بيروت | Clouds 28.7 c

محاكمة ترامب تمهد لفوزه في الانتخابات الرئاسية /بقلم محمد خليفة

محاكمة ترامب تمهد لفوزه في الانتخابات الرئاسية

بقلم محمد خليفة

مجلة الشراع 14 شباط 2020 العدد 1938

 

انتهت محاكمة الرئيس دونالد ترامب ومحاولة عزله لصالحه وصالح حزبه, وارتدت نتيجتها على خصومه في الحزب الديموقراطي, مما هيأ الأجواء منذ الآن للبدء بالاستعداد للانتخابات البرلمانية النصفية والرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم .

لقد برأت الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترامب من تهمتي اساءة استخدام سلطاته والمطالبة بالحكم بعزله قبل أن تنتهي ولايته الأولى, وقطع الطريق عليه للترشح لولاية ثانية. ولكن 52 نائباً جمهورياً وقفوا سداً منيعاً ضد المحاولة, لأن ادانة ترامب وعزله ستكون هزيمة وكارثة لحزبهم. أما الآن فإن الكارثة انتقلت الى الحزب الديموقراطي, وستنعكس حتماً على انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر النيابية والرئاسية, وقد بدأت أعراضها تظهر منذ الآن في صفوف الحزب الذي يشهد صراعات وخلافات حادة, وافتقاره لشخصية كاريزمية قادرة على منافسة ترامب الذي وصلت نسبة التأييد له بين الناخبين درجة عالية جداً, إذ أظهر استفتاء أجرته مؤسسة ((غالوب)) قبل يوم واحد من المحاكمة أن شعبيته تزداد ولا تتراجع, ووصلت 49 %, بفضل الانجازات والنجاحات الاقتصادية التي حققها الرئيس في ولايته الأولى, وإعادة بعض الهيبة لأميركا بعد التراجع والانحدار في سنوات باراك أوباما الثماني. صحيفة ((واشنطن بوست)) التي واظبت على اقتناص كل فرصة ممكنة للإساءة لترامب منذ بداية عهده اضطرت بعد المحاكمة للاعتراف بأنه حقق انتصاراً سياسياً له وللحزب الجمهوري, وكذلك كان رأي المعلقين في بريطانيا وأوروبا حيث أجمعوا على أن الديموقراطيين عملوا على إضعافه واسقاطه لكنه هزمهم, فارتدت الهزيمة عليهم الى داخل صفوفهم. بينما حشدت الكثير من مؤيديه وراء الحملة الانتخابية لإعادته, فتبرعوا له بـ 46 مليون دولار حتى الآن نكاية بالديموقراطيين. وقال رئيس مركز أبحاث في جامعة فيرجينيا أن الايجابية الوحيدة لهذه المحاكمة أنها أيقظتهم من غفلتهم ونبهتهم الى حظ ترامب في الفوز بالرئاسة مرة ثانية على خصمه جو بايدن الذي لا يتمتع بتأييد يذكر حتى داخل حزبه.

لا شك أن ما جرى في المحاكمة لا يمثل العدالة القضائية, وكشف عيوب النظام الاميركي على ثلاثة مستويات: الحزبي, والديموقراطي, والقضائي. ولو جرت المحاكمة أمام محكمة عادية لكانت النتيجة لغير صالحه, والعدالة التي أظهرتها المحاكمة عدالة مشوهة للأسف. وما كان لبراءة ترامب أن تتحقق لولا سيطرة الجمهوريين على الأغلبية في  مجلس الشيوخ .

ورأى كثير من المحللين أن الحكم النهائي في الاتهامات الموجهة لترامب ستكون في تشرين الثاني/ نوفمبر بقرار يصدره الناخبون لا الحزبيون السياسيون الذين لا تعنيهم العدالة ولا مصالح الأمة الاميركية, بمقدار ما تعنيهم مصالحهم الشخصية والحزبية والسياسية, وحسب!

ويرجح المحللون أن فرصة فوز ترامب أصبحت كبيرة جداً بعد المحاكمة التي أهداها له ألد خصومه, وعدوها خطيئة لا تغتفر لهم.

ولا ينبغي لنا أن ننسى أنه ليس الديموقراطيون وحدهم من كانوا راغبين في انهاء حكم ترامب, بل هناك دول أيضاً في الخارج تحسب الوقت المتبقي من ولاية ترامب بالساعات والدقائق, وترغب ببهدلته قبل عزله, على رأس هذه الدول ايران, ولكن يبدو أنه على مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي والحرس الثوري أن يراجعوا حساباتهم على ضوء ما جرى في الكونغرس, وما قالته استفتاءات الرأي العام, وهي كافية لإصابتهم بالكآبة الشديدة من الآن وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2020, لا سيما أنهم يعلمون حتما كيف سيتصرف معهم في ولايته الثانية!

 

الوسوم