بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ: ((أمرت ان أقاتل الناس)).. تلك هي المسألة

من هنا نبدأ: ((أمرت ان أقاتل الناس)).. تلك هي المسألة

بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 1 تشرين ثاني 2019 العدد 1923

 

قتل ابراهيم عواد السامرائي الذي كنى نفسه بإسم ابو بكر البغدادي، كما قتل قبله اسامة بن لادن وقبلهما ابو مصعب الزرقاوي وآلاف غيرهم.. اميراً لـ((القاعدة)) او ((داعش)) او اي تشكيلة أخرى اعتمدت العنف والارعاب لتنفيذ ثقافتها التي تراها طريق الوصول الى الايمان والاسلام حتى لو كان طريق هاتين القيمتين الساميتين مجبولة بالدماء والدمار والظلام.. ولا ايمان ولا اسلام.

قتل من أطلق على نفسه اسم خليفة المسلمين في دولتهم التي ما قامت عبر الزمان فما أرسل الله محمداً بن عبدالله زعيماً او قائداً او رئيساً انما مبشراً ونذيراً، رسولاً من الله حاسماً امر وجود سلطة بقوله تعالى: (( فذكّر انما انت مذكّر لست عليهم بمسيطر)) اي ان الله يقول لخاتم المرسلين والأنبياء ان لا سلطة لك على الناس.. اي لا دولة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

البغدادي - السامرائي هو آخر من قتل من الذين نصبوا أنفسهم زعماء تحت اسم خليفة.. ولا ضمانة ألا يأتي بعده من يسلك طريق الزعامة سواء في خلافة البغدادي - السامرائي او في من يزعم نفسه خليفة للمسلمين.

لا ضمانة لأن السائد في الثقافة الاسلامية الرسمية التي تدرس في أم المراكز الاسلامية في العالم أي في الأزهر العبارة التالية المنسوبة الى الرسول:

((أمرت ان أقاتل الناس جميعاً حتى يقولوا لا اله الا الله وان محمداً رسول الله!!)).

نسب الى الرسول مئات آلاف الأحاديث يرددها المسلمون منذ مئات السنين كأمر ديني مسلم به حتى لو تعارضت مع ما ورد في القرآن الكريم.. وهذه العبارة تحمل الاهانة الكاملة للرسول وتحمل التجني على رسالته وتنسب اليه بشرياً بينما هي تتناقض مع الوحي الذي لا يجوز ان يتقدم عليه اي أمر كتابي آخر، ولا يمكن للرسول العربي ان يعارض الوحي او ينكره او يحوله او يعمل ضده.

انما أرسلناك رحمة للعالمين.. والرحمة تتعارض مع الزعم بأن الرسول قال أمرت ان أقاتل الناس..

ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.. قول لله تعالى يتعارض حكماً مع الزعم بأن الرسول قال أمرت ان أقاتل الناس..

ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً كلهم أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. هي آية في القرآن الكريم تقطع اي طريق على زعم مثل أمرت ان أقاتل الناس جميعاً.

ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. آية قرآنية ترفض بالمطلق أي زعم بأمرت ان أقاتل الناس جميعاً..

ثقافة أمرت ان أقاتل الناس اعتمدها ابو بكر البغدادي وابن لادن والزرقاوي ومن معهم ومن سيجيء بعدهم وكلها تدرس في الجامع الأزهر وفي كل المراكز الاسلامية ويعتنقها مئات آلاف رجال الدين وملايين المسلمين كمسلمة من دون نقاش وأحياناً كثيرة من دون أي فهم.

يقابلها ثقافة الآيات القرآنية التي أوردناها.

وللأسف تتغلب ثقافة أمرت ان أقاتل الناس جميعاً على أوامر الله عز وجل، لذا نشأت ((داعش)) و((النصرة)) بعد ((الاخوان المسلمين)) الذين صدروا الفكر المعتمد عند هاتين الحركتين ومنهما خرج ابن لادن وابو مصعب وابو بكر والآلاف غيرهم..

قتل اوباما اسامة بن لادن، وقتل ترامب ابو بكر البغدادي، كما قتل بوش الابن ابو مصعب الزرقاوي وسيظل فكر ((أمرت ان أقاتل الناس جميعاً)) ينتج كل طالع شمس أحداً من هؤلاء كما تنتج اميركا رئيساً لها كل أربع او ثمان سنوات، وليس شرطاً ان يكون رؤساء اميركا كلهم ضد هؤلاء.. فكثيراً ما تستخدم اميركا ثقافة هؤلاء لتوجههم لمقاتلة خصومها او أعدائها، كما يمكن لأي مجرم حاكم سواء في روسيا او في سورية او في العراق استخدامهم لوأد الثورات كما في الموصل وسورية والشيشان.

يذهب البغدادي – السامرائي قتيلاً.. سيأتي غيره لأن الثقافة التي ولدت عقله وفكره ما زالت سائدة في مناهج التعليم الدينية منذ مئات السنين.

حسن صبرا

 

الوسوم