بيروت | Clouds 28.7 c

((الهيبة)) في جزئه الثالث: مسلسل متماسك فنياً على الأقل في الحبكة

*لا يمكن نسف نجاح مسلسل ((الهيبة))  في أجزائه الثلاثة، ولا يمكن أن نقلل من أهمية المتابعين، مهما اختلفت معاييرهم، ورؤيتهم. العمل قائم على حبكة تحوّلت إلى بنية درامية، تفاوت مستواها من جزء إلى آخر، إذ وقعت في فخ التقليد في بعض المرات.

قبل سنتين، حمل الكاتب السوري هوزان عكو نصّ ((الهيبة)) إلى المنتج صادق الصبّاح. رواية قائمة على شخصية محورية هي ((جبل شيخ الجبل))، الشاب الوسيم، ابن العائلة النافذة التي ورثت العادات العشائرية بالمفهوم الآني، لتقديم وجبة متكاملة في البناء الدرامي العام وأبعاده الدلالية، وصراع الإنسان مع الوجود المحيط به، ومواجهة الآخر. وهذا هو التعريف الأسلم لسردية ((الهيبة)).

في الجزء الثالث، الذي يُعرض حالياً، ما تزال الطريق طويلة وشاقة أمام عائلة ((شيخ الجبل))، لكن تحولات في الصورة تجد ملاذها اليوم، وتسيطر على الشخصية المحورية، وتجعلها ((رومانسية))، بداية من الحلقات العشر الأولى. في المقابل، تقلل الحبكة من أهمية شد الأنظار نحو القرية وصراع الأبطال وبسط النفوذ، وصولاً إلى الثأر. هكذا، أصبحنا أمام لافتة نهاية شارة المقدمة، كُتب عليها ((بيروت)) لبلوغ ((الحصاد)). شيخ الجبل في العاصمة يبدو هادئاً، قادراً على تحمل ((ورطة)) إصابة ابن عمه شاهين بطلق ناري كاد يودي بحياته. محاولة إنقاذ بشكل سوريالي تُبعد صورة العنف بداية، وتحمل مزيداً من الأحداث المُستجدة على القصة.

تنوعت تجارب المخرج سامر البرقاوي في ((الهيبة)) بشكل قد يبدو للمتفرج دليلاً على الحيرة في إيجاد أجزاء أخرى فُرضت أو ستفرض لاحقاً، لكن هل أصابت الفكرة الهدف ورغبة القائمين على المسلسل؟ هل نحن نشاهد بلورة جديدة للحكاية عبر هذا الجزء الثالث؟

تغلب المصادفات المفاجئة بداية الحلقات العشر الأوائل؛ ما يدفع بالأحداث صوب صراع متجدد، سيقلب أجزاءً من المعادلة. ((شيخ الجبل)) قابع في غرفة مستشفى خاص في بيروت، السبب هو إنقاذ ابن عمه من طلقة رصاص، كادت تودي بحياته. لا علاقة لكل ما شاهدناه سابقًا في ((الهيبة)) بإنسانية جبل ومشاعره، ودقة البحث عن حرية يحاول خوضها منفرداً بعيداً عن ضغوط الموالين داخل القرية ومفهوم والدته لذلك.

الصدفة الثانية، تقود جبل إلى لقاء الصحافية نور رحمة، التي تؤدي دورها سيرين عبدالنور. ساعات قليلة، أشبه باجتياح عاطفي مُستغرَب. تلتقي نور وجبل، وتقع قصة حب ((تُشبع)) جوع الجمهور المراهق المتحيز إلى وسامة تيم حسن وجمال زميلته، سيرين عبدالنور.

((الدوز)) العاطفي يضرب جميع الشدائد بعيداً عن العناصر الأخرى، أو تلك التي عرفناها بـ((المحورية)). ربما هذا ما سعى إليه الكاتب باسم السلكا، والمخرج والقائمين على المسلسل، بدوافع تسويقية.

تحريك العصب العاطفي المبني على ((بطولات)) عسكرية ودفاعية لا تغيب إلا قليلاً. مشهد المسدس والأسلحة حاض في كل حلقة، وصولاً إلى انكشاف مكان وجود ((جبل)) ومداهمة على طريقة الأكشن الهوليوودية لمبنى المشفى، وخروج جبل وعائلته منه سليماً، ولجوئه إلى أحد المخيمات طمعاً في الهروب من وجه العدالة للمرة الألف. يوازي هذا كله، الذي يبدو إجرامياً، تنامي ظاهرة العواطف والرومانسية، ما أنقذ هذا الجزء من انتقادات واجهته في الجزء الثاني، المعروف بـ((العودة))، إلى أصول العائلة واغتيال الأب سلطان شيخ الجبل

حضور سيرين عبدالنور يلقى تعاطفاً من قبل متابعيها وجمهورها، ويتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي جبهة مُحصنة من كل الانتقادات التي تواجهها، فالردود ضرورية لتسجيل نقاط على المواقع نفسها، خصوصاً أن المسلسل يحظى بالمراتب الأولى. 

لا بأس. ((الهيبة)) هذه المرة، بجزئه الثالث، يبدو متماسكاً فنياً. على الأقل في الحبكة. ليبقى السؤال: هل ينقذ التماسك المسلسل حتى كشف النهاية؟ وهل من جزء رابع يعلن عنه نهاية العرض؟

الوسوم