بيروت | Clouds 28.7 c

رفيق الحريري: رئيساً ووزيراً للمالية - بقلم حسن صبرا

مجلة الشـراع 15 أيلول 2020

واقفاً في مكتبه ينتظر اتصالاً جاءه للتو فراح يخاطب من على الخط التالي بقوله :

مولانا ارجو ان تتحدث مع كل النواب الشيعة الذين كانوا في الطائف اذا كان هناك اتفاق مكتوب او شفهي او اي نص يعطي الشيعة وزارة المالية 
إسأل يا مولانا النواب علي الخليل وعبد اللطيف الزين ويوسف حمود ... إسأل الرئيس حسين الحسيني ورفيق شاهين ... تنفرج اسارير الرئيس رفيق الحريري يردد: بارك الله فيك يا مولانا ، فقد كنت على قناعة كاملة بحكمتك ويضع السماعة فوق الهاتف ايذاناً بأن هدفه في ايصال رسالته قد تحقق
كان ذلك في بداية شهر ت١ عام 1992 
بعد ان سمى اكثرية المجلس النيابي الذي انتخب للتو النائب نبيه بري رئيساً له منذ ذلك العام رفيق الحريري لتشكيل اولى حكوماته فكلفه الرئيس الياس الهراوي تشكيلها 
لم يكن النظام الخلوي قد دخل بعد الخدمة وهذا ما تم في عهد اول حكومة شكلها الرئيس رفيق الحريري
انتهت اول مشكلة واجهها الحريري وكانت بمطالبة الشيعة بوزارة المالية لتبدأ مشكلة اخرى هي مطالبة الحريري بصلاحيات استثنائية لحكومته 
تصادف ان المشكلتان تعنيان الشيعة في السلطة انتهى الحريري من الاولى بنجاح وتسلمه هو وزارة المالية وعين صديقه فؤاد السنيورة وزير دولة للشؤون المالية، اما المشكلة الثانية فلم يحقق فيها الحريري اي نجاح، لأنها كانت تعني إقفال مجلس النواب برئاسة شيعي ولا يحضر اعضاؤه الا للموافقة على القوانين او المراسيم التي يقترحها الحريري وحكومته فما حصل الحريري على ما يريد وهو كان يعتقد ان الصلاحيات الاستثنائية ضرورية لسرعة الإنجاز في بلد خارج من حرب ضروس لخمسة عشر سنة وها قد مضت ثلاث سنوات بعدها ولم  يدخل بعد مرحلة إعادة الإعمار 
 صحيح ان رفيق الحريري كرئيس لاول مرة للحكومة يتعامل مع نبيه بري كأول مرة رئيساً لمجلس النواب الا ان الحريري وبري كانا شديدا الإعجاب ببعض من خلال معرفتهما السابقة ببعض منذ العام 1985 اثناء مفاوضات الاتفاق الثلاثي في ذلك العام بين قوات ايلي حبيقة وامل نبيه بري وحزب وليد جنبلاط برعاية سورية وتشجيع سعودي مثله رفيق الحريري 
ومع هذا فقد كان رفيق الحريري حسن النية كثيراً ليظن ان نبيه بري يمكن ان يتساهل بأمر كهذ...

 والحكاية كلها بدأت وتبدأ عند حافظ الاسد، كيف ؟
حافظ الاسد هو الذي اختار رفيق الحريري لتشكيل حكومة لبنانية جديدة تخلف حكومة عمر كرامي بعد ان وصل الدولار في آخر ايامها قبل الانتخابات الى ثلاثة آلاف ليرة لبنانية ، وعندما احتجت العصبية العلوية على اختيار سني قوي له علاقات قوية مع السعودية وفرنسا واميركا وروسيا ومصر وتركيا .. رد الاسد بأن لبنان كله بين ايدينا الآن ولم يعد فيه من يواجهنا وآخر المتمردين علينا ميشال عون صار في المنفى الى جانب امين الجميل ( بعد سنتين ادخل سمير جعجع السجن بملف رتبه له جميل السيد ) 
قال الاسد للاصولية العلوية المحتجة:

لن ينقذ لبنان  اقتصادياً الا رفيق الحريري ، وما تعتبرونه انتم اسباباً لإبعاده اراه انا عناصر قوة فهو بعلاقاته العربية والدولية وبإمكاناته الشخصية والمالية وخبراته سيساعد لبنان على الوقوف على رجليه وهو سيوفر علينا الكثير 
اما نبيه بري فقد كان الاسد معجباً به شخصياً ، وقد حاول الاسد اعادة كامل الاسعد الى رئاسة مجلس النواب مكان السيد حسين الحسيني الذي رئس المجلس منذ العام 1983 الا ان الاسعد رفض المجيء رئيساً الا وفق رؤيته ، كما رفض الحسيني ان يتلقى تعليمات من اي كان ليدير مجلس النواب
هكذا جاء نبيه بري برضا سوري واستمر ( ومن مفارقة السياسة ان كل الحراسات التي يحيط بري نفسه بها سببها التهديدات التي تطاله من ابن حافظ الاسد بشار ومنذ سنوات ؟ ) 
 اذن كان من الطبيعي ان يحتكم الاثنان رفيق الحريري ونبيه بري الى حافظ الاسد للبت في اول احتكاك عميق يطال الصلاحيات بينهما 
ذهب بري الى دمشق يشتكي مطالبة الحريري بصلاحيات استثنائية بما يعنيه ذلك من اقفال مجلس النواب . 
استدعى حافظ الاسد رفيق الحريري ليقول له: يا ابو بهاء ، بعد ان حصلت على وزارة المالية التي كان الشيعة يريدونها، لا تستطيع ان تطلب صلاحيات استثنائية لأنك بهذا تعطل دور الشيعة التشريعي بعد تعطيل دورهم التنفيذي . 
حاول الحريري تبرير طلبه الصلاحيات الاستثنائية امام الاسد فكان وعداً من الاخير بأن ابو مصطفى لن يوقف لك اي مرسوم او قانون في مجلس النواب 
هكذا تمسك الحريري بوزارة المالية ولم يحصل على صلاحيات استثنائية ... انه دهاء حافظ الاسد 
فهل حصل ما وعد به الاسد ؟ 
هذا حديث آخر 

الوسوم