بيروت | Clouds 28.7 c

هل صحيح ان ميراي عون تحذر والدها من هجرة بعبدا ثانية؟/ كتب حسن صبرا

هل صحيح ان ميراي عون

تحذر والدها من هجرة بعبدا ثانية؟

كتب حسن صبرا / مجلة الشراع 20 كانون الاول 2019 العدد 1930

 

يروى ان السيدة ميراي عون الهاشم قالت لوالدها رئيس الجمهورية ميشال عون بما يشبه الرجاء المغلف بالتمني:

-أبي انا وعائلتي لم نعد نستطيع الهجرة من لبنان، فأنا أرى انه اذا استمر الوضع على ما هو عليه بسبب جبران فإننا سنغادر قصر بعبدا كما غادرناه منذ نحو 30 سنة.

مضى زمن كنا فيه أطفالاً، والآن نحن أمهات ولدينا أطفال وصبايا وشباب، ما عاد بقدرتنا الهروب من لبنان كما حصل عام 1990..

وكما نقل فإن الرئيس عون رد على ابنته بعبارة واحدة

-ميراي.. جبران هو ابني كما انتن بناتي..

وقيل ان ابنة الرئيس الوسطى خرجت من لقاء والدها وقد أصابها اليأس من امكانية ان يغير عون اي امر يشجع الناس على الخروج من الشارع وقد مضى عليهم فيه عندما خاطبت والدها، نحو شهر ونصف الشهر..

اذا صحت هذه الرواية بوقائعها فإن هذا يعني ان التماهي بين عون وصهره الصغير.. بلغ عمقاً لم تدركه حتى احدى بناته.

وكان عون سابقاً ابتعد كثيراً عن صديقه – زميله – شريكه في الجيش وفي الخروج عن النظام وفي المنفى وفي العودة وفي السلطة اللواء عصام ابو جمرة على الرغم من عمر صداقة وكل هذه الصفات لمدة 60 سنة بينهما.

يقول البعض ان الفارق بين ابو جمرة وباسيل عند عون ان زميله العسكري كان نداً له طيلة علاقتهما مع بعض، وان ابو جمرة اتخذ قرار الابتعاد لاعتقاده بأن عون ابتعد عن كثير مما اتفقا عليه في السياسة وقد استقى الاثنان هذا البعد السياسي الوطني من المدرسة العسكرية التي انتميا اليها عقوداً.. حتى لو شهدت العلاقات بينهما تمايزاً في مواقف مناقبية ما كانت شخصية ابو جمرة ان تقبلها من زميله حين كان عون عضواً في المجلس العسكري وكان ابو جمرة مفتشاً عاماً.

ومثلما كان غضب ابو جمرة من عون ومواجهته له بصراحته المعهودة، سبباً لتراكم معطيات القرار العوني بالابتعاد عن زميل العمر، كذلك كان تماهي جبران مع عمه سبباً لتراكم معطيات القرار بالاندماج بين الصهر والحما.. فما تعود لتعرف بعد هذه السنوات من هو الذي يأخذ القرار في السلطة الحالية في قصر بعبدا، رئيس الجمهورية ام وزير الخارجية؟

على المستوى الشخصي الانساني يرى عون ان جبران هو ابنه الصبي الذي لم ينجبه وهو أنجب ثلاث بنات كلودين زوج النائب العميد شامل روكز وميراي زوج روي الهاشم وشانتال زوج جبران.

ومن مفارقات الحياة ان صديق عمره اللواء ابو جمرة انجب أربعة اولاد ذكوراً ولم ينجب اي انثى..

وربما كانت لقاءات بنات عون وشباب ابو جمرة العائلية ستقرب بين العائلتين في المصاهرة عبر فادي وداني وشانتال وميراي.. لكن النصيب لم يجمع بينهم على الرغم من اقترابهم من بعض كثيراً خلال فترة نفي العائلتين الى فرنسا لخمس عشرة سنة خلت (1990- 2005).

ويقال

ان جبران هو الأقرب الى عمه والد زوجه أكثر بكثير من عمه كسرى شقيق والده الراحل، هو أقرب الى رئيس الجمهورية فكرياً وسياسياً وسلوكياً، بل هو في نظر البعض صورة منقحة عن عمه عندما تعرف عليه اللبنانيون منذ احتل قصر بعبدا، ومنه خاض حربين طاحنتين، أدت فيها الحرب الثانية بما عرف بحرب الالغاء الى تحجيم المكانة المسيحية – المارونية في السلطة الى النصف بعد ان كانت قبلها نحو 60 %..

كانت حرب الالغاء موجهة عسكرياً ضد مسيحي قوي آخر هو قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، اما جبران فهو يخوض الحرب نفسها سياسياً وهو ينال اعجاب عمه وهو يخوض حروب الغاء سياسية ايضاً ضد المسلمين السنة والدروز ايضاً.. فكيف لا يثير اعجاب حماه وهو يحاول ان يفعل ما لم يعد الرئيس يستطيع فعله بسبب الدستور على الرغم من ان سعد الحريري اوصله الى رئاسة الجمهورية؟ وما قلص به الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية، تنازل عنه الحريري بسبب علاقته مع جبران، فكيف لا يعجب الرئيس بصهره الصغير؟

ابو جمرة وباسيل

سمعنا من اللواء عصام ابو جمرة، انه خلال احدى جلسات مجلس الوزراء في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وكان اللواء نائباً لرئيس الحكومة تحدث جبران عن ضرورة الغاء عقود استثمار عقارات وقعت مع مستثمرين خليجيين عرب (وغيرهم) اذا لم يتم بدء العمل فيها بعد مرور خمس سنوات، وانه – اي ابو جمرة – أيد هذا الأمر طالباً من الرئيس السنيورة ان يلتزم بهذه الدعوة.. وقد أجاب السنيورة بأنه سيدرس هذا الأمر مع الجهات الحكومية والادارية.. لكن جبران،- والكلام لنائب الرئيس ابو جمرة - فاجأ الوزراء ورئيسهم بأنه تراجع عن اقتراحه تاركاً الامر لرئيس الحكومة.

هنا – يقول اللواء ابو جمرة لنا – صرخ في وجه جبران شاتماً اياه داخل القاعة.. وسط دهشة الحضور الوزاري..

يتابع زميل عون السابق روايته قائلاً: انه وأثناء اجتماع لقيادة التيار الوطني الحر برئاسة عون نفسه، نقل ابو جمرة وقائع ما جرى في مجلس الوزراء، مطالباً باتخاذ عقوبة تنظيمية ضد جبران باسيل، ليفاجأ ابو جمرة – متابعاً روايته لـ((الشراع)) – بأن العماد ميشال عون يقف ثم يستأذن للتوجه الى الحمام، ويغيب عن بقية الجلسة.

ويعترف اللواء ابو جمرة، انه بعد ان علم بأن النائب ميشال عون توجه الى باريس للقاء النائب سعد الحريري، طالباً تأييد انتخابه رئيساً للجمهورية بعد انتهاء فترة الرئيس ميشال سليمان 2014.

يقول نائب رئيس الحكومة السابق انه حذر الرئيس الحريري من انتخاب ميشال عون للرئاسة: لأنه ملتزم – وفق رأي ابو جمرة – حكماً بالتفاهم مع حزب الله منذ العام 2006، وان عون هو من أركان فريق 8 آذار/ مارس ولن يتراجع، وهو يرى مصلحته مع هذا الفريق، ولن يقف معك في أي توجه محلي او عربي.

هنا يعتقد ابو جمرة ان الحريري كان مستمعاً جيداً، مؤكداً له انه لم يتخذ قراراً بشأن انتخاب عون، قائلاً له بالحرف: ((يا أخي انا لا أفهم على عون وهو لا يفهم عليّ)).

وعندما سمعنا – والكلام لأبي جمرة – ان الحريري يسير بسليمان فرنجية للرئاسة ذهبنا اليه وكنا وفداً من خمسة أشخاص من قيادات التيار لنقول له ان عون وفرنجية مرتبطان بـ 8 آذار/ مارس وحزب الله، لكن فرنجية أفضل من عون بالتأكيد فلماذا الاصرار على احدهما، وقدمنا له لائحة تضم نحو 12 اسماً من النخب المارونية ما بين قاضٍ وسياسي معتدل ومستقل ليختار منها مرشحه للرئاسة.

ويجزم اللواء ان الذي نسج العلاقة جيداً بين عون والحريري هو جبران باسيل، بتكليف من حزب الله، الذي يسجل لجبران انجاحه تفاهم مارمخايل عام 2006 بين عمه وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وان جبران تولى مع ابن عمة الحريري نادر وكان مديراً لمكتبه ترتيب تأييد الحريري لانتخاب عون بمساهمة آخرين ايضاً.

عندما اختار الحريري عون هاجمته وقلت له ان هذا الرجل وراء كتاب ((الابراء المستحيل)) الذي يطال بالاتهامات والدك وعهد حليفك السنيورة، ولا تنسى انه كان وراء الاطاحة بك كرئيس للوزراء وأنت في واشنطن، وان بيان استقالة وزراء حكومتك لاسقاطها تلاه جبران باسيل ومن مكتب التيار، وان عون لن يحميك اذا ما حصل صدام سني – شيعي بل سيقف مع الشيعة ضدك، وجبران يمكن ان يجعل عون ينام في منزلك ولكنه ليس معك ابداً..

سيظل التساؤل قائماً من الذي يتخذ القرار في التيار الوطني الحر، عون او باسيل، بل من هو صاحب الكلمة العليا في البلاد في اطار السلطة التنفيذية عون او باسيل (ولا أحد يتجرأ على القول انه سعد الحريري) تماهي باسيل مع عمه يلغي التنافس او التناقض ليبقى هناك فارق واحد يمكن الاستدلال عبره هو فارق السن فعون كان ليتخذ توجهات باسيل لو كان في سنه، اما وقد أصبح عون في العقد التاسع من عمره، فمن الطبيعي ان يركن الى صهره العائلي وابنه السياسي ومجدد شبابه الآفل جبران باسيل.

الوسوم