بيروت | Clouds 28.7 c

روسيا تخشى انقلاباً علوياً ضد بشار!؟ / بقلم: محمد خليفة

روسيا تخشى انقلاباً علوياً ضد بشار!؟ / بقلم: محمد خليفة

مجلة الشراع 26 تموز 2019 العدد 1910

 

من وماذا وراء التغييرات الجذرية

 في قمة الهرم الأمني في سورية؟ :

 *محاولات غربية لتدبير انقلاب سني - علوي يقوده ابن طلاس  

* الفرع 801 جهاز استخبارات جديد يرتبط بخط ساخن بموسكو  

*رجال موسكو يحكمون قبضتهم على دمشق ويبعدون الايرانيين

  

بقلم: محمد خليفة

تؤكد مؤشرات عديدة أن الروس يقفون خلف التغييرات الجذرية في قمة النظام الأمني السوري, بدءاً من تعيين علي مملوك نائباً لبشار الأسد, وانتهاء بإقصاء اللواء جميل الحسن عن رئاسة ((الاستخبارات الجوية)), مروراً ببقية التغييرات التي شهدتها رئاسات أجهزة الاستخبارات , وخصوصاً اختيار اللواء علي ديب زيتون خلفاً لعلي مملوك في رئاسة مكتب الأمن القومي. (لم يصدر بشار قراره بعد). إذ أن زيتون من الموالين بقوة للروس والمقربين من بشار الأسد. وبذلك يؤكد الروس تفوقهم الحاسم على الايرانيين في لعبة الصراع على النفوذ.

وكانت صحيفة ((المدن)) الالكترونية كشفت أن الروس نظموا لقاء سرياً في 30 حزيران/ يونيو بين اللواء جميل الحسن وضباط من الفيلق الخامس الذي يتبعهم مع ضباط موساد اسرائيليين في قرية أم اللوقس قرب الجولان المحتل, وأن الاسرائيليين طلبوا إبعاد القوات الايرانية مسافة 55 كم عن حدودهم, كما طلب الروس دمج الفيلق الخامس بجيش النظام, ولكن الحسن رفض كلا الأمرين, فطلب الروس من بشار الأسد إبعاده عن رئاسة جهاز ((الاستخبارات الجوية)) كما رشحوا وزكوا خليفته غسان اسماعيل.

مخاوف روسية من انقلاب:

وبحسب مصادر مطلعة تأتي هذه التغييرات في سياق خطة روسية لحماية النظام من مخاطر تتهدده, رصدتها الأجهزة الامنية الروسية, نتيجة فشل كل الضغوط الدولية على بشار الأسد للتجاوب مع جهود الحل السياسي الدولية, مما يدفع كثيرين في الداخل والخارج للعمل على التخلص من الأسد.

 وتقدر المصادر أن تحركات ((الروس)) الأخيرة, وإجراءاتهم الأمنية تعكس خشية متزايدة من وقوع انقلاب عسكري هدفه التخلص من بشار وشقيقه ماهر بقتلهما, بعد أن وصل جميع الضباط والمسؤولين الكبار في النظام الى قناعة راسخة بأنه لا مخرج لسورية من حالة الحرب والصراع الدموي طالما بقي بشار في السلطة, وأن التخلص منه شخصياً هو الخطوة الأولى في سلسلة خطوات صعبة وجذرية, تؤدي لوقف دورة العنف الهستيري والاتجاه تدريجياً نحو الانفراج والسلم, لا سيما بوجود قوات إيرانية وروسية كبيرة في سورية يزداد تدخلهما في شؤون البلد, خصوصاً بعد تصاعد خلافاتهما حول سبل وطرق الحل النهائي, نتيجة تناقض مصالح كل منهما.

وتقول هذه المصادر إن الروس بحكم نفوذهم القوي بين كبار العسكريين وسيطرتهم على الاستخبارات العسكرية - أهم الأجهزة الأمنية في سورية - رصدوا تحركات في هذا الاتجاه, نتيجة تفاقم النقمة على الأسد, بعد الهزائم الفادحة التي منيت بها القوات النظامية والميلشوية في معارك حماة وادلب الأخيرة, وخسائرها البشرية الكبيرة. مما أدى لردود أفعال واسعة في أوساط الضباط الكبار, وأوساط القاعدة الاجتماعية العلوية, تمثلت بحدوث تظاهرات في اللاذقية وطرطوس لأهالي القتلى الذين تسلموا جثامين أبنائهم, وهي بالمئات, في الشهرين السابقين, وأعادت تسليط الضوء على الكلفة البشرية الباهظة للطائفة العلوية في حرب بشار وعائلته للحفاظ على سلطتهم ومصالحهم.

وذكرت المعلومات أن الروس يرون مصادر الخطر على نظام بشار الأسد حالياً ثلاثة:

الأول: الضباط العلويون في قيادة الجيش والاستخبارات, لأن هؤلاء بحكم موقعهم في الدولة يمكنهم القيام بانقلاب أو قتل بشار وشقيقه. وقالت المصادر إن الروس باتوا يشكون بولاء الضباط العلويين, ويعتقدون أن قتل بشار وشقيقه أو الانقلاب عليهما قد تحدثان بأيديهم, لا بأيدي الضباط السنة.

 الثاني: هو الإيرانيون ورجالهم داخل النظام الأمني أيضاً, فهؤلاء رغم دعمهم المطلق لبشار وشقيقه, قد يقدمون على التخلص منه في حال اتخذ قرارات للحد من نفوذهم, تحت ضغط الدول الغربية والعربية, وضغط أجنحة النظام الساخطة على النفوذ الايراني, وهي غير قليلة ولا ضعيفة. ويلاحظ الروس حالياً أن الايرانيين بدأوا العمل لتأمين وجودهم ومصالحهم بدون العودة للأسد أو لهم ((للروس )) !

الثالث: هو محاولات أميركية وغربية  للتخلص من بشار كإجراء وحيد للتخلص من الايرانيين . وتشير المصادر أن لدى الروس معلومات عن اتصالات بين ضباط سوريين منشقين من الطائفة السنية ودوائر غربية لتدبير انقلاب ينهي حكم آل الأسد, بعد تقديم ضمانات دولية للضباط العلويين على مستقبلهم ومستقبل الطائفة.

 وأكدت المصادر أن أحد أبناء وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس هو لولب هذه الاتصالات بين الداخل والخارج, لأنه شخص مقبول من جميع الاطراف داخل الجيش والبلاد, ومن العرب والأميركيين والاوروبيين.  

   وفي المحصلة فهذه التطورات تقلق الروس على مستقبلهم, لأن تحقق أي احتمال من احتمالاتها يهدد دورهم وبقاءهم الذي يعملون على ديمومته في سورية, وهو أمر يرتكز على بقاء الاسد ونظامه. وأي انقلاب أو تصدع في السلطة قد ينعكس سلباً عليهم. وحتى إن كان لا يهدد وجودهم الاستراتيجي في سورية, فهو يربك مخططاتهم بشأنها على المدى المتوسط.

صراع روسي - إيراني

نتيجة هذه المخاوف وضع الروس خطة محكمة لتعزيز سيطرتهم ومراقبتهم لقادة الجيش, وأجهزة الاستخبارات, ومراقبة كل الأطراف الأجنبية، وخصوصاً الايرانيين. وهم يعتقدون الآن بأن تقليص الوجود والنفوذ الإيراني بات ضرورة ملحة لتدعيم نفوذهم هم قبل أي طرف أو سبب آخر.

وتقول المصادر أن الايرانيين يتخوفون الآن جدياً من إمكان رضوخ الأسد لضغوط الخارج والإقدام على الحد من دورهم على الرغم مما قدموه له. كما يتخوفون من إمكان ابرام صفقة كبيرة بين الروس والغرب لإخراجهم من سورية.

وتؤكد المصادر أن العلاقات الروسية الايرانية تشهد الآن مرحلة جديدة مختلفة عن السابق اختلافاً جذرياً وكلياً, بدليل الاشتباكات العنيفة بين قوات الطرفين في مواقع كثيرة من شرق سورية الى شمالها, ومن الغرب والوسط الى الجنوب. وتشير معلومات عديدة الى أن الروس أخرجوا الميلشيات الايرانية من دمشق مؤخراً, ويسعون لإبعادهم عن درعا والقنيطرة والسويداء تنفيذا لتفاهماتهم مع اسرائيل وأميركا في اجتماع القدس لمستشاري الأمن القومي الثلاثة. وترى هذه المصادر أن الصراع والشكوك المتبادلة هي سمة العلاقة بين الروس والايرانيين حالياً, لأن كلاً منهما يريد الاستفراد بالساحة السورية لمصلحته الاستراتيجية.

وكانت صحف غربية كشفت في أواخر العام الماضي 2018 عن مواجهة مثيرة في سورية بين ثلاثة أجهزة استخبارات, الروسية والايرانية والسورية. بدأت حين كشف الروس أن الإيرانيين أنشأوا جهازاً متخصصاً بالتجسس على قواتهم في سورية, فقاموا باعتقال أحد كبار الضباط الايرانيين  فيه والتحقيق معه, ثم سلموه للاستخبارات السورية لمحاسبته لاحقاً. ولكن هذه قامت تحت ضغط الايرانييين بتسليمه لهم وتهريبه الى ايران عبر مطار دمشق, مما أغضب الروس, ودعاهم للاحتجاج الشديد على سلوك الطرفين.

تندرج الواقعة السابقة بين عشرات النزاعات والمواجهات التي باتت تقع باستمرار بين الروس والايرانيين على النفوذ في سورية, وانقسام الأجهزة السورية العسكرية والامنية بين موال لهذا الطرف أو ذاك. وفي الفترة الأخيرة أخذ كل من الطرفين بتشكيل أجهزة وفرق وميلشيات خاصة به بالكامل والمطلق.

الفرع 801 جهاز ((روسي))

 ذكرت آخر المعلومات المسربة أن الروس شكلوا جهاز استخبارات جديداً تابعاً لهم, اعطوه اسم ((أراه)) أو الفرع 801 التابع رسمياً للاستخبارات العامة والمرتبط فعلياً وعبر خط ساخن بقاعدة حميميم, وبوزارة الدفاع الروسية في موسكو, وهي التي اختارت ضباط ادارته بدون تدخل الجانب السوري, وبعيداً عن المحاصصة الطائفية, وسيطرة العلويين.

وقال الضابط المتقاعد صلاح قيراطة إنه اطلع على أسماء إدارة الفرع, ولاحظ ((أنهم من مختلف الشرائح المجتمعية, أي أن تركيبتهم غير طائفية, وغايتها فيما يبدو التصدي المسبق لأي محاولة فوضی, أو تمرد, في أي تشكيل من تشكيلات القوات المسلحة)).

واضاف قيراطة ((أكدت ((وثيقة)) كنت قد اطلعت عليها موخراً وجود قلق روسي من حدوث انقلاب ضد بشار الأسد)).

والسؤال الطبيعي هنا: هل تحتاج سورية جهازاً جديداً للاستخبارات, وهي التي تشتكي من كثرة الأجهزة وكثرة الفروع..؟

وبعبارة أخرى: ما هي وظيفة أو مهمة هذا الجهاز؟

يقول قيراطة أن الوثيقة التي اطلع عليها تحدد مهام الفرع 801 بالوظائف التالية:

 1 - حماية وتأمين المنشآت الحكومية والمواقع المهمة، والسفارات وهيئة الإذاعة والتلفزيون والهيئات الدبلوماسية والمصارف.

2 - ضبط انتشار المفارز والعناصر الأمنية حول المنشآت المهمة والحساسة وتوحيد عملية المراقبة والمتابعة لتلك المنشآت، حيث جرى سحب جميع المفارز والدوريات التابعة لبقية الأجهزة الأمنية من المراكز المذكورة، وتسليمها لعناصر تم اختيارهم من الفرع الجديد.

3 - مراقبة حركة المطارات والدخول والخروج من وإلى البلد.

4 - مراقبة الاتصالات والتواصلات والعلاقات الخارجية.

ويلخص صلاح قيراطة مهمة الفرع بإبقاء المنشآت السيادية تحت سلطته وحمايتها وتأمينها من أي إعتداء, ونزع سلطة بقية الأجهزة. وحماية هيئة الإذاعة والتلفزيون من السيطرة عليها منعاً لتنفيذ انقلاب.

ويوضح قيراطة أن الفرع المستحدث يتكون من تسعة أقسام, أبرزها أمن البعثات الدبلوماسية، والمنشآت العلمية، والمصارف، إضافة إلى قسم العمليات والتدخل السريع.

ويرى أن انشاء الفرع يأتي في سياق التنافُس الروسي - الإيراني الكبير للسيطرة على ((النظام)) السوري، حيث يسعى كل منهما لتوسيع نفوذه وإقصاء الآخر، وقد عملت روسيا خلال الفترة الماضية على تخفيض وجود الميليشيات الإيرانية داخل العاصمة دمشق, وإبعادها إلى المناطق الجنوبية منها، إضافة إلى تعيين ضباط موالين لها في القصر الجمهوري، وذلك لخشيتها من انقلابهم عليها, والسيطرة على مركز القرار.

صدق او لا تصدق

أجل بشار الأسد تعيين علي المملوك نائباً له للشؤون الأمنية (موقع رفعت الاسد مع شقيقه حافظ ثم ابنه الوريث، وظل فيه شكلاً لا مضموناً).

لماذا التأجيل؟

لأن قراراً كهذا يحتاج الى قانون، وهذا القانون لا تصدره الا القيادة القطرية لحزب البعث الاشتراكي العربي المرحوم، وبشار دعا القيادة هذه الى اجتماع قريب لاصدار مثل هذا القانون.

والمثير للسخرية أيضاً ان بشار أعلن عام 2012 الغاء المادة 8 من دستور سورية وهي المادة التي تشير الى ان حزب البعث هو قائد الثورة والمجتمع والدولة.. فلماذا يعطي لقيادة هذا الحزب القطرية دوراً ألغاه بشار رسمياً بعد عام واحد من انطلاق الثورة الشعبية ضد نظامه؟ ومن هذا الذي يقتنع في سورية وفي العالم.. ان حزب البعث كان يتمتع بأي دور منذ حركة 8 آذار/ مارس التي جاءت به الى السلطة.

حتى البعثيون في سورية ما كانوا يوماً مقتنعين بأي دور لهم داخل بلدهم إلا ان يكون أحدهم صغيراً كان او كبيراً، ضابطاً كان او سياسياً، اعلامياً كان ام ادارياً خادماً كان او رجل أعمال.. خاضعاً لأي موظف او ضابط علوي يؤدي التحية لعلوي أعلى منه رتبة.

 

 

في درعا الروس يتفرجون.. ويشمتون!!

 

تبدو بعض مناطق محافظة درعا مهد الثورة الشعبية ضد سلطة بشار الاسد في مراحل الثورة الفعلية من جديد، على الرغم من المصالحات التي قادها ضباط روس خلال عام 2018.

والثورة لا تقتصر على الغليان في نفوس الشباب ضد سلوكيات أجهزة بشار الأمنية التي ما تغيرت وهي كانت أساس الثورة ضده.. بل وتطورت الى عمليات عسكرية ضد أدواته، وخصوصاً فرقة شقيقه ماهر العسكرية الرابعة.. التي عادت بقرار حاسم وهو الانتقام من أرض وناس ومجتمع الثورة الشعبية وأول من أطلق شعار الشعب يريد اسقاط بشار.. وقد كتبت على بعض جدران درعا عمليات عدة طالت ضباط وعناصر وآليات هذه الفرقة أدت الى مقتل وجرح العشرات.. بما أثار تساؤلات: أين هي المصالحات؟ أين هم رعاتها الضباط الروس، لماذا في درعا من جديد وهي الأقرب الى دمشق العاصمة، ولماذا أرسل بشار شقيقه الشرس الى هذه البقعة الرافضة لسلطاتهما على الرغم من وجود قيادات أساسية فيها (فاروق الشرع نائب رئيس، عبدالله الأحمر نائب بشار الحزبي.. رستم غزالي مسؤولها الأمني المعروف..).

الروس والمصالحات هما السبب انما بعد بشار وماهر فقد تعهد الروس للدرعيين بضمان الأمان وعدم الانتقام تحت عنوان المصالحة الذين حضنوه.. فما الذي حصل؟

عادت الاعتقالات العشوائية، والتعذيب كما هو والاهانات، وسرقة المنازل والمحلات والخوات، وسيق عشرات الشباب نحو التجنيد الاجباري المرفوض وهو بند أساسي ضمن الروس الا يفرض من جديد.. وما تغير أي سلوك معهود من أجهزة بشار وشقيقه.

من جديد ثار الدرعيون.. انما هذه المرة عبر عمليات عسكرية، بعد ان تعذر عليهم العودة الى الشارع للهتاف بالحناجر والتصفيق بالأيدي والتلويح بعلم الثورة السلمية.

تكررت العمليات الناجحة، وكان هذا لافتاً للنظر.. أين الروس؟ انهم يتفرجون ولا يقلقهم مقتل جنود ماهر وبشار، بل ان هذا يجعلهم في موقع الشامت.. وربما في موقف العقاب لبشار لأنه لا يلتزم أي اتفاق معهم في عدة نقاط أولها كتابة الدستور الجديد، (في معلومات لـ((الشراع)) بأن لجنة سداسية تشكلت لاعداد دستور جديد تضم سنياً وعلوياً ومسيحياً ودرزياً واسماعيلياً وكردياً بما يشير الى طبيعة تركيبة الدولة الجديدة التي يريدها الروس في سورية) فضلاً عن الامعان في تركيبة أجهزة الأمن بما هو أسوأ.

وفي رأي مراقبين ان بشار الاسد يخوض معركته الأخيرة للبقاء.. انما هذه المرة في مواجهة الروس، وكان سابقاً معتمداً عليهم للبقاء في السلطة.. والروس يرون انه يتذاكى عليهم استناداً الى الدعم الايراني، لذا فهم تركوه وحيداً في درعا وفي الجنوب.. وهي منطقة فائقة الحساسية لأن فيها كل عناصر تفجير الوضع، فهي على حدود فلسطين المحتلة، وهي تضج بخلايا المقاومة ضدها، وهي على حدود الأردن.. واذا تفجرت هذه العناصر فإن سورية أخرى ستظهر بعدها.. بل هي سوريات لا مكان في أي منها لآل الاسد.

 

الوسوم