بيروت | Clouds 28.7 c

عباس ابراهيم استراحة محارب /  بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 31 تموز 2020

 

لم يمر في تاريخ المديرية العامة للامن العام مديراً مدنياً او عسكرياً مثل لبنان بالقدر الذي يمثله الآن اللواء عباس ابراهيم..

كل المدراء العامين الذي توالوا على هذا الموقع منذ الاستقلال حتى مرحلة اللواء ابراهيم كانوا يمثلون السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية او سلطة الاحتلال السوري كما هي حال جميل السيد، وحده عباس ابراهيم يمثل مصالح لبنان  حتى حين يختلف روؤساؤه وهذا هو التميز الاول للواء ابراهيم..

عرفنا عن قرب مدير عام الامن العام المدني ريمون روفايل وكان اوفى الناس لرئيس الجمهورية يومها الياس الهراوي يصحح كل اعوجاج في سياسته وسلوكياته آدمياً مستقيماً ينصح ويكرر النصيحة حتى لو صمم الهراوي على الاعوجاج..

كان جوني عبدو من الكفاءات العسكرية والسياسية العالية وكان من الناصحين العاقلين الذين جاء بهم خليفة فؤاد شهاب في نظافة الكف وعفة اللسان والحرص على مصالح الدولة الياس سركيس، ومعه دائماً فؤاد بطرس، انا الامير فاروق ابي اللمع فكان الصورة الباسمة في عهد سركيس المتجهم وهو نديمه وخليله مبعد الهم عن مجلسه وصدره..

ومع ان رفيق الحريري سعى في وقت ما لترشيح جوني عبدو للرئاسة وقدمه للكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل على يخته في سردينيا

ومع ان ياسر عرفات داعبه حين جاء جوني يقنعه بقبول ترشيح بشير الجميل للرئاسة بقوله:

شوف يا جوني انت عايزني اقبل ان بشير يحكم 18 سنة, هو يحكم ست سنين ونت تيجي وراه ست سنين وبعد كده ييجي هو ست سنين تالتين.. شوف يا جوني انتو لسه شباب لكن انا بينادولي الختيار..

لكأن ابو عمار يقول لجوني وبشير من خلفه انتو لسه صغيرين!

ومع هذا،

كان جوني واقعيا ليدرك انه اسير معادلات تتحكم فيها سورية واميركا وحيث ان الولايات المتحدة فوضت حافظ الاسد حكم لبنان فإن علاقته مع اميركا وبشير الجميل وكونه صلة الوصل بين بشير وسركيس وكونه حاول اقناع سركيس ان يروج لبشير عند السوريين، كل هذا لم يسمح له ان يحلم بأن يصبح رئيساً للبنان.

جميل السيد هو اول مدير عام للامن العام جاء بقرار قوة محتلة للبنان هي نظام آل الاسد. وليس غريباً ان يأتي نائباً بالتمني من بشار الاسد على حزب الله!

السيد كان ممثلاً لقوة محتلة للبنان، ينفذ تعليماتها ويضرب بقبضتها وينازع الآخرين برغبتها حتى لو كان المنازع الآخر هو رئيس الجمهورية اميل لحود، وكان دائماً سيفه ضد رفيق الحريري، كما كان بوق كارهي الحريري من الاصولية العلوية التي التفت حول بشار الاسد.

من هوايات السيد كتابة التقارير التي تستفز بشار اكثر ضد الحريري، وهو كان يلاحق الكاتب الحر سمير قصير حتى لجمه وليد جنبلاط فظهر كم كان جميل السيد جباناً وصغيراً!

هوايته بالكتابة ظهرت في صحف الصباح البيروتية بأسماء آخرين!

هوايته في الكتابة ظهرت في تقديم قانون 2000 لإنتخابات ذلك العام وهو ما عرف بقانون غازي كنعان... نعم غازي كلف وجميل كتب!.

جميل السيد مفبرك الملفات من ملف تسليم المناضل الياباني اوكوموتو بطل عملية اللد في فلسطين المحتلة الى فبركة ملف سيدة النجاة لأسر سمير جعجع.

ارتضى جميل السيد ان يكون الصورة القذرة لإحتلال آل الاسد للبنان، على امل ان يتحقق حلمه ان يكون حاكم لبنان المدني ، ولم لا؟ فالذي نقل مديرية الامن العام لشيعي، قادر ان يجعل رئيس لبنان شيعياً،

كان جميل السيد يتباهى دائماً، بأنه جعل الامن العام نموذجاً في الادارة، وعندما اغتيل رفيق الحريري في 14/2/2005 اعترف جميل السيد بأنه لم يكن يملك معلومات عن عملية اغتيال رجل لبناني وعربي وعالمي بحجم رفيق الحريري، لكنه كان صاحب اختلاقات هوت بما احاط به نفسه من سمعة امنية مع ابو عدس ومع مسافري الشمال الى استراليا ومع مؤامرة صهيونية، وقبلها مع فرض ابنه المحامي مالك على فيرجين ليسقط عنها تهمة الصهيونية .

تنفس الامن العام الصعداء مع الراحل اللواء وفيق جزيني الذي كان بحق ممثلاً للرئيس ميشال سليمان، الى ان جاء اللواء عباس ابراهيم ممثلاً للبنان كله ..

يبدي البعض اعتراضه على ادوار اللواء ابراهيم الخارجية وانها يجب ان تكون من صلب مهمات وزير الخارجية، ويتناسى هؤلاء ان ابراهيم يسعى كممثل للبنان الوطن ان ينظف اوساخ الوزير السابق جبران باسيل خصوصاً مع اشقاء لبنان العرب، وهذه الاوساخ لا يستطيع ان يزيلها الوزير الآدمي ناصيف حتي على الرغم من عمله السابق في جامعة الدول العربية، لأنها تحتاج الى عتال ثقة ويتمتع بقدرات عملية فاعلة اكثر من الدبلوماسية.

الدول العربية من قطر الى العراق الى الكويت تدرك مكانة اللواء ابراهيم الداخلية وقد لمست امكاناته الذاتية وثقة كل القوى السياسية والشعبية به وهو عفيف اللسان هادىء الاعصاب امين على مهماته لذا تأمن بلاد العرب لأدواره وهو يمثل لبنان بكل فئاته..

عباس ابراهيم الآن في استراحة محارب..

وإن كان البعض يتمنى لو انه كان ضمن الوفد المفاوض لصندوق النقد الدولي فعلى الاقل كان اللبنانيون يضمنون ان هناك مسوؤلاً واحداً يتمتع بالصدقية المطلوبة لجعل الوفد الدولي يصدق المسوؤلين اللبنانيين، وقد قال احد اعضاء الوفد الدولي المفاوض لصديق له:

لو اننا كنا نفاوض ميليشيات صومالية لوجدنا نسبة صدق اكثر من تلك التي يحدثنا بها اللبنانيون!!!

اللواء عباس ابراهيم يضع رأسه بين كتفيه وعيناه تنظران الى الامام متمهلاً ليعرف سيره والارض التي يقف عليها، وهمه الاول ان ينجح في مهماته وهي امانة من الوطن والمواطنين..

الوسوم