من اوراق حسن صبرا: حواران لم ينشرا مع مرشد الاخوان ورئيس حزب الوفد
الشراع 11 اب 2024
التقيت مع مرشد جماعة الاخوان المسلمين عمر التلمساني في مقره في سوق التوفيقية للخضار والفاكهة المعروف وسط البلد في القاهرة عام 1983
اجريت معه حديثاً اشترط فيه امران : الا يكون مسجلاً اولاً بل ان اكتب أجوبته، طالباً ان يطلع على الحوار مباشرة بعد كتابته في لحظتها فربما يحتاج الأمر إلى تعديل
وافقت على شروط الشيخ عمر ،وكان لطيفاً جداً خفيض الصوت بشوشاً..وكان يجيب على كل اسئلتي بهدوء وتأني ليفسح لزميلي مدير مكتب الشراع في القاهرة المثقف والأديب والفنان صقر بدرخان ان يكتب كل كلمة يقولها ،وكان صقر يعرض اجابة المرشد على كل سؤال ولم يعترض التلمساني على اي منها ..
على ان اهم ما في اجابات السيد عمر التلمساني ، على اسئلتي هي وصفه جمال عبّد الناصر بأنه زعيم وطني ، هنا لم يتمالك صقر بدرخان نفسه ، وقد داس بقدمه طرف قدمي تحت الطاولة التي كانت تفصل بيننا وبين عمر التلمساني.. كأنه يقول لي ان مرشد الاخوان يجاملك ، وقد قلت لصقر بعد ان خرجنا من مكتب التلمساني : "بل ان الرجل يصحح موقف الاخوان المعادي على طول الخط لعبد الناصر ".. وربما اراد ان يقوله عبر منبر الشراع الناصري
غير ان هذا الحديث الذي كنت اتفقت مع صقر ان يكون عنوانه :
مرشد الاخوان يصف عبد الناصر بأنه زعيم وطني، لم يصل إلى لبنان وبالتالي لم ينشر في الشراع ! لماذا ؟
هذا ما سأجيب عليه في نهاية هذه الورقة
٢- حديث مع فؤاد سراج الدين -
في قصره الجميل المميز في منطقة "الجاردن ييتي" القريب من السفارة البريطانية في القاهرة ، استقبلنا الباشا ، آخر وزير داخلية في العهد الملكي الذي اطاحت به ثورة 23يوليو 1952بقيادة جمال عبد الناصر .
اعترف انني شعرت وانا ابدأمسارالمسافة من البوابة الرئيسية لقصر الباشا إلى مدخل العمران المبهر .. انني في فيلم "نهر الحب " بطولة عمر الشريف وفاتن حمامة التي تسكن في قصر بعلها الباشا زكي رستم ..وان زكي رستم سيدخل علينا أنا وزميلي صقر ..
جاء الباشا وقد ثقلت همته بعامل السن لكن شنبه وطربوشه وسيجاره وهيبته الفعلية كانت تليق به فعلاً
اشترط فؤاد سراج الدين علينا ألا يسجل حديثه ، وإنما ان نكتب كلامه وان يطلع على الحديث وان يوقع على كل صفحة من صفحاته ، وان أوقع إلى جانبه .. ابتسمت ووافقت وهويردد : كده ، حضرتك تاخد حقك ونا آخد حقي .
واذكر ان العبارة التي لفتت نظري وزميلي صقر هي قوله في الصراع العربي - الصهيوني :"ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة "
وكانت هذه المقولة الخالدة لجمال عبد الناصر بعد هزيمة مصر العسكرية عام 1967.. ومرة اخرى يلتفت صقر ناحيتي وكان نظري مركزاً ناحية الباشا ، كأنه يلفتني إلى ان زعيم الحزب الذي اعاده السادات إلى العمل السياسي بعد الحظر الذي فرضته عليه ثورة جمال عبد الناصر .. يؤيد احدى مقولات القائد والمعلم.
انتهى الحديث وضغط الباشا على كبسة جرس جاء على اثره احد العاملين في القصر ليطلب منه الباشا ان ينسخ الورق - الحوار .. و حملنا نسختنا بعد ان وقعنا اوراقها وظلت نسخة اخرى عند الباشا .
وهذا الحديث ، لم ير النور ايضاً ! لماذا ؟
لانني وانا في مطار القاهرة وامام الجمارك ، طلب الموظف - الامن ان افتح حقيبتي ليعمل على تفتيشها ليسحب اوراق الحوار مع الشيخ عمر والباشا ، من دون ان يسأل او يتحدث ثم يقفل حقيبتي وهو يردد : بالسلامة ..
شعرت بالأسف والخسارة المهنية ، وتأكدت كم كنت مراقباً في كل زياراتي الصحفية لأم الدنيا مصر.
والغريب ان بقية الحوارات التي أجريتها مع شخصيات سياسية وثقافية ،وتلك التي اجراها ايضاًصقر مع شخصيات فنية وثقافية مصرية قبل واثناء وجودي في رحلتي الشهرية إلى القاهرة ..وكلها مسجلة وكانت ضمن الحقيبة لم يمسها موظف الجمارك ولم يسأل عنها ..
وفي رحلتي التالية تحدثت مع صقر وكذلك مع قيادات ناصرية ( محمد فايق وضياء الدين داوود والفريق اول محمد فوزي وفريد عبّد الكريم والإعلامي المميز محمد عروق .. ومع القيادي اليساري فؤاد مرسي وشيخ المناضلين فتحي رضوان والمفكر القومي العربي عصمت سيف الدولة وآخرين عما قاله مرشد الإخوان ورئيس حزب الوفد … والجميع ابدى دهشته مما قاله كل منهما ، وقال الجميع : يا خسارة .. الكلام ده لو أتنشر كان حيبقى وثيقة مهمة ، ويمكن تكون فاتحة حوار مع طرفين كانا معاديان على طول الخط لجمال عبد الناصر
يا خسارة
الشراع