بيروت | Clouds 28.7 c

رجل الاعمال اللبناني النيجيري حبيب جعفر: من الوالد علي الى بيروت وكانو ولاغوس ولدت الاوديسة الافريقية لمهاجر لبناني - كتب: وائل بحسون

 

 

رجل الاعمال اللبناني النيجيري حبيب جعفر: من الوالد علي الى بيروت وكانو ولاغوس ولدت الاوديسة الافريقية لمهاجر لبناني

كتب وائل بحسون

29 حزيران 2025

  • صدر حديثاً عن دار نوفل/ هاشيت انطوان، كتاب:

"الأوديسة الأفريقية لمهاجر لبناني"

سيرة ذاتية للكاتب اللبناني النيجيري حبيب جعفر، يسرد فيه "قصة فريدة من نوعها"، لأنها "بدأت وتطوّرت في بلدين مختلفين إلى حد كبير، تميّزا بحقائق متنوعة وقديمة ومعقّدة وغنيّة، وحتى مرعبة أحياناً في تاريخهما".

 

حضوراً راقياً مثقفاً وشخصيات مرموقة من الوان المجتمع اللبناني، حضروا بلهفة واهتمام الى مبنى مؤسسة شارل قرم في الأشرفية بعد ظهر يوم الخميس في ٢٦ حزيران، تلبية لدعوة الكاتب ورجل الاعمال اللبناني النيجيري، ابن بلدة جويا الجنوبية، حبيب علي جعفر، لاطلاق مولوده الفكري الاول وعصارة حياة عصامية لتوقيع سيرته الذاتية التي حملت عنوان كتاب:

 

"الأوديسة الإفريقية لمهاجر لبناني"

 

واسمحوا لي هنا،

بذكر تفصيل يدل على شخصية الكاتب المثقفة، الا وهو غرفة الجلوس الجميلة المواجهة للبحر والتي حوّلها حبيب الى مكتبة كبيرة غنيةٌ بالكتب والموسوعات والوثائق وسبل المعرفة المكتوبة والرقمية واستقصاء المعلومة من مصادر متعددة..

و أجزم انها جلسته المفضلة بين الكتب مع كاسة الشاي او القهوة التي يقدمها لزواره وهو الذي يردد دائما ما قاله ابو الطيب المتنبي:

وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ

 

وعودٍ على بدء،

 

ففي استطلاع لآراء القراء أجراه موقع "BBC Cultureبي بي سي كالتشر"، حلّت ملحمة الأوديسة للشاعر الإغريقي هوميروس على رأس قائمة أفضل 100 رواية تركت بصمة في العالم، وهي التي تعتبر من أقدم الأعمال الأدبية الخالدة والأهم في اليونان القديمة.. وتتبع البطل الإغريقي اوديسوس ملك إيثاكا في رحلته إلى وطنه بعد انتهاء حرب طروادة..

 

واليوم،

وبعد مرور 2700 عام على تنظيم هذا العمل الأدبي الثقافي ما زال في ذاكرة الإنسانية الى يومنا هذا وشعلة ملحمية استوحى منها ابن بلدة جويا الجنوبية، وكانت ملهمته لسيرته الذاتية، تاركة آثارها في منهاج حياة نجاح رجل الاعمال في الإغتراب حبيب علي جعفر، بطريقة سرده لاحداث سيرته انطلاقاً من الاقتداء بعبر الملاحم الخالدة التي ربما تعودإلى القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد.

 

الصديق الحبيب، حبيب جعفر، وفي كتابه الذي اطلقه اليوم:

 

"الأوديسة الإفريقية لمهاجر لبناني"

 

والتي اتخذت احداثها في دول عدة حول العالم حيث كان الاثر الاهم والمحوري في لبنان بلد الولادة وصلة الرحم و نيجيريا التي اعطاها الوفاء شعباً ودولة وتاريخاً ومجتمعاً وتعصّباً لكرامتها ومكانتها، ووفاءً لكلا الوطنين، كان هذا الكتاب وهذه الأوديسة لعصرنا الحالي وبكلماته وعباراته ونهجه الدبلوماسي والأخلاقي والانساني والانفتاح على شعوب وحضارات وثقافات وديانات البشرية من باب الدور الهام للمهاجر الناجح والبارع ورسالته الحضارية بأسلوب راقٍ سهل ممتنع..

 

فالكاتب حبيب جعفر، استهل تعريف كتابه الاول بالعبارة التالية:

 

"…قصّة فريدة في نوعها لأنّها بدأت وتطوّرت في وطنين مختلفين الى حدٍّ كبير، تميّزا بحائقٍ متنوعةٍ وقديمة ومعقّدة وغنيّة، وحتى مرعبة أحياناً في تاريخهما.."

 

وبكلمات موجزة عن الكاتب العصامي الشهم الكريم، انه شغوف بكمالية التفاصيل التي تعتبر مملّة للكثيرين او السطحييّن، بينما هو يؤمن بان النجاح والإبداع يكمن في دقّة الملاحظة ومتابعة التفاصيل وإعطاء كل ذي حقّ حقه والمساحة اللازمة للعمل بحريته وسلام لبناء الأمبراطورية يدٍ بيد مع فريق عمله.. وهذا ما كان له.

 

فيسرد لنا ابو باسل، بكرمٍ، كما هي تصرفاته اليومية، وعلى مدى 324 صفحة من مولوده الفكري الاول، مراحل تَشكُّل هويّته الفكريّة والثقافيّة والنضالية الحلوة والمرّة وشخصيّته كرجل أعمال..

 

وليضيف الحيوية الى سيرته يطلعنا على اهم الأحداث الجميلة والأليمة التي رسمتْ وجه لبنان خلال انطلاقته وتأثيرها على حالته النفسية من خسارة صديقه غازي عند انفجار سيارة مفخخة في بيروت بالقرب منهما وقراراته المصيرية تماماً كما حدث ويحدث مع كل لبناني..

 

ويربط الاحداث والطمع الانساني بالسلطة والتاريخ الحديث لنيجيريا الوطن الذي اكرمه، وما عصف بها من أحداث، رابطاً بين ملامح لبنان ونيجيريا المشتركة باشكال عدة.

 

ويذكر الكاتب حبيب جعفر في كتابه، كبار شخصيات الأدب والسياسة مثل: تولستوي، وصاحب السموّ الملكي محمدو السنوسي الثاني، وُولي سوينكا – أوّل أفريقي يفوز بجائزة «نوبل» في الأدب، وجبران خليل جبران، أمين معلوف، بوشكين،، تشينوا أتشيبي، تشيماماندا أديتشي، البروفيسور إدوارد علم

 

حبيب جعفر، ابو باسل، ديبلوماسي مخضرم، لائق من الطراز الرفيع، ولعل هبة الله هذه كانت من اسباب نجاحه في فتح افاق الاغتراب ونطاق الاعمال من ابوابه الواسعة، ونذكر هنا بعض من الاحداث واللحظات التي غيرت حياته وساهمت في قراراته، انطلاقاً من:

 

  • تحصيل البكالوريوس في الكيمياء الحيوية من "الجامعة الأميركية في بيروت"

  • الى نجاته من انفجار سيارة بالقرب منه في بيروت صيف 1982 ومقتل صديقه غازي

  • الى جامعات امريكا التي تخرّج منها وحصل على درجة البكالوريوس في الصيدلة من "جامعة هيوستن" تكساس

  • دكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من "الجامعة الأمريكية في لندن" في المملكة المتحدة

  • ونطاق الاعمال والصناعة والتجارة والزراعة في القارة السمراء، إفريقيا وانشاء شركةApple&Pears في نيجيريا

  • عضو في مجالس ادارة العديد من المنظمات في نيجيريا ولبنان ومن أبرزها: مؤسسة وُولي سينكا Wole Soyinka و "المبادرة اللبنانية النيجيرية" و "بنك لوسيد للاستثمارات Lucid Investment Bank"

 

وكل هذه الابواب والنجاحات التي اوصلته الى اعلى العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع كبار الشخصيات وصناع القرار حول العالم… كانت تزيده ارتباطاً وصلابة بوطنيته تجاه لبنان بلده الأم ووفاءً تجاه نيجيريا، الوطن الذي فتح له افاق حدودها السماء الزرقاء وكل ذلك ما كان ليكتمل لولا انفتاحه الاتساني والاخلاقي والديني..

 

 

ومن قراءتنا لسيرة الصديق الصدوق، الكاتب والتاجر والمثقف المتعلم الصيدلي والمسيّس بالفطرة، والدكتور في الدراسات العربية والإسلامية، حبيب جعفر، نرى في سيرته الذاتية اضافة قيّمة لاحداث صادقة منقولة بامانة لكل من اراد البحث عن لقمة عيش في وطنه او دول الاغتراب متزوداً بالعزيمة والإصرار والثبات  والمثابرة، فلا بد ان ينجح مهما ازدادت العقبات وقست ظروف الحياة..

 

الى الحبيب، حبيب، كل التوفيق وبانتظار مولودك الفكري التالي وعصارة خبراتك في مسيرة الحياة.

 

واسمحوا لنا ولو اطلنا عليكم ان نشارككم أقوال عن: الأوديسة الأفريقية لمهاجر لبناني، لمثقفين وسياسيين من حول العالم، اضافةً لمقدمة الكتاب التي كتبها:

ديلي أولوجيدي Dele Olojede، الصحافي النيجيري الفائز بجائزة "بوليتزر" الامريكية  للتقارير الدولية عام 2005 عن تغطيته لإبادة رواندا الجماعية. وكان أول فائز من أصل أفريقي بهذه الجائزة في فئة التقارير الدولية

  • وللعلم جائزة "بوليتزر" للصحافة هي احدى الجوائز التي تقدمها سنويا جامعة كولومبيا بنيويورك في مجالات الصحافة والآداب والموسيقى، وتعد أرفع الجوائز الممنوحة للصحفيين في الولايات المتحدة الأميركية، وتوصف إعلاميا بأنها "أوسكار الصحافة"

 

                                        تقديم

 

السيرة الذاتيّة قد تكون نوعًا من الاختراع الذي يُستحسن التعامل معه بروح الشك حتّى عند معرفة أنّه، في أفضل حالاته، يمكن أن يكون نافذةً مفتوحة. ففي النهاية، نحن دائمًا نجوم قصصنا. والأهمّ من هذا كلّه، أنّ السيرة الذاتيّة التي غالبًا ما تكشف، من دون قصدٍ، عن صاحبها، من خلال سرد قصّةٍ واحدة تبرز بين شقوق كلماتها قصّة أو قصّتان أخريان، إنّما تكشف عن شيءٍ مذهل تمامًا. ومن خلال متابعة جزءٍ واحد من حياتنا، فإنّنا نكتسب فهمًا أفضل لمجتمعات بأكملها.

هذه هي الهدايا والمواهب الوفيرة في «الأوديسة الأفريقيّة» التي يقدّمها لنا صديقي وأخي حبيب جعفر. فمن خلال سرد قصّة حياته حتّى الآن، انتهى به الأمر إلى سرد القصص الموازية وغير العاديّة لبلدَيه:

نيجيريا ولبنان. ويا لها من رحلةٍ مقلوبة رأسًا على عقب يا عزيزي القارئ، إذ إنّ هذين البلدين البعيدين يرتفعان ويهبطان مع كلّ جيل، فقط لإظهار الوعد والانعكاس مرارًا وتكرارًا.

وُلدَ حبيب في كانو (Kano) شمال نيجيريا، التي كانت على مدى القرون القليلة الماضية العاصمة التجاريّة الفعليّة لمنطقة الساحل.

فإن كنتَ نيجيريًّا في عمرٍ معيّن، وإن كنتَ مفعمًا بالحياة مثلما هو مؤلّفنا، فعلى الأرجح أنّك ستفهم أنّه حتى وقتٍ قريب، كانت كانو من أهمّ المدن الكوزموبوليتيّة في أفريقيا: كان دينها المدني هو التجارة، على الأقلّ حتّى بات الإسلاميّون هم المسيطرين، فطُبّقت قوانين «الشريعة» القاسية، كما أنّ شرطة الأخلاق أضحى همّها جَعْل حياة النساء بائسة.

ومع أنّ كانو أحبّت المال، إلّا أنّها أحبّت العُروض التمثيليّة والفنّ. لقد كانت مركزًا تاريخيًّا للمعارَضة السياسيّة شمال نيجيريا، وكان مسارها دائمًا مرتكزًا على نكهةٍ خاصّة بها، فالمدينة ضمّت إلى قلبها جميع أنواع الأشخاص من الأديان كلّها (أو لا أحد على الإطلاق).

وربّما يكون من المفاجئ أن نكتشف أنّ الأعراق جميعًا كانت تشعر في كانو بأنّها في موطنها خلال تلك الأوقات المتواضعة والبسيطة، بل إنّ الأغلبيّة المسلمة لم تحسّ بالغربة في العيش قرب المسيحيّين وحتّى مع مجموعةٍ بارزة من اليهود الشرقيّين.

لم يكن مفاجئًا جدًّا إذاً أنّ اللبنانيّين المتجوّلين في الأرض، على الأقلّ مثل اليهود والصينيّين، والباحثين عن الأمان والثروة في مناخاتٍ أُخرى، استقرّوا أيضًا في كانو بأعدادٍ كبيرة. إلى هذه المدينة وصل علي جعفر سنة 1952، بعدما وجد طموحاته محبَطةً في وطنه لبنان، وكانت برفقته زوجته الرائعة نديمة وأبناؤهما الثلاثة الذين سيولد بعدهم خمسة أولاد آخرين، بمَن في ذلك كاتبنا الذي وُلد سنة 1955.

كان لعلي أقارب في المدينة، لكنّ زعيم عائلةٍ يهوديّة كانت تقطن في كانو، وهو يهوديٌّ ليبي يُدعى شاؤول ركّا (Shaul Raccah)، هو الذي أخذ الوافد الجديد تحت جناحيه، ودعم طموحه في مجال الأعمال التجاريّة.

ومع أنّ ركّا لا يظهر سوى بشكلٍ عَرَضي في هذه الأوديسة، فإنّ قصّته هي واحدةٌ من القصص القليلة التي أثّرت فيّ في هذه السيرة الذاتية الرائعة، وذلك لسببٍ بسيط هو أنّها تُذكّرنا بما فقدناه.

فشاؤول ركًا، على غرار جميع المهاجرين ذوي الإصرار على إيجاد وتأسيس حياةٍ أفضل في دول أُخرى، كان مؤسّسة بحدّ ذاتها في كانو، بل كان أبا المدينة:

لم يكتف شاؤول بنجاحه الشخصي في مساعيه وأعماله، بل سعى لرفع مستوى العديد من الآخرين أيضًا، ولا سيّما أنّ مدينة كانو أثبتت أنّها مُضيفٌ مرحِّب، بل حتّى متحمّس.

وبعد عدّة أعوام، عندما تُوقّيَ في سويسرا سنة 1970، اضطرّت عائلته إلى دفن رفاته في المدينة التي أحبّها، تنفيذًا لرغباته النهائيّة، وهكذا أعيدَ رُفاتُه إلى كانو.

ونظرًا إلى عدم وجود مقبرةٍ يهوديّة رسميّة في ذلك الوقت، فإنّ المدينة اتّخذت خطوةً أبعد بإنشائها في وسط المدينة ضريحًا يكون مثواه الأخير، وهذا المكان يُعرف باسم قَبَرين ركًّا (Kabarin Raccah)، أي قبر ركا، ومن الصعب أن نتخيّل أنّ مثل هذا الكرم والاحتضان الغريزي للآخر قادرٌ على أن يجد لنفسه تعبيرًا في كانو اليوم.

ثمّة نجمٌ آخر في هذه الأوديسة هو علي نفسه الذي عاش في عالمَين: نيجيريا ولبنان، مثلما سيفعل ابنه حبيب، لكن بشكل أكثر شمولًا.

وربّما يجب ألّا يفاجئنا أن يكون هذا الكتاب في بعض النواحي ترنيمة حبّ كتبَها حبيب لوالده، الذي كان ملتزمًا بشدّة بإيجاد مكانةٍ لأولاده في العالَم، وكذلك للعمل الخيري، والتبرّع بكلّ ما كان يملكه تقريبًا، من أجل دعم التعليم في بلد أجداده في الجنوب اللبناني.

لقد كان ذلك أحد الدروس التي اتّخذها مؤلّفنا على محمل الجدّ انطلاقًا من مثال والده، إذ تعهّد بالتبرّع بثروته بأكملها، خلال حياته، لمصلحة نيجيريا ولبنان.

هناك تشابهُ مذهل بين بيروت وكانو، مثلما نراه من خلال تجارب عائلة جعفر، وهو صعود وهبوط ثمّ صعود ثروات العائلة، الأمر الذي ينطبق على المدن الكبرى، وعلى دولٍ ومناطق بأكملها.

لقد اضطُر علي إلى القفز إلى المجهول متسلّحًا بقفزة إيمان المهاجر النموذجيّة المغامِرة، وبما يزيد قليلًا على التفاؤل والصلاة. لكنّ بيروت استمرّت تناديه، فعاد ليبدأ مشروع صيدليّة ناجحًا، تاركا وراءه 3 أبناء في كانو لإدارة شركة المنسوجات العائليّة.

غير أنّ بيروت باتت مدينةً يسيطر عليها الآخرون: الإسرائيليّون أو الأميركيّون أو السوريّون أو الإيرانيّون أو حركة المقاومة الفلسطينيّة، وأضحت منغمسةً بجروحها العشائريّة.

لقد أصبحت القنابل هي الوسيلة الفُضلى لتسوية الخلافات السياسيّة وغيرها. وبينما أُعيد مؤلفُنا إلى لبنان لمتابعة تعليمه، ثمّ إلى أميركا لاحقًا، فإنّه رجع أولًا إلى بيروت للمساعدة في إدارة الصيدليّة. لكنّ قنبلةً واحدة في بيروت انفجرت وقتلت سائق العائلة بعد لحظاتٍ من خروج حبيب من السيّارة، اضطرّت حبيب إلى العودة سنة 1982 وهو في السابعة والعشرين من عمره إلى المدينة التي وُلدَ فيها، كانو، لبناء ثروته.

غالبًا ما يكون صعبًا كسر صدمة الأجيال؛ عندما وقع انفجار من نوعِ مختلف في بيروت قبل بضعة أعوام، في مستودع ذخيرةٍ مهمَل، فإِنّه لم يدمِّر مساحةً كبيرة من وسط بيروت فحسب، بل دمّر أيضًا الشعور بالأمان لدى ابنة حبيب، التي اضطُرّت إلى الهجرة إلى اليونان. لقد ثبت أنّ من الصعب كسر دورات التجذّر والاقتلاع، لكن ربّما عالمنا كان هكذا دائمًا.

من ناحية أُخرى، جلب صعود بوكو حرام في كانو قنابله الخاصّة وقلوبه القاسية، وأنعش من جديد التطرّف الإسلامي (الذي تفاقم بسبب تدمير صناعة النسيج المحلّيّة مع صعود الصين). ومع تحوّل كانو إلى الداخل أصبحتْ أقلّ أهمّية، فبعدما كانت متسامحةً وحتى مؤيِّدة للاختلاف، بدأ تراثها الكوزموبوليتي ينكمش بسرعة، كما شرعت مجتمعاتها المهاجِرة النشطة والمبتكرة في الهرب بحثًا عن الأمان.

إنّ الجيوش المعادية للمهاجرين تزحف في جميع أنحاء العالم، وهذه الظاهرة أمستْ مدمّرةً لكانو ولعالمنا. لقد اضطُرٌ حبيب إلى إجراء عمليّة بيع بسعرٍ بخس لما بقي من شركة العائلة، والبدء من جديد في لاغوس في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، متخيّلًا مكانًا آمنًا، على الأقلّ في الوقت الحالي.

على مستوى آخر،

فإن هذه السيرة الذاتيّة هي احتفاءٌ بالصداقات التي بات مؤلّفنا يراها السمة المميّزة لحياته.

ومثلما نقرأ في هذه الصفحات، فإنّ الصداقات التي كوّنها مؤلفنا شكّلت في حياته أساس نجاحه. ففي الأوقات الجيّدة والسيّئة، يبدو أنّ لحبيب موهبةً خاصة في الحفاظ على صداقات ذات معنى، وهذه الصفحات مليئةً بأمثلةٍ متكرّرة عن قوّتها. فالنيجيريّون واللبنانيّون البارزون، على حدٍّ سواء، يتنقّلون عبر الصفحات، من الكتّاب إلى الموسيقيّين إلى المصرفيّين إلى السياسيّين ورجال الأعمال. حتّى أنا، وبسبب مبالغات مؤلفنا، كان لي دورُ وظهور بارزان. ويبدو أنّ الكاتب يشعر بسعادةٍ خاصّة عندما يشير إلى مدى مسؤوليّة الآخرين عن نجاحه.

أخيرًا،

أذهلتني حياة حبيب جعفر التي يبدو أنّها تجد المتعة الكبرى في الأدب. فهنا لدينا رجلّ مثقّف بوضوح، وقارئٌ شره لكلَّ من تولستوي وسوينكا (الذي يحتفظ معه بصداقةٍ وثيقة وتعاونيّة)، إلى الشاعر والأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران. يمرّ في الكتاب موكبٌ طويل من الفلاسفة والمؤرّخين والشعراء والموسيقيّين، بل إنّ مؤلّفنا في الواقع، يقضي وقتًا أطول في مناقشة لقاءاته الأدبيّة أكثر من عمله.

هذا مثقّفٌ متخفًّ ومتنكّر في هيئة رجل أعمال، وللحقيقة هو رجل أعمالٍ ناجح للغاية في ذلك.

آمل أن تمنحكَ هذه «الأوديسة» المعاصرة القدْر نفسه من المتعة التي منحتني إيّاها، وأن تفتح عدّة نوافذ جديدةٍ على عوالم تخيّلْنا أنّنا نعرفها، لكنّنا نستطيع أن نراها من جديد من خلال عينَي المسافر، الذي يسكن في عدّة عوالم متشابهة ومختلفة تمامًا.

(Dele Olojede) ديلي أولوجيدي

مدينة نيويورك،

أيّار /مايو 2023.

 

 

 

  • اقوال عن «الأوديسة الأفريقيّة» لمهاجر لبناني: 

 

  • - إنّ ملحمة حبيب تجسّد مواطنًا عالميًا يعرض رؤيته إلى المستقبل، علاوة على الكلام عن مسيرة أسلافه بشكلٍ واضح وبألوانٍ نابضة بالحياة. وخارج نطاق الصناعة والتجارة، يأخذنا المؤلف في رحلة إلى قلب التاريخ والشعر وحكايات القبيلة الرحّالة والصداقات الإنسانيّة. هذا كتابٌ فريد للقرّاء المهتمّين بما يدفع الإنسان إلى البحث عن التميّز والاكتشاف.

محمّدو السنوسي الثاني / أمير كانو والمحافظ السابق للبنك المركزي النيجيري

 

 

  • -شهادةٌ أصيلة على جمال النضال في قصّة حياةٍ أبحرت في زمن الحروب الأهليّة، واستطاعت أن تقرأ الحياة كعمل أدبي، وأن تفهم الأدب باعتباره البعد الروحي للحياة. هذه قصّةُ لبنانيّة في نيجيريا وقصّةٌ نيجيريّة في لبنان، وهذا سردْ يعلّمنا كيف يمكننا أن نهزم العنصريّة بالحبّ، ونكتشف روحنا الإنسانيّة من خلال الآخرين.

إلياس خوري / روائي ومثقف لبناني في الحقل العام 

 

 

  • - يبدو أنّ حبيب جعفر يجد المتعة الكبرى في الأدب. فها نحن أمام رجلٍ مثقّف بوضوح، وقاري شره لكلُّ من تولستوي، سوينكا، إلى الشاعر والأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران. الأوديسة ملأى بأطياف الفلاسفة والمؤرّخين والشعراء والموسيقيّين، وحبيب مثقّفُ متخفٍّ فيها، يتنكّر في هيئة رجل أعمال، وهو رجل أعمالٍ ناجحُ للغاية في ذلك.

(Dele Olojede) ديلي أولوجيدي / صحافي حائز جائزة بوليتزر

 

 

  • - في هذه الأوديسة يستطيع القارئ أن يجد كثيرًا من الأفكار والدروس العملية فيما يتعلق بالأمر الأكثر أهمّية في الحياة، وهو العلاقات الإنسانيّة ذات المعنى والعابرة للقارّات والثقافات.

د. ناصيف حتي / وزير الخارجيّة اللبناني الأسبق، ومثقّف في الحقل العامّ

 

 

  • - رواية جيّدة لموضوع مهمَل، يجب أن تكون موضع اهتمام المهتمّين بالعلاقات اللبنانيّة والأفريقيّة بتحدّياتها وإمكاناتها.

د. مروان إسكندر / اقتصادي وكاتب لبناني بارز

 

  • وقد قسّم الكتاب الى ستة 6 فصول على الشكل التالي
  1. علي على البال 1925-1972
  2. بيروت في دمنا1972-1982
  3. وبلغت سن الرشد في كانو1982-2000
  4. الأشياء تتداعى 2000-2010
  5. لاغوس علاقة حبّ2010-2020
  6. تذكّر المستقبل سنة 2020حتى الوقت الحاضر