بيروت | Clouds 28.7 c

حافظ قال لصدام: من مقام السيدة زينب أدرت اقتصاد سورية وأنت لديك ستة ائمة لم تستطع ادارة اقتصاد العراق  / بقلم السيد صادق الموسوي

حافظ قال لصدام: من مقام السيدة زينب أدرت اقتصاد سورية وأنت لديك ستة ائمة لم تستطع ادارة اقتصاد العراق  / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 24 أيار 2019 العدد1902

 

*العلاقات الايرانية – السورية متجذرة منذ 1400 سنة

*السلطان العثماني عبدالعزيز خان أعاد بناء مقام السيدة زينب وشاه ايران شق الطريق الممتد اليه في طرف دمشق

*زاد اهتمام توجه الشيعة الى مقام السيدة زينب في دمشق بعد استيلاء البعث على السلطة في العراق وتضبيقه على الشيعة فيه

*شيخ وسيد خارجان من سجون صدام أسسا أول حوزة علمية في السيدة زينب

*أرسل حافظ الاسد مندوبين للقاء الامام الخميني في باريس واعلان تأييده له.. فرد الامام بأنه سيرسل رده على الاسد بالبريد

*طرد السادات الخبراء الروس من مصر فتعمقت العلاقات السوفياتية – السورية

*سليماني أقنع بوتين بالمشاركة بالحرب مباشرة في سورية بعدها أسقط بوتين صواريخ اوباما نحو سورية

*الضباط الروس والايرانيون والسوريون يقودون الحرب من غرفة عمليات واحدة

*روسيا تحتاج الحضور الثقافي الايراني لمواجهة الثقافة الوهابية

*المصالح المشتركة بين ايران وروسيا ممتدة من مجلس الأمن في نيويورك حتى بحر قزوين مروراً بسورية والعراق وأوبك

*نظام الاسد استفاد من حماية الروس لفنزويلا من التهديدات الاميركية لنظامها اليساري

 

يتردد كثيراً في الأوساط المختلفة نوعية العلاقات الإيرانية - الروسية وكيفية التعامل فيما بينهما على الساحة السورية، وهل ايران وروسيا في حالة تعاون أو تنافس أو تعارض، ولأجل توضيح الصورة لا بد من قراءة مختصرة لكل من تاريخ العلاقة الإيرانية - السورية والعلاقات السورية - الروسية بصورة مستقلة، ومن دون هذه القراءة لا يمكن فهم التطورات بشكل صحيح.

العلاقات الإيرانية – السورية

أرض الشام دخلت التاريخ الشيعي منذ أن وقعت حرب صفين بين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ومعاوية بن أبي سفيان في العام 37 هجرياً عقب رفض معاوية البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام الذي بايعه عامة المهاجرين والأنصار وعموم أهل المدينة المنورة التي كانت عاصمة الدولة الإسلامية يومئذ حيث يصف علي المشهد بأفصح الكلام وأجمل التعبير بقوله: فما راعني إلاّ والناس كعُرف الضبُع إليّ ينثالون عليّ من كل جانب حتى لقد وُطئ الحسنان و شُقّ عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم، وبعد انتهاء حرب الجمل التي كانت أول حرب ضروس داخلية بين المسلمين كان أحد طرفيها أمير المؤمنين والطرف الآخر أم المؤمنين، حاول معاوية استغلال الإنشقاق الحاصل والاصطياد في الماء العكر فتمرد على أمير المؤمنين واستثار أهل الشام بدعوى المطالبة بدم عثمان ونصّب نفسه ولياً لدمه، فكانت المنازلة في منطقة ((صفين)) في ((الرقة)) حالياً، ولا أريد هنا الدخول في التفاصيل.
وبعد أن قتل عبدالرحمان بن ملجم المرادي الإمام علياً في ليلة 19 من شهر رمضان عام 40 هجري، وبعد أن بويع بالإجماع سبط الرسول صلى الله عليه وآله الامام الحسن، وقاد الجيش الذي كان أمير المؤمنين عليه السلام قد جهزه قبل مقتله وأراد العودة به إلى صفين لمواصلة القتال وإجبار معاوية على التسليم بالبيعة التي أجمع عليها عامة المهاجرين والأنصار وأهل المدينة وكافة الأمصار ما عدا الشام، بعد ذلك قاد المجتبى العساكر المجتمعة في منطقة ((النخيلة )) في مجابهة معاوية، وبعد كرّ وفرّ وبفعل دسائس وخيانات لم يتمكن الحسن عليه السلام من تحقيق الأمر، لكنه استطاع على الرغم من ذلك أن يجعل معاوية يرسل إليه ورقة موقعة منه على بياض مسلّماً بما يمليه الإمام الحسن في الورقة فكان ما سُمّي بـ ((الصلح)) بعد ذلك، لكن معاوية لم يلتزم بما وقّع عليه هو شخصياً، وشنّ حملة واسعة وعنيفة على من كان يُظَن أو يُتهم أنه يحب علياً أو هو من شيعته، وكان من جملة من قتل بـ ((مرج عذراء)) بالقرب من دمشق الصحابي الجليل حجر بن عدي وابنه بأمر من معاوية، وبعد ذلك كانت واقعة الطف في كربلاء أيام حكم يزيد بن معاوية والمجيء بأسارى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام، ووفاة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام هناك، وعرض رأس الحسين في جانب المسجد الأموي، وهكذا صار تعلق الشيعة بهذه الأرض مؤكداً.
وبعد مجيء السيدة زينب الكبرى إلى الشام بعد واقعة كربلاء بسنوات على حسب بعض الروايات والسيدة زينب الصغرى المعروفة بأم كلثوم ووفاتهما في المدينة، وبعد تلاشي السلطة الأموية، ومع بداية السلطة العباسية التي قامت تحت شعار ((إلى الرضا من آل محمد))، تمكن محبو أهل البيت والشيعة بالأخص من إظهار مودتهم التي أمر الله تعالى بها بقوله: ((قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى))، وهنا اشتد الشوق إلى زيارة الأماكن التي فيها آثار لأهل البيت أو للصحابة الذين دفعوا حياتهم ثمناً لولائهم لهم؛ فكان منها منطقة الشام التي حوت إضافة إلى قبور السيدة زينب الكبرى وأم كلثوم والسيدة رقية قبور الصحابي الجليل عمار بن ياسر والتابعيين أويس القرني وأبي بن قيس النخعي رضي الله عنهم أجمعين ومقام رأس الحسين ومساجد عديدة تُنسب بشكل وبآخر إلى أهل البيت عليهم السلام.
وصار الولاة والسلاطين والملوك يبدون اهتماماً بعمارة البقاع المرتبطة بأهل البيت كدليل على حبهم وولائهم، ويقال أن رجلاً قرقوبياً من مدينة حلب في العام 786 هجري كان أول من بنى مسجداً في المنطقة وسماه بإسم مسجد السيدة زينب، ثم تطور الأمر وأوقف نقيب الأشراف في الشام يومذاك حسين الموسوي سنة 768 ما يملكه من بساتين وأراض في المنطقة على المقام وقام بتجديد البناء وبناء قبة صغيرة على القبر. وفي عام 1302 أعيد بناء قبة المقام بأمر من السلطان العثماني عبدالعزيز خان.
وعلى مرّ السنين كان الإهتمام بمقام السيدة زينب بنت الإمام علي وكذلك مقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين يتزايد، حتى أنه يقال أن رضا بهلوي شاه ايران هو الذي اشترى الطريق الممتد حالياً من قرية ببيلا إلى مقام السيدة زينب ليسهل على الزوار الوصول إلى المقام، وهنا يظهر أن الاهتمام بالمقام كان مشتركاً بين السلطان العثماني ((السني)) ورضا شاه ((الشيعي)).
ومع استيلاء البعثيين في العراق على السلطة بالكامل عام 1968 والبدء بالتضييق على الشيعة والحوزة العلمية في النجف الأشرف توزع العراقيون في أصقاع الأرض ونشأت حوزات علمية في مناطق متعددة، وكان الموقع الأنسب لتأسيس الحوزات هو إلى جوار مراقد أحد رموز أهل البيت، فكان مقام السيدة زينب في ضاحية دمشق البديل للعتبات المقدسة في العراق لمن حُرموا من زيارتها، ومنطقة الست الموقع الأنسب لتجمع طلاب العلوم الدينية. وبالنتيجة تأسيس حوزة علمية فيها، وحضر علماء إلى هناك أمثال سماحة السيد احمد الواحدي والسيد حسن الشيرازي الذي كان لتوه خارجاً من سجن البعث في العراق إلى المنطقة وتأسست الحوزة العلمية على أيديهما، وصار يزداد يوماً بعد يوم توافد الشيعة من كافة المناطق لزيارة المقام وأيضاً مقام السيدة رقية، ومع وصول الرئيس حافظ الأسد إلى الحكم في سورية عام 1970 وميوله في التساهل مع شعائر أهل البيت وبفعل علاقاته مع رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المؤسس حديثاً السيد موسى الصدر وعلاقة أخيه الحاج سليمان مع السيد حسن الشيرازي، توسع مجال العمل في سورية.
كانت العلاقة على صعيد دول المنطقة حسنة بين سوريا وبين نظام شاه ايران، لكن المناضلين ضد نظام الشاه كان لهم هامش ضيق من التحرك أيضاً، فكان تواجد المظلوم محمد ابن المرحوم آية الله منتظري الذي كان من رواد الثورة ضد الشاه في كثير من الأحيان في منطقة ((حجيرة)) بجوار السيدة، حيث كان يتجمع مناهضو نظام الشاه وأتباع الإمام الخميني في غرفتين استأجرهما منتظري من أحد السكان من مهجري القنيطرة على ما أعتقد، وأنا كنت في كثير من الأحيان آتي من لبنان ونعقد اجتماعات في ذلك المكان لتنسيق العمل ضد نظام الشاه واستقبال المعارضين القادمين من ايران ونقلهم إلى لبنان من دون ختم الخروج من سورية والدخول إلى لبنان وترتيب تدريبهم على أساليب العمل العسكري والأمني وغيرها على أيدي المقاومة الفلسطينية ومن ثم إعادتهم إلى سورية ورجوعهم إلى إيران بشكل لا يكتشف ((الساواك)) أي استخبارات الشاه نشاطهم لأن مدة بقائهم في سورية كانت تبرر بأنها لزيارة مقام السيدة زينب.
ومع بدء التحركات الشعبية في ايران وظهور علائم انهيار نظام الشاه سارع الرئيس السوري حافظ الأسد إلى فتح خط مباشر مع الإمام الخميني الذي كان قد وصل إلى باريس، وأرسل رسالة مع مبعوثين اثنين إلى الإمام يعلن فيها وقوفه مع حركة الشعب الإيراني بقيادته، وأذكر أنني كنت في باريس ولما وصلت إلى نوفل لوشاتو في ساعة متأخرة من الليل رأيت رجلين يقفان خارج مكتب الإمام الخميني في البرد القارس جداً ولما سألتهما عن سبب وجودهما في المكان وفي هذا الجو قالا: جئنا برسالة من السيد الرئيس حافظ الأسد وننتظر الجواب، ولما أبلغنا الإمام بالأمر أجاب: سأرسل الجواب بالبريد. ولما أبلغتهما بالجواب كانت الصدمة بادية بوضوح على وجهيهما وقالا مستغربين: كيف هذا؟ وقلت لهما هذا كان جواب الإمام، فذهبا.
ومع تسارع الأحداث التي أدت إلى سقوط نظام الشاه وانتصار الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني تطورت العلاقات السورية - الإيرانية بصورة متسارعة فإلى جانب تعيين سفراء مقربين جداً للرئيس الأسد لدى العاصمة الإيرانية منهم العقيد إبراهيم يونس الذي كان من الرفاق القدامى للرئيس السوري ومن مسقط رأسه قرداحه، عيّن الأسد ممثلاً شخصياً له ولكن بصفة القائم بالأعمال هو أياد المحمود، وكان صلة الوصل المباشر بيني وبين القصر الرئاسي، وفي سورية كان اللواء محمد ناصيف هو المسؤول عن الملف الإيراني وكان اللقاء الأول بيني وبينه بترتيب أياد المحمود، في حين كانت السفارة الإيرانية في سورية غير ذي دور لكون السفير هو أبو زوج الدكتور إبراهيم يزدي الذي كان لفترة وزيراً للخارجية في حكومة مهدي بازركان وكان طاعناً في السن، ولذلك كان التواصل السوري يتم معي ومع المظلوم محمد صالح الحسيني، وحتى أن القرار السوري بإغلاق أنبوب النفط العراقي إلى لبنان عبر سورية مع بدء الحرب العراقية - الإيرانية أبلغه أياد المحمود لي فوراً في مكتب الإمام الخميني وأنا بدوري أبلغته إلى الجهات المعنية، وكذلك لما تقرر إيفاد السيد علي أكبر محتشمي سفيراً لدى سورية باقتراح من المرحوم السيد احمد الخميني بعد خروجه من لجنة الإشراف على الإذاعة والتلفزيون الإيراني التي عينها من قبل الإمام الخميني وذلك بسبب خلافه مع محمد هاشمي شقيق المرحوم الشيخ هاشمي رفسنجاني الذي كان رئيساً للمؤسسة الإعلامية تمّ إبلاغي أولاً بأول من قبل السيد محتشمي نفسه وبدوري أبلغت أياد المحمود الأمر وهو أكد لي أن الموافقة مضمونة بمجرد وصول رسالة وزارة الخارجية الإيرانية، وفعلاً تمّت الترتيبات بسرعة وتعين السيد محتشمي سفيراً، وكان دوري هو الإستفادة من علاقاتي على مختلف المستويات وتجييرها للسيد محتشمي بسبب العلاقة القديمة والوطيدة التي كانت تربطنا منذ أيام النجف الأشرف.
والنموذج الواضح أن إيران كان لها سفارة وسفير معتمد في لبنان هو الشيخ فخر روحاني، ولكن لعلاقتي المتينة بالسيد محتشمي وصلت جميع العاملين في الساحة اللبنانية بالسفارة الإيرانية في سورية متجاهلاً السفارة في لبنان رغم محاولة السفير التقرب مني والتودد إلي، وحملت بسيارتي الخاصة عبر ما كان يسمى بالخط العسكري كلاً من المظلوم السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك إلى سورية واجتمعوا مع السيد محتشمي في مبنى السفارة المتواضع يومذاك واستقبلتهم بعد الاجتماع في منزلي الذي كنت استأجرته في منطقة المالكي وتناولنا الغداء معاً وأعدتهم بسيارتي أيضاً إلى بعلبك، وكان ذلك بداية عمل حزب الله في لبنان، وبقي لسنوات كثيرة مركز قرار حزب الله في لبنان هو في السفارة الإيرانية بدمشق متجاوزاً السفارة الإيرانية والسفير الإيراني في بيروت.
ولتكريس الاهتمام الخاص من قبل الجمهورية الإسلامية لسورية عيّن الإمام الخميني رضوان الله عليه ممثلاً شخصياً له هو السيد احمد الفهري ليعنى بالشؤون الدينية والخدمات الإجتماعية، وهو فعلاً قام بدور كبير وترك بصماته في الواقع الديني على صعيد عموم سورية وبذل جهوداً كبيرة لإعادة الحياة لآثار أهل بيت النبوة والصحابة الكرام، ولا مجال هنا لتعدادها.
إن العلاقات الإيرانية - العراقية بدأت بالتدهور منذ اليوم الأول لانتصار الثورة الإسلامية لكون كثيرين من الأقطاب وحتى عموم الشيعة في العراق كما في باقي البلاد شعروا بالاعتزاز بانتصار ثورة على رأسها مرجع ديني، وتهافت الثوار وطلاب الحرية من مختلف دول العالم حتى من غير الشيعة وغير المسلمين ليعلنوا ولاءهم للإمام الخميني خاصة أن الثورة أعلنت في أول يوم من انتصارها قطع العلاقة مع ((إسرائيل)) وكانت زيارة ياسر عرفات إلى إيران في الأيام الأولى لسقوط نظام الشاه وإعلانه تضامن الثورة الفلسطينية مع الثورة الإسلامية في إيران فكان تسليم مبنى السفارة الإسرائيلية للزعيم الفلسطيني ورفع العلم الفلسطيني عليها وإعلان أول سفارة لفلسطين في حين كانت الممثليات قبل ذلك في مختلف الدول لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا توجد سفارات لأن أحداً في العالم لم يكن يعترف بفلسطين كدولة قائمة لتكون لها سفارة.
شعر نظام البعث بالخوف من تصاعد التعاطف بين غالبية الشعب العراقي وهم الشيعة مع الثورة الإسلامية في إيران التي يتزعمها مرجع ديني شيعي، وخصوصاً أن السلطة كانت قد مارست من قبل الضغط الشديد على المراجع وطلاب الحوزة في النجف الأشرف وسفّرت بأسلوب همجي مئات الألوف من العراق بحجة الأصول الإيرانية وبذرائع أخرى واهية وأعدمت كثيرين من علماء السنة أمثال الشيخ عبدالعزيز البدري السامرائي من علماء بغداد والشيعة كالشيخ الناصري، كل هذا جعل الشارع الشيعي وحتى بعض الوسط السني العراقي يتعاطف مع ايران، لذلك تدهورت العلاقات العراقية - الإيرانية وأزيح احمد حسن البكر وسيطر على الحكم بالكامل صدام حسين الذي كان من قبل نائباً لرئيس الجمهورية.
وبعد أيام قليلة ظهر صدام على شاشة التلفزيون العراقي وأقدم على تمزيق الإتفاقية التي وقّعها هو وشاه ايران في الجزائر عام 1975 وأعلن وبدعم ومساندة كاملة من الدول العربية عموماً والولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي وباقي دول الإستكبار الحرب على الدولة الإسلامية الوليدة التي لا يوجد جيش نظامي متماسك عندها والجموع الثورية فيها لا تعلم من التدريبات العسكرية وأساليب القتال شيئاً، وهو على يقين بأنه سيكتسح الأراضي الإيرانية خلال أيام معدودة، ولا نريد الدخول في تفاصيل هذا الملف، لكن مع قطع الإتصال بالكامل بين الشيعة والعتبات المقدسة لأئمة أهل البيت في العراق صار إقبال الإيرانيين إلى المراقد في سورية أكثر وتهافت الزوار بمئات الألوف لزيارة السيدة زينب والسيدة رقية وباقي المقامات التي أسلفنا ذكرها، وشذّ عن قاعدة الدول العربية في مساندة صدام الرئيس السوري حافظ الأسد بسبب الحساسية الشديدة بينه وبين العراق في موضوع قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي حيث كان العراق بما يملك من أموال النفط يعمل على ريادة البعثيين في العالم العربي لأنه كان السباق في الوصول إلى الحكم وتمكن أيضاً من استقطاب ميشال عفلق مؤسس الحزب إليه فيما كان الأسد يفتقد الأموال النفطية وهو ينتسب إلى الأقلية العلوية في سورية ذات الأغلبية السنية، وبسبب موقفه هذا واجه حافظ الأسد هجمة شرسة من الدول العربية التي كانت تتسابق في إعلان التضامن مع صدام حتى الحضور شخصياً إلى ساحات الحرب والمشاركة في إطلاق الصواريخ باتجاه المواقع الإيرانية، لكنه صمد أمام الضغوط وتوطدت علاقاته أكثر فأكثر مع ايران.
وبفعل هذه العلاقات السورية - الإيرانية تمّ الضغط الإقتصادي على سورية ومن قبل كانت أنواع الضغوط قد مورست على الجمهورية الإسلامية في إيران، وهنا كان التبادل الإيراني - السوري لمواجهة الأزمة، فشجعت ايران الزوار على زيارة السيدة زينب بكثافة أكثر وسهلت لهم الحصول على العملة الصعبة المدعومة حيث كان يشعر كل ايراني أن تكاليف السفر إلى سورية بالطائرة والعودة منها تكون أقل من المبلغ الذي يستلمه بالسعر الرسمي، والجانب السوري الذي كان مصرفه المركزي خالياً تقريباً من العملة الصعبة ومن الدولار الأميركي بالخصوص أصدر قراراً بضرورة صرف كل شخص يصل منافذ الحدود السورية مائة دولار بالسعر الرسمي الذي كان أقل بكثير من السعر في السوق الحرة، وهذا الإجراء أدخل الى الخزينة السورية مئات ملايين الدولارات وبما أن أكثر الزوار كانوا في تلك الفترة من الإيرانيين فكان أكثر العملة الصعبة يدخل سورية من جانبهم، وكذلك كان التبادل بين المصرف الوطني الإيراني والمصرف السوري بالسعر حسب التسعيرة الرسمية السورية، وأيضاً تمّ استئجار عموم الفنادق السورية في دمشق والسيدة زينب من قبل مؤسسة الحج والزيارة الإيرانية، واستخدمت مئات الباصات لنقل الزوار من هيئة النقل الحكومية، وتمّ توظيف المئات من الموظفين لمرافقة الحملات والترجمة، إضافة إلى التساهل في التبادل التجاري من جانب ايران مع سورية حيث كان السوري يعرض منتوجاته للسوق الإيرانية بسعر مرتفع لكن الإيراني كان يتغاضى عن ذلك ويشجع السوق الإيرانية على الإستيراد من سورية، وكذلك تساهل ايران كثيراً في المطالبة بالديون المتراكمة عليها بمليارات الدولارات، وهذا التساهل مستمر حتى يومنا هذا رغم العقوبات الإقتصادية القاسية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية في ايران من جانب الولايات المتحدة.
ومن الطرائف أن حافظ الأسد أبلغ بطريقة إلى صدام حسين في فترة حصاره الشديد أنه بوجود مقام لأحد أهل البيت من غير المعصومين يعني السيدة زينب أدرتُ أنا اقتصاد سورية في فترة الحصار الإقتصادي وأنت عندك ستة من أئمة أهل البيت المعصومين ولا تعرف كيف تدير اقتصادك، ومن بعد ذلك بدأ صدام بفرض مبلغ 100 دولار على كل زائر إيراني إلى العراق بسعر يحدده هو حتى قبل سقوطه في العام 2003.
ومن هنا صار موقع سورية والسيدة زينب والسيدة رقية في وجدان كل ايراني والتواصل الجوي بين ايران وسورية بلغ في اليوم الواحد في بعض الأوقات أكثر من 20 طائرة عدا الذين كانوا يأتون براً عبر تركيا.
وتعمقت العلاقة السورية - الإيرانية أكثر من خلال العلاقة الشخصية بين الرئيس حافظ الأسد والمرحوم الشيخ هاشمي رفسنجاني سواء في فترة رئاسة مجلس الشورى الإسلامي أو طوال فترة رئاسة الجمهورية حتى تحولت هذه العلاقة إلى العائلتين، وحافظ السيد محمد خاتمي على الزخم نفسه طوال فترة رئاسته سواء أيام حياة الأسد الأب أو بعد وفاته مع بشار، وبدت واضحة هذه الخصوصية في العلاقة الإيرانية - السورية في اللقاء الحميم وغير البروتوكولي بين آية الله خامنئي والرئيس بشار الأسد أثناء زيارته الخاطفة إلى طهران.
ولقد أسلفنا القول أن أهل بيت النبوة جيء بهم سبايا إلى الشام بعد واقعة عاشوراء العام 61 هجري، ومعهم الرأس المقطوع للإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله، ولكون السيرة الحسينية يتمّ تداولها باستمرار في كافة المحافل الشيعية وبالمناسبات المختلفة وطوال السنين المتعاقبة ويتعاطف الناس بقوة مع مظلومية أهل البيت، ومن جملة السيرة دور السيدة زينب في كربلاء وفي الكوفة أمام عبيدالله بن زياد وفي الشام أمام يزيد بن معاوية، فإن حادثة سبي نساء آل البيت محفورة في الوجدان الشيعي وحتى في دمه.
وبعد وفاة حافظ الأسد وتسلم بشار الأسد السلطة واتفاق غالبية الدول العربية والولايات المتحدة والفرنسيين والبريطانيين على الإطاحة بحكمه فإن المنطق الذي انطلق به المسلحون هو معاداة كل ما يمتّ بصلة إلى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وطالبوا بكل صراحة بهدم قبر السيدة زينب والسيدة رقية، وهدموا فعلاً مقام الصحابي الجليل حجر بن عدي في منطقة ((عدرا)) ونبشوا قبره ونشروا بكل وقاحة فعلتهم هذه على مواقع التواصل مفتخرين، وكذلك فجّروا مقام الصحابي الجليل عمار بن ياسر والتابعي أويس القرني في الرقة، ومن قبل قام التكفيريون بتفجير مقام الإمامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء والتهديد بهدم قبر الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله في كربلاء، كل هذا أعاد إلى الأذهان هدم قبور أئمة أهل البيت وعدد كبير من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله في ((البقيع)) في المدينة المنورة مع بدء الحكم الوهابي في أرض الحجاز عام 1805في المرة الأولى وفي العام 1925 للمرة الثانية وحتى محاولة هدم قبر الرسول نفسه لولا النفير العام للمسلمين في مختلف الأقطار استنكاراً، كل هذا حرّك الحمية على الأخص عند عموم الشيعة في العالم وطُرح بقوة شعار: لن تُسبى زينب من جديد، وتداعى محبو أهل البيت من كافة البلاد للتوجه نحو سورية لمواجهة التكفيريين الناصبين العداء لآل الرسول، ولأن العدد الأكبر كان من الإيرانيين ولمتانة العلاقة الإيرانية - السورية كانت القيادة للفصائل المقاتلة في سورية بيد قائد لواء القدس التابع للحرس الثوري اللواء قاسم سليماني إضافة للمجموعات اللبنانية التابعة لحزب الله لكن التنسيق هو مع قيادة الجيش السوري النظامي.
ومع تراجع المسلحين وتفرق المعارضين وتخلي الحماة الإقليميين والدوليين عن الفصائل المقاتلة وانقلاب الدول الحامية للمتطرفين إلى مطارديهم في الشوارع والأزقة وتبدل المواقف على المنابر من التحريض للحاق بصفوف المجاهدين طمعاً بالجنة إلى الإعتذار الصريح من الأمة بسبب التوجهات الخاطئة السابقة والإصطفاف الصريح إلى جانب السلاطين والحكام ورفع الغطاء الشرعي عن كل حاملي السلاح، ومع بروز ملامح النصر للدولة السورية وبسط سلطتها على معظم الأرض السورية، صار من الطبيعي أن يبرز خصوصية الدور الإيراني على الساحة السورية وتتجلى العلاقة الإستراتيجية بين سوريا والجمهورية الإسلامية في ايران.

العلاقات السورية – الروسية

بدأت العلاقة الروسية ((السوفياتية سابقاً)) السورية مع استقلال سورية عام 1944، وتطورت لما كانت الوحدة مع مصر أيام جمال عبدالناصر عام 1958 كون عبدالناصر حليفاً قوياً للإتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط، ومع تسلم حافظ الأسد السلطة في سورية العام 1970 تعمقت العلاقة حتى صار بعد الحركة التصحيحية العام 1971 تحالفاً استراتيجياً، وبعد التحول في مصر وطرد أنور السادات السوفيات ابتداءً من العام 1972 اضطر الكرملين للبحث عن بدائل أخرى في المنطقة، وكانت سورية والعراق اللتان يحكمهما حزب يساري هو حزب البعث العربي الإشتراكي أفضل تلك البدائل فتدفق السلاح السوفياتي من جميع الأنواع ومن مختلف المستويات إلى سورية وأيضاً العراق.
وبالإضافة إلى الدعم العسكري قدمت القيادة السوفياتية دعماً سياسياً مشهوداً لسورية في المحافل الدولية، وساهم الإتحاد السوفياتي في بناء البنية التحتية للاقتصاد السوري لا سيما في فروعه الإستراتيجية، واعتبر البلدان التعاون بينهما متجاوباً مع مصالحهما المشتركة.
استمرت العلاقات السورية- السوفياتية بالتطور والتجذر في مختلف المجالات حتى قبيل انهيار الإتحاد السوفياتي، وبعد توقف لعدة سنوات في عهدي غورباتشوف ويلتسين استأنف بوتين العلاقات الوطيدة السابقة وجدد التحالف الإستراتيجي مع سورية، وفعّل القاعدة العسكرية في طرطوس التي كانت قد أهملت لسنوات.
ومع انطلاق الحركات المعارضة للنظام في سورية حاول أقطابها تطمين الروس بأن مصالحهم لن تتضرر في حال الإطاحة بحكم بشار الأسد وأن الإتفاقيات مع النظام الحالي ستُحترم رغم اعتماد منظومة المعارضة كلها وبمختلف تسمياتها على التحالف العربي الخليجي الغربي ، وكان الروس قد ارتاحوا لتلك التطمينات وهذا ما شجع المعارضين على الأرض وفي المحافل الدولية للسير قدماً في التوسع الميداني وفرض سلطتهم على مختلف المدن والقرى السورية، وتمّ رفض التعامل مع ايران بكل صراحة ومُنع الإيرانيون من المشاركة في مفاوضات جنيف الأولى رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة قد وجّه الدعوة للجمهورية الإسلامية للمشاركة لكن الضغوط أجبرته على سحب الدعوة، وتفردت القوى المناهضة للنظام بساحة المفاوضات وكان المثل المعروف أنت الخصم والحكم مجسداً بكل معنى الكلمة، لكن زيارة خاطفة للواء قاسم سليماني إلى موسكو ولقاءه مع الرئيس بوتين لمدة ثلاث ساعات وتوضيحه مخاطر التهاون في مواجهة المتطرفين والنتائج الكارثية التي تترتب على انتصارهم في حال حصوله والتهديدات التي تواجهها دول المنطقة في حال نجاح مشروعهم دفع بالرئيس بوتين إلى التخلي عن التفرج على التطورات والإندفاع نحو المشاركة الفعالة وبكل قوة في الساحة السورية، وتجلت المشاركة الحيوية الأولى في اللحظة التي أصدر الرئيس باراك أوباما أوامره للأساطيل وحاملات الطائرات الأميركية بالتجمع أمام الساحل السوري وأصدر التهديد الصريح وحدد ساعة الصفر، ومع انطلاق أول صاروخي كروز من الأسطول الأميركي المتواجد قرب المياه الإقليمية باتجاه سورية أطلقت روسيا صواريخها المضادة المتطورة وأسقطتها في البحر، وهنا تغيرت قواعد اللعبة وتراجعت الأساطيل وفشلت المراهنات، وتسابق العرب والصهاينة بعد ذلك إلى موسكو لطلب ودّ الرئيس بوتين وتوقيع الإتفاقيات بمئات المليارات لعله يميل نحوهم ويرضى بالتخلي عن الرئيس بشار الأسد.
وفي تطور استثنائي وافق آية الله خامنئي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية على السماح للطائرات الروسية القاذفة المتطورة بعبور الأجواء الإيرانية واستخدام القاعدة العسكرية في مدينة همدان للتزود بالوقود والانطلاق منها لقصف مواقع المسلحين في سورية.
وتوسع التعاون الروسي في المجالات المختلفة مع المجموعات المتعددة المرتبطة بإيران والمنتشرة على الأرض السورية كون القوات الروسية هي في الأغلب تؤمّن الغطاء الجوي والمدفعي للمقاتلين ولا يوجد حضور كثيف للجنود في ميادين النزال، وهناك غرفة عمليات مركزية واحدة تجمع كبار ضباط الجيش السوري النظامي والمستشارين الإيرانيين والضباط الروس يتمّ فيها التنسيق ليقوم كل طرف بما يتطلبه الموقف في كل منطقة قتالية، وهذا ما أدى إلى نجاحات للقوات الموالية للحكومة بعدما كانت تتقهقر سريعاً أمام المسلحين، واليوم نراهم منعزلين في بقعة جغرافية ضيقة في إدلب وتهاجمهم الطائرات الروسية والمدفعية الثقيلة السورية ولا تستطيع تركيا حمايتهم بأي حال.
ومن جهة ثانية فإن المصالح المشتركة للجمهورية الإسلامية وروسيا متعددة في مناطق مختلفة، ففي الجانب العقيدي تحتاج روسيا للحضور الإيراني الثقافي في روسيا في مواجهة الفكر السلفي التكفيري الذي ترعاه السعودية وهذا ما يهدد بالفعل وبالقوة الدولة الروسية الخارجة لتوها من الحقبة الشيوعية التي كانت تحارب التوجهات الدينية عموماً والإسلامية بوجه خاص، وهذا التحول دفع بالمسلمين المضطهدين في تلك الحقبة وهم بعشرات الملايين إلى التعويض عن حالة الكبت السابقة بتقبل الأفكار المتطرفة التي يعمل على نشرها خريجو المدرسة الوهابية، وبالفعل فقد حصلت عمليات إرعابية عديدة على الأراضي الروسية وفي الشيشان قام بها التكفيريون، وفي المجال السياسي فإن روسيا بقيادة بوتين تريد استعادة دورها المؤثر كقوة كبرى في مواجهة الولايات المتحدة التي تشعر بأنها الآن سيدة العالم بلا منازع، ونقطة ضعف أميركا هو الخليج مصدر 70% من النفط العالمي ومنطقة ساحل البحر الأبيض المتوسط وبالأخص دول جوار الكيان المحتل لفلسطين، وإيران تملك كامل الساحل في ضفة الخليج وجزء من بحر عمان وتتحكم بمضيق هرمز الحيوي لصادرات النفط، وأخيراً تمدد النفوذ الإيراني إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وفي الساحة اللبنانية هناك حضور قوي لإيران من خلال التحالف الشيعي أمل - حزب الله والقوى الحليفة لهما من باقي المذاهب والطوائف والتكتلات ذوي التوجهات الفكرية المختلفة، وفي العراق يعرف الروس أن كافة القرارات في أي مستوى رسمي وشعبي تتأثر بالموقف الإيراني بسبب الوشائج العقيدية بين الشعبين والدور الإيراني في التخلص العراقي نسبياً من هيمنة الولايات المتحدة، وأخيراً تكرس الحضور الإيراني في الساحة السورية وحتى تخوم منطقة الجولان المحتل حيث حاول الصهاينة إبعاد إيران من تلك المنطقة على الأقل وقاموا بقتل العديد من القيادات التي كانت تتحرك في تلك المنطقة بالقصف أو الإغتيال، لكن ذلك لم يمنع ايران وحزب الله من التمدد في المنطقة وتهديد مواقع الكيان الصهيوني فيها، أمام هذا الواقع يرى الروس أن التحالف مع الجمهورية الإسلامية في ايران يفتح لهم مجالات واسعة والتعاون معها يدرأ عنهم مخاطر كثيرة، وإيران أيضاً تستطيع من خلال دولة كبرى لها حق النقض في مجلس الأمن الدولي تعطيل القرارات الأممية بحقها وهي والصين الدولة الأخرى صاحبة حق النقض يستطيعان كبح جماح الولايات المتحدة وإفشال كثير من مخططاتها ضد إيران على الساحة الدولية ولوجود مصالح مشتركة أيضاً على ساحل بحر قزوين والحدود المشتركة الطويلة بين الدولتين وإمكانية تعامل السوق الإستهلاكية الروسية مع الصادرات الإيرانية وكسر محاولات أميركا تضييق الخناق على ايران، وفي المجال النفطي أيضاً يمكن للروس التأثير الكبير على منظمة ((أوبك)) رغم كونها ليست عضواً فيها، وخلاصة القول فهناك جملة مصالح لروسيا تفرض عليها الحفاظ على ايران وأيضاً لإيران مصالح عديدة تجعلها قريبة من روسيا، ومهما ظهر من خلافات ثانوية في موضوع معين فإن قادة الطرفين يسارعون إلى إزالتها ومعالجة أسباب حدوثها.
أما الرئيس السوري فهو يعلم مدى تأثير إيران في درء الخطر عن نظامه والتضحيات الكبيرة التي قدمتها مع مقاتلي حزب الله اللبناني في مواجهة العمل العربي الدولي للإطاحة به فلا يمكنه أبداً تجاهل ذلك أو تناسيه بأي حال، ويعلم أيضاً أن الذي استطاع التأثير على الجانب الروسي وإقناعه بالحضور الفعال في الساحة السورية هو اللواء قاسم سليماني الإيراني، ومن جانب آخر يعلم بشار الأسد أن الروس بقيادة بوتين يودّون استعادة مجد أيام الإتحاد السوفياتي السابق، وقد ظهرت علائم الحرب الباردة بين الروس والأميركيين في مناطق مختلفة وآخرها الحضور الروسي في فنزويلا وإفشال المخطط الأميركي في آخر مراحل تنفيذه، وهذا الأمر يفيد نظام الأسد لأن وجود قاعدة عسكرية رسمية لروسيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط يبسط اليد الروسية على كامل المنطقة.
وفي المحصلة يمكن القول أن الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة آية الله خامنئي والإتحاد الروسي بقيادة فلاديمير بوتين لا يمكنهما إلاّ التعاون في سورية رغم قدم العلاقة المتجذرة ومتعددة الجوانب بين الإيرانيين وبلاد الشام منذ أكثر من 1400 سنة كما أسلفنا وحدوث العلاقة السورية المتينة مع الروس بفعل طرد الخبراء الروس من مصر عام 1972 واضطرار السوفيات سابقاً البحث عن بديل في المنطقة، واستفادة بوتين من هذه الأرضية المهيأة من أسلافه للتواجد في معادلات المنطقة والمشاركة في رسم سياساتها، وهذه الحقيقة الثابتة تغلب كل المتغيرات الطارئة.

بقلم: السيد صادق الموسوي

 

الوسوم