بيروت | Clouds 28.7 c

معركة درعا بين المفاوضات والمقاومة الشعبية: هل تنازل الأسد ((المقاوم)) عن الجولان مقابل الجنوب؟ / بقلم : محمد خليفة

معركة درعا بين المفاوضات والمقاومة الشعبية: هل تنازل الأسد ((المقاوم)) عن الجولان مقابل الجنوب؟ / بقلم : محمد خليفة

 

*ماذا قال ترامب للعاهل الأردني عن سورية؟

*لماذا سكت العالم عن مجازر درعا؟

*الروس وحلفاؤهم لا يهاجمون مواقع ((داعش))؟

*ثوار حوران اثبتوا عبقريتهم وفروسيتهم وهزموا قوات النظام

 

 

رغم أن المعارك محتدمة في الجنوب السوري، وأسفرت حتى الآن عن تشريد نحو 200 ألف نازح، وخلقت أزمة انسانية فادحة، وأدت لمقتل مقاتلين ومدنيين من الجانبين ناهز عددهم المائتين، ومع ذلك فالثوار في حوران يؤكدون أن المواجهة بينهم وبين النظام وحلفائه..لم تبدأ بعد !

ويرى الثوار أن ما يجري ما زال في طور اختبارات القوة وردود الافعال، والضغوط العسكرية، والحرب النفسية. ويؤكدون رفض الاستسلام، ولن يقبلوا بشروط النظام أو شروط الروس وقرروا الصمود والمواجهة مهما كان الثمن. والدليل على ذلك أنهم انسحبوا من جلسة المفاوضات الأولى يوم السبت الماضي مع الروس والتي جرت في مدينة بصرى الشام، رافضين مجرد البحث في شروط الطرف الآخر:

-  القبول بوقف اطلاق النار والاستسلام فورا خلال3,30)) )) ساعات فقط ! بلا قيد ولا شرط .

- القبول بانتشار قوات النظام في جميع المواقع والمناطق التي يسيطر عليها مقاتلو الجيش الحر.

- تسليم السلاح الثقيل فوراً للشرطة الروسية العسكرية، والخفيف لاحقا ًللنظام .

- تسليم معبر نصيب على الحدود مع الاردن للنظام لادارته .

- السماح لقوات النظام بدخول مناطق الثوار المحررة بما فيها مدينة درعا .

- تسليم لوائح بأسماء ضباط وعناصر الفصائل المقاتلة في الجنوب.

- قبول مبدأ المصالحة مع النظام وإعادة مؤسساته لإدارة المنطقة، ورفع علم النظام على كل المرافق.

- رفض تدخل أي طرف دولي، لا كضامن ولا كوسيط، بما في ذلك الأردن الطرف العربي الوحيد المحاذي للمنطقة الجنوبية، والمعني بما يحدث نتيجة التداخل الانساني والقبلي بين سكان البلدين في المنطقة الحدودية. فضلا ًعن الانعكاسات الأمنية للقتال الدائر .

أجمع الثوار على وصف هذه الشروط بـ((المذلة والمهينة)) كما قال ابراهيم جيباوي الناطق الرسمي باسم الجيش الحر، كما أجمعوا على رفضها، وخصوصاً تسليم السلاح الثقيل ولوائح الأسماء ومعبر نصيب. وأكدوا جاهزيتهم للقتال دفاعاً عن أنفسهم وأهاليهم، ومناطقهم، ولا سيما درعا .

يتصرف النظام وحلفاؤه مدفوعين بغرور القوة والنصر الموهوم الذي حققوه في الغوطة وقبلها في حلب، ومناطق أخرى من حمص وحماة ودير الزور. وأما الروس فهم أكثر غروراً، ولذلك بدأوا التفاوض مع الثوار بينما طائراتهم تحوم في سماء بصرى ودرعا. وأفاد هؤلاء أنهم تعرضوا لمحاولة قتل قصفاً بالطائرات الروسية بعد أن انسحبوا من المفاوضات. ولذلك رد الثوار باعتقال الوفد الروسي في جولة المفاوضات الثانية

!

صفقات دولية متعددة :

 

القراءة السياسية للأحداث الاخيرة توحي بأنها تنطوي على تطور مهم يتمثل في أن النظام قد وسع نطاق ما يسمى بـ((سورية المفيدة ((وذلك بضم محافظات الجنوب الثلاث درعا والقنيطرة والسويداء اليها بتفاهمات دولية واقليمية:

أولاً - تفاهم مع اسرائيل لضمان استمرار الالتزام بوقف اطلاق النار وفق اتفاق1974 . وقد أكدت مصادر عديدة تبادل الرسائل بين نظام الاسد واسرائيل عبر القناة الروسية لصياغة هذا التفاهم، وموافقة اسرائيل على عودة القوات النظامية الى حراسة حدودها، لأنها تخشى اقتراب الثوار والمجموعات غير النظامية اليها.

ثانياً- تفاهم مع الاردن لضبط الحدود ومعابر الحركة بين البلدين بسبب الأهمية الأمنية للطرفين، والعوائد المالية للمعابر للبلدين إضافة للبنان وبعض دول الخليج.

ثالثاً- ضمان أمن واستقرار مدينة السويداء التي تعتبر مركز الطائفة الدرزية، انسجاماً مع مزاعم النظام بكونه حامي الاقليات من التكفيريين والمتطرفين.

على هذا الأساس فإن))سورية المفيدة ((التي باتت تمتد من شمال اللاذقية والحدود التركية، وعلى طول الساحل السوري، ووصولاً الى أقصى جنوب سورية والحدود مع فلسطين المحتلة والأردن، ومركزها العاصمة دمشق.

وهذا التطور يعكس مصالح الدول القائمة بما فيها اسرائيل، إضافة للاطراف المحلية، وخصوصاً الطوائف السورية واللبنانية المتحالفة مع الاسد جزئياً أو كلياً، أو الداعمة مع بقائه. وتشير معلومات متداولة حالياً أن التفاهمات بين الاسد والاسرائيليين شملت تفاهماً على مصير الجولان وتعهداً بعدم المطالبة به مقابل السماح له باستعادة الجولان. كما أن ايران دخلت التفاهم كطرف ثالث، وتعهدت بعدم الاقتراب من الحدود مع اسرائيل بعمق 60 كيلومتراً.

الطرف الروسي كان نشطاً وفاعلاً في هذه المرحلة بين كافة الاطراف، وقام بدور الوسيط الدبلوماسي والضامن وعراب التفاهمات الدولية في المنطقة، ويسعى لانجازها وتثبيتها على الارض قبل القمة الاولى بين الرئيسين بوتين وترامب يوم 16 الجاري في هلسنكي للحصول على مباركة الولايات المتحدة عليها. ونقل عن العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الذي التقى الرئيس ترامب الاسبوع الماضي في البيت الابيض أنه سمع منه إشادة حارة بجهود بوتين لمعالجة المسائل الشائكة والمعقدة في سورية، ما يعني أن ما تقوم به روسيا يجري بالتفاهم والتنسيق مع واشنطن، وأنه سيكون جزءاً من مخرجات القمة المنتظرة .

وهذا البعد في أحداث الجنوب السوري هو ما يفسر أمرين اثنين:

الأول: هو التعجل الروسي لحسم الوضع الميداني في درعا وبقية مناطق الجنوب شرقاً وغرباً وشمالاً، فالروس يريدون الانتهاء من هذه المهمة قبل قمة هلسنكي، ثم حملها الى قمة آستانة المقررة في اليومين الأخيرين من تموز/ يوليو الجاري لمباركتها أيضاً بموافقة تركيا وايران رسمياً.

والثاني : مشاركة مقاتلين موالين لإيران وحزب الله في القتال الدائر ضد ثوار درعا قرب الحدود مع اسرائيل رغم إعلان الاطراف على منع الوجود الايراني في المنطقة.

ولكن الطرفين الروسي والاسدي وقعا في تناقض واضح، فهما من ناحية أولى يتعجلان الانتهاء من ملف الجنوب لمنع ((لمعارضة)) من استثمار المعركة العسكرية وما ينتج عنها من مآس انسانية لتحريك منظمات المجتمع الدولي، للضغط على روسيا كما حدث في الهجمات السابقة على حلب وريف دمشق. وهما - من ناحية ثانية - يستفزان الثوار ويدفعانهم الى أقصى الخيارات عنفاً وانتحاراً. واتبع الطرفان منذ اليوم الأول من الحملة سياسة سيناريوهات الارض المحروقة واستهداف المدنيين لإجبار المقاتلين على الاستسلام، وقبول الشروط المعروضة، وهي أقسى مما عرضه الروس سابقاً على ثوار الغوطة وحلب. ولكن ثوار حوران ردوا على تكتيكات العدو بأسلوب قتالي غير متوقع، فأوقعوا في صفوف قوات النظام وحلفائه عددا ًكبيراً من القتلى والجرحى والأسرى أكثر مما توقعوا، فدمروا دبابات ومصفحات، وغنموا آليات واعتدة .

 

عبقرية قتالية :

 

اعتمد ثوار حوران على فلسفة قتالية مستحدثة، يمكن اعتبارها نسخة معدلة من ((حرب العصابات)) المعروفة بأنها تناسب القتال في المدن بين مجموعات صغيرة، وجيوش نظامية كبيرة، لتناسب الحرب في الريف وبين قرى صغيرة، في مواجهة قوات نظامية أو شبه نظامية، واعتمدت هذه النسخة الريفية من حرب العصابات التي طبقها ثوار حوران على التكتيكات التالية :

-  تفريغ القرى من الأهالي مسبقاً لئلا يتعرضوا لحمم الطيران والمدفعية من عدو لا يرحم المدنيين، بل يخصهم بالأولوية والأفضلية في قصفه.

- تدشيم وتلغيم كل النقاط في القرى والتلال والطرقات.

- استخدام اسلوب المجموعات المتحركة بمرونة والتنقل بين القرى والتلال، بدون تشبث بالارض .

- استدراج القوات المعادية لدخول القرى الفارغة من السكان، ثم محاصرتها والاطباق عليها. وقد نجح هذا الاسلوب في خداع القوات المهاجمة وتسهيل دخولها الى العديد من القرى وإعلان انتصاراتها المؤقتة، ثم محاصرتها ومهاجمتها وتكبيدها خسائر بشرية وعسكرية فادحة. وفي إحدى القرى وقع أكثر من سبعين قتيلاً للنظام، وفي قرية أخرى وقع عشرات الاسرى .

- تعبئة وتسليح جميع الأهالي رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً من سن 15 الى سنة 80 سنة، للقتال في كل مكان والدفاع عن أنفسهم بأي طريقة ممكنة. وبفضل ذلك توافر عشرات ألوف الثوار المسلحين. وتؤكد مصادر الثوار والفصائل التي اتصلنا بها قوة وعمق التلاحم بين الثوار والأهالي الذين يمثلون الحاضنة الشعبية، مما جعل جميع السكان تقريباً مقاتلين ومسلحين ويتسابقون على المواجهة، لا على قاعدة الثورة فقط، ولكن على قاعدة الثأر بسبب العدد الكبير من الشهداء والقتلى في هذه المنطقة خلال السنوات السبع، بمن فيهم أطفال درعا الذين كانوا الدفعة الأولى من الشهداء في أيار/ مارس2011 . ويروي كثير من قادة الفصائل أن هناك إجماعاً وتماسكاً بين المقاتلين والأهالي والنخب على رفض الاستسلام للنظام، كالذي حصل في محافظات أخرى ويرفضون عودة أجهزة النظام العسكرية والامنية الى المنطقة تحت عنوان ((المصالحة)) مهما كانت الكلفة، لأنهم يعلمون أنه يريد الانتقام منهم، وتصفية الحسابات مع المدينة التي أطلقت شرارة الثورة، وقد جاءت التطورات السريعة في المعركة الحالية لتؤكد صحة التقديرات. فالقرى التي وافقت على ((المصالحة)) في الاسبوع الماضي كافأها النظام بإبادة سكانها وذبح الذين دعوا ورعوا ((المصالحة)) ووقعوا الاتفاق معه. ففي قرية الكرك والجيزة تكرر السيناريو بحذافيره .إذ وقع وجهاؤهما اتفاق ((الصلح)) وسمحوا لقوات النظام بالدخول، فقامت هذه بذبح المختار وبعض الوجهاء وكثير من السكان، وقاموا بتفخيخ المساكن ونسفها بدون سبب، سوى الانتقام والامعان في إذلال سكان حوران، وتكرر الاسلوب الاجرامي في قرى عديدة مسحت مسحاً عن وجه الأرض كقرية ((كحيل)) ، قرية ((بطع))، قرية ((معرنة )) و قرية(( سلوى)) حتى مدينة بصرى الشام ذات الأهمية التاريخية قام الطيران الروسي بقصف المسرح الروماني الشهير الذي يعود الى القرن الاول ميلادي، ولم ينله أذى عبر ألفي سنة رغم كثرة الحروب والغزاة. ويؤكد الثوار أن المسرح لم يكن فيه هدف عسكري يبرر استهدافه بالصواريخ، ولا تفسير لذلك في رأي الثوار سوى الحقد على الحضارة والهوية السورية.

لذلك فقد توصلت الغالبية الشعبية ذات الطبيعة القبلية، وتحمل ثقافة الكرامة والفروسية والثأر، وتعتبر الهوان والمذلة والاستسلام من المحرمات في قاموسها الاخلاقي والقيمي، مهما كان الثمن،توصلت الى أنه لا خيار سوى القتال حتى النهاية، وأن الخيار البديل أو الاستسلام هو في ثقافتها يجلب العار والخزي، فضلاً عن أنه غير مجد ولا يفيد مع نظام الاسد والروس. لذلك أقسم قادة فصائل المنطقة مع عشائرهم وأهاليهم على حمل السلاح ومجابهة النظام والقتال حتى النهاية أو التوصل الى اتفاق مشرف يضمن لهم عدم عودة أجهزة النظام، وترك المنطقة تدير شؤونها بنفسها بواسطة المجالس المحلية الأهلية، ورفض التهجير الى الشمال لأنهم باتوا متأكدين أن النظام سيعيد تجنيدهم والزج بهم في معاركه ضد ثوار آخرين في مدن أخرى، ووجدوا أن الخيار الافضل هو القتال حتى النهاية واثقين من قوتهم وإمكاناتهم على الصمود شهوراً، وربما قلب المعادلة لصالحهم بسبب تفوقهم على قوات النظام عدداً وعزيمة .

والجدير بالذكر أن حوران هي من أكثر المناطق السورية التي انشق أبناؤها عن قوات النظام، لأن سكانها كانوا أصلاً من أكثر المحافظات انخراطاً في الأجهزة الامنية والعسكرية، مما وفر مئات الضباط المحترفين لإدارة المعارك بشكل علمي ومخطط. وقد تدرب الثوار على حرب العصابات في مواجهة قوات الاسد مستفيدين من دروس الحروب السابقة في الغوطة وحلب، لأنه الأنسب للمنطقة الواسعة التي تتألف من مئات القرى الصغيرة في محافظتي درعا والقنيطرة، وهي قرى لا يمكن التمترس والتحصن فيها، أو الدفاع عنها، وعن سكانها، فاضطروا لإخراجهم منها، واستقبال المهاجمين بأسلوب حرب العصابات والهجمات المباغتة ونصب الشراك والفخاخ. وقد أثبت الاسلوب جدواه ونجاعته الميدانية خلال الاسبوعين الماضيين، كما نجح في تحريك السكان المدنيين العاجزين عن حمل السلاح، وخصوصاً النساء والاطفال والشيوخ، باتجاه المناطق الأكثر أمناً، قرب الحدود مع الاردن والجولان المحتل، لأنهم يعلمون أن الروس والنظام لن يمكنهم الاقتراب من حدود الدولتين !

ويروي العديد من الثوار أن النظام يعتمد على سلاح الجو بدعم من الطيران الروسي، لأنه يفتقر للقوات البرية ويفتقر للكثافة البشرية، مما مكن المقاتلين المدافعين على مواجهة المهاجمين، وغالبيتهم من حزب الله، ومن بعض الفصائل الافغانية والعراقية، وكفاءتهم القتالية متدنية. بل إن بعض المقاتلين الذين وقعوا في الأسر من جنود النظام أعمارهم دون سن 18 سنة وهم من سكان الغوطة الذين جندهم في الشهور الاخيرة دون تدريب كاف على القتال، وهم من قوات سهيل الحسن ((النمر الوردي)).

 

التواطؤ الدولي :

 

المعارك تدور على رقعة واسعة جداً، ومعظم القرى التي يزعم النظام تحريرها سريعاً ما يستعيدها الثوار، ويجزم هؤلاء أنه لولا الطيران الروسي لا تستطيع قوات النظام التقدم متراً واحداً في جميع المحافظة. وحتى بوجود الطيران الروسي الذي يستهدف بشكل منهجي وثابت استهداف المدنيين والمنشآت المدنية الاساسية وإرتكاب مجازر بشعة وبكثافة نيران تبلغ المائة غارة على قرية واحدة لا تحتاج لأكثر من غارة لتدميرها، مما يعكس الاصرار على القتل والتدمير وإرعاب الناس ثواراً وسكاناً. والملاحظة التي يسجلها المراقبون هنا هو أن الروس ونظام الاسد وحلفاءه الايرانيين يواصلون حربهم بهذه الشراسة والهمجية بطمأنينة ظاهرة، لأن ((العالم)) كما هو واضح قد أعطى مباركته سلفاً للروس على جريمتهم. ولذلك بالغوا أيضاً في شروطهم التي قدموها للثوار في المفاوضات بصلافة بالغة، فأخبروا الثوار رفضهم لأي دور من أي طرف دولي. هذه المؤشرات في الواقع ترجمة عملية لموقف الاميركيين الرسمي الذي أبلغوه للثوار في وقت مبكر بألا ينتظروا دعماً منهم، ويبدو أن هذا الموقف ينسحب على بقية الدول في العالم، الغربية والعربية، فللمرة الاولى منذ بداية التدخل الروسي يجري هجوم منسق على مدن الجنوب بهذه الضراوة دون أن تصدر أية مواقف مناسبة، ولا دعوة لجلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، أو للجامعة العربية، أو لأي دولة اقليمية. فباستثناء تصريح وحيد لوزير الخارجية الفرنسي قال فيه إن الهجوم يهدد الأمن الاقليمي لم يصدر أي بيان أو موقف قوي من أي دولة ولم يدع مجلس الامن لبحث الحالة، والمواقف القليلة التي صدرت كانت عن منظمات حقوقية وانسانية وأممية فقط.

ومن الملاحظات المثيرة أيضاً في هذا السياق، موقف الروس وقوات الاسد والايرانيين والاسرائيليين من تنظيم الدولة - داعش الذي يتواجد في وادي اليرموك باسم((جيش خالد بن الوليد)) ولا يتعرض لأي غارة أو هجوم، بل إن المنطقة التي يسيطر عليها تعتبر الآن الأكثر أماناً واستقراراً في الجنوب السوري ولذلك لجأ اليها كثير من النازحين من مناطق الثوار المستهدفة. ويعتقد ثوار الجنوب أن دور ((الدواعش)) هنا سيبدأ إذا انهزمت قوات النظام، وسيتحركون لطعنهم من ظهرهم بالتنسيق مع النظام طبعاً !

الموقف الدولي ((والعربي ضمنه)) يؤشر الى تفاهم بين الكبار على إعطاء تفويض للروس والنظام لسحق ثوار الجنوب، استعداداً للتسوية الكبرى المتوقعة بين ترامب وبوتين بعد أيام. كما يؤشر الى تواطؤ اسرائيلي سافر مع ما يقترفه الايرانيون وجماعاتهم.

أما الدور الاردني فهو يقتصر حتى الآن على نقل الرسائل والتوسط والضغط على الثوار لتليين مواقفهم وقبول المصير المقرر لهم. وهو الشيء الوحيد الذي قام به الاردنيون أو سمح لهم، لا سيما بعد لقاء الملك عبدالله بالرئيس ترامب وإبلاغه تثمين واشنطن للدور الروسي، وضمان سلامة الدولة الاردنية، وتأييد خطوة إغلاق الحدود الاردنية في وجه النازحين واللاجئين رغم التوسلات الانسانية منهم ومن الاردنيين، ويبرر المسؤولون الاردنيون قيامهم بالممهة المسموح لهم بها بالواقعية السياسية وبالحرص على حقن الدماء، وتخفيف الخسائر البشرية والمادية. ولا بد أن نشير أيضاً الى أن بعض الدول العربية الكبيرة ضالعة في اخضاع المنطقة لصالح التفاهمات الدولية.

 

الوسوم