بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / هذا هو العهر - بقلم حسن صبرا

من هنا نبدأ / هذا هو العهر - بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 11 تشرين اول 2019 العدد 1920

 

يتصرف بعض أهل السلطة في لبنان على طريقة القاضي المرتشي الذي يستدعي انساناً ادعى على لص بالسرقة، ويتهمه (بأن هذا الانسان) شتم اللص بعد ان سرق منه اللص متاعاً او مالاً او مجوهرات في منزله..

يحاكم القاضي، اي بعض أهل السلطة الانسان بتهمة الشتيمة ويترك اللص.. الاعلام في لبنان هو هذا الانسان، واللص او اللصوص هم الذين يسرقون في الكهرباء (2 مليار دولار سنوياً على مدى 15 عاماً).. والكهرباء هي النموذج الصارخ – الفاقع للفساد.

بعض اهل السلطة أمسكوا بالاعلام ويريدون تحميله مسؤولية 100 مليار دين على الدولة، وهدر في الكهرباء وفشل في الزبالة، وتواطؤ في المرافىء والمرافق الشرعية، وغض طرف عن مثيلاتها غير الشرعية، وعجز عن استيفاء قرش واحد من الاملاك البحرية، ولا حياء امام ((سيدر)) وسمسرات في كل شأن رسمي خارج دائرة المناقصات.

المضحك المبكي ان رد فعل بعض أهل السلطة في لبنان على مطالبة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله باسترجاع المال المنهوب، هو تحميل الاعلام مسؤولية سرقة هذا المال وهذا يعني ان على الاعلاميين، وفي قلبهم الصحافيون رد المال الذي سرقه الفاسدون؟

ماذا تسمون هذا؟

مسرحية فاشلة، أنياب مكشرة، غباء؟ استغباء؟ جهل؟ تجاهل؟ انه العهر.. وليس له أي تسمية أقل من هذا.

والمأساة ان كل فاسد في هذا البلد لديه اتباع هم ليسوا بقراً او غنماً فقط، بل انهم قرود يلحسون المبرد ويتلذذون بدمائهم.

الكارثة في هذا البلد ان كل فاسد لديه غطاء او حماية ممن هو أعلى، قد يكون ولي نعمته الذي أعطاه الأمر بالسرقة.. وما كان ليكون في موقعه لولا ولي نعمته هذا.

والأفظع في كل هذا ان الفاسدين يسلطون على الاعلام الحر بعض قضاء أعمى عن الحقيقة، كأنه لا يعيش في هذا البلد، كأنه متبلد الاحساس، كأنه مختبىء خلف نصوص ليجلد الاعلاميين الاحرار الذين تحركهم ضمائرهم الحية لكشف اللصوص، فإذا بهذا البعض يقف مدافعاً عن اللصوص من دون ان يفهم روح النصوص.

ما هذا الذي يجري في هذا البلد؟

رؤوس الدولة يتحدثون عن اصلاح القضاء ومحاربة الفساد فنسمع عن اقصاء قاض او انابته فيما يرفض آخرون المثول أمام هيئات رقابية، والفساد وأهله يستشرسون ولا من يحاسب.

لصوص يزدادون فجوراً فيزداد الدين العام ويغرق البلد في الظلام وفي الزبالة، وتغرق المستشفيات بمرضى السرطان (في بلدة برالياس البقاعية وحدها 600 مصاب بهذا المرض الخبيث من تلوث نهر الليطاني))..

ثم نجد بعض أهل السلطة يحمّلون مسؤولية كل هذا للاعلام ونجد بعض القضاء يلاحق الاعلام الحر في قضايا ينقلها أصحابها انتقائياً من محكمة مختصة الى أخرى يقول المحامون انها غير مختصة.

فاسد يسرق.. صحافي يفضحه، يلجأ الفاسد الى قضاء..يلاحق القضاء الصحافي، يشمت الفاسد بالصحافي، فيستمر بالسرقة.. ويهدد الصحافي اذا كتب عنه مرة أخرى بأن يغرمه بملايين الليرات اذا حاول فضح هذا السارق.

هذا هو العهر.. ليس العهر فقط ان تبيع اي انسانة جسدها لتأكل او لتشتري مجوهرات او لتصرف على اولادها.

العهر هنا.. في التواطؤ بين فاسد ومرتشٍ او أعمى او يقرأ النصوص فيحمي اللصوص بدلاً من ان يقرأ روح النصوص فيقبض على اللصوص.

غير اننا للأسف نعيش في بلد يهدد فيه بعض أهل السلطة الاعلام، بعد ان اغرقوا البلد بكل موبقات الدنيا.. والكهرباء نموذجاً.

حسن صبرا

 

الوسوم