بيروت | Clouds 28.7 c

هذه هي النقاط العالقة في الحدود البرية مع فلسطين المحتلة


هذه هي النقاط العالقة في الحدود البرية مع فلسطين المحتلة



عن مجلة الامن العام الناطقة باسم مديرية الأمن العام اللبناني ، ننشر هذا المقال المميز الذي كتبه الزميل جورج شاهين ، وهو عن النقاط العالقة في الحدود البرية مع فلسطين المحتلة

  •    جردة تاريخية تبين الاشكاليات على طول الحدود هذه هي قصة النقاط المتنازع عليها

الشراع 19 نيسان 2024

 

فرضت المفاوضات الدائرة اليوم لخفض التوتر على الحدود الجنوبية ضرورة القاء الضوء على مسلسل الاحداث والمحطات التاريخية التي شهدتها منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى وما رافق ترسيم الحدود بين دول المنطقة التي كانت تشكل اراضي السلطة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى وقبل ان تخضع للانتدابين البريطاني والفرنسي.

ارادها الاميركيون والموفدون الدوليون من اجل وقف الحرب التي انطلقت دعماً لعملية طوفان الاقصى في غلاف غزة عبر بوابة القرار 1701. لكن ما يريده منها لبنان ان تكون مناسبة لإظهار حدوده الدولية مع فلسطين المحتلةبعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من النقاط التي لا تزال تحت الاحتلال على طول هذه الحدود.

على هذه الخلفيات يتركز البحث على كيفية تثبيت واظهار الحدود اللبنانيةالدولية الممتدة من الناقورة حتى مثلث الحدود اللبنانية- السورية مع فلسطين المحتلة حيث تقع تلال كفر شوبا وشبعا وخراج بلدة الماري. وهي منطقه إذاتمت استعادتها كاملة، تكون قد انهت الاسباب التي قادت الى كل اشكال التوتر في هذه المناطق تمهيداً للتخلي عما يسمى الخط الازرق الذي اعتبرته الامم المتحدة عند بدء البحث في ترسيمه خطاً للانسحاب الاسرائيلي عام 2000 تنفيذا لقرار مجلس الامن 425 الذي لم ينفذ طيلة 22 عاماً وليس خطاً حدودياً رسمياً ودولياً.

وهنا لابد من نظرة تاريخية تلقي الضوء على مجموعة المحطات التاريخيةالتي اتصلت بحقيقة حدودنا البرية مع الاراضي الفلسطينية المحتلةومجموعة القرارات التي اتخذت ونفذ البعض منها، وبقيت اخرى تنتظر الظروف التي تسمح بتنفيذها.

عند البحث في تاريخ الحدود اللبنانية، يجب العودة الى العام 1920 عندما شكلت اللجنة التي كلفت ترسيم حدود دولتي لبنان وفلسطين الواقعتين تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني، وكان ذلك في 23 كانون الاول من ذلك العام،وترجم بما عرف بلجنة "بوليه- نيوكومب "والتي سميت تيمناً باسمي رئيسي وفدي البلدين الكولونيل الفرنسي ن. بوليه والكولونيل البريطاني ستيوارتفرانسيس نيو كومب اللذين اشرفا على ترسيم الحدود وطبعها بين الانتداب على فلسطين والعراق الممنوح لبريطانيا، والانتداب على سوريا ولبنان الممنوح لفرنسا وهي التي حددت حدود هذه الدول كما تم الاتفاق في شانها في مؤتمر سان ريمو الذي عقد في ايار 1920.

في حزيران 1920 بدات اللجنة اعمالها بعدما منحت صلاحيات واسعه لتعزيز الحدود حتى تتوافق مع متطلبات السكان وصولاً الى 7 آذار 1923 عندما ابرمت فرنسا وبريطانيا اتفاقية "بوليه- نيوكومب" إيذاناً بانتهاء الترسيم الصيغة النهائية ورفعت الى عصبة الامم المتحدة التي صادقت عليها في 4 شباط 1924 واصبحت حدوداً دولية. وقد ادخلت اللجنة تعديلات على الحدود وضعت القرى اللبنانية السبع داخل الاراضي الفلسطينية بعدما اقتطعتها من المجال الفرنسي الى البريطاني، وهي طربيخا، صلحا، المالكية، النبي يوشع،قدس، هونين وابل القمح وقد تم اخلاؤها من سكانها خلال الحرب العربية- الإسرائيلية عام 1948، لتتكون بعدها مجموعة مستوطنات بأسماء عبرية في شمال اسرائيل.

وتقلصت جراء عملية الانتقال ان مساحة الاراضي اللبنانية التي بقيت داخل فلسطين بمساحة 2729 هكتاراً، لكن الاتفاقية سمحت لأصحاب الاراضي من سكانها بالعبور لزراعة اراضيهم من دون عراقيل، قبل ان تكرسها اتفاقية"حسن الجوار" التي وقعت بين لبنان وفلسطين في تاريخ 2 شباط 1926 واقرتسلسلة ترتيبات نظمت حركة المواطنين على جانبي الحدود للعبور واستعمال الاراضي.

بموجب هذه الاتفاقية وضعت نقاط ومعالم في 39 نقطة حدودية بين لبنان وفلسطين وسوريا وتم تحديد 38 نقطه منها على الحدود اللبنانية ب "تلالحجرية" ولم توضع النقطة 39 على حدود السورية بسبب الخلاف على مكانهافي منطقة تقع عند مثلث الحدود الفلسطينية- السورية- اللبنانية. في العام 1940، اجريت اول عملية تحقق فرنسية بريطانية هدفت الى التثبت من ان المعالم موجودة كما كانت في مواقعها، فتبين ان المعلم رقم 26 لم يكن موجوداًلكن القاعدة الإسمنتية لا تزال ظاهرة، فيما اختفى المعلم رقم 35 تماماً، وتبدل مكان المعلم رقم 22 بعدما وضع على بعد 500 متر شمالي غربي "محطةالبوليس" في بلدة صلحا بينما مكانها الصحيح هو 400 متر جنوبها، كما اقرت بضرورة نقل المعلم رقم 33 لتصبح الطريق ما بين مرجعيون اللبنانية وبانياس السورية خارج الاراضي الفلسطينية. وتم التوافق على عدم ازاحة المعلم 22 ووضع معلم جديد للنقطة 33 في مكانه الاصلي بسبب رفض الجانب البريطاني اقتراحاً فرنسياً. في 29 تشرين الثاني 1947، صدر عن هيئةالامم المتحدة القرار 181 الذي تبنى خطة "تقسيم فلسطين" الى ثلاثة كيانات جديدة وزعت كالآتي: دولة عربية مساحتها 11.000 كلم مربع وتقع على الجليل الغربي، ودولة يهودية مساحتها 1500 كلم مربع، فيما وضعت القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية.

ما هو ثابت ان القرار 181 كرس شرعية دولية للحدود اللبنانية الفلسطينية، مع تأكيد هيئة الامم المتحدة في هذا القرار على هذه الحدود في الجزء الثاني منه، والذي جاء فيه " يحد منطقة الدولة العربية في الجليل الغربي من الغرب البحر الابيض المتوسط، ومن الشمال حدود لبنان من راس الناقورة الى نقطة شمالي بلدة صلحا.

في 15 ايار 1948 شنت الجيوش العربية هجوماً ضد الكيان اليهودي، ولم تنته الحرب قبل توقيع لبنان والدول العربية المحيطة بفلسطين كل على حدة، على ما سمي ب "اتفاقية الهدنة" في تاريخ 23 اذار 1949. هذه الاتفاقية يتمسك بها لبنان اليوم لأنها كرست الحدود الدولية مع لبنان بشرعية دولية عندما نص البند الاول من المادة الخامسة منها على ان يتبع خط الهدنة الدائمة خط الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين.

ان القرار 181 تضمن تعهداً اسرائيلياً بضمان احترام شرط الامم المتحدةالتي ربطت عضوية اسرائيل بشروط وردت في مقدمة قرار الموافقة على قيام الدولة اليهودية والذي نص على ان اسرائيل سوف تقبل دون تحفظ التزامات الامم المتحدة وتتعهد تنفيذ قرارات الامم المتحدة  في 29 تشرين الثاني 1948،المتعلقة بالحدود وتلازم خط الهدنة مع خط الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين الى حين بروز اشكاليات عدة في خط الهدنة، وهي تلك التي كانت معلقة من عند الجسر الروماني على نهر الوزاني عند نقطة الانتقاء الثلاثية على مثلث الحدود اللبنانية- الفلسطينية- السورية، وفي نقطة تقع ما بين المطلةوالحاصباني والثالثة المعرف عنها بالنقطةBP22 شمالاً داخل الحدود اللبنانيةعند تثبيتها.

لهذه الغاية شكلت لجنة لبنانية- اسرائيلية قامت بتثبيت 38 نقطه حدوديةاساسية من BP1 الى Bp38 وهي النقاط المحددة في اتفاقية " بوليه- كومب اضيف اليها 97 معلماً وسيطاً تم ترقيمها من B1 الى B96 قبل ان تضاف اليها 29 نقطة مساعدة ليصبح مجموعها 143 نقطة.

بعدها تألفت قوة تابعة للأمم المتحدة اتخذت مركزاً لقيادتها في القدس، مهمتها مراقبة "الخط الاخضر" وهو الاسم الذي اعطي الى خطة الهدنة بين اسرائيل والدول العربية المحيطة بها، وانشئت في موازاتها قوة مراقبةالهدنة التي اتخذت خمس مراكز لها على الحدود اللبنانية- الفلسطينيةوتحديداً في بلدات اللبونة، مروحين، مارون الراس، مركبا والخيام.

في 20 حزيران 1967 احتلت اسرائيل ثلاث مزارع هي قفوة، زبدين ورمتا،وفي 25 حزيران استكملت اجتياح مزارع اخرى ومنها مزرعة بسطره في خارج كفرشوبا، ومزارع وادي الخنساء، البحاصير، رويسة بيت الراس،رويسة السماق، الجبل الاحمر، جبل الروس، ومشهد الطير التابعة للأوقافالإسلامية في العرقوب.

في حرب 1973 اقتطعت اسرائيل من مرتفعات جبل الشيخ العديد من المواقع اللبنانية من خراج بلدة شبعا، وهي مناطق تعرف بمزارع: جورة العليق، بركةالنقار، السواقي، تلة السدانة الواقعة بين شبعا والهبارية ،وفي عام 1975 تقدمت اسرائيل الى جبل الشميس.

في 12 نيسان 1989 رفض 300 لبناني ممن بقوا من اهالي هذه المزارع امضاء صكوك بيع ونيل التعويض للمغادرة، فطردوا تحت وابل من الرصاص والتحقوا مرغمين بقرية شبعا. وادت هذه العملية الى تدمير 1070 منزلاً وطرد 400 عائلة كانت تقيم فيها بشكل دائم و500 عائلة كانت تقيم موسمياً ومنع 6000 عائلة من استثمار اراضيها، واضيفت هذه المناطق المحتلة الى قريةالنخيلة التي تبعد 1000 متر شمال خط بوليه- نيوكومب، وعلى بعد 2000 متر من شمال غرب نقطة التلاقي الحدود اللبنانية- السورية- الفلسطينية، والتي عرفت بالنقطة 39 من ضمن الحدود السورية.

في ايار من العام 1987 اجتاحت اسرائيل الحدود اللبنانية في عملية اطلقت عليها عملية الليطاني، اثر الاجتياح، صدر عن مجلس الامن التابع للأممالمتحدة القرار 425 الذي يطالب اسرائيل بالانسحاب من الاراضي اللبنانية.وقبل ان تلتزم بما قال به هذا القرار جددت اجتياحها مرة اخرى في حزيران 1982 في عملية عسكرية اعقبت الغاء رئيس الجمهورية الشيخ امين الجميل اتفاق 17 ايار وسحبت قواتها لاحقاً الى ما عرف بالشريط الحدودي. بقي الوضع على ما هو عليه حتى اعلان الحكومة الإسرائيلية في نيسان 2000 استعدادها لتطبيق القرار 425 قبل ان تنفذه في 25 ايار من العام عينه تحتاشراف تيري رود لارسن الذي عينته الامم المتحدة مندوباً للإشراف على هذه العملية. وهو من اعلن عند تعيينه في 4 ايار 2000، حدود 1923 مع التعديلات المتفق عليها في اتفاق الهدنة لعام 1949، لتشكل الحدود المعترف بها دوليا للقسم المشترك مع اسرائيل.

في اعقاب هذه الخطوة شكلت في لبنان لجنة للتثبت من الانسحاب الاسرائيلي، بعدما تسلم من لارسن خارطة على مقياس 1/5000 عرفت بخارطةلارسين إيذاناً برسم خط الانسحاب الذي سمي بالخط الازرق. الجولة الثالثةبين 4 حزيران و 3 آب 2000 اكتشفت وجود تسع فوارق لا تتوافق مع خط الحدود. وقد وافق الفريق الدولي على تصحيح ستة منها وازالة الخروقات الاخرى فاستعاد لبنان الاراضي ، وبقيت فوارق في ثلاث نقاط تم التحفظ عنها. وارسل لبنان رسالة الى الامم المتحدة يبلغها فيها موافقته على الانسحاب جنوب الخط الازرق، وارفق المراسلة بتحفظه عن الخط الازرق في نقاط عدة في رميش في مقابل مستوطنة مسكاف عام، والخط الممتد جنوب الطريق من مقابل المطلة الى جسر الغجر ومزارع شبعا.

في 13 اب 2006 واثر حرب تموز، صدر عن مجلس الامن القرار 1701 الذي قضى بوقف الاعمال القتالية. وبدأ انتشار الجيش اللبناني الى جانب قوات الامم المتحدة في بقعة العمليات المحددة بين نهر الليطاني وحتى الخط الازرق.

في تاريخ 7 تشرين الاول 2006 طلب قائد اليونيفيل مشاركة الجيش اللبناني في تعليم الخط الازرق، فبوشر العمل باللجنة المشتركة التي اظهر الجانب اللبناني من خلالها ان الخط الازرق يخرق الحدود اللبنانية- الفلسطينية في 13 نقطة، ثلاث منها تم التحفظ عنها عام 2000 من جانب لبنان، وهي خروقات تسببت بخرق الحدود اللبنانية الدولية بمساحة 485,487 متراً مربعاً.

تزامناً مع اجراءات ترسيم الخط الازرق اعترضت اسرائيل على الواقع الميداني للأراضي الزراعية التي يستثمرها اللبنانيون في خمس مناطق. ولم ينسحب الجيش الاسرائيلي بعد حرب تموز 2006 من قرية الغجر والمنطقة المحيطة بها الى الجانب اللبناني والتي يعرف عنها ب B14 وقد بلغت المساحة المحتلة787.400 متر مربع.

قبل ان يتجدد الحديث عن تطهير الحدود وتثبيتها كما اقرت عام 1923، اودع لبنان المراجع المعنية بما فيها دوائر الامم المتحدة لائحة بالمناطق ال 13 مع المساحة المتحفظ عنها في كل من هذه المناطق، كما طلب ان تكون هذه المناطق تحت مراقبة قوات الامم المتحدة التابعة لاتفاقية الهدنة عام 1949، لكن الامم المتحدة التفت على الطلب اللبناني، ووضعت مراقبي لجنة الهدنةالعاملين في لبنان تحت السيطره العملانية لقائد اليونيفيل، وهو تدبير شكل مخالفة صريحة لاتفاقية الهدنة عام 1949 قبل ان يتم الاستغناء عن مراكزها الخمسة نهائياً.

.