لهذه الاسباب
تفكر اسرائيل بشن حرب واسعة ضد لبنان / خاص- "الشراع"
الشراع 26 شباط 2024
تعثر الجهود الدولية والعربية لارساء هدنة في غزة والحؤول دون نشوب معركة الاستيلاء على مدينة رفح من قبل اسرائيل، القى بظلاله الساخنة على الوضع في الجنوب ولبنان ككل ، من جراء التصعيد الحاصل الذي يهدد بإمكان نشوب حرب واسعة بين لبنان والكيان الصهيوني.
والجديد اللافت في هذا النطاق هو ان اسرائيل تتعاطى اليوم مع ما يمكن ان تقوم به في لبنان من عدوان واسع النطاق من منطلق انه جزء من حزمة كاملة ومتكاملة مع ما ترمي الى تحقيقه من خلال حرب الابادة التي تخوضها في غزة ضد ابناء الشعب الفلسطيني الصابر والمظلوم.
وفي معلومات خاصة ب"الشراع"، فان لسان حال عدد من الوسطاء الاوروبيين الذين يعملون على التهدئة في لبنان ،يتركز على ما ستقدم عليه اسرائيل من اعتداءات في حال اندلعت الحرب مع حزب الله. وأقل ما يمكن ان يقال عن هذه الاعتداءات هو انها ستعمد الى استخدام سياسة الارض المحروقة في الجنوب وامتداداً الى مناطق اخرى تبعاً لتطور العمليات العسكرية.
وما يقوله هؤلاء الوسطاء وبينهم اكثر من وزير او مسؤول فرنسي ، هو ان اسرائيل لن تقدم على خوض غمار حرب برية على غرار ما فعلته في عدوان تموز عام 2006 عندما تمكن حزب الله من تدمير عدد كبير من دبابات الميركافا، انما ستقوم باستخدام كل ما يمكن استخدامه من صورايخ وقنابل ومسيرات لمسح قرى وبلدات لبنانية باكملها عن الخارطة وحتى عمق يتراوح بين سبعة وعشرة كيلومترات . وانها تملك من وسائل التدمير ما يتيح لها تحقيق ذلك بحيث تجعل المنطقة الواسعة المشار اليها منطقة غير صالحة للسكن او العيش فيها او حتى الزراعة لسنوات طويلة واكثر.
وفي المعلومات ايضاً، طبقاً لما يقوله مسؤول فرنسي ،فان حكومة بنيامين نتنياهو مقتنعة بان حزب الله يمر في فترة حرجة ولا يستطيع القيام بما يعلنه او يوجهه من تهديدات .وان على اسرائيل ان تستفيد من هذا الوضع من اجل انهاء ما يمكن ان يمثله من اخطار عليها .
اما النظرة الاسرائيلية الى تراجع ثقل وقوة حزب الله فتتمثل حسب القناعات او الاوهام الاسرائيلية بما يلي:
اولاً: ان حزب الله يعيش على المستوى الداخلي اللبناني ما يشبه العزلة ، لا سيما بعد المواقف المتتالية للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وقيادات اخرى روحية وسياسية وحزبية والرافضة لما يقوم به الحزب على الحدود والرافضة في الاصل لجر لبنان الى حرب واسعة النطاق تؤدي الى مزيد من تفاقم الاوضاع الصعبة على كل المستويات.
ثانياً: ان لبنان ما زال يتخبط في الازمات على كل الصعد وفي كل الميادين . والمواطن اللبناني لا يهتم اليوم الا بلقمة عيشه وليس معنياً بما يسميه الحزب وحدة الساحات رغم ان الاغلبية الساحقة من اللبنانيين تتضامن مع القضية الفلسطينية. ولذلك فان اي حرب ستفضي حكماً الى تحريض كل اللبنانيين ضد الحزب وتحميله مسؤولية ما قد يترتب عليها من نتائج.
ثالثاً: ان حزب الله- ومن خلفه ايران- عاجز عن معالجة نتائج المواجهات الدائرة في الجنوب وعلى رأسها حل مسألة النازحين من القرى والبلدات الجنوبية بفعل ما هو حاصل من تصعيد . وما قام به خلال حرب العام 2006 لم يقم به كما انه غير قادر على القيام بالحد الادنى المطلوب منه من اجل تأمين بدائل لهم. علماً ان الارقام الاسرائيلية تتحدث عن ان اعداد هؤلاء قاربت المائة الف لبناني.
رابعاً: ان الفراغ الذي يعيشه لبنان على مستوى رأس الدولة بعد تعذر اجراء الانتخابات الرئاسية وتحميل الحزب مسؤولية تعطيلها ، وما ترتب على ذلك من فراغ في كل المؤسسات العامة اللبنانية ولد ويولد ظروفاً مؤاتية لاسرائيل من اجل
توجيه ضربات قاصمة للحزب باعتباره احد ابرز ادوات ايران على حدودها.
خامساً: ان ما قامت به اسرائيل حتى الان ادى الى مقتل عدد كبير من قيادات وكوادر حزب الله العسكرية. ووصل عدد هذه الاطر القيادية الى نحو يتجاوز ما سقط له في حرب العام 2006 الى درجة انعكاسه بشكل جلي على امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي وصل به الامر تعبيراً عن استيائه الى تحميل المسؤولية الى الهاتف الخلوي.
وهذا الامر تريد من خلاله اسرائيل القول بان حزب الله غير القادر على تأمين حماية قيادييه لا يمكنه حماية بيئته الحاضنة ولبنان واللبنانيين.
سادساً: ان الوضع اليوم يختلف عما كان عليه في العام 2006، وحزب الله في هذا الوضع يعيش عزلة واسعة عربياً ودولياً . وحتى الدول التي لا تصنفه كمنظمة ارعابية ترفض التعاطي معه من منطلق تبني ما يرتبط بصورته على صعد التهريب وتصنيع المخدرات والاتجار بها...
كل ما ورد يتعلق بالنظرة الاسرائيلية الى واقع الداخل اللبناني وهي بالطبع عدائية وقد تكون جزءا من عمليات الترويج الاسرائيلية لتهشيم صورة حزب الله ومقاومته التي رسمت على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة معادلات ردع لا يمكن ان تكون عن حسابات اي حكومة اسرائيلية اضافة الى جيشها .
والعنوان الابرز في نتائج هذه المعادلات اليوم بعد السابع من تشرين الاول – اكتوبر الماضي هو ان اسرائيل عاجزة عن حماية شمالها مع كل ما نتج عن ذلك من عمليات نزوح واسعة للمستوطنين لتصل اعداد من خرجوا من المستوطنات الى ما يزيد عن المائة وخمسين الفاً.
واذا كانت اسرائيل مقتنعة اليوم بان حزب الله عاجز وضعيف فلماذا استنفرت كما يقول مصدر مقرب من حزب الله كل عواصم الغرب للتحرك والتهويل على حزب الله واللبنانيين بهدف ضبط الحدود تنفيذ القرار 1701 الذي لم تلتزم به تل ابيب وتواصل خرقه.
وما تريد اسرائيل تمريره اليوم كما يضيف المصدر نفسه يوازي في خلفية الاوهام التي تحركها نظرتها للوضع في لبنان. ومن لم يفهم ذلك ليعد الى ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قبل ايام وتحدث فيه برسائل واضحة وصريحة الى اسرائيل عن عوامل ردع جديدة تكريساً لما كان قاله السيد نصرالله عن معادلة الدم بالدم.
وكل ذلك ليس سوى انعكاس للواقع السائد. فالحرب ليست مشكلة للبنان وحده واتساع دائرتها وعمقها سيؤدي الى ما هو مماثل في العمق الاسرائيلي . وليقرأ من يريد ان يعرف حقيقة الموقف كلام رعد الاخير ودلالاته وحقائقه التي يعرفها الاسرائيليون جيداً، بعيداً عما يحاولون تسويقه او الترويج له من صور واكاذيب وأوهام.