بيروت | Clouds 28.7 c

الحياد سلاح المقاومة... القرار1559عناوين خلاف / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 19 تموز 2020

قد يكون من المفيد ومن الضروري مناقشة عناوين الخلاف الجذرية بين اللبنانيين وهي تزداد مرحلة بعد اخرى وآخرها دعوة البطريرك بشارة الراعي الى الحياد ، لكن من المفيد ومن الضروري الوقوف عند حالة الإنقسام بين اللبنانيين كلما طرحت مسألة كهذه سواء كانت كلمة حق فقط او كلمة حق يراد بها باطل ... وهنا بيت القصيد.

 لا ينقص اللبنانيون الاستعداد الفطري على قاعدتي الطائفية والمذهبية المستطرقتين .. للإنقسام الجذري حول كل قضية بدءاً من كون قائلها من محور يقابله محور آخر يرفض سلفاً ومن دون نقاش او استعداد للتفهم كل طرح يقدمه من كان في المحور الآخر ، وهذه حالة تسعر الإنقسام حولها بعد اغتيال الرئيس المظلوم رفيق الحريري ، وهي كانت موجودة في عهده وكان احتلال آل الاسد للبنان يخلقها ويوسعها ويستغلها ويوظفها لمصلحته ، بينما كان الحريري الكبير يملك هالة وهيبة وقدرة على إحتوائها في كثير من الاحوال

 في عصر رفيق الحريري كان الإنقسام ذا قيمة بين مشروعين كبيرين لا يمكن الإستغناء عن اي منهما هما مشروع تحرير الوطن من الإحتلال الصهيوني ومشروع اعادة بناء ما دمرته الحروب الاهلية والعدوان الصهيوني المستمر وقد شهد عصر الرجل عدوانين صهيونيين كبيرين على لبنان  عامي 1993 و 1996 لم يمنعا الرجل وهو يبني من ان يحفظ الوحدة الوطنية الداخلية بالقدرة على البناء قبل وخلال وبعد العدوانين ، وكانت واقعيته حاسمة في معرفة ان حق التحرير والقتال لم يعطلاه عن البناء كما ان البناء كان جزءاً من واجبه ومشروعه ولم يتلكأ يوماً عن القيام بهذا الواجب تحت ذريعة السلاح والقتال والعدوان الصهيوني

رفيق الحريري جاء رئيساً خلال مرحلة القتال اليومي ضد العدو المحتل ومرحلة فلتان ابواق الاحتلال الاسدي للبنان وكان منهجه ترك الابواق تنبح وقافلة البناء تسير وكان نجاحه في البناء متكاملاً مع نجاح المقاومة في التحرير واكمل هذه المعادلة بعد التحرير وظل متمسكاً بها حتى اغتياله في 14/2/2005.

المأساة الآن ان رفيق الحريري غير موجود والخلاف حول عناوين جذرية يخرج الى السطح بهذه الحدة والاسوأ هو ما يلي:

ان اللبنانيين الذين اعتادوا املاً وبحبوحة معينة وعلاقات ممتازة مع كل امم الارض - طبعاً عدا العدو في عهد رفيق الحريري  يعيشون حالة انهيار وصل ذروته في عهد رئيس صرف وزراءه وعلى رأسهم صهره الصغير عشرات مليارات الدولارات على الظلمة التي يعيشها اللبنانيون في ظل ادارتهم لوزارة الطاقة ، وهل هناك مجتمع في الكون عاش ويعيش هذه الفاجعة حيث يصرف عدة وزراء من حزب رئيس للجمهورية اكثر من نصف دينه العام كي يعيش اهله في العتمة ؟

في عهد هذا الرئيس بلغ الفساد حداً جعل لبنان في اول ارقام الدول التي يعشعش فيها الفساد ولا يتوقف وليس في الافق ما يشير الى امكانية وقفه ، ومن المفارقات اليوم وقفة لبنانيين في مرج بسري لمنع ارتكاب جريمة جديدة يصمم عليها وزراء عون وفي مقدمتهم صهره الصغير  في وقت يصعد فيه هذا الصهر نفسه الى الديمان للقاء محرك دعوة الحياد من جديد البطريرك الراعي .

يتوحد اللبنانيون في الواقع المأساوي المعيشي والإجتماعي والمالي حتى لو كابر الذين يسيرون قطعاناً خلف الذين سرقوهم وهم الذين نصبوهم عليهم زعماء وانصاف آلهة - والسبب هو الفساد والنهب المنظم والمحاصصة اللا أخلاقية ، وكان يجب بذل الجهد لإستمرار هذا التوحد لا اطلاق شعارات حتى لو اعتبرها البعض وطنية لكنها تؤدي الى استعادة لا منطق الإنقسام ولا منطق الإستزلام

والمفارقة ان دعوة الحياد تدفع الناس والسياسيين الى الإنقسام لكن السياسيين كلن يعني كلن موحدون حول وداخل وفي مصانع الفساد

 بعد رفيق الحريري هناك الصغار

ونحن نقصد ان هناك رجلاً كان كبيراً كي يقنع اميركا وايران وان يجمع السعودية وسورية وان يستقوي بمصر وفرنسا وان يلقى اعجاب واهتمام روسيا  والصين  وان يبني ويترك يداً تحمل السلاح

  • الحريري ما كان أبداً حيادياً بل جمع العالم كله في  لبنان وساهم مع المقاومة الاسلامية في طرد اسرائيل من وطنه، فهل تريدون الآن بطرح الحياد الإنضمام الى الدعوة الاميركية لمجابهة ايران في  لبنان وواشنطن تحمي الفاسدين ناهبي ثروات الناس الذين دفعوا اللبنانيين نحو الجوع، هذا والله انحياز نحو الفاسدين والفساد

سيدنا البطرك

لبنان  في حالة جوع وعليك قبل ان تطلب الحياد ان تنحاز نحو الجائعين المسروقين ولعله وصل الى مسامعك من هم اللصوص، هنا لم يعد من حقك ان تكون على الحياد بين اللص والمسروق او بين المتخم بالسرقات وبين المحروم من الطعام

سيدنا البطرك

اجمع اللبنانيين على قاعدة مواجهة الفساد والفاسدين

ولا تفرقهم على قواعد مواقف لم يتفقوا عليها مد وجدت

سيدنا البطرك الراعي

هلا طلبت من الاميركان ان يكشفوا لك ما يعلمونه عن سرقات حكام لبنان منذ عشرات السنين علهم يساعدوك في الإنحياز الفعلي نحو المسروقين ؟ تلك هي القضية، وبعدها لكل حادث حديث

حسن صبرا

الوسوم