بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / باسيل هو الماروني الوحيد المطالب بتقصير مدة رئاسة عمه - بقلم حسن صبرا

من هنا نبدأ

باسيل هو الماروني الوحيد

المطالب بتقصير مدة رئاسة عمه

بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 6 آذار 2020 العدد 2020

 

لعل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل هو الشخص الماروني الوحيد المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون بإعتباره صهره الصغير الذي يطالب في سره وحركاته واتصالاته بتقصير مدة عمه كرئيس ليكون هو مكانه..

(تقصير المدة المتبقية من فترة رئاسة عمه.. أي سنتان وسبعة أشهر وثلاثة أسابيع) كان طلب هذا التقصير من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبل مرور ثلاث سنوات على فترة رئاسة عون.

ولعل باسيل هو الشخص الماروني الوحيد الذي اقترح فترة رئاسته – المفترضة بعد استقالة عمه – بثلاث سنوات فقط.

وباسيل نفسه هو الذي كاد ان يسمي – وربما سمى – الوزير السابق سليمان فرنجية كي يأتي بعده رئيساً اذا أمر السيد نصرالله بترئيس باسيل نصف الفترة المتبقية من حكم عمه.

وهكذا.. لو حسبنا المرات التي لم تنتهِ فيها فترات حكم رئيس الجمهورية في لبنان بأزمة او بما يمكن تسميته بإنتفاضة او اضراب او حوادث.. لكانت نادرة.

انتهى عهد بشارة الخوري الذي جدد فترته الرئاسية ست سنوات في منتصفها بسبب الثورة البيضاء التي قادها كمال جنبلاط.

انتهى عهد كميل شمعون بإنتفاضة 1958 المسلحة.

انتهى عهد فؤاد شهاب برفضه التجديد على الرغم من ان أغلبية النواب أرادوا له ذلك ومعه الأغلبية الشعبية لكنه وقف على خاطر البطريرك المعوشي ورأي عام مسيحي تمسك بعدم تعديل الدستور لأجله.

نأتي الى احدى المرات النادرة بعدم طلب او حتى التفكير بالتجديد.. هو عهد شارل حلو ليس تعففاً منه وهو أساساً لم يخضع لهذا الاختبار، فما طالب ببقائه أحد.. بل التزاماً بالرحيل بعد ان انقلبت الأوضاع عربياً بهزيمة جمال عبدالناصر العسكرية في مصر، لينتعش الحلف الثلاثي للمجيء بالنائب سليمان فرنجية بفارق صوت واحد على خصمه مرشح نهج فؤاد شهاب الياس سركيس.

في السنتين الأخيرتين من عهده انفجرت حرب أهلية في لبنان (1975- 1976).. وكانت المطالبة برحيله المبكر لكن تفاهماً بين حافظ الاسد الذي احتلت قواته لبنان بدءاً من حزيران/ يونيو 1976 لمدة ثلاثين سنة مع القوى المسيحية المقاتلة، على الرغم من رفض البطريرك الآدمي خريش.. أنجز اتفاقاً على انتخاب خلف له (هو الياس سركيس) في أيار/ مايو 1976 وقبل وصول دبابات الأسد الى بيروت على ان يكمل سليمان فرنجية فترة حكمه التي انتهت دستورياً في 23/ 9/ 1976.

وربما كان الياس سركيس بعد فؤاد شهاب الزاهد الوحيد فعلاً في استمرار حكمه بعد انتهاء ولايته في 23/ 9/ 1982، بعد اجتياح العدو الصهيوني للبنان بدءاً من حزيران/ يونيو من ذلك العام، على الرغم من طلب عربي – دولي وبعض المحلي لكي يجدد سركيس لعدة سنوات، حتى لا يصل قائد القوات اللبنانية بشير الجميل الى الحكم بعد انتهاء فترة سركيس.

وبعد اغتيال الجميل في 14/ 9/ 1982 انتخب شقيقه امين رئيساً في ايلول/ سبتمبر من العام نفسه.

انتهت ولاية أمين الجميل في 23/ 9/ 1988، وفشل في اقناع حافظ الاسد بالتمديد لنفسه سنوات عدة، وفرض على اللبنانيين قهراً او عقاباً قائد الجيش ميشال عون رئيساً للحكومة فأدخل هذا البلد في حرب هي الأشرس تحت عنوان التحرير.. ثم في حرب هي الأعتى على المسيحيين هي حرب الإلغاء وما بينهما عقد الطائف، وجاء الياس الهراوي رئيساً بعد اغتيال الرئيس المنتخب رينه معوض في 22/ 11/ 1989.

حكم الهراوي ست سنوات انتهت في ت2/ نوفمبر 1995، لكن خوف رفيق الحريري من مجيء قائد الجيش اميل لحود الذي ناصب أحدهما الآخر العداء، جعله يمدد للهراوي ثلاث سنوات أخرى انتهت عام 1998، لينتخب اميل لحود في ذلك العام.

حكم لحود ست سنوات انتهت دستورياً في العام 2004.. ولكن بشار الاسد فرض التمديد له ثلاث سنوات جديدة قهراً للبنانيين، مسلمين ومسيحيين، واستمر القهر بعد اغتيال الحريري في 14- 2- 2005، وانفجار ثورة الأرز لتطالب بالحرية والسيادة والاستقلال.

حاول قادة ثورة الأرز انهاء حكم لحود القسري فتصدى لهم البطريرك العاقل مار نصرالله بطرس صفير تحت عنوان انه لا يجوز اسقاط رئيس الجمهورية الماروني تحت وطأة الشارع.. لأنه لا يريد ان تصبح هذه سابقة.

جاء قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً بعد اتفاقية الدوحة عام 2008، وعام 2014، زاره البطريرك الراعي الذي خلف صفير، ليطلب منه رفض التمديد الذي طلبه منه الأميركان ولم يكن في نية سليمان قبول أي تمديد وهو يعلم ان حزب الله لن يوافق تحت أي ظرف على بقائه رئيساً ولو ليوم واحد.

عاش البلد فراغاً رئاسياً من أيار/ مايو 2014، حتى ت1/ اكتوبر 2016 (سنتان وخمسة أشهر) ليجيء ميشال عون رئيساً بالثالوث الشهير (حزب الله بعد تفاهم شباط/ فبراير مع عون في العام 2006 – وسمير جعجع بعد تفاهم معراب مع عون في ك2/ يناير 2016، وسعد الحريري بعد تفاهم جبران باسيل مع نادر الحريري في العام نفسه 2016).

لم تمضِ سنة على انتخاب عون في المجلس النيابي حتى صار الحديث علنياً عن ان الرجل لن يكمل ولايته وان صهره الصغير يريد ان يرثه، وكانت المفارقة الأغرب في تاريخ لبنان السياسي ان رئيس الجمهورية بدا متعاطفاً مع هذه الوراثة وهو حي وهو في السلطة.

انها من المرات النادرة التي تصبح فيها امكانية استقالة رئيس الجمهورية واردة، بقرار من الرئيس من أجل ان يرثه حياً صهره الصغير.

هناك رؤساء مددوا.. ومدد لهم..

هناك رؤساء رفضوا فكرة التجديد مع امكانية توافر كل الأجواء لذلك.

هناك رؤساء ما فكروا بالتمديد ولا دعاهم أحد اليه لكن أحداً منهم لم يفكر في اختصار ولايته ليجيء صهره مكانه.

وحده فؤاد شهاب استقال بعد سنة وعشرة أشهر من حكمه (ايلول/ سبتمبر 1958- تموز/ يوليو 1960) احتجاجاً على أكله الجبنة من السياسيين وأعاده النواب ليكمل مدته الرئاسية).

ويقال ان ميشال عون يردد انه مستعد للتخلي عن رئاسته اذا كان وريثه هو صهره الصغير، انها المسائل الثلاث معاً:

1-ان يستقيل رئيس للجمهورية كي يورث صهره الرئاسة.

2-ان لا تسمع موقفاً من البطريرك الماروني لهذه البدعة، وقد رفض البطريرك صفير اختصار مدة لحود، كما رفض البطريرك الراعي مجرد التمديد سنة لسليمان حتى لا يحدث فراغ رئاسي.

3-ان يروج صهر الرئيس الصغير لفكرة اختصار حكم حماه كي يرثه هو في رئاسة الجمهورية.

وهذه هي القضية.

فالذي يريد نقض الدستور هو من قلب بيت الرئيس وليس أحداً من خصومه حتى الآن – قد يلتقي الصهر الصغير مع جماهير ثائرة تطالب بإنهاء حكم عون، لكنه يختلف معهم لأنهم لا يريدون عمه ولا يريدونه هو.

والذي يجول هنا وهناك لإقناع القوى الفاعلة بهذه الفكرة هو الصهر الصغير..

وربما كان جموح الصهر وطموحه هو الذي عجل بثورة 17 ت1/اكتوبر أي ((الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية)) رب ضارة نافعة.. حكماً.

حسن صبرا

 

الوسوم