بيروت | Clouds 28.7 c

حكّام لبنان هم اخطر نكباته / بقلم حسن صبرا

مجلة الشـراع 15  آب 2020

كانت الشراع المطبوعة الوحيدة التي كتبت عدة مرات ان من حظ اللبنانيين افلاس دولتهم ، وكنا نضطر لشرح هذا النظرة التي رآها كثيرون تشاؤمية بالكتابة الواضحة بأن اعلان افلاس لبنان سيبدأ بتوقف المصارف عن إقراض الدولة اللبنانية فتضطر الدولة للجوء الى المؤسسات المالية الدولية لتقترض منها وتخضع لشروطها ومن اهم تلك الشروط ان تنفذ مؤسسات المجتمع الدولي كصندوق النقد مثلاً بنفسه المشاريع التي تحتاج الدولة الى تنفيذها سواء وخصوصاً في الكهرباء او في الطرقات او في المياه او في السدود او في الإنشاءات او في المطبوعات التقنية للبطاقات المختلفة .... ففي هذه المشاريع وغيرها الكثير يسرق السياسيون الحاكمون في لبنان عشرات المليارات كل سنة ، فإذا تولت مؤسسات النقد الدولي اوالبنك الدولي او مؤسسات النقد العربية ، فإن هذا يعني ببساطة كف يد السياسيين الحاكمين عن هذه المشاريع بما يعني قطع ايديهم عن السرقة

وكنا كتبنا اكثر من مرة بأن اللصوص الحاكمين في لبنان يرفضون القروض التي تقدمها الصناديق العربية للبنان ، كما حصل مع صندوق التنمية الكويتي الذي قدم قرضاً للبنان لتوفير الكهربا ء للبنان من خلال بناء محطات توليد كهرباء في اي مكان تحدده الحكومة اللبنانية ،وكانت تسهيلات الصندوق الكويتي افضل فرصة للبنان لتوفير المال والكهرباء بأقل التكاليف الممكنة لكن وزير الطاقة جبران باسيل رفض العرض الكويتي المغري قائلاً  للمفاوضين الكويتيين ان وزارته ستعتمد على القروض الداخلية لتنفذ الكهرباء للبنان، وكان هذا يعني ان تقترض الحكومة من المصارف اللبنانية من خلال مصرف لبنان بسعر فائدة اكثر بخمسة اضعاف من  فائدة الصندوق الكويتي

وهكذا استمرت الحكومات اللبنانية في الإقتراض الداخلي الذي تمسك به باسيل وكل السياسيين الحاكمين ليستمروا في نهب الخزينة اللبنانية . وفي مجال واحد فقط نهب لصوص الكهرباء وهم وزراء جبران باسيل 65 مليار دولار كما كرر الخبير المعروف مروان اسكندر ذلك في جريدة النهار في اعداد مختلفة

اذن

لو تولى صندوق التنمية الكويتي الإشراف على توفير الكهرباء للبنان بفوائد قليلة بشروط ميسرة وفترة سماح لمدة عشر سنوات لكان لبنان وفر عشرات مليارات الدولارات وكان تجنب الإفلاس الذي يعيش لبنان وملايين اللبنانيين على مشارفه

اصرار لصوص لبنان من الحكام على نهبهم المنظم للوطن والمواطنين اوصل الوطن الى النداء الذي اطلقته الشراع وقالت فيه ان من حظ اللبنانيين إعلان إفلاس دولتهم ، كيف ؟

مفاوضات صندوق النقد الدولي مع وفد مشترك من حكومة لبنان ومصرف لبنان وجمعية المصارف بدأت منذ اشهر وخلال 18 جلسة حوار عبثية بين الصندوق واللبنانيين داخ ممثلو الصندوق وهم يستمعون الى اكاذيب اللبنانيين المفاوضين والى فوضويتهم والى تناقض ارقامهم والى اصرارهم على إضاعة الوقت فدخل لبنان نفق الإفلاس الرسمي والشعبي وجاء وباء تفاقم وباء كورونا ليجهض انتفاضة وطنية عارمة ضد الحرامية نتج عنها اجهاض الإنتفاضة وإفلاس الاف المؤسسات بسبب سياسة ولصوصية الحكام اللبنانيين

كان لبنان يعيش حالة يأس شعبياً ومالياً واقتصادياً في ظل تشبث الحكام اللصوص بالغنائم التي سلبوها من الشعب اللبناني كأنهم في حالة حرب ضده ، كان الفقر يزيل الطبقة الوسطى الى ادنى درجات السلم الطبقي وكان الحكام اللصوص يزدادون عهراً وغنى ً وفجوراً   ، وكان المجتمع الدولي والعربي اظهرا يأساً كاملاً من امكان احداث اي اصلاح في لبنان لأن الذين كان مطلوباً منهم الإصلاح هم الحكام الفاسدون انفسهم وكان تانيب وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان للحكام اللصوص غير مسبوق في تعامل دبلوماسي اجنبي مع حكام بلد مستقل ومع هذا تعامل حكام لبنان اللصوص مع تعنيف لودريان لهم بمثل تعامل معدوم الكرامة مع من يبصق على وجهه فيبتسم ويقول ان السماء تمطر !!

  لم يكن احد في لبنان او في اي دولة تتعامل مع حكامه يتوهمون بأن حكام لبنان اللصوص يمكن ان يتوبوا كما لو ان عاهرة يمكن ان تتوب

الى ان كانت نكبة مرفأ بيروت في 4/8/2020 ، ونحن لن ندخل في جدل بيزنطي حول طبيعة التفجير الذي قتل وجرح الالاف ودمر جزءاً كبيراً من العاصمة البيضاء

نحن نربط الامور ببعضها لنكتب انه ربما جاءت لحظة افلاس الحكام اللصوص ليرضخوا بإرادتهم او مكرهين لإرادة المجتمع الدولي الذي عبر عنه بموافقته او بالتسليم بمبادرته رئيس فرنسا امانويل ماكرون الذي وقف حكام لبنان اللصوص امامه اذلاء بعد ان استدعاهم للقائه في بعبدا بعد 48 ساعة من نكبة المرفأ ليسمع نبض الناس قبل ان يؤنب حكامهم اللصوص

وكان لافتاً ان يستقبل ضحايا نكبة المرفأ والاهالي الذين نكبوا بمقتل ابناء واباء واخوان واقارب واصدقاء ماكرون استقبال الفاتحين المنقذين ، في حين كانوا ينتظرون اي من اللصوص الحكام كي يمزقونها بأسنانهم تعبيراً عن كراهيتهم لمن سبب لهم الكارثة بعد الاخرى حتى اوصلهم الى النكبة التي جعلت300 الف لبناني في العراء

  هل يجوز استعمال مثل رب ضرة نافعة بعد هذه النكبة؟

سنحاول ان نشرح هذا القول بهذه الإستنتاجات:

- مجيء ماكرون ومحاولته تشكيل مظلة دولية مالية واقتصادية حول لبنان يعني ان حكام لبنان غير مؤهلين لإنقاذ الوطن الذين يحكمونه وهم سبب افلاسه وهم ما زالوا يكابرون ليستمروا في نهبه

اليس هذا افلاساً

- حزب الله الذي كان محرجاً من مواقف حلفائه الذين اوصلوا البلد الى الافلاس وكانوا حتى بعد نكبة مرفأ بيروت مستمرون في غيهم يبدو انه بات على استعداد لردعهم عن استمرار سرقاتهم ليقف لبنان على قدميه ، ودون ذلك كان سيجد دولة ومجتمعاً يتآكل حتى يسقط بين يديه

- هناك حديث حول امكانية ايجاد صيغة تفاهم تقودها فرنسا ماكرون بين اميركا وايران وبين الرياض وطهران لوقف حالة الإنهيار في لبنان تمهيداً لبدء علاج نكبته المالية والاقتصادية وإبتلائه بحكام لصوص انطلاقاً من مرفأ بيروت الى كل البلد والقانون الذي يحكم هذا التوجه هو قانون الإشراف الفرنسي- الدولي على اعادة احياء دورة المشاريع الخدماتية التي يحتاجها لبنان بمعزل عن تسلط الحكام اللصوص .

الا يشبه هذا الوضع الدعوة التي كتبناها في الشراع للبنانيين وقلنا فيها:

ايها اللبنانيون من حظكم اعلان افلاس دولتكم؟

الوسوم