بيروت | Clouds 28.7 c

2018 سنة جمال عبدالناصر / كتب حسن صبرا

من هنا نبدأ

2018

سنة جمال عبدالناصر

كانت الفكرة عدداً خاصاً مقتصراً على نشر مقالات فيه عن جمال عبدالناصر في مئويته الاولى 1918 – 2018.

بدأنا اتصالاتنا لاستكتاب قيادات سياسية ودينية وثقافية وإعلامية.. أكثرها التزم بما وعد ووفى، وأقلها لم يتجاوب او أهمل او تكاسل، وفي احدى مهاتفاتنا مع الدكتورة هدى جمال عبدالناصر، حدثتنا عن تجاوزها مأزق الوقت الكافي لتوفير المادة اللازمة للإحتفال بمئوية الزعيم، وقد تم التجاوز بأن اقترحت ان تكون سنة 2018 كلها سنة جمال عبدالناصر، وألا يقتصر الاحتفال او النشر على يوم واحد فقط.. فشكرناها على هذا الاقتراح وسنلتزم به إن شاء الله..

وعلى قدر شعورنا بالفخر ان نكتب او نستكتب عن عبدالناصر، فإننا لا نغفل عن مسارين متلازمين رافقا عصر عبدالناصر وما بعده.. وحتى الآن وربما الى نهاية القرن:

*المسار الاول، يشهد الفطريات التي نشأت بتأثير من المطر الغزير الذي كان يهطل صيفاً شتاء فوق الارض العربية، كدلالة على الخصب الذي تحمله ثورة جمال عبدالناصر في كل المجالات والاهتمامات الشعبية، ومن هذه الفطريات كانت الشلل والحركات الناصرية في طول الوطن العربـي وعرضه.. والتي شكلت عبر الزمان جزراً وبقايا وما زالت رغم ضمورها وانقراض بعضها جزراً تعيق حركة تيار الماء الذي تشكل من مطر جمال عبدالناصر أنهاراً في عصره.

*المسار الثاني، هو تراكم أحقاد الذين قاتلوا وهاجموا جمال عبدالناصر منذ بدأ عصر تحوله العظيم نحو العدالة الاجتماعية.. بل نتجرأ على القول منذ قرر خوض معركة الاستقلال الوطني على الاستعمار الغربـي وسعى لترجمة مبادئه القومية العربية عملياً في اليمن وفي سورية وفي فلسطين وفي كل أرض عربية.

هؤلاء كانوا وما زالوا من الأدران الخبيثة التي تنتشر في جسد الأمة من المحيط الى الخليج، فتصيبه بالشلل حتى العجز الكامل عن الوجود والحركة والفعل وأخذ مكانتها التي تستحقه تحت الشمس.

هم الحاقدون على جمال فكراً ومنهجاً وعملاً وإنجازات بل وشخصاً يملك الكرامة والعزة تراهم مختلفين في كثير من المسائل الجوهرية متفقين على نهش تجربة جمال في كل الحقول.
هؤلاء، شيوعيين واخواناً مسلمين وبعثيين ورجعيين.. وطائفيين، رجال دين وعلمانيين، يكرهون جمال لأنه أنجز وما قدموا غير الثرثرة والجعجعة.

نجح جمال في مشروعه للتطبيق العربـي للإشتراكية فألغى كل حاجة لنظرية شيوعية وأحزاب شيوعية، لذا ما زالوا في دواخلهم يكرهونه حتى وإن أظهروا نفاقاً بعض الود لتجربته.

نجح جمال في مشروعه الوحدوي لأنه حقق الوحدة مع سورية ونجح حفنة ضباط خونة في وأدها وما زالوا ومن على طريقهم يكرهونه.. وأولهم البعثيون الذين هالهم ان ينجح جمال في ترجمة عروبته تضحيات في سورية واليمن وفلسطين.. وهم هم البعثيون دمرواً بلداً إسمه سورية ودمرواً وطناً إسمه العراق وتآمروا على الكويت احتلالاً وعلى لبنان احتلالاً..

نجح جمال في مشروعه لتثبيت الدائرة الاسلامية في سياسته الاقليمية.. فإذا أعدى أعدائه هم ((الاخوان المسلمين)) الشبقون على السلطة حتى لو كانت على خازوق كما في غزة.
المشروع العروبـي لجمال تجاوز الأوطان والطوائف والمذاهب.. لكن الطائفيين في لبنان ما زالوا يحقدون عليه مشكّلاً لهم حالة مرضية في كراهيتهم له ويهاجمون الشعب المصري لأنه بعد 40 سنة من غيابه أعادوا الاعتبار لجمال كرامة وعزة واستقلالاً وإنجازات عندما ثار هذا الشعب العظيم على فساد حسني مبارك وعلى شبق الاخوان المسلمين للسلطة – وقد رفع المصريون شعارات عدة في تظاهراتهم ضد الاخوان أبرزها على الاطلاق شعار أحبوه وصدقوه والتزموا به حتى أسقطوهم: ((عبد الناصر قالها زمان            الاخوان مالهومش أمان))

مساران ما زالا يتنافسان طعناً بجمال ومشروعه الوحدوي هما مسار الدكاكين الناصرية في لبنان ومصر تحديداً.

ومسار الحقد الشامل للمتناقضات الفكرية والسياسية والاجتماعية على جمال عبدالناصر.

ناصريون كثر في لبنان وفي مصر ضد الكرامة التي يمثلها جمال وهم تحت أحذية استخبارات الأسد.. أولياء نعمتهم المتحكمون برقابهم.

ناصريون في لبنان وفي مصر ضد ناصريي سورية الذين يجمعون على مواجهة الهمجي الذي ورث دوره من أبيه المجرم الأكبر.. وما زالت قيادات ناصرية سورية في سجون الهمجي أو في المنافي التي هربوا إليها من القمع والتنكيل والتعذيب.. في أقبية الهمجي.. بينما ناصريون في لبنان وفي مصر ينافقون الهمجي، يطعنون جمال عبدالناصر الفكرة والرمز والكرامة.

ناصريون في لبنان وفي مصر يسيئون لجمال عبدالناصر تماماً مثل متمسلمين عرباً ومسلمين يسيئون للرسول العربي الأكرم.. أكثر بكثير مما يسيء إليه رسامو كاريكاتور أو ممثلو شرائط ساقطة.

مساران متكاملان: ناصريون في لبنان شكلوا جزراً تعترض بنفاياتها هدير التيار الناصري الشعبـي الذي لفظ هذه الاحزاب أو الدكاكين، وحاقدون من كل الاتجاهات ما زالت الكراهية تنهش في صدورهم كلما أتى ذكر اسم جمال أو مشروع من مشاريعه.

في بداية الطريق وعلى أطرافه يلتقي ناصريون في لبنان مع أعداء جمال في مسار واحد تماماً مثلما يلتقي المسيئون إلى الرسول العربي من الجاهلين بالإسلام مع الذين يدّعون معرفة بالإسلام وبالرسول.

في مئوية جمال سيظل فكره ونهجه وطريقه وإنجازاته وتعلق الناس به، ومشروعه الأثير كرامة وعزة حاضراً بل دليلاً ومرشداً للخروج مما نحن فيه.. وسنظل نكتب عنه وله وللأجيال إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

حسن صبرا

 

 

الوسوم