بيروت | Clouds 28.7 c

أبو مازن لم يزر مخيما فلسطينيا واحدا في حياته !

مجلة الشراع 3 أيلول 2020

  • الرئيس عباس يواجه تمردا متصاعدا على سوء أدائه وعجزه وفساده
  • خياراته ورهاناته الاستراتيجية منذ نصف قرن انتهت الى الفشل

رام الله – خاص بالشراع

مجلة الشراع 3 ايلول 2020

تدور في كواليس السلطة الوطنية الفلسطينية أزمة عميقة صامتة ، يتواطأ أطرافها على الرغم من تناقضاتهم على اخفائها ، بسبب حراجة الوضع الذي تمر به القضية الفلسطينية والضغوط الأميركية – الاسرائيلية عليها .

محور الأزمة شخص الرئيس محمود عباس ، وقيادته المترهلة ، وأخطاؤه ، وعجزه عن القيام بأعباء المنصب ، وفساد أولاده الذي تجاوز الحدود ، وانعكس على سمعة السلطة في الداخل والخارج .

يقول مصدر قريب من دوائر الرئاسة إن أداء عباس لم يعد مرضيا لكل الطبقة السياسية العليا ، داخل حركة فتح ، وبين قادة الفصائل الأخرى ، بدليل تنامي قوة( تيار الاصلاح) المعارض، وهي حالة لم تعرفها فتح في تاريخها ، وتأخذ حاليا منحى الصراع الذي يهدد بانشقاق عمودي كبير في الحركة التي تمثل العمود الفقري للسلطة .

كل طواقم القيادة تنتقد أبا مازن في لقاءاتها ومناقشاتها الجانبية ، ولكنهم يتجنبون المواجهة. فالرئيس الذي تجاوز الثمانين من عمره يدير السلطة بطريقة بيروقراطية ، من مكتبه ، ويتواصل مع العالم عبر الهاتف والموظفين المحيطين معه ، بينما تحتاج القضية الفلسطينية ، حركة نشطة وسريعة وديبلوماسية شخصية ، على طريقة الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي كان يحمل ملفات القضية وصليبها على كاهله ، ويطير بها بشكل يومي بين عواصم الشرق والغرب . وكانت لقاءاته الفيزيائية مع قادة الدول تتخطى كل القواعد الديبلوماسية والبروتوكولية ، وتحل الكثير من الخلافات والاشكاليات ، وتكسب الكثير من الأصدقاء والداعمين .

يرى المصدر إن عباس يفتقر لتلك الديناميكية التي تميز بها سلفه وأكسبته جاذبية شخصية بين الأصدقاء والأعداء ، فأبو مازن بعيد عن الناس ، وعن شعبه في الداخل . ويتهمه كثيرون بعدم دخوله مخيما فلسطينيا واحدا طوال حياته ، وعاش دائما حياة بورجوازية مريحة ومرفهة . ويعترف المقربون منه أن ضعف حركته سبب ضمورا في  الحضور الفلسطيني على المسرح الدولي .

ويكشف المصدر إن الرئيس تورط في الصراعات والاصطفافات العربية – العربية ، فهو منحاز الى المحور القطري ضد المحور السعودي – الاماراتي – البحريني ، مما أعطى للخلافات مع بعض هذه الدول طابعا شخصيا ، في حين أن السياسة التي التزمتها السلطة الفلسطينية بعد أزمة الكويت 1990 الحياد وعدم التورط في صراعات المحاور العربية . ويؤكد المصدر أن عباس منحاز الى قطر لأسباب غير سياسية ، بل لعلاقات شخصية تعود الى زمن عمله فيها ، ولوجود مصالح مادية لأولاده فيها .

ويكشف المصدر إن القيادة الفلسطينية فوجئت برد فعل غير معتاد على قرار "الامارات العربية" الاعتراف باسرائيل اتسم بالمبالغة والخروج على تقاليد السياسة الفلسطينية في التعامل مع الأشقاء العرب ، وتبين أن عباس شخصيا أمر باحراق علم الامارات ورفع لافتات تهاجم أسماء بعينها من قيادة الإمارات ، الى حد جعل كثيرين داخل السلطة ينتقدونه على اهانة شعب الامارات جراء قرار حكومتهم ، لا سيما بعد وصول مناشدات ملحة من فلسطينيي الامارات العربية ، توصي بالتعامل مع الأمر بشكل هادىء وعقلاني ، لأن رد الفعل العشوائي يهدد مصالح الجالية الفلسطينية في الامارات العربية .

 وتساءل كثيرون عن سبب الحملة الشديدة التي قادها الرئيس على الإمارات ، بينما هو لا ينتقد مجرد انتقاد دولا عربية تتعامل مع العدو منذ سنين طويلة !

وقال المصدر إن هذا الموقف شطر الصف الفلسطيني ، لأن الامارات تستضيف منذ نصف قرن 300 الف فلسطيني يعملون ويتمتعون بمكانة ورعاية خاصتين من سلطاتها ، وتخشى الجالية الفلسطينية الكبيرة انعكاس سياسة أبو مازن على مصالحها ، وعلى عموم العلاقات الفلسطينية - الاماراتية . وعلى اثر ذلك خرجت أصوات فلسطينية عديدة تتبرأ من الحملة ، وتعتذر للإمارات لم يتفهمها أبو مازن . 

وضرب المصدر مثلا على أخطاء الرئيس في التعامل مع حكام الامارات يرجع الى ما قبل الخظوة الأخيرة ، فقال إن الشيخ عبد الله بن زايد اتصل هاتفيا ذات مرة بالرئيس لمكالمته فقيل له إن الرئيس نائم ، فطلب الشيخ عبد الله إبلاغه أن يتصل به ، ولكن عباس لم يتصل !

وذكر المصدر أن العلاقات الشخصية بين عباس وحكام الامارات سيئة منذ سنوات ، حين  أرسل رسالة شخصية للشيخ محمد بن راشد طالبا منه السماح لابنه بالعمل في الامارات ، وقد لبى الشيخ محمد الطلب ، على الرغم من  أن أبا مازن لم يعزيه بوفاة شقيقه حينها ، وعلى الرغم من أن ياسر عباس مشهور بفساده وتجاوزاته على القانون ، الى حد أن الفلسطينيين في الإمارات يدينون سلوكياته ، ومخالفاته القانونية في العمل . ويقول مصدر مطلع أن سلطات الدولة كانت لتطرده حتما ، لولا أن الشيخ محمد حماه لكي لا يفهم طرده عملية انتقام من أبيه .

 ويقول المصدر إن سفير فلسطين السابق في الامارات عصام مصالحة ، هو الآخر كان يزاول أعمالا وتصرفات تتنافى مع مهمته الديبلوماسية ، وكانت سلطات الدولة مستاءة منه ولكنها لم تبعده ولم تطرده ، وتحملت وجوده الى أن قام عباس بسحبه لأسباب خاصة به.

ورأى المصدر إن أخطاء عباس تزداد وتتكرس وتشكل نهجا ضارا بالمصالح الفلسطينية ، وخرقا لقواعدها الاساسية ، فهو ينفتح حاليا على تركيا ويطور علاقاته بقيادتها على حساب العلاقات الفلسطينية مع مصر التي لا تقبل هذا التحول ، لأن الرئيس أردوغان يناور حاليا محاولا أن يحل محل مصر في القيام بدور ( الوسيط الدائم ) بين اسرائيل والفلسطينيين بطرفيهم (سلطة رام الله ، وسلطة غزة) ، ولاحظ أعضاء القيادة ترحيبا من عباس بالدور التركي مع علمه بانعكاساته على العلاقات التاريخية مع القاهرة !

وأوضح المصدر أن قصور أداء أبو مازن اصبح عبئا يهدد مصالح الشعب الفلسطيني ، إذ أنه يواجه مؤامرات ترامب ونتنياهو بالانكفاء السياسي والديبلوماسي والاستراتيجي ، بدل أن يضع استراتيجية عمل وتحرك على الأصعدة العربية والاسلامية والدولية ، وتفعيل دور الداخل شعبيا وسياسيا . وهو بهذا الشكل يبدو كأنه يسهل للعدو تنفيذ مخططاته ومؤامراته ، ويتركه يقوم بما يريد بدون مواجهة ولا رد فعل داخلي أو خارجي مناسب .

ويربط بعض أطراف القيادة الفلسطينية المعارضين لأبو مازن إنه يتحمل مسؤولية التراجع الخطير في مكانة القضية الفلسطينية على كل المستويات ، لأنه أبرز الشخصيات الفلسطينية التي تبنت خط السلام والصلح مع العدو ، وروجت لفكرة التقارب مع الولايات المتحدة، منذ بداية مرحلة أوسلو ، وراهنت على بناء علاقات استراتيجية معها .. وهذا النهج هو أساس سياسته ، منذ أن صار رئيسا عام 2004 بعد رحيل أبو عمار الذي كان يجيد المناورات بين الكفاح المسلح ، والحراك الديبلوماسي ، ونضال الشارع ، ولا يحصر نفسه في خيار واحد أو زاوية ضيقة !

ويتوقع المصدر أن يتعرض الرئيس لمواجهة قوية في القريب من داخل فتح ومن أطراف القيادة والاجنحة المعارضة ومحاسبته على أخطائه وسوء أدائه وعجزه وفساده ، وتحميله مسؤولية الفشل العام للسلطة الوطنية .

ويختم المصدر : إن هناك شبه اجماع بين قادة المنظمات الفلسطينية على أن ما نشهده اليوم من هزائم على المستويات العربية والدولية إنما تعود للخيارات والرهانات الخاطئة التي ظهرت منذ بداية السبعينيات وتطورت حتى أصبحت هي المتحكم بالقرار الفلسطيني، وكان مهندسها الاول والدائم أبو مازن الذي لم يكن يؤمن بجدوى النضال المسلح ، ولا بالنضال الشعبي ، ويعتقد أن (النضال السلمي) هو الأكثر جدوى في ظروف الصراع مع عدو قوي ومحمي دوليا كإسرائيل ، وظروف موضوعية تكتنف القضية الفلسطينية عربيا ودوليا . ولذلك فإن ابو مازن هو آخر من يحق له الاحتجاج الآن على مآلات القضية الفلسطينية ، لأنه مؤسس نهج الرهانات على السلام والعلاقات مع اميركا .

 

الوسوم