بيروت | Clouds 28.7 c

سفير لبنان السابق لدى واشنطن د. رياض طبارة: ترامب لن يدخل في حرب و((صفقة القرن)) ولدت ميتة / اعداد: فاطمة فصاعي

سفير لبنان السابق لدى واشنطن د. رياض طبارة: ترامب لن يدخل في حرب و((صفقة القرن)) ولدت ميتة / اعداد: فاطمة فصاعي

مجلة الشراع 28 حزيران 2019 العدد 1906

 

*أميركا يمكنها الدخول في أي حرب ولكن المشكلة في الخروج من الحرب

*العقوبات التي وضعتها اميركا على مكتب السيد خامنئي لن يكون لها تأثير

*ايران تعتقد انه اذا دخلت في مفاوضات مع اميركا سوف تذلها

*صفقة القرن ولدت ميتة ولن تصل الى أي مكان ومسألة فلسطين لا تحل بالمال

*((سيدر)) سينجح مع او من دون ((صفقة القرن)) اذا سار لبنان على طريق الاصلاح

*لبنان سيحصل على 500 مليون دولار سنوياً لتوطين الفلسطينيين

 

يعتبر سفير لبنان السابق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة بأنه ما من مؤشرات في الأفق لحرب بين ايران والولايات المتحدة الاميركية لأسباب داخلية تتعلق بكلا الدولتين وان الأمور قد تصل الى حد المناوشات وصولاً الى المفاوضات.

أما فيما يتعلق بملف ((صفقة القرن)) فيؤكد طبارة بأن هذه الصفقة ولدت ميتة، ولن تصل الى المكان المرجو إنما ستفشل. ويؤكد في الوقت نفسه بأن ((سيدر)) لن يتأثر سواء تم السير في ((صفقة القرن)) أم لا، لأن المسألة تتعلق بالداخل اللبناني ومدى نية لبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.

هذه المواضيع وسواها تحدث عنها طبارة في هذا الحوار:

يؤكد طبارة بأن ترامب لا يريد حرباً والكونغرس في غالبيته لا يريد حرباً. ويقول: وعد جماعته عندما تقدم للانتخابات بأن اميركا أولاً وانه سيسحب الجيوش ويعيدها الى اميركا والمصاريف التي يتم صرفها في الشرق الأوسط سيجري سحبها.

كل هذه الأمور تدل على انه لا يريد الدخول في حرب. والآن نحن على أبواب انتخابات ولا يمكنه ان يكون وسط معارك وحروب. لذلك لن يدخل في الحرب في أي حال من الأحوال. عنده مشكلة وهي انه يهدد في الحرب أينما كان وهو يعتبر ان اميركا هي الأقوى جيشاً في العالم لذلك يعتبر انه يمكنه ان يهدد أي دولة لأن جيشه قوي. لكنه أصبح يعي ان المشكلة لا تتوقف على أقوى جيش. صحيح انه أقوى جيش لأنه تمكن من دخول افغانستان خلال ثلاثة أشهر واحتل كابول و((طالبان)) أصبحت في الجبال. لكن بعد 18 سنة ما يزال هذا الجيش القوي يحارب ويفاوض ((طالبان)) ان يستلموا الحكم بعد ان يحيّد حلفاءه الذين وضعهم في الحكم.

فهو الآن يريد ان يخرج من أفغانستان.

والعراق أيضاً، احتل الجيش الاميركي بغداد خلال اسبوعين مع العلم ان الجيش العراقي جيش قوي وقد أعلن بوش الابن من على حاملة طائرات ان الحرب انتهت وفي خطابه قال ان المعارك الأساسية انتهت.

مررنا بـ ((داعش)) في العراق وسورية ودخلت اميركا في وحول. لذلك فكرة ترامب حول الجيش القوي الذي يتكلم عنه ويعتقد ان الناس ترضخ في التهديد فقط، لأنه أقوى جيش في العالم لم تعد تفيد وما أصبح معروفاً انه يمكنك ان تهدم ولكن لا يمكنك ان تخرج من الدولة التي تحتلها. في احدى المحاضرات لبوش الأب في اميركا عندما كنت سفيراً، قال بوش حينها رداً عن سؤال: لماذا لم تدخل الى بغداد علماً انك وصلت الى حدود العراق، والجيش العراقي كان منهاراً؟

فأجاب: يمكنني الدخول الى بغداد خلال يومين ولكن كيف سأخرج لا أحد يعلم.

وهنا المشكلة فأميركا يمكنها الدخول في أي حرب ولكن المشكلة في الخروج من الحرب. والمثال على ذلك العراق وأفغانستان.

هناك نوع من التعارض في تفكيره بحيث يعتقد انه عندما يهدد يصل الى ما يريده. ومع ذلك فهو يهدد ولا يصل لشيء على الاطلاق.

وفيما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها مؤخراً الولايات المتحدة الاميركية على السيد علي خامنئي يؤكد طبارة بأن ايران من جهتها ضعيفة لأن العقوبات التي وضعها على ايران ليست بسيطة. والعقوبات التي وضعها على ايران وتحديداً على مكتب السيد خامنئي لن يكون لها تأثير لأن هذه المؤسسة خلقها الخميني وعندما هربت جماعة الشاه صادروا بيوتهم وهذه المؤسسة أخذت البيوت وباعتها. ولديها الكثير من المال.

لذا لا اعتقد ان العقوبات الجديدة ستكون الأساس انما العقوبات القديمة التي أثرت على النظام المصرفي الايراني والبنك المصرفي الايراني وبيع البترول الايراني الذي انخفض بشكل كبير حتى الاقتصاد الايراني وصل الى حد صعب ان يتحمله أي شخص.

أعطيكِ مثلاً على الريال الايراني كان عام 2010 بـ 10 آلاف اليوم أصبح بـ 160 ألفاً. عندما وقعوا الاتفاق النووي وصل الى 40 ألفاً.

عندما وقعوا الاتفاق النووي ارتفع الدخل القومي 12 % من أعلى المستويات في العالم. وعندما انسحب الاميركان من الاتفاق أصبح 6 %.

لذلك الشعب نفسه يتألم في ايران ولا يوجد اي ضوء في آخر النفق. ايران تحاول ان تهدد بأنها سوف تصعّد التخصيب وهم بذلك يهددون الاوروبيين حتى يساعدونهم. فهم يريدون آلية اوروبية تفتح التجارة مع اوروبا من خارج الدولار. هناك آلية وضعها الأوروبيون وهم بالتالي يحاولون ان يأخذوا حقن مورفين من روسيا ومن الصين حتى يتحملوا ومع ذلك هم في حالة ميؤوسة.

ويعتبر طبارة بأن ايران تعتقد انه اذا دخلت في مفاوضات مع ترامب فإنه يذل غريمه حتى آخر درجة وبعدها يدخل في اتفاقية. كوريا الشمالية لم تقبل بشروط اميركا وبالتالي ايران لن تقبل لأنه يطلب منها ان تبتعد عن أمور المنطقة وان تحل كل الميليشيات المتحالفة معها يعني كأنه يقول لها ان تلغي كل سياسة ايران منذ 50 سنة والمبنية على تأسيس ميليشيات في كل البلدان وجعل تأثيرها على المنطقة من خلال هذه المنظومة وبعدها ستفتح أميركا لايران كل الأسواق العالمية. وايران لن تدخل بذلك.

ولا ننسى انه بعد سنة و4 أشهر هناك انتخابات رئاسية اميركية والايرانيون يتأملون انه اذا استمروا خلال هذه الفترة وتحملوا فإن الأمور سوف تتبدل لأن الاستطلاعات تشير الى ان الديموقراطيين يمكن ان ينجحوا وأقوى واحد في الديموقراطيين هو جو بايدن الذي عمل الاتفاق النووي.

لذلك طريقة تفاوض ترامب لن تسري مع الايرانيين ابداً. واعتقد انه يمكن للايرانيين ان يتحملوا سنة و4 أشهر ريثما تأتي الانتخابات الاميركية.

ويؤكد طبارة بأنه لن تحصل الحرب بين اميركا وايران ولكن ستحصل مناوشات فيما بينهما. مثلاً اسقاط طائرة مقابل اسقاط أخرى.

ويقول طبارة: لاحظت مؤخراً ان ترامب غير قادر ان يحارب ولا يستطيع ان يجبر الايرانيين الذين بدورهم ينتظرون رحيله. لذا فهو يحارب عبر ((الانترنت)) لتحجيم او ايقاف البرنامج النووي او الصاروخي وهو يستعمل كل القوى من ((انترنت)) وغيره وغيره.. ولهذا فإنه سيستعمل كل شيء حتى يريد الضغط لمصلحته الانتخابية.

واعتقد انه أصبح من مصلحته على أقل تعديل ان يفتح باب التفاوض مع كوريا ومع ايران. منذ يومين بدأ يفتح الاتصالات مع كوريا، وبومبيو يقول بدأنا نحضر ولكننا في الخطوات الأولى لاجتماع ثالث بين كيم جونغ اون وترامب. لذلك اعتقد انه من مصلحته ان يفتح خطاً مع ايران.

ويفند طبارة تصريحات ترامب خلال الأيام القليلة الماضية التي تتأرجح يميناً ويساراً ويقول: اذا لاحظنا تصريحاته الأخيرة في كل تصريح يقول هذا هو موقفي غير مسموح ان تحصلوا على سلاح نووي اذا أردتم الحوار لأجل ذلك فإنه سيحصل وإلا سيكون كذا كذا..

وفي اليوم التالي يقول سنتحاور ولكن المسألة الوحيدة التي لا يستطيعون الحصول عليها هي السلاح النووي.

الايرانيون أجابوا بأنهم على استعداد لمناقشة تنازلات جديدة اذا قررت واشنطن البدء في رفع بعض العقوبات وإعطاء حوافز.

هذا كلام تفاوضي وهناك مؤشرات، فهو يريد ان يصل الى الانتخابات وسيكون قد فتح خطاً مع ايران وكوريا الشمالية. أتصور ان هناك بريق أمل او بداية بريق أمل لمفاوضات وهناك نوع من المناوشات بدأت تظهر من خلال كلام تفاوضي من قبل الطرفين.

((صفقة القرن))

وينتقل طبارة بعدها للحديث عن ((صفقة القرن)) التي لا يبعد عنها شبهة البيع، مشيراً الى انه في فلسطين هناك مبدأ عرض وشراء مقابل العرض القادم ومن بيع قسم من سيناء، وهذا ما أقلق المصريين. فلننظر من جهة كوشنر فإنه يقول انه جمع من أصل 50 مليار دولار قسماً صغيراً من اميركا والقسم الكبير من الدول العربية. هذا المبلغ يريد ان يوزعه على فلسطين، الاردن، مصر. نصف المبلغ سيذهب نحو الفلسطينيين والدول الباقية ستتقاسم المبلغ يعني لبنان سيحصل على 500 مليون دولار سنوياً حتى يوطن الفلسطينيين.

دين لبنان وصل الى 80 مليار دولار. يريدون ان يعطونا نصف مليار حتى نبيع التوازن الطائفي.

اعتقد ان ((صفقة القرن)) ولدت ميتة ولن تصل الى أي مكان. نصف البلدان العربية رفضت المشاركة في اجتماع ((صفقة القرن)).

كل الدول المعنية صرحت انها ضد.. من الاردن الى مصر والى لبنان. لذا فإن أول اجتماع هو فاشل حتى أعلى درجات الفشل لجهة الحضور ومستواه. لذا يبدو منذ الاجتماع الأول انه فاشل.

مسألة فلسطين لا تحل بالمال. لذا فإن ((صفقة القرن)) لن تبصر النور.. وكل ما يحصل هو محاولات فاشلة وخصوصاً ((صفقة القرن)) علماً ان فكرتها أساساً فاشلة لأن العربي لن يقبل ببيع فلسطين كاملة. الفكرة غير مناسبة على الاطلاق والرفض الحاصل يبرهن ذلك.

وعن تأثير ((صفقة القرن)) على ((سيدر)) يقول طبارة:

((سيدر)) هو موضوع مختلف وهو اجتماع عدة دول في لبنان منها وجود لاجئين فيه ووجود لبنان على حدود اسرائيل وبعد ان مر لبنان في حرب أهلية.

برأيي اذا استطاع لبنان ان يبرهن انه يسير على طريق الاصلاح الاقتصادي، او على الأقل ان أموال ((سيدر)) لا تسرق فإن ((سيدر)) سينجح مع ((صفقة القرن)) او من دونها.

وينهي طبارة كلامه بالقول هناك فرق بين المناوشات وبين الحرب، لذا فإن المناوشات المدروسة لا تتخطى الخطوط الحمر بين ايران واميركا. لذا لا يجب خلط المناوشات بحرب مفتوحة. الحرب المفتوحة تعني دخول الميليشيات المتحالفة مع ايران على خطها وهذا يعني ان اسرائيل ستدخل بحرب مع حزب الله. اعتقد ان هكذا حرب ستظهر في سورية بعد ان يسمح الاميركيون للاسرائيليين بضرب مواقع ايرانية في سورية. ولكن اذا تخطت الحدود وأصبحت حرباً مفتوحة فإن اسرائيل ستدخل بقوة ضد ايران.

الحرب المفتوحة غير واردة إلا اذا جن ترامب، ايران لا تدخل في حرب مفتوحة لأنها تعتبر انتحاراً لها.

فاطمة فصاعي

 

 

الوسوم