بيروت | Clouds 28.7 c

بعد توسل ترامب: شروط ايران للتفاوض مع واشنطن / بقلم السيد صادق الموسوي

بعد توسل ترامب: شروط ايران للتفاوض مع واشنطن / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 14 حزيران 2019 العدد 1904

 

كلنا نتذكر ((عنتريات)) الرئيس دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون ووزير خارجيته جورج بومبيو ووزير دفاعه بالإنابة باتريك شاناهان، وتحريك حاملات الطائرات ووضع القاذفات الأميركية الإستراتيجية B 52 في القواعد العسكرية القريبة من ايران، وطرح سيناريوهات متعددة لشنّ الحرب على الجمهورية الإسلامية في ايران، وترقب بعض دول المنطقة بفارغ الصبر ساعة بدء قصف ايران بالصواريخ الأميركية الفتاكة، وتبشير البعض بنهاية النظام الإسلامي في ايران في مدة قصيرة جداً، وقد ذهب البعض إلى توضيب حقائبه استعداداً للعودة إلى طهران والإحتفال فيها في ظل سلطة موالية لواشنطن على غرار ما حدث في العراق مع نظام صدام حسين.

ولقد كتبت يومئذ مقالاً وقدمته للأخ العزيز حسن صبرا وأكدت فيه أن لا حرب أميركية على ايران، ولولا احترام الأستاذ صبرا لي بحكم العلاقة القديمة والمتجذرة منذ ما قبل انتصار الثورة الإسلامية في ايران لما رضي بالمخاطرة في نشر المقال، لكن تطورات الأحداث أثبتت أن تلك ((العنتريات)) هي صياح دون مغزى، وقلت في المقال أن ترامب هو تاجر يبحث عن كسب المال بكافة الوسائل.

لكن هذه ((العنتريات)) كلها ذهبت أدراج الرياح، وبدأ التراجع شيئاً فشيئاّ في حدة الكلام الأميركي وذهب تقريباً الكلام التهديدي، وبدأت التصريحات التوددية من قبيل القول بأن أميركا مستعدة لمفاوضة ايران من دون شروط مسبقة، ثم إعلان البيت الأبيض أن ترامب أرسل رقم هاتفه الخاص إلى السفارة السويسرية التي ترعى المصالح الأميركية في طهران ليوضع تحت تصرف المسؤولين الإيرانيين عسى أن يتصلوا به، وبعد أيام قال مسؤول في البيت الأبيض أنه لا يفارق الهاتف الخاص أملاً باتصال مسؤول ايراني، لكن وزير الخارجية الأميركي صرح بعد ذلك أن هذا الهاتف لم يرن أصلاً رغم مضي أسابيع على وضع رقم الهاتف بتصرف السلطات الإيرانية، وكرر ترامب القول في مناسبات متعددة بأنه مستعد للقاء أي مسؤول ايراني في أي مستوى وأن الجمهورية الإسلامية إذا رضيت باللقاء فإنه جاهز لذلك، وذهب إلى أبعد من ذلك وقال بأنه يكنّ للإيرانيين كل الإحترام وأن له أصدقاء كُثراً من أصول إيرانية في أميركا وأنه مستعد لفتح آفاق أمام إيران لتكون ((دولة قوية في المنطقة ))، وأكد هو وبولتون وبومبيو أن الولايات المتحدة لا تريد إسقاط النظام الإسلامي في ايران، ولم يعد الكلام عن الشروط الأميركية الـ 12 السابقة لاستئناف المفاوضات مطروحاً بتاتاً، وفي الوقت نفسه عُلم أن حاملة الطائرات الأميركية لم تقترب أصلاً من مياه الخليج رغم ((لهوبرات)) بل هي متواجدة في بحر العرب على بعد أكثر من 300 ميل أي أكثر من 500 كيلومتر من ساحل سلطنة عمان، ولأول مرة القوات التابعة للدولة العظمى الأميركية تجري تدريبات عسكرية في المحيط الهندي وليس في مياه الخليج لمواجهة التدريبات العسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويؤكد قائد الأسطول أنه لا يريد استفزاز القوات الإيرانية بل التدريبات هي للدفاع عن القطع الحربية الأميركية فقط أمام احتمالات أي هجوم ايراني عليها.

وغاب عن السمع مستشار الأمن القومي جون بولتون المتصدر لتوجيه التهديدات إلى إيران، وصار دونالد ترامب ووزير الخارجية يجولان في مختلف الدول ليوصلوا تأكيدات بعدم نية الولايات المتحدة شن الحرب على ايران، ولأجل ذلك ألغى جورج بومبيو زيارته لألمانيا وذهب إلى العراق والتقى رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي القريبين من ايران ليبلغهما رسالة تطمين للجمهورية الإسلامية، وطرحت قطر وساطتها لتخفيف الإحتقان، لكن الأهم في الدلالة على الأزمة التي يواجهها ساكن البيت الأبيض هو سفر الرئيس الأميركي إلى اليابان ليطلب علناً من رئيس وزرائها السفر إلى إيران ولقاء آية الله خامنئي والرئيس روحاني محملاً إياه رسائل من ضمنها استعداده للإستغناء عن مستشاره للأمن القومي جون بولتون صاحب المواقف التصعيدية ضد الجمهورية الإسلامية وإبعاد القطع البحرية الأميركية إلى عرض المحيط الهندي بعيداً كثيراً عن ايران وتعليق بعض العقوبات التي فرضها مؤخراً.

وحضّ الرئيس الأميركي شينزو آبي على استثمار العلاقة اليابانية السياسية والإقتصادية الإيجابية مع إيران ولكون هذه الزيارة هي الأولى لرئيس وزراء ياباني منذ ما قبل انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 ولكون رئيس الوزراء هذا قد رافق قبل 36 عاماً والده الذي كان وزيراً لخارجية اليابان من أجل التوسط أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، لعل كل ذلك يؤدي في نظره إلى لين في موقف المسؤولين الإيرانيين ((وبالفعل تمّ تحديد موعد الزيارة يوم 22 من الشهر الحالي حتى 24 منه وهو موعد صدور هذا العدد من مجلة ((الشراع)))، وقبل ذلك بأيام ولملاقاة الموقف الياباني زار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس طهران بعد لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو وبعد أن عرج على بغداد والتقى رئيس جمهوريته ورئيس وزرائه اللذين هما على تواصل دائم مع الجمهورية الإسلامية، وبات الطلب الأميركي من الجمهورية الإسلامية الآن متواضعاً جداً وهو قبول الرئيس الإيراني لقاء الرئيس الأميركي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي سيُعقد بعد عدة أشهر في نيويورك لتكون الموافقة لو حصلت مدعاة للفخر للرئيس ترامب ويتمّ استثمارها على أعتاب إعلانه ترشحه رسمياً للرئاسة لفترة ثانية .

وبالمناسبة فإن هذا المطلب تكرر من سلفه الرئيس أوباما، ووسّط لذلك عدداً كبيراً من زعماء العالم، لكن الطرف الإيراني رفض ذلك دوماً، ولم يحضر الرئيس روحاني حفل العشاء الذي أقامه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على شرف الزعماء المشاركين وكان يقصد استغلال الفرصة لترتيب لقاء عابر لأوباما مع الرئيس الإيراني، فرضي روحاني أخيراً بأن يجيب على اتصال أوباما الهاتفي وهو في السيارة متوجهاً إلى مطار جون أف كندي عائداً إلى طهران.

ومن قبله كان ذلك طلب الرئيس كلينتون الذي انتظر دون جدوى أكثر من 15 دقيقة يتمشى ذهاباً وإياباً في الممر المؤدي إلى القاعة الرئيسية بعد إلقائه الكلمة الأولى في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ليتمكن من لقاء عابر مع السيد محمد خاتمي الذي جُعلت كلمته الثانية بهدف حصول ذلك اللقاء، وأمضى الرئيس الأميركي الوقت في التحادث مع العناصر المرافقة للرئيس الإيراني وأعضاء مكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن وممثلية ايران في الأمم المتحدة، لكن الرئيس خاتمي بقي جالساً في غرفته وانتظر الحضور في القاعة الرئيسية هذه المدة، فلما يئس الرئيس الأميركي من حصول اللقاء وغادر المكان خرج خاتمي وتوجه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وكذلك كان يأمل كلينتون حصول لقاء بذريعة أخذ الصورة التذكارية المتعارف عليها بعد الجمعية العمومية الخاصة لحوار الحضارات الذي اقترحه الرئيس خاتمي لكن الصورة البروتوكولية لم تؤخذ حتى لا تتسنى للرئيس الأميركي هذه الفرصة.

إن الطرف الإيراني الذي نجح بجدارة في تنفيس ((العنتريات الترامبية)) السابقة بروحية حائك السجاد العجمي ((كما أوردت في مقال سابق في مجلة ((الشراع)) أيضاً)) انتقل شيئاً فشيئاً إلى مرحلة وضع شروط على الولايات المتحدة من خلال تصريحات الرئيس روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف أولها الإقلاع كلياً عن لغة التهديد واتباع نهج الإحترام وكذلك العودة إلى الإتفاق النووي السابق والتعويض عن الخسائر الناجمة عن خروج الولايات المتحدة منه، فيما حافظ آية الله خامنئي على موقفه المبدئي من عدم الثقة بالمفاوضات مع الأميركيين، وهذه التطورات المتسارعة والتراجعات المتلاحقة أربكت بشكل واضح الذين راهنوا كثيراً على التورط الأميركي في الحرب ضد ايران فأحسوا بالخذلان الشديد بعد أن وضعوا كل آمالهم في الإنزلاق الأميركي نحو الحرب مع إيران مثل رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو والذي بانت علامات الإضطراب عليه فبادر إلى الإتصال برئيس وزراء اليابان بعد الإعلان عن موعد الزيارة وحذره من آثار تخفيف الضغوط على ايران، ومثل أولئك الذين وضعوا كامل ثرواتهم في تصرف أميركا وسكتوا على الإهانات اللاذعة العلنية المتكررة والتحقير الشديد المتواصل لهم من جانب الرئيس الأميركي أمام الجمهور وشاشات التلفاز على أمل أن يبدأ الصدام والحرب فيقوموا هم باستثمار النتائج.

وفي ايران أيضاً التي أسس الرئيس الأميركي غرفة عمليات خاصة لها، واستخدم مجموعة من الأخصائيين في الشؤون الإيرانية، وخصص لهم ميزانية مالية محترمة بهدف ترتيب اضطرابات بمختلف التسميات في ايران؛ وانتظر كثيراً ترامب وبولتون وبومبيو ((الذي كان رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية CIA قبل أن يصبح وزيراً للخارجية)) والعاملون في غرفة العمليات تلك حدوث انتفاضة واسعة في الشارع الإيراني بفعل تأثير العقوبات والضغوط الإقتصادية على الشعب، حيث تأثر بالفعل السوق الإيراني لفترة بالأجواء المتوترة وارتفع سعر الدولار كثيراً وأثّر ذلك على الأسعار، لكن ذلك الرهان فشل فشلاً ذريعاً وفي مدة قصيرة، وبدأ الجو هذا يتجه نحو الهدوء لما عرف المواطنون بالتراجعات الأميركية وابتعاد شبح الحرب، وبدأت الأسعار بالانخفاض شيئاً فشيئاً، وانفضحت الأهداف الحقيقية الأميركية والذين يسيرون في فلكها في المنطقة يوماً بعد يوم، وتوحدت القوى السياسية الإيرانية على اختلاف توجهاتها وتباين مشاربها الفكرية أمام المواقف الصريحة المهينة من جانب ترامب وفريقه لكرامة الشعب الإيراني كأمة والعقوبات الموجهة ضد البنى التحتية لإيران ككيان.

وحيث أن أكثر من مليونين ونصف مليون ايراني ومن أصول إيرانية يتواجدون في مختلف الولايات الأميركية منذ عشرات السنين وأكثرهم يتبوّأون مواقع مهمة ومؤثرة في المجتمع الأميركي وحتى في مراكز القرار في الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي وأيضاً في أوساط أخرى ترسم السياسة الأميركية، وهؤلاء كلهم لهم امتدادات وارتباطات في وطنهم ويتواصلون مع ذويهم بصورة تكاد تكون يومياً، وهم لن يرضوا بأن يصيب بلدهم ومناطق تواجد أقربائهم أي أذى في حال نشوب حرب ستكون حتماً طاحنة، خصوصاً وأنهم ما يزالون يتذكرون آثار الحرب التي شنها صدام على ايران طوال ثمان سنوات بُعيد انتصار الثورة الإسلامية والدمار الكبير الذي أصاب المدن والأرياف والتي لم تزل بعض تلك الآثار بادية للعيان.

ثم إن مختلف وسائل الإعلام تنقل كل يوم صور التقاتل بين المجموعات المتناحرة والدمار الهائل الناتج عنه في الدول التي انخدعت بالشعارات الكاذبة الأميركية والغربية عموماً وانساقت وراء الخطط الشيطانية للمستكبرين، وهم يأخذون العبرة من ذلك؛ وعليه فإنهم وإن كانوا معارضين لسياسات النظام أو معارضين للنظام من أساسه لكنهم لا يتأثرون بالوساوس الإبليسية ولا يرضون بالتدخل الأجنبي عموماً والأميركي بالأخص في الشأن الداخلي لأن الحرب إذا شبّت لا تقتصر على بقعة دون أخرى ولا تميز بين طرف وآخر.

إذن لا بد من الإنتظار حتى انتهاء زيارة رئيس الوزراء الياباني وتسرب محتويات لقاءاته مع آية الله خامنئي ورئيس الجمهورية الإسلامية الشيخ حسن روحاني، وكذلك زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ولقاءاته مع الرئيس الإيراني ووزير الخارجية ظريف، وحتى تدارس مواقع القرار الإيراني بهدوء للرسائل التي يحملها ((آبي))  و(( ماس)) ومدى جدية العروضات الأميركية التي يحملانها، كون دونالد ترامب معروف بالمزاجية في طبيعته وسرعة التقلب في قراراته، ولذا يصعب الوثوق بتعهداته، خصوصاً أن هذه الليونة تجاه الجمهورية الإسلامية جاءت بعد خيبة الأمل الأميركية الكبيرة من الحصول على أي مكسب من كوريا الشمالية وتعنت الزعيم الكوري بعد التلاعب بالرئيس الأميركي وجرّه لمرتين للقاء معه وكيل أطنان من المديح والثناء من جانب رأس النظام الرأسمالي العالمي لزعيم الدولة الشيوعية، وبعد الفشل الذريع في فنزويلا واستمرار الرئيس مادورو في منصبه، وفي خضم التوتر الشديد مع الصين وروسيا، والتباين في المواقف مع الإتحاد الأوروبي، والإيرانيون يقرأون جيداً الأفكار الأميركية خصوصاً وأن محمد جواد ظريف ترعرع في الولايات المتحدة وأنهى دراسته في جامعاتها والدكتور علي أكبر صالحي رئيس مؤسسة الطاقة النووية أيضاً درس لسنوات في الجامعة الأميركية في بيروت وتخرج منها وكان المشرف على أطروحته لشهادة الدكتوراه وزير الطاقة الأميركي المشارك في جلسات المفاوضات النووية ارنست مونيز، وظريف وصالحي يجيدان فهم العقلية الأميركية وكذلك مؤديات التحركات الأميركية ويملكان أيضاً شبكة واسعة من الأصدقاء في أميركا والعالم يضعونهما في صورة ما يدور في الجلسات السرية للمسؤولين الأميركيين ويطلعونهما على نتائج مطالعات مراكز الدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، واعتقال الوزير في حكومة الكيان الصهيوني قبل فترة وإدانته بتهمة التجسس لصالح الجمهورية الإسلامية أوضح دليل على مدى تغلغل ايران حتى في أدمغة عظام أعدائه اللدودين.

وخلاصة القول أن لا مفرّ للأميركي عموماً ودونالد ترامب خصوصاً من النزول عن عرش القوة العظمى و ((التفرعن)) والتعامل بندّية أو حتى من موقع الضعف مع الجمهورية الإسلامية، وكل محاولات العودة إلى مرحلة الإملاءات على المسؤولين في ايران اليوم كما كان في عهد الشاه محمد رضا بهلوي لم ولن تجدي نفعاً وكذلك فرض العقوبات على أنواعها، ويجب أن يفهم الذين لا يزالون يسبّحون بحمد الدول الإستعمارية ويسلمون قرارهم وقيادهم لترامب المطالَب في بلده بالحجر عليه لعدم اتزانه في سلوكه، وتراه رئيسة مجلس النواب مستحقاً للسجن وتقييده بالأصفاد لتمرده على القانون، وتتزايد يومياً المطالبات الشعبية والنيابية بالبدء في إجراءات تؤدي إلى عزله بسبب سوء إدارته.

والذين يجعلون مفاتيح خزائن بلادهم في يد الشخص المزاجي غير مأمون الجانب الذي ينام على موقف ويستيقظ على نقيضه، ويعين شخصاً في موقع مهم في إدارته ثم يبادر إلى عزله بتغريدة لمجرد تعكر مزاجه منه، والذي تقوم وسائل الإعلام الأميركية بعملية إحصاء الأكاذيب الصادرة منه يومياً، في حين أن الجمهورية الإسلامية بقيت ثابتة في مواقفها منذ انطلاقة حركة الإمام الخميني في العام 1963 وبعد الإنتصار العام 1979 رغم تقلب الآخرين في مواقفهم منها، والتعامل مع العراق ومع حركة ((حماس)) خير شاهد على ذلك، حيث لم يمنع ما ارتكبه صدام حسين بحق الشعب الإيراني طوال ٨ سنوات من التلاحم مع الشعب العراقي فور سقوط النظام والذي يتجلى دوماً في المناسبات الدينية المشتركة وخصوصاً في مراسم ذكرى استشهاد الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله في يوم عاشوراء وأيضاً في ذكرى أربعين سيد الشهداء عليه السلام وفي مناسبات عديدة أخرى، ومسارعة ايران في عمليات التصدي لـ ((داعش)) بعد أن كادت تصل إلى العاصمة بغداد، ودورها الحاسم في إجهاض عملية انفصال كردستان والإستقلال عن الدولة العراقية، وبالنسبة لحركة ((حماس)) التي انساقت بسرعة صوب التوجهات السلفية المتطرفة لمجرد فوز الإخوان في مصر، واتخذت قيادتها حينئذ موقفاً عدائياً تجاه الثورة الإسلامية وايران، وأفسحت المجال لدعاة التكفير بإثارة النفوس في الشارع الفلسطيني ضد المسلمين الشيعة عموماً وحزب الله في لبنان والجمهورية الإسلامية في إيران، لكن إرسال المساعدات الإيرانية للشعب الفلسطيني ودعم المجاهدين ضد العدو الصهيوني لم يتوقف ولم يخف، وموقفها من الصراع مع المحتلين لم يتغير أبداً، وكذلك الأمر مع الدول التي وضعت جميع إمكاناتها تحت تصرف صدام طوال فترة الحرب، حيث لم تعاملهم الجمهورية الإسلامية بعقلية الإنتقام بعد انتهاء الحرب وهزيمة صدام وفشل مشاريع جميع من وقفوا خلفه ومعه، إذ وقفت ايران بشدة ضد احتلال الكويت وقسم من الأراضي السعودية من جانب العراق، واحتضنت مئات الألوف من النازحين من الدولتين في ربوعها، وهكذا يبدو أن البعض لا يريد تذكر الماضي أو أنه لا يؤمن بالواجب الفطري وهو رد الجميل.

 

 

الوسوم