بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ/ هل يستجيب القضاء لدعوة نصرالله؟ بقلم حسن صبرا

من هنا نبدأ/ هل يستجيب القضاء لدعوة نصرالله؟ بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 15 تشرين الثاني 2019 العدد 1925

 

منذ ان أطلق أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله موقفاً حاسماً لمقاومة الفساد في لبنان قبل نحو سنتين، انطلقت ضد دعوته الصادقة حملات تشكيك كاد بعضها يصل الى حد الاستهزاء بالدعوة، تحت ستار ان حزب الله او بعض مسؤوليه منغمس في تضييع وتهريب حبة الكبتاغون بكميات هائلة العدد.

مشككون لم يتلقفوا الدعوة الصادقة للبناء عليها لبدء المحاسبة لصناع وتجار الكبتاغون (ليس شرطاً لمن يصنّع هذا الدواء المستخدم كمادة مخدرات ان يتاجر بها – لأنها كالحشيش هناك من يزرع وهناك من يتاجر..) – بل ان بعضهم اتهم الحزب بأنه يحمي كلاً من الصانع والتاجر.. والبعض ربط بين التاجر - المهرب وبين المعابر الشرعية وغير الشرعية..

وعلى الرغم من ان قوى الأمن الداخلي داهمت أماكن صناعة هذا الدواء الذي يمكن استخدامه كمخدر.

وكانت ((الشراع)) هي المنبر الاعلامي الأول الذي كشف هذه الحالة، وعلى الرغم من ان هناك أسماء جرى تداولها، ونشرها في وسائل الاعلام وسيق بعضها الى القضاء وصدر ضدها أحكام – فإن هذه المادة أي تصنيع وتهريب الكبتاغون، ظلت لابسة لحزب الله، وظل خصوم دعوة السيد نصرالله لمقاومة الفساد يشككون حتى اليوم بها، ويطلقون عليها النار استناداً الى الكبتاغون.. لكأن المقصود من كثرة التركيز عليها هو منع حزب الله من مقاومة الفساد.

وبعض المشككين أصحاب المشاريع المضادة لسلاح حزب الله، باتوا يربطون جدلياً بين الأمرين على الرغم من ان السلاح هو لمقاومة اسرائيل وهو شرف يتحدث عنه كل من هو خارج حزب الله، لكن الحزب هو الوحيد الذي يمارسه عملياً، فيهرب المشككون الى الكبتاغون ليهاجموا حزب الله..

المشككون لن يتراجعوا، لن يقنعوا، لن يسكتوا عن الاسقاطات والاتهامات.. هذا شأنهم لأنهم ينظرون الى النصف الفارغ من الكأس لينشدوا يما يرون ويتغنون، لا يريدون رؤية النصف الآخر المليء.

فماذا عن حزب الله؟

أمين عام الحزب ناشد القضاء اللبناني ان يلاحق أي مسؤول في حزب الله اذا كان متهماً بأي أمر من الأمور التي تستدعي الملاحقة.

وهو أمر لم يصدر عن أي مسؤول لبناني رسمي، او خارج السلطة في مناشدة القضاء محاسبة من يراه متهماً في اي جريمة – جنحة – جناية.. من المحيطين به.. وعدا عن الحركات المسرحية الاستعراضية بإقدام البعض على التهليل برفع السرية المصرفية عن حساباتهم والدنيا كلها تعلم ان هذا الأمر غير فعال وغير جدي لأن هناك عشرات الطرق غير الشرعية وغير القانونية لاخفاء ما يمتلكه اي انسان في لبنان، وخصوصاً خارجه.. عدا عن هذا الاستعراض الاعلامي، فإن أحداً من القادة السياسيين الحاكمين للبنان لم يبد حتى الآن استعداداً لتقديم أي مشبوه حوله الى القضاء.

السيد حسن نصرالله امين عام حزب يمثله في السلطة التشريعية 12 نائباً من أصل 128 نائباً، ويمثله في السلطة التنفيذية 3 وزراء من اصل 30 وزيراً، وهو لا يدعي وجود أي ممثل له في السلطة القضائية.. اي ان السيد نصرالله ليس صاحب قرار في هذه السلطات الثلاث.. سيرد كثيرون بالقول ولكنه هو الذي يعين رؤساء لبنان الثلاثة وهو كفيلهم ولولاه ما وصل أي منهم الى موقعه.

سيقولون ان السيد نصرالله ليس رئيساً ولا وزيراً ولا نائباً، لكنه يقود جيشاً من عشرات آلاف المقاتلين، ومدجج بالأسلحة، وخصوصاً الصواريخ التي اعترف هو نفسه بأن حزبه يجد حيرة في البحث عن قواعد ومخابىء لها.

سيقولون ان السيد نصرالله تحدث علناً وفي أكثر من مرة بأنه يتلقى السلاح والمال من ايران وانه يوالي مرشدها ولي الفقيه السيد علي خامنئي.

كل هذا وغيره لا يخفيه، ولا يزعمه، ولا يتباهى به السيد نصرالله.. ولكن.

تعالوا الى الأهم.

أكثر من نصف الشعب اللبناني خرج الى ساحات وطنه رافعاً شعاراً واحداً هو مقاومة الفساد.. وما تحدث أحد ابداً عن سلاح حزب الله او غيره من قضايا خلافية.. التقى مع السيد نصرالله في مواجهة الفساد.. السيد نصرالله ناشد القضاء محاسبة أي قيادي في حزبه تطاله شبهة فساد.

منذ نحو سنتين أطلق السيد نصرالله هذه الفكرة.. نعم قد يكون مسؤولون تحدثوا عن الفساد.. لكن ان يتحدث عنها نصرالله فهي تكتسب جدية وصدقية لا تتوفر لأي مسؤول غيره في لبنان (وهو غير المسؤول)..

التقت دعوة السيد نصرالله مع الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية.. وستكتسب هذه الدعوة قدرة على التنفيذ في هذا اللقاء الحتمي بين السيد والحراك الشعبي، ودعم نصرالله الحراك ودعوته بمناشدة القضاء محاسبة الفاسدين حتى لو كان بعضهم في الحزب..

هذه هي المسألة

نصرالله يرفع الحصانة عن اي قيادي في حزبه.. هل يقدم القضاء؟ انها مسؤوليته، وبالتأكيد سنرى قاضياً نظيفاً شريفاً يقدم على استدعاء اي مسؤول في حزب الله يرى انه متورط في اي قضية فساد.

الخشية ان يمتنع القضاء عن هذه الدعوة.. بسبب نقص في الشجاعة.

الخشية ان يمتنع القضاء عن هذه الدعوة مجامله لحزب الله.

الخشية ان يُمنع القضاء من جانب فاسدين مسؤولين حتى لا يحرجوا فيضطروا اما الى تسليم فاسدين من حولهم، واما الى رفض التسليم فيصار الى كشفهم.. والويل كل الويل لرئيس او وزير او نائب او مدير عام او رئيس مجلس او صندوق او هيئة.. اذا ما سلم احداً عنده (كل حسب رتبته ومسؤوليته) فهو سيبدو كمن تخلى عن لص كان يسرق المال بإسمه وله مناصفة.. والويل اذا وجد اللص ان رئيسه رفع الغطاء عنه، فيذهب الى بق البحصة وفضح رئيسه ومن معه.

لذا

نرجو من القلب ان يتابع القضاء دعوة السيد حسن نصرالله، وان يبدأ بما ألقاه مشككون من أحجار على راية السيد في مقاومة الفساد فيحاولوا تمزيقها او طيها.. انها قضية الكبتاغون.

بعدها

لن يجرؤ رئيس على عدم تسليم من حوله من لصوص مهما كانت مسؤولياتهم.

بعدها سنرى رؤساء ووزراء ونواباً ومدارء عامين وقضاة ورؤساء مجالس وصناديق وهيئات يتراكضون اما لإخفاء مظاهر فسادهم وهذا أمر مستحيل فالحافي قبل المسؤولية الذي بات يملك اسطول سيارات بعدها، والمستأجر قبل المسؤولية الذي بات يملك قصراً منيعاً بعدها، والمتعهد الذي كان يملك محدلة قبل الصفقات المشبوهة وبات بعدها يملك طائرة خاصة..

وإما الى الهرب من لبنان.. وهناك أكثر من سابقة مسكوت عنها.

وإما الى الاستجابة السرية لرد الأموال المنهوبة..

وهل هذا ممكن؟

طبعاً

الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية ستجد في عباءة السيد حسن نصرالله حماية حقيقية لإنشاء صندوق استعادة المال المنهوب، بدءاً من تطبيق عملي لقانون من أين لك هذا؟ ومشروع الاثراء غير المشروع، ومشروع مكافحة غسيل الأموال.

ولنكتبها بصراحة: لا أمل في هذه السلطة بتفعيل اي من هذه القوانين، لأن المثل اللبناني الذي يقول حاميها حراميها لا يمكن ابقاؤه على مستوى الكلام، وبالتالي يجب ان يبتدع المنتفضون وسائل عملية ثورية لتطبيق هذه القوانين، عبر محامين وقانونيين ونشطاء منهم.

نداء السيد حسن نصرالله لا يجوز ان يبقى من دون استجابة من القضاء، فليقدم هذا القضاء فيكتسب شجاعة ونزاهة اذا ما توفرا سيسوق بهما رؤوس الفساد من أعلى قمم السلطة الى كل دهاليزها وتلافيفها وزواريبها.

حسن صبرا

 

الوسوم