بيروت | Clouds 28.7 c

النائبة د. ديما جمالي: الوضع الاقتصادي دقيق جداً ونظامنا السياسي يعرقل تشكيل الحكومة والاصلاح / حوار: فاطمة فصاعي

النائبة د. ديما جمالي:  الوضع الاقتصادي دقيق جداً ونظامنا السياسي يعرقل تشكيل الحكومة والاصلاح / حوار: فاطمة فصاعي

 

*ترشحي للانتخابات النيابية جاء صدفة

*أحاول ألا أدخل في زواريب السياسة الضيقة

*أمارس السياسة بمفهوم جديد ينطلق من التنمية

*للأسف مفهوم النائب يترجم بطريقة خاطئة في لبنان

*بعض النواب حولوا النيابة الى خدمات شخصية

*ليس من مصلحة البلد ان نتأخر في تشكيل الحكومة

*الحريري يولي أهمية كبيرة لملف منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها

 

تتحدث النائبة الدكتورة ديما جمالي بشفافية عن تجربتها الجديدة في عالم السياسة، فهي تعبر عما في داخلها بصراحة دون ان ((تجمّل)) كلماتها. فهي القادمة من تجربتها الاكاديمية والتي تحاول جاهدة ان تستعين فيها في عملها السياسي من خلال ايجاد مفهوم جديد للنائب الذي لا يقتصر عمله على الخدمات الشخصية انما يندرج تحت هذا المصطلح تعريفات عديدة ومتعددة.

التنمية المستدامة هو العنوان الذي تحمله جمالي في مسيرتها في الندوة البرلمانية وهي الباحثة في هذا المجال وصاحبة ستة مؤلفات.

تحاول جمالي ان لا تدخل في زواريب السياسة وهي تمارسها بطريقة تختلف عن تلك التي ألفناها من خلال تركيزها على الانماء الى جانب الدور التشريعي والرقابي للنائب.

في هذا الحوار تتحدث جمالي عن تجربتها فسألناها:

#في بداية الحوار، نريد منكِ ان تعرفينا عن نفسك؟

-      انا استاذة في الجامعة الاميركية في بيروت في مجال الاقتصاد وادارة الأعمال والتنمية المستدامة. منذ 15 عاماً. ففي الفترة الأخيرة كل منشوراتي وكتبي كانت عن التنمية المستدامة على صعيد الشرق الأوسط وحصيلتها ستة كتب، وفي هذه الكتب هناك محاور تتحدث عن كيفية العمل من أجل احراز تقدم في التنمية المستدامة.

عملي كان ناجحاً بحيث تقدمت بشكل سريع في الاطار الأكاديمي. فأنا دائمة الاستعجال، مثلاً ترقيت بسرعة وتقدمت بسرعة وقد يكون لهذا الأمر ميزة ايجابية. انا معروفة عالمياً من خلال منشوراتي في مجال التنمية المستدامة، وهذا الأمر اعطاني قناعة.. الى ان  وصلت الى مرحلة جديدة في حياتي ألا وهي النيابة فتغيرت كل حياتي.

#كيف وصلت الى مجلس النواب ودخلتِ معترك السياسة؟

-      التقيت بمستشار الرئيس سعد الحريري حينها. كنت أعمل على مشروع مع الأمم المتحدة له علاقة بالتنمية المستدامة فنحن نعمل مع القطاع الخاص وعندنا شبكة وطنية وعندنا 150 شركة من القطاع الخاص وكل شركة تتبنى هدفاً من أهداف التنمية المستدامة وتتقدم بمشاريع اجتماعية تنموية. فقال لي مستشار الرئيس الحريري بأن الأخير مهتم كثيراً بهذا الموضوع وضروري ان تطلعيه عليه لأن لبنان التزم كدولة في أهداف التنمية المستدامة اضافة الى 192 بلداً غيرنا، ووعدنا الأمم المتحدة بأننا سوف نحرز تقدماً في أهداف التنمية المستدامة حتى عام 2030.

وبالفعل التقيت بالرئيس الحريري لأطلعه على ضرورة ان يعمل القطاع العام مع القطاع الخاص في أهداف التنمية المستدامة. وحينها كان يضع أمامه سيرتي الذاتية ويقلّب بها، فضحكت حينها لأن سيرتي الذاتية تشبه المجلد، فقلت له سوف أفسر لك سيرتي الذاتية بطريقة مختصرة. كان مستمعاً جيداً وكان يصغي اليّ بجدية، فقال لي: اذا طلبت منك ان تعملي في مجال التنمية المستدامة معي هل تقبلين فقلت له: نعم.

وفي غضون يومين اتصلوا بي من مكتب الرئيس الحريري وحددوا لي موعداً للقائه. فطلب مني ان أترشح الى الانتخابات النيابية. ترددت في الاجابة لأنني أفضل العمل الأكاديمي على العمل السياسي. فقال لي: لا تتسرعي وخذي وقتك وانه من الضروري ان يكون لدينا نساء تمتلك كل هذه المقومات للمشاركة في الندوة البرلمانية.

وضعني في الأجواء وانه في طرابلس هناك معركة قوية ولكنه أكد لي بأنه لدي خلفية أكاديمية وأرضية مهمة. وبالفعل فكرت ووافقت على طلب الرئيس الحريري رغم ترددي. ولكن الرئيس شجعني وطلب مني ان أمشي ولا أنظر الى الخلف وان لا أتردد لأنه وعلى حد قوله: أناس مثلك ترددوا ولم يكن عندهم الجرأة، عندها يكون عندنا مشكلة في هذا البلد. وبالفعل كلامه صحيح.

#كيف تصفين تجربتك في السياسة؟

-      التجربة جميلة ولكنني أحاول ان لا أدخل في زواريب السياسة الضيقة وأحاول ان أجد مفهوماً جديداً للسياسة. ومفهومي للسياسة هو خدمة الناس والتنمية. فالناس الذين ينتخبوننا ماذا يريدون منا غير تحسين حياتهم اليومية والاستفادة من المشاريع وان ينتعش الاقتصاد ويتم انجاز مشاريع متعلقة بالتربية والتعليم. لذلك فإن دوري هو تنموي وهذا الأمر يجعلني أكثر ارتياحاً لأنني أمتلك تجربة بهذا المجال وهي ناجحة.

كل مشروع نحاول ان نشرك فيه القطاع الخاص ونريد أيضاً ان نشرك القطاع الدولي مثل الاتحاد الأوروبي EU والبنك الدولي وUSAID. وأواظب اليوم على أخذ مواعيد من كل السفارات لألتقي بالسفراء في الدول العربية والأجنبية.

وأحاول من خلال هذه اللقاءات ان أتصرف على أولويات كل سفارة في مجال التنمية. مثلاً السفير الياباني أولويته هي التعليم في منطقة طرابلس والشمال. والسفير البلجيكي يهمه موضوع تمكين المرأة والسفير السعودي يهمه موضوع مساعدة الشركات الصغيرة في المناطق المحرومة لتشغيل أكبر قدر ممكن من اليد العاملة.

التعاطي بالسياسة من هذا المنطلق يجعلني أشعر بالارتياح. فهذا هو مفهومي للسياسة. كل يوم استيقظ صباحاً وأسأل نفسي ماذا أنجزت. خلال اربع سنوات يجب ان أحقق انجازات. للأسف مفهوم النائب يترجم بطريقة خاطئة في لبنان، لأن الناس يظنون أنهم يجب ان ينتخبوا النائب اذا قدم لهم خدمات سياسية. مثلاً أحدهم أرسل لي صورة سيارته وكتب لي ((عملت حادثة يا ريت تقدري تساعديني حتى أصلحها)). وشخص آخر يريد ان يدخل ابنته الى الجامعة وغيره يريد ان يدخل ابنه الى الدرك.

هذه كلها خدمات شخصية لا تفيد بلداً ومدينة، ومع الأسف هناك بعض النواب الذين حولوا النيابة الى خدمات شخصية لأنهم يريدون ان يؤمنوا استمراريتهم. انا لا استطيع ان أعمل بهذه الطريقة لأنني أريد ان أعمل على نطاق أوسع.

فالنيابة فيها دور تشريعي، خصوصاً في ملف المرأة أي منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها، وهناك مراسيم تطبيقية تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة نريد كل المؤسسات في لبنان ان تستقبل وتوظف ذوي الاحتياجات الخاصة فالقانون موجود ويحمل الرقم 220/ 2000 وينص هذا القانون على أن كل شركة خاصة او عامة يجب ان يكون 3% من موظفيها من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي حال لم توظف الشركة هؤلاء الأشخاص أي 3% تدفع الشركة ضريبة وتعود هذه الضريبة الى صندوق المعوقين وتذهب الأموال الى المعوقين العاطلين عن العمل.

هذا القانون موجود منذ العام 2000 ولم يطبق.. ينقصه بعض المراسيم التطبيقية. فهذا الموضوع على صعيد التشريع مهم.

وهناك دور رقابي لمجلس النواب، اذ ان مجلس النواب مع الحكومة الجديدة، يجب ان يكون عنده دور رقابة على الوزارات الأساسية.

وهناك دور آخر للنائب وهو الدور التنموي اذ انه على كل شخص ان يبحث عما تنقصه مدينته ويحاول تأمين مشاريع تفيد المدينة وأهلها. فالناس تريد فرص عمل لأولادها.

وحالياً نعمل على مشروع ((مول)) في طرابلس وهو يؤمن 3500 فرصة عمل. وهناك مشروع فندق في طرابلس. اذا استطعت تحقيق هذه المشاريع عندها أكون قد حققت انجازاً.

فالرئيس الحريري استعان بوجوه جديدة وهذه الوجوه تعمل بطريقة مختلفة وهذا تغيير للمجلس. وهناك أناس لا يحبوننا طبعاً.

#والدك المهندس رشيد جمالي رئيس بلدية طرابلس الأسبق، ماذا تعلمتِ منه وكيف تأثرت به؟

-      والدي رحمه الله كان أحسن رئيس بلدية مرّ بتاريخ طرابلس كلها بشهادة جميع الناس. بقي 40 عاماً في الشأن العام كان رئيس الرابطة الثقافية ورئيس الحوار عبر الطوائف. وكثير من الناس حاربوه. تعلمت منه الكثير كرّس كل حياته للشأن العام وخدمة أهل المدينة كان متواضعاً وينادي كل الشباب بـ ((بابا)) كان أباً حنوناً. ومتابعاً لخطواتنا انا واخوتي.

أصدقاء والدي ساعدوني كثيراً في الانتخابات اضافة الى الدعم المعنوي الذي قدمه لي الرئيس الحريري. كان الرئيس يأخذني معه في كل جولات طرابلس وعندما يقف على الـ stage كان يناديني لأقف بجانبه. حيث والدي ساعدني جداً.

#الى أي مدى تغيرت حياتك العائلية؟

-      تغيرت كثيراًُ ولكن الشيء الايجابي انني سيدة عاملة وأغيب عن المنزل وولدايّ معتادان على ذلك وأنا عاملة مجتهدة. ولكن في فترة الانتخابات كنت أغيب كثيراً من 8 صباحاً حتى 12 مساءً وكانت تقول عائلتي لي انها مشتاقة لي. ولكن الآن أحاول ان أنظم حياتي وأقوم بعملي مثلما كانت قبل النيابة. ولكن الأمر الذي اختلف هو ان النائب في لبنان يصبح نائب الأمة وهو مضطر ان يكون مضغوطاً بشكل أكبر.

#أليس لديك مساعدين؟

-      عندي مساعدين ولكنني بحاجة الى المزيد.

#هل سيتأخر تشكيل الحكومة؟

-      أتابع بشكل يومي الصحف مثل كل الناس ولكن هناك عقداً لا زالت موجودة. الرئيس الحريري بحاول ان يجد حلولاً لهذه العقد. وأعتقد ان هناك أشخاصاً متمسكون بحصصهم ورؤيتهم للأمور. ولكن ليس من مصلحة لبنان ان يتأخر تشكيل الحكومة لأنه لم يعد لدينا مصلحة بذلك. الوضع الاقتصادي سيىء للغاية اضافة الى الوضع الاجتماعي. نريد اصلاحات سريعة للبلد. يقولون حتى نهاية شهر تموز/ يوليو ستشكل الحكومة، ان شاء الله.

-      اذا زاد وزير من كتلة فلان او نقص وزير، بالنسبة للشعب لا يسيء هذا الأمر لأنهم يريدون ان تتقدم حياتهم واقتصادهم. نظامنا السياسي للأسف يعرقل عملية تشكيل الحكومة ويعرقل عملية الاصلاح.

#هل تتوقعين ان يكون في الحكومة الجديدة وزيرات؟

-      سمعت ان القوات رشحت وزيرة ولكن لا أعلم ان كان تيار المستقبل سيقوم بالخطوة نفسها. ولكن طبعاً سيكون هناك وجوه نسائية وان كان ليس العدد الذي نطمح اليه.

-      تمنينا كنساء ((مستقبل)) ان يكون هناك وجوه نسائية وطلبنا من الرئيس الحريري ذلك حتى مع فصل النيابة عن الوزارة وهو بالتالي متحمس لذلك.

#ملف منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها هل سيبصر النور؟

- عملنا كثيراً على هذ الملف واجتمعت مع جمعية ((جنسيتي كرامتي)) وسوف أقدم مطالبها الى الرئيس الحريري. هذا الموضوع مهم جداً للمرأة اللبنانية لأن هناك أناساً تعاني كثيراً. عندنا كتلة صغيرة انا والسيدة بهية الحريري ورلى طبش. أحضرنا كل القوانين السابقة التي كانت موضوعة في أدراج مجلس النواب وهناك خمسة قوانين الرئيس الحريري طلب منا ان نعطي هذا الموضوع كل الأهمية وأن نقدم مشروعاً للكتلة حتى تتبناه وتقدمه لمجلس النواب.

نجتمع كل اسبوع حول هذا الملف وهذا الملف عنده أولوية عندنا.

#كيف تقيمين الاقتصاد اللبناني؟

-      وضع الدين العام أصبح عالياً جداً. فلا يوجد استثمار. فنحن بحاجة لمشاريع تنمية ومستثمرين ونريد ان نحرك عجلة الاقتصاد ولكن هناك ركوداً اقتصادياً ولا يوجد نمو اقتصادي. اعتقد انه الملف الأساسي في المرحلة القادمة حتى نتمكن من كسب ثقة العالم حتى يستثمروا في لبنان. فالوضع الاقتصادي دقيق جداً وبحاجة لاهتمام.

-      أتمنى على كل لبناني وكل وزير ان يعطي هذا الموضوع الأولوية.

 

حوار: فاطمة فصاعي

الوسوم