بيروت | Clouds 28.7 c

هام وخاص جداً / القرار الاميركي بوضع اليد على لبنان اتخذ: واشنطن تحضر لخلافة عون وتجهز "لوائح" لكل المناصب - كتب المحرر السياسي لـ "الشراع"

مجلة الشراع 3 آب 2020

ثمة امور غريبة ولافتة تحصل هذه الايام وبعيداً عن الاضواء.

الامور المشار اليها تتصل بمرحلة جديدة يبدو انه يتم التحضير لها بتفاصيلها وجزئياتها من قبل دوائر متخصصة في السفارة الاميركية في عوكر. وهو ما يعكس ايضاً وجود خطة كاملة ومتكاملة على هذا الصعيد.

وبقدر ما تشير هذه المعطيات الى ان الاميركيين يولون اهتماماً شديداً بالوضع في لبنان وتمسكهم به, فانها تنبئ ايضا بان واشنطن ماضية في العمل على الامساك بالبلد من منطلق انه سيكون واحداً من الدول التي تنضوي في منطقة النفوذ الاميركي في الاقليم.

في اخر المعلومات, فان السفارة الاميركية تتولى وعبر دائرة متخصصة طرح اسئلة على سياسيين لبنانيين يصنفون في خانة اصدقاء واشنطن, حول الشخصية المرشحة لخلافة الرئيس ميشال عون في موقعه في رئاسة الجمهورية.

وفي المعلومات نفسها فان اختيار بديل عون والبحث عن اسماء في هذا الصدد  من قبل الاميركيين ليس محكوماً بانتهاء ولايته بعد اكثر من سنتين, لان الامر يمكن ان يكون مطروحاً قبل انتهاء الولاية المذكورة, من دون ان يوضحوا ما اذا كان السبب صحياً او غير صحي, او يتعلق بوجود قناعة لديهم بان عون لن يكمل ولايته.

ويصح القول في هذا المجال ان هذا الامر قد يكون جزءاً من ضغوط  يمارسها الاميركيون حالياً على لبنان وحكامه, خصوصاً وان هدف التسريبات المتعمدة ربما من عملية استمزاج الاراء حول خلافة عون قد يكون في بعض جوانبه  التهويل والتهديد المبطن, من اجل تمرير ما يراد تمريره في بعض الملفات.

 ولذلك كان لافتاً خلال عملية التقصي هذه , رفض اسماء طرحت على الاميركيين وبشكل قاطع  وحازم.الا ان الاهم من كل ما ورد هو ان ما يمكن تسميته "لائحة سوداء" بدأت تنجز حول المرشحين المحتملين للرئاسة الاولى وبينهم اسماء كانت طرحت  في دورات انتخابية سابقة, وهي لائحة ثمة "فيتو" اميركي على إمكان وصول احد الاسماء  الواردة فيها الى سدة الرئاسة.

ويبدو ان هذه اللائحة وحسب التسريبات او المعلومات المشار اليها, تشمل ايضاً كل من له صلة او علاقة وثيقة مع العهد الحالي, ما يشير بوضوح الى ما تستبطنه هذه التوجهات من مواقف ازاء الاداء العام للرئيس عون وعدم موافقتها على الكثير من سياساته.

وفي المعلومات نفسها, فان عملية التقصي وجمع المعلومات هذه لا تقف عند حدود المرشحين لتولي الرئاسة الاولى, بل تشمل ايضا اسماء قد تكون مرشحة في مراحل مقبلة لتولي مسؤوليات ومناصب بارزة في الدولة اللبنانية. وثمة لوائح "اميركية يجري اعدادها ايضاً بهدف تصنيف الشخصيات المطروحة بين من يمكن ان يحظى بموافقة الاميركيين وبين من يوجد رفض لامكان توليه مسؤولية عامة وبارزة.

المهم في هذا السياق هو ان الجهد الاميركي الذي يجري حالياً خلف الاضواء يمكن الاستنتاج انه يعبر عن امور بالغة الاهمية , ابرزها ما يلي :

الاول: هو ان واشنطن شديدة الاهتمام بالوضع في لبنان, وان ما تمارسه حالياً ضده من حصار وتجويع يراد استكماله بخطوات اخرى, هدفها وضع اليد عليه ولكن بشكل يضمن توليها ادارته في مرحلة مقبلة سواء طال أمد الوصول اليها او قصر.

الثاني: ان واشنطن تعيد بناء هيكلة علاقتها مع الاطراف اللبنانية من خلال التصنيفات التي تقوم بها, بين من هو مقبول منها لتولي مسؤولية عامة وبين من هو مرفوض لذلك. واللافت في هذا السياق ان الامر لم يعد يقتصر على احزاب او تنظيمات او جهات سياسية وحزبية, بل صار يشمل الوجوه والشخصيات اللبنانية .

الثالث: ان الولايات المتحدة التي لم تتوقف يوماً عن الاعلان عن تمسكها بدعم الجيش اللبناني ومساعدته وتسليحه, كعامل اساسي للاستقرار في لبنان, وهي تقوم حالياً بتوسيع نطاق ودائرة حجر الاساس للاستقرار الذي تريده في السياسة وفي الاقتصاد وربما في المستقبل في الادارات والمؤسسات العامة.

الرابع: وهذا هو الامر الأكثر خطورة في هذا المجال, ويتجسد في ان واشنطن ماضية باتجاه استنباط وسائل عمل خصومها في لبنان لاستخدامها, بمعنى ان الانتخابات الرئاسية المقبلة في لبنان لن تحصل وان البلاد مهددة بالدخول في فترة فراغ رئاسي قد تكون طويلة في حال كان المرشح للوصول الى قصر بعبدا من ضمن لائحة المرشحين الذين تضع واشنطن" فيتو" على انتخابهم.

وما استخدمه خصومها لمنع وصول مرشحين موالين لها وفرض مرشحين او المرشح المؤيد او المتحالف معهم من خلال تأمين او عدم تأمين نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تحتاج حسب الدستور اللبناني الى اكثرية الثلثين, ستقوم واشنطن باستخدامه في معركة انتخابات الرئاسة الاولى المقبلة, وبما يشير الى ان تعمل باحادية في هذا الاطار ولن تكرر تجربة انتخاب عون الذي استند الى دعم حزب الله, بعد توقيع الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران بكل ما نتج عنه في ذلك الحين من مناخات متقاربة بين العاصمتين الاخيرتين قبل انتخاب دونالد ترامب الذي اطاح بالاتفاق المذكور وكل ما نتج عنه من اجواء ومعطيات.

مؤدى هذا الكلام ان ما عرف سابقاً بـ "كلمة السر" التي طالما كانت مفتاح الانتخابات الرئاسية في لبنان لتحديد اسم الرئيس الجديد, يعمل الاميركيون اليوم من اجل ان تكون لهم بشكل أحادي بالكامل من دون مشاركة اي طرف اقليمي او دولي بها, على غرار ما كان يحصل في بعض الدورات الانتخابية السابقة, كما انها لن تكتفي بان يكون لها رأي  في هذا الاطار, بل انها تسعى من اجل ان يكون لها الكلمة الفصل بتحديد "كلمة السر" هذه.

واذا كان انتخاب ميشال عون لم يحصل الا بعد التسوية الرئاسية مع الرئيس سعد الحريري وتفاهم معراب مع الدكتور سمير جعجع  بعد شعورهما بان واشنطن غير بعيدة عن ذلك بعد الاتفاق النووي مع ايران, فان  انتخاب الرئيس الحالي بالاصل لم يكن ليحصل لولا "الفيتو" الذي كان وضعه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على انتخاب اي مرشح اخر تمسكاً منه بالوعد الذي كان قطعه لعون ووفاء منه  للتحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله في تفاهم مار مخايل.

ومن خلال التوجهات الجديدة لواشنطن فانها تريد الدخول مباشرة على الخط اللبناني الداخلي, عبر العمل لفرض مرشحها غير المعروف بعد, واذا تعذر ذلك فانها ماضية باتجاه الدفع بالامور باتجاه فراغ رئاسي, من شأن نتائجه وتداعياته في هذه الظروف الحرجة والقاسية التي يمر بها لبنان ان تضعه في درك مخيف هو الاسوأ في تاريخه.

والمسألة هنا تتجاوز موضوع إكمال عون ولايته او عدم إكماله له. وهي تتعلق بما ينتظر لبنان بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي سواء لدى انتهائها دستورياً او قبل ذلك. وهذا الموضوع يتصل مع مندرجات اللوائح السوداء الاخرى التي يجري تجهيزها بما يتعلق بالمناصب الاخرى في الدولة, بقرار اميركي يبدو انه اتخذ  وبدأ العمل لتنفيذه ويقضي بوضع اليد بشكل كامل على لبنان.

وهذا السيناريو وقد بوشر العمل لتطبيقه, لا ينقل لبنان من حالة الانهيار التي يعيشها الى حالة اخرى, فثمة الكثير من المطلعين وبينهم من له صلات دبلوماسية واسعة في عواصم القرار في العالم , من يعتقد بان واشنطن لن تقبل بموت لبنان لكنها ماضية في ابقائه في حالة الاحتضار( اي بين الحياة والموت) التي يعيشها. وعلى هذا الاساس فانه لن يكون مسموحاً له ان يخرج من حالة الاحتضار هذه حياً الا بتلبية دفتر الشروط الاميركي واول بنوده ضمان سيطرتها على قرار ادارته من دون ان يشاركها احد به مع كل ما يترتب عليه هذا الامر من وقائع واوضاع لن ترضي غالبية الشعب اللبناني لاسيما حيال ما يتعلق بموضوع مواجهة تهديدات   العدو الاسرائيلي واطماعه المعروفة في لبنان.

 

 

 

 

الوسوم