته للوزارة والنيابة ما يثير الضحك كما الخجل وهو ليس في وارد ان يتعلم ، او هو لا يجد الوقت الكافي للعلم

وليد جنبلاط صدق ان لديه حزباً فصمم ان يختزل الدروز كلهم فيه فجاء وزير هنا سرق وآخر اساء لسمعته ، وما خرج جنبلاط عن مسار حليفه الأثير بري ولا شريكه المضارب سعد

ميشال عون جاء متأخراً خمسة وعشرون سنة عن زملائه في ثقافة الولاء وستين عمرا ما تكون كفاءة لأنه ملحوق يريد ان يعوض فسبح وزراءه عبر صهره في الطاقة على انواعها ولم يستوعب ان النفط فيه سواد لا ينتهي وروائح لا تزول وكيفما حاولت السير تتزحلق.. لكن كل هذا ليس مهماً لأن لا شيء يعطيك طاقة على قدر الطاقة.. وستين جهنم على الكفاءة.. وصهره الصغير يقول علناً:

" انا من شو بشكي حتى ما يكون عندي طائرة خاصة؟... و... "

لم يتعظ سياسيو لبنان بما حل في سورية والعراق فساروا على درب الرؤساء الذين دمروا بلادهم وانظروا ما الذي حل بالوطن..

ايها السادة انها ليست شيعية وزارة المالية ولا سنية الداخلية وعونية الطاقة  الدستور لا يقول بذلك ولا المنطق ولا الوطنية، انها سياسة حافظ الاسد وصدام حسين يسير عليها الذين الحقوا لبنان بسورية الاسد او نحرق البلد !

 

الوسوم