بيروت | Clouds 28.7 c

سألنا عبد الحليم خدّام كيف أصبح الجيش العربي السّوري علوياً؟ فقال.... / كتب حسن صبرا

سألنا عبد الحليم خدّام

كيف أصبح الجيش العربي السّوري علوياً؟

فقال....

كتب حسن صبرا

مجلة الشراع 9 نيسان 2020

 

كان العميد السني في الجيش السّوري عبد الوهاب سنجاب، يذهب الى وظيفته الادارية في قيادة الاركان راكباً دراجة، بينما كان مساعد علوي (صف ضابط) في الاستخبارات السورية يدعى حسين بطاش يقود سيارة مرسيدس  "شبح" مسروقة من لبنان.

 والافظع ان حسين هذا (وهو برتبة رقيب في الجيش اللبناني) كان يدير فرع استخبارات في مدينة حلب لأن قائد الفرع هو ضابط سني برتبة عميد.

سألنا عبد الحليم خدّام كيف أصبح الجيش العربي السّوري علويّاً؟

قلنا له كيف يمكن تمرير دورة ضباط في الكلية الحربية وفيها 70% علويين و 30% من كل طوائف وقوميّات سورية سنّة ومسيحيين ودروزاً واسماعيليين وأكراداً.

سألنا عبد الحليم خدّام: كيف يا أبو جمال يوزع الضباط العلويون الناجحون على الطيران والاستخبارات والصواريخ والأسلحة الكيماوية والدبابات ويرسل الضباط السّنة والاخرون الى المطابخ والتمريض والادارة والاشارة!

سألنا عبد الحليم خدّام: لماذا 80% من أفراد الجيش السوري من السّنة والدروز والاسماعيليين ولماذا 80% من أجهزة الاستخبارات قيادات وعناصر ومرشدين من العلويين؟

كيف يا أبو جمال تتشكل دورة تأهيل الزامية تتراوح بين 6 أشهر للرتباء والعرفاء و 45 يوماً للعناصر ... من 1000 شاب، 950 منهم علوي وكلهم ناجحون وخمسون فقط من كل المذاهب والطوائف في سورية؟

كيف يا نائب رئيس الجمهورية في عهد حافظ وبشّار الأسد يتم اخلاء الجيش السّوري من أبناء الأغنياء القادرين على دفع بدل خدمة يتراوح بين 15  و 20 ألف دولار أميركي؟ هل هذا جزء من صفقة بين النظام العلوي والبورجوازية السنّية؟!

كيف يا أبو جمال يصبح مدراء المدارس الحربية ضباط الصف من العلويين؟

كيف يصبح أمر الكلية العسكرية علوياً؟

اسئلة كثيرة حملناها الى نائب الرئيس السوري المنشق ليلة رأس السنة 2005-2006 عبد الحليم خدّام عندما قابلناه لمرّات عدّة في باريس بعد أن جعلها محطة دائمة لاقامته في آخر جادة فوش المقابلة امتداداً لجادة الشانزليزيه.

لخّص لنا أبو جمال ردوده على هذه التساؤلات الكبيرة بالتالي:

كان المدخل دائماً في الانتماء الى الكلية العسكرية هي من اختصاص علي دوبا الرجل الأكثر قرباً للأسد مع محمد الخولي، وكان مدير مكتب دوبا هو قريبه أحمد عبّود العلوي الذي كان يدقق في لوائح المنتسبين لهذه الكليّة، وكان موضع ثقة علي دوبا، فاذا وقّع أحمد عبّود لائحة المنتسبين شاطباً منها من يريد مضيفاً اليها من يريد، يوقّع بعده علي دوبا.. فاذا وجد حكمت الشهابي وهو رئيس أركان توقيع علي دوبا وقّع من دون نقاش أو سؤال أو مراجعة أو اضافة  أو حذف  أي اسم ليصبح توقيع وزير الدّفاع مصطفى طلاس تحصيل حاصل  أو لزوم ما لا يلزم.

يقول خدّام لحسن صبرا أن بشّار اشتكى له مرة بأنه اراد أن يجري تشكيلات في الجيش، لكنه وجد أن كل ضبّاط الذين يجب تشكيلهم هم علويّون، فقال خدّام لبشّار:

هذه مشكلة أبوك.. وليسا مشكلة احمد عبّود او علي دوبا.. كان الرئيس حافظ يرى اللوائح والخلل واضحٌ فيها وما فعل شيئاً.

وكيف يا أبو جمال يوقع الشّهابي وهو رئيس أركان عندما يجد أن العلويين يشكلون الأغلبية السّاحقة من خرّيجي الدّورات العسّكرية كضباط أو رتباء... وكيف لا يراجع حافظ الأسد بالأمر؟

يجيبنا خدّام: كان الشّهابي يقرأ لوائح نجاح العلويين بأغلبية ساحقة ثمّ يوقّع ولا يتحدّث في هذا الأمر مع حافظ الأسد لسببين:

  1. الأول، حتّى لا يتهم الشّهابي بأنه مذهبي
  2. والسبب الثّاني، أن الشّهابي كان يعرف أن حافظ الأسد يعرف وأنه موافق على هذا التمييز ولو أراد اعادتها لتعديلها بصفته القائد الأعلى للجيش لفعل لكنه لم يعدها في أي مرّة.

وماذا عن مصطفى طلاس وهو وزير الدفاع؟

يجيبنا خدّام: .. اسمع، ربما كنتم تعتبرون أن مصطفى طلاس غبي أو مسكين أو مغلوب على أمره.. أبداً لم يكن أبو فراس هكذا بل لعله كان الأذكى منّا جميعاً، فهو كان يعلم أن هذه هي رغبات السّيد الرئيس وان حافظ لن يقبل اي مراجعة، وهو أي طلاس يعلم ان القوّة الفعلية هي مع رجال حافظ العلويين.. فلماذا يعاند أو يعارض والأمور ستسير كما يريد السّيد الرئيس؟!

ولا ننسى – يتابع خدّام –  أن الرئيس حافظ كان يرضي طلاس بقبول الأسماء التي كان يقدّمها من الرستن في محافظة حمص للدخول في الكلية الحربية وهناك نحو 250 ضابطاً قدّمهم طلاس يعملون في الجيش السّوري..

(كان العميد مناف طلاس أبرزهم وقد أدخله بشّار القيادة القطرية لحزب البعث باعتباره كان زميلاً له.. ومن أبرز ضباط الثورة السّورية ضدّ بشّار المقدّم عبدالرزاق طلاس الذي قاد كتيبة الفاروق في الرستن)

يا أستاذ حسن لقد بنى مصطفى طلاس أضخم تمثال لحافظ الأسد في كل سورية في مدينة الرستن تعبيراًعن وفائه له.

نسأل من جديد:

أبو جمال هذا الواقع يقودنا الى سؤال آخر كبير وهو هل كان حكمت الشّهابي هو الرجل الثاني في نظام حافظ الأسد؟

يضحك أبو جمال ليقول ساخراً:

ولا حتّى الرجل المئة.. حافظ الأسد هو الحاكم الأول والأخير وكل من حوله وبعده هم رجاله وجماعته.. ولو كان بيننا من يستطيع الأعتراض خصوصاً من الضباط الكبار لما ارتضى أن يكون باسل خليفة والده، ثمّ عندما يموت يصبح ابنه بشّار خليفة لخليفة حافظ !!

ويروي عبد الحليم خدّام واقعة معبرّة عن هذا الأمر، وهو أن اللواء شفيق فيّاض وكان قائداً لاحدى الفرق الاساسية في الجيش السّوري اتصل بالقصر الجمهوري عندما علم بتعيين حكمت الشّهابي رئيساً للاركان ليبلغ من على الهاتف أن يبلغ السيّد الرئيس رسالة منه يقول فيها:

السيّد الرئيس ما لقا غير هالحمار يعينوا رئيس علينا.

كان فيّاض في حالة سكر شديد، وكان معه عندما اتصل هاتفياً عدد من ضبّاط مرافقته الكبار واراد ان يجعلهم شهوداً على شتيمته للعماد حكمت ...

سألنا أبو جمال: وماذا فعل الشّهابي؟

ردّ أبو جمال: لقد سألت أبو حازم لماذا لا تشتكي فيّاض للسيّد الرئيس، فردّ الشّهابي على سؤالي.. وهل تظن أنه لم يعلم بما جرى... وها هو لم يفعل شيئاً فماذا أفعل أنا؟

اسمع يا أستاذ حسن: كنت أكلمك عن ذكاء طلاس الذي نجح بادخال 250 ضابط من الرستن في حمص الى الجيش السّوري.. هل تعلم أن الشّهابي لم يدخل أي شاب من مدينته حلب الى الجيش وكان يتهرب من أي واسطة حتّى من أصدقائه وأقاربه في المدينة؟

وأخيراً

لم ينقسم الجيش السّوري بين جيش حرّ وجيش الأسد فقط.. بل انقسم جيش الأسد نفسه الى ضباط علويين ومسيحيين في الخلف يعطون أوامر القتل.. وجنودٌ سنّة في الصفوف الامامية يقتلون ويُقتلون في مواجهات مع الجيش الحرّ.. وهؤلاء الجنود يهربون عندما تسنح لهم الفرصة، يزيد من أعداد الجيش الحرّ بالمئات أسبوعياً..هكذا تمّ عسكرة الثّورة الشعبية السّورية ضدّ آل الأسد.

 

الوسوم