بيروت | Clouds 28.7 c

روسيا والنظام ينقضان على ادلب / بقلم محمد خليفة

روسيا والنظام ينقضان على ادلب / بقلم محمد خليفة

مجلة الشراع 10 \ايار 2019 العدد 1900

 

*العودة للقصف الهمجي والبراميل واستهداف المشافي

*الهدف تهجير السكان للسيطرة على الطرق الاستراتيجية

*مساومات تركية - اميركية - روسية لاقتسام الشمال السوري

 

 

لم تلتزم روسيا باتفاق سوتشي منذ أن توصل اليه رجيب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في أيلول/ سبتمبر 2018. كما أن قوات النظام لم تحترم ((منطقة خفض التصعيد الرابعة)) التي تشمل محافظة ادلب وريف حماة الشمالي - الغربي رسمياً.

 ظل ((الضامن الروسي)) أكثر من ينتهك الإتفاقين لابتزاز شريكه التركي كلما تأزمت علاقاتهما, ولكن بمعدل عنف محدود. أما النظام الذي لم يكن طرفاً رسمياً في الاتفاقين فأعفى نفسه من أي التزام, وظلت انتهاكاته للاتفاقات إنعكاساً لالتزام روسيا الهش به وحسب.

أما في الأيام الأخيرة منذ 30 نيسان/ ابريل فتحولت الانتهاكات المنخفضة العنف حملة همجية تشترك بها القوات الروسية والسورية, تذكر بحملاتهما الكبرى على حلب والغوطة ودرعا. عادت روسيا  للقصف المكثف الهمجي من الجو والبحر , واستهدفت المدنيين والمشافي , ومخيمات اللاجئين قرب الحدود التركية. والحصيلة 246 غارة للطيران الحربي خلال خمسة أيام حسب ((المرصد السوري لحقوق الانسان)) فضلاً عن قصف بالصواريخ من البوارج والسفن.

 كما عادت للمرة الأولى منذ عام قوات النظام للقصف بالبراميل, وبلغ عددها 607 براميل في 70 غارة جوية, حسب ((المرصد)) في خمسة أيام فقط.

أسفرت الحملة الثنائية عن مقتل حوالى 270 شخصاً من المدنيين وغالبيتهم من الأطفال والنساء, وتهجير ((100,000)) مائة ألف شخص من قراهم وبلداتهم ومدنهم خلال خمسة أيام فقط, بمستوى يذكر بموجات التهجير التي حدثت من حلب خلال 2016, ودرعا خلال 2018, يضافون الى مائتي ألف ((200,000)) نزحوا في الشهرين الأخيرين للسبب نفسه, الى الحدود التركية المغلقة. فافترشوا الحقول بلا مأوى ولا غذاء ولا ماء أو خدمات ضرورية, بطريقة تشبه موجات النزوح من درعا الى الحدود الأردنية العام الماضي.

على الصعيد السياسي أكثر ما يلفت النظر أن السلطات التركية ظلت صامتة بلا تصريح أو احتجاج على ما يجري, رغم مسؤوليتها الكاملة عن أمن المنطقة المستهدفة, ووجود قوات عسكرية كبيرة لها على الأرض. ولم تحل احتجاجات الأمم المتحدة وواشنطن والعواصم الاوروبية دون استمرار روسيا في عملياتها, وهي تعلم أن هناك تفاهماً دولياً صارماً يحظر الحرب الشاملة في ادلب, لا حرصاً على أرواح السوريين ولكن خوفاً من أن تتسبب بموجة تهجير مليونية تتدفق على تركيا ثم الى اوروبا .  

الأسباب والأهداف

تتذرع روسيا باستمرار هيئة تحرير الشام (النصرة) في ادلب وعجز تركيا عن تصفيتها حسب الاتفاق بينهما, كما تتذرع بتهديد ((النصرة)) لقاعدة حميميم, وادعى ناطقها الرسمي أن حميميم تعرضت للقصف بالصواريخ مرتين يوم الاثنين الماضي.  وزاد النظام الى ذلك ((رواية سينمائية)) مفادها أن النصرة تجهز لاجتياح مدينة حماة. بيد أن المراقبين والمحللين يرون أسباباً أخرى تكمن في المساومات الجارية حول مصير شمال سورية بين تركيا وكل من أميركا وروسيا. ومن الملاحظ أن قمة آستانا الأخيرة بين الضامنين الثلاثة روسيا وايران وتركيا فشلت في إيجاد تفاهمات بشأن المسائل المختلف عليها , وخصوصاً ((المنطقة الآمنة)) التي تريد تركيا إنشاءها.

ويبدو أن واشنطن اقتنصت لحظة التوتر في علاقات روسيا وتركيا, فأرسلت مبعوثها الى سورية جيمس جيفري الى أنقرا للبحث في المنطقة الآمنة وتقديم بعض التنازلات والوعود المغرية لها لتنفيس الاحتقان بين البلدين, وإبعاد تركيا عن روسيا. وقد حققت زيارة  جيفري أهدافها, وهيأت للتوصل لاتفاق نهائي بشأن المنطقة الآمنة في شرق الفرات, ولكن هذه النتيجة أغضبت روسيا التي تريد الحصول على ثمن مقابل المنطقة الآمنة, يتمثل في أمرين:

1-الحصول على مدينة جسر الشغور المحررة لقربها من الساحل وتشكل قاعدة للمعارضة التي يمكنها استهداف قاعدة حميميم.

2-السماح لقوات الأسد بالانتشار في بعض مناطق الشمال المحاذية لتركيا .

رفضت أنقرا الطلبين, فحركت روسيا والنظام ملف النصرة في ادلب وبدأتا الحملة العنيفة على ادلب وحماة.

أما فصائل المعارضة المقاتلة فأصدرت الاثنين الماضي بياناً جاء فيه إن روسيا والنظام يريدان السيطرة على الطريقين الدوليين إم 4 وإم 5 اللذين يربطان بين حلب والساحل عبر ادلب وحلب ودمشق عبر ادلب أيضاً. وهذا الهدف الاستراتيجي لا يتطلب السيطرة على الطريقين فقط, وإنما يتطلب تهجير السكان المعادين للنظام من حوله, ولذلك شن الطرفان الهجمات الاخيرة بهدف تهجير السكان من 130 قرية وبلدة واقعة على محيطه بين ادلب وحماة.

ووثق مواطنون بالفيديو سبع طائرات عامودية تقصف قرية صغيرة لا مسلحون فيها بالبراميل , ما يعني أن هدفهم تهجير السكان ولا شيء آخر!   

جاء الدور أخيراً على ادلب لأنها الأخيرة خارج سيطرة النظام تماماً, ولا بد من مجزرة كبرى ضد أربعة ملايين سوري!

        

الوسوم