بيروت | Clouds 28.7 c

لماذا لا يطبق موقف نبيه بري على كارلوس غصن؟بقلم / حسن صبرا

لماذا لا يطبق موقف نبيه بري على كارلوس غصن؟

بقلم / حسن صبرا

مجلة الشراع 17 كانون الثاني 2020 العدد 1934

 

طار عضو الكنيست الصهيوني النائب الفلسطيني د. عزمي بشارة من فلسطين المحتلة الى الاردن ومنها الى سورية، قابل حافظ الاسد، وتوجه الى الحدود مع لبنان لزيارة بيروت، تلبية لدعوة من رئيس مركز دراسات الوحدة العربية د. خيرالدين حسيب لحضور مؤتمر ينظمه المركز حول الحوار القومي – الاسلامي.

تبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري خبر وصول د. بشارة الى الحدود اللبنانية قادماً من دمشق، اعلن رفضه دخول نائب في الكنيست الاسرائيلي الى لبنان، من دون ان يسأل عن طبيعة جواز سفره او هويته ان كان اسرائيلياً او من دولة عربية.

قال الرئيس بري: الموضوع ليس جواز السفر فقط، بل في ان هذا مواطن فلسطيني عضو في الكنيست الصهيوني، يجب ألا نتهاون بالسماح له بالدخول الى لبنان، لأن في هذا نوعاً من التطبيع مع العدو الصهيوني، ونحن ما زلنا في حالة حرب معه.

لو طبقنا هذا الموقف القومي – الوطني – الأخلاقي الذي اتخذه الرئيس نبيه بري على حالة الشخص الياباني – البرازيلي – الفرنسي وأخيراً اللبناني كارلوس غصن لكان يجب ان يمنع من دخول لبنان اولاً.

اما وقد تحول كارلوس غصن هذا الى نجم اعلامي يصول ويجول في لبنان.. ليحول منابره الى منصات هجوم على البلد الذي يحمل جنسيته، ويتهمه بإرتكاب أعمال ضد القوانين والأنظمة المرعية الاجراء في اليابان. فهذا أمر يثير أكثر من علامة استفهام.

فالرئيس نبيه بري لم يخطىء بهذا الموقف المبدئي من د. بشارة على الرغم من ان بشارة معادٍ للصهيونية وهو فلسطيني انتخبه فلسطينيون في وطنه، ويرفع في مكتبه في الكنيست صورة لجمال عبدالناصر، ويشارك في الكثير من المنتديات والمؤتمرات واللقاءات العربية القومية، وكان قادماً الى لبنان من لقاء مع حافظ الاسد الذي كان له في لبنان مقاتلون يصل تعدادهم الى 40 ألف جندي وضابط.

لكنه الموقف المبدئي من الرئيس بري، فكيف غاب هذا الموقف عن المسؤولين في لبنان في كل الأجهزة.. وحسناً فعل المحامون حسن بزي وعلي عباس وجاد طعمة بتقديم ادعاء بطلب محاكمة كارلوس غصن بتهمة زيارة العدو الصهيوني حتى لو زاره مندوباً لشركة ((رينو)) الفرنسية، وهل اخراج كارلوس قضائياً من هذه التهمة يسري مثلاً على مواطن لبناني يحمل جنسية فرنسية ويزور الكيان الصهيوني مندوباً لشركة يعمل فيها في فرنسا؟ ام لأنه كارلوس غصن المليونير؟

هذه واحدة

فكيف يتاح لهذا المطلوب للعدالة في بلده الآخر اليابان ان يستعمل لبنان رسمياً واعلامياً منصة ليتهم اليابان والعدالة فيها بهذه الاتهامات وهو يتشدق بأنه فخور بلبنانيته.. فهل يريد هذا الهارب من العدالة ان يعمم تجربة الهروب من العدالة من اليابان الى لبنان ليعتبر الهروب قيمة، وهو يتحدث عما أسماه ظلماً في اليابان؟.

وهل يقول لنا كارلوس غصن انه هرب من ظلم القوانين في اليابان – ونحن لا نعرف أي أمر عن هذا – ولو افترضنا انه حقيقة فهل الظلم هذا موجه له من دون غيره من الذين يقفون امام القضاء في اليابان مواطنين او من جنسيات أخرى؟ أليست هذه قوانين اليابان التي تسري على كل انسان يواجه بالارتكابات التي أقدم عليها؟

وهل يريد غصن هذا ان يخترع قوانين خاصة به كي يقبل بالخضوع اليها، فيختار ما يناسبه ليطبقها على نفسه، ويرفض ما لا يناسبه؟ ومنذ متى يختار المتهمون في أي قضية وفي أي بلد في العالم انواع القوانين التي يقبلون بالخضوع اليها؟

لقد كلف كارلوس غصن شركة فرنسية متخصصة بعقد مؤتمرات اعلامية او سياسية او اقتصادية لتنظيم مؤتمره الصحفي هذا في نقابة الصحافة في لبنان، وهو أشرف على اختيار الصحافيين اليابانيين فأبعد من يعتبرهم أقوياء وجريئين ويملكون معلومات جيدة عن قضيته، وسمح لأقلية من الصحافيين اليابانيين بالدخول وعندما كانوا يسألونه كان يتجنب الاجابة على أسئلتهم.

نحن لسنا العدالة، ولكننا معها، ونعتبر كارلوس غصن هارباً منها، واذا كان واثقاً من براءته فليطلب محاكمته بالتهم التي وجهتها له السلطات اليابانية، في أي بلد آخر، (اذا كان هذا وارداً) لكن غصن على ما يبدو يهرب من الخضوع للعدالة.. اي عدالة، ويريد غسل سمعته وسلوكه في لبنان حيث كل أنواع المنظفات متوفرة.. وحيث تكثر أدوات التنظيف فإن الحاجة اليها تكون كثيرة وكثيرة جداً.

 

المحامون بزي – عباس – طعمة: لهذه الأسباب نطلب محاكمة كارلوس غصن بتهمة الخيانة العظمى

بعد ان أذيع بأن المحامين الثلاثة حسن بزي وعلي عباس وجاد طعمة تقدموا بإخبار ضد كارلوس غصن يطلب محاكمته بتهمة زيارة الكيان الصهيوني، عادت ((الشراع)) الى القانون اللبناني الذي يعاقب من يزور العدو الصهيوني فقرأت ان المادة 285 من قانون العقوبات تنص على ما يستدعي سجن كارلوس غصن لمدة عام، وان التعامل الاقتصادي الذي أقدم عليه كارلوس غصن مع العدو الصهيوني هو جناية عملاً بالمادة الأولى معطوفة بالمادة السابعة من قانون مقاطعة اسرائيل الصادر عام 1955 والذي يلتزم به لبنان كلياً.

أما الأخطر الذي قرأناه عبر ((الفايس بوك)) فهو انه تم تكريم غصن عام 2018 في باريس من قبل الجامعة العبرية في القدس التي هي احدى مؤسسات الحركة الصهيونية وتم انشاؤها قبل احتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948.. وهذا الأمر من شأنه تثبيت الشك بأن غصن أدى ايضاً خدمات للكيان الصهيوني، خصوصاً في المجال الاقتصادي، وهذه الخدمات أدت الى ان تكرمه الجامعة الصهيونية.. فما هي هذه الخدمات، ولمن قدمت اذا كانت في مجال العربات والسيارات فهل استفاد منها الجيش الصهيوني الذي ما زال يهدد لبنان، وما زال لبنان في حالة حرب مع هذا العدو؟..
طبعاً

من دون ان نسأل كارلوس غصن هذا الذي جاء ليحتمي بلبنان وهو هارب من وجه العدالة في اليابان عن الخدمات التي أداها للوطن الذي جاء يعتذر فيه عن زيارته لاسرائيل، بل هو جاء يمتطي منصاته الاعلامية ليشن هجوماً على اليابان، ليسيء الى ما تبقى من علاقات لبنان الدولية في ظل السمعة الخارجية للبنان التي يكاد وزير خارجيتها صهر الرئيس الصغير يجعلها في أسوأ حالاتها.. لدرجة منع لبنان من ممارسة حقه في الأمم المتحدة.

 

الوسوم