بيروت | Clouds 28.7 c

هكذا يعود ماهر الاسد الى ثكناته/ كتب حسن صبرا

من هنا نبدأ

هكذا يعود ماهر الاسد الى ثكناته/ كتب حسن صبرا

مجلة الشراع 19 نيسان 2019 العدد 1897

 

طرحنا في نهاية المقال الرئيسي في العدد السابق ((بوتين يروّس الجيش السوري)) (أي يصنعه الروس) سؤالاً هو متى تعود فرقة ماهر الى ثكناتها؟.. على أمل ان نجيب على هذا السؤال في عددنا اليوم..

بداية

نشأت فرقة ماهر الرابعة في جيش العائلة من نواة صلبة شكلها عمه رفعت تحت اسم سرايا الدفاع عن نظام شقيقه حافظ والد ماهر وبشار.. وراح الابن الثالث لمؤسس أسرة آل الاسد لحكم بلاد الأمويين ماهر يوسع دورها، وينافس بقية الفرق المسلحة، حتى جاءته الفرصة الذهبية خلال ثورة الشعب السوري ضد حكم هذه العائلة، فإذا بالفرقة الرابعة التي تملك أحدث وأفتك الاسلحة، توسع تمددها من دمشق ومحيط القصر الجمهوري الذي يحتله شقيقه بشار، حتى باتت في عموم سورية، وبات لها أركانها واستخباراتها وميليشياتها التي يشكلها ضباط ماهر ويدفعون لها المخصصات، ويفتحون لها طرق التهريب والتعفيش (أي سرقة عفش منازل السوريين المهجرين خوفاً من البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية..).

ورغم ان مجرم الحرب فلاديمير بوتين هو مصدر التسليح الأول لفرق آل الاسد وأهمها فرقة ماهر، فإن سياسة الكرملين تجاه سورية اعتمدت أيضاً سياسة الامساك بهذه الفرق لتوجيهها وفق ارادة موسكو التي ينفذها على الأرض ضباط بوتين في قاعدة حميميم التي باتت منذ 30 – 9- 2015، هي مصدر السلطات في عموم سورية المحتلة.. وعلى هذا فإن الروس قدموا سهيل الحسن الملقب بالنمر على ماهر وبقية الضباط وتحدث عنه بوتين في لقاء جمع مجرم الحرب مع ضباط الاسد.. قائلاً ان الضباط الروس في سورية يشيدون بالنمر وشجاعته!!

وإمساك الروس بفرق آل الاسد العسكرية وميليشياتها، لم يكن يهدف الى قطع الطريق على فرقة ماهر فحسب، بل على كل تشكيلات جماعات الاسد العسكرية، تمهيداً لافساح المجال واسعاً ((لتنصيب)) الجيش السوري ((المتروّس)) مؤسسة عسكرية تحل مكان فرق آل الاسد.

في عددنا السابق كتبنا ان الروس يعتمدون الآن وجود 720 ضابطاً جديداً تم تدريبهم في روسيا، والآن نؤكد ان هناك نحو 170 ألف جندي سوري موزعون بين الفيلق الخامس- اقتحام وبين بقية التشكيلات التي أقامها الروس في عموم سورية.

مئات الضباط السوريين من خريجي الكليات العسكرية الروسية، حصلوا على دورات تأهيل كقادة كتائب وأركان حرب وعلوم اجتماعية.. هؤلاء هم نواة جيش سورية الذي يتصوره الروس.

لذا

لن تبقى فرصة ماهر متسيدة جيش سورية المستقبل عسكرياً بوجود الفيلق الخامس – اقتحام هذا في العسكرة.. أما في السياسة فإن الأمر منوط بسلسلة اجراءات تحدثنا عن بعضها في مقالات سابقة، وهي املاءات بوتين على عامله على دمشق بشار الاسد وقد استدعاه عدة مرات الى الكرملين ليبلغه ما يجب عمله في الحزب وفي الجيش وفي الدستور، وفي بقية عهده الممدد له بشكل غير شرعي.

ما هي هذه الاملاءات التي لم يجرؤ بشار على رفضها؟

1-تثبيت الوجود العسكري الروسي على الساحل السوري في قاعدة حميميم الجوية – البرية، وقاعدة طرطوس البحرية التي تمتد عشرات الكلمترات من طرف المدينة، مع عمق في المياه الدولية.

ومع هذا الوجود العسكري يتم تثبيت الوجود الاجتماعي لعائلات الضباط في المدن والقرى المحيطة بهذه القواعد بحيث يصبح في سورية حضور روسي ثابت عسكرياً وأمنياً ومدنياً.. بحد أدنى لا يقل عن خمسين سنة.

2-ابتعاد الجيش السوري (المروّس) عن الحدود مع فلسطين المحتلة نحو 50 كلمتراً – أي ينكفىء الى العاصمة دمشق، لمنع حصول أي استفزاز او تحرش او أي عمل عسكري بين العدو الصهيوني وهذا الجيش.

ويشمل الابتعاد: الجولان، وجبل الشيخ، والقنيطرة ونوى في درعا.

3-مع هذا الابتعاد لن يزيد عديد الجيش السوري (المروّس) عن 170 ألف جندي ينتشرون بعيداً عن الجبهة مع العدو الصهيوني ويتم نشرهم عند بقية الحدود السورية مع لبنان والعراق وبعض الاردن.. وهذا العديد هو الذي ينضوي حتى الآن تحت اسم الفيلق الخامس – اقتحام وبقية التشكيلات المحيطة به.

4-وفي الاطار العسكري نفسه يتم سحب كل القوى غير السورية.. ولم يأتِ بوتين على ذكر القوى الاميركية والتركية في شمالي وشرق سورية..

5-في المجال السياسي يتم ما يلي:

أ-وضع دستور جديد لسورية، شكلت لأجله هيئات مختلفة، تجتمع وتنصرف من دون كتابة مواد معتمدة، الا تلك التي يحددها الروس وأهمها حذف كلمة العربية من اسم الدولة لتصبح الجمهورية السورية بدلاً من الجمهورية العربية السورية.

ب-اعتماد المعادلة العراقية في الحكم أي نقل الصلاحيات الحقيقية في السلطة التنفيذية من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة، وتكليف شخصية وطنية مستقلة من السنة المقربين من المملكة العربية السعودية.

ج- اعتماد الحرفية العسكرية في مؤسسة الجيش (المروّس) ليقوم بمهمات عسكرية بحتة، ويتولى توجيهه السياسي والاداري وزير دفاع سياسي محترف ومستقل وكذلك تخضع أجهزة الأمن لوزير داخلية سياسي محترف ومستقل.

بشار الاسد الذي يمتثل لأوامر بوتين في حضوره.. يرجع الى عادته وسلوكه في المراوغة والكذب، فلا يجرؤ على نقل هذه الأوامر الى عصبته الحاكمة، بل يحاول التلطي خلف ما يسمى بحزب البعث في سورية، ليخرج منه بمواقف يزعم فيها انها ارادة أخرى داخل البلاد.

بشار الذي ألغى سيطرة البعث على السلطة في سورية استدعى ما يسمى بلجنتها المركزية ليطلب منها رفض ما يلي:

1-تحويل اسم الجمهورية العربية السورية الى الجمهورية السورية على غرار الجمهورية العراقية والجمهورية اللبنانية..

2-رفض ان يكون مذهب الرئيس متنوعاً بين عربي وغير عربي.

3-رفض ان يكون مذهب الدولة الجديدة علمانياً والاصرار على ان يكون على مذهب ابي حنيفة.

4-التنازل عن صلاحيات رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة.

5-رفض اتباع قيادة الجيش للحكومة وابقاؤها تحت سيطرة رئيس الجمهورية.

6-رفض تشكيل حكومة من كافة الأحزاب السورية المستقلة والبعثية وتوابع البعث.

7-رفض وضع قانون جديد للانتخابات النيابية والاكتفاء بالقانون البعثي الحالي.

8-رفض وضع قانون جديد للأحزاب في سورية والابقاء على القانون الحالي الذي يعطي السلطة كاملة لحزب البعث الذي تديره استخبارات الاسد.

9-رفض جعل مناطق شرق الفرات تحت حكم محلي- اتحادي لتخضع لسلطة قوات سورية الديموقراطية ذات الأغلبية الكردية.

10-منح الاكراد صلاحيات حكم أسوة بوضعهم في شمال العراق ورفض السماح لهم بفتح جامعات (وكذلك رفض ذلك للأرمن والسريان والروم الارثوذكس) ورفض منح العشائر العربية السنية المتواجدة في منبج والرقة ودير الزور والبوكمال والميادين وتحت اشراف اميركي) أي دور في ادارة هذه المناطق.

11-رفض اعطاء الدروز حكماً محلياً ذاتياً.

12-رفض السماح بفتح قنوات بث فضائية للمعارضة الوطنية السورية، من داخل البلاد، واصدار صحف، ورفض اعادة أملاك قادتها التي يسيطر عليها حزب البعث.

13-رفض وضع مراقبين دوليين وعرب ومن الأمم المتحدة لمراقبة الاتفاقيات التي سيعقدها النظام مع القوى المختلفة محلياً وعربياً وصهيونياً.

كعادته.. كما والده، تلطى بشار خلف لافتة حزب البعث الذي حوله حافظ الى مفرزة أمنية يعمل قادته في مؤسسات الحزب كلها على كتابة تقارير ضد بعضهم البعض وضد الناس، ويبصمون ويصفقون ويهتفون ويختار من الأكثر تصفيقاً وهتافاً وزراء ونواباً وسفراء ومدراء ورؤساء جامعات..

هذه اللافتة التي يختبىء خلفها بشار ممزقة، يريد فيها هذا المراوغ كسب الوقت (أي وقت؟ ولماذا؟) علّه يحصل من بوتين على بعض المكاسب للبقاء في الحكم لوقت أطول بعد انتهاء مدته الرئاسية عام 2021.. مراهناً كوالده على عوامل تحول دولية (نزاع اميركي – روسي، او اصرار صهيوني على بقاء بشار للبصم على صفقة تصفية القضية الفلسطينية او نزاعات عربية دموية، تبعد الاهتمام بالبحث في مصيره).

حسن صبرا

 

 

الوسوم