هل سيستطيع جوزيف عون؟
بقلم حسن صبرا
الشراع 11 كانون الثاني 2025
كتبنا بالامس اننا لا نطمح من الرئيس جوزيف عون سوى بتنفيذ 10% مما ورد في خطاب القسم .. واليوم نذكر نقطتان مركزيتان قد تشكلان هذه النسبة التي نطمح اليها :
النقطة الاولى هي استقلالية القضاء… الذي تعطل لاسباب عديدة طيلة السنوات الطويلة الماضية منها :
منع المحاسبة عن اللصوص الذين بينهم رؤساء ووزراء واتباع هؤلاءمن متعهدين ومرافقين وأقارب وانصار.. وايضاً قضاة محميون من رؤساء ، في مقابل الخدمات التي يقدمونها لرؤوسائهم … مع تسجيل استثناءات لقضاة رفضوا الخضوع ، فنالوا عقابهم تشريداً خارج اماكن سكنهم ، وتعطيل ترقياتهم وغضب يطالهم من المرجع السياسي الذين يرفضون طاعته في مخالفة القوانين .
الحيز الكبير الذي أعطاه الرئيس في خطاب القسم للسلطة القضائية، وبدى واضحاً أن العدل والقضاء في طليعة اهتمامه، وهذا ينبع من اقتناع لديه بمحورية القضاء في بناء الدولة. وقد عبّر عن ذلك بالقول إنه "إذا أردنا أن نبني وطناً فعلينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون والقضاء". هذه القاعدة ( جعلت اغلبية النواب يصفقون طويلاً تأييداً وتشجيعاً له ) تتلاقى مع فكرة أساسية وردت في الخطاب حول أن مشكلة لبنان هي مشكلة حكم وحكّام، ومن المعلوم أن هذه المشكلة ليست إلا نتيجة طبيعية لغياب الرقابة ولاطمئنان الحاكمين على مرّ العقود إلى أنهم في منأى عن الرقابة القضائية وعن الملاحقة والمحاسبة، الأمر الذي تفاقم إلى أن وقع الانهيار الكبير. وبالتالي، إن مفتاح الحلّ يكون في إعادة القضاء إلى دوره وإقرار مبدأ دولة الحق والقانون، التي لا يمكن أن تكون إلا بالقضاء الحقيقي المدرك لدوره والفاعل والمستقل، والذي يمنع تحويل مواقعه إلى أدوات في صراع القوى الحاكمة ،وفي حماية أتباعها وملاحقة خصومها.
إن التركيز على القضاء والتعهّد بإعادته إلى مكانته ودوره، لا شك أنه أثلج صدور كثيرين، ولا سيما القضاة المستقلين الذين يشكلون أكثرية يعوّل عليها في بناء السلطة القضائية مع سائر الحقوقيين المؤمنين بهذا الدور. وهذه السلطة التي سوف تصدر التشريعات التي تضمن تكريس استقلالها كما تعهّد الرئيس، ستكون إحدى ركائز المرحلة الجديدة للبنان.
الأمر الثاني هي في مداورة المراكز الاولى في الادارة ، ونحن نفترضها في الوزارات ايضاً فلا يحتكر مذهب وزارة يبدو انها وجدت من اجل هذا المذهب ، وهي في حقيقة الأمر حكراً على مرجع الطائفة ، الذي يتحكم بها وبمواردها وبموظفيها وأعمالها ( ونموذج ذلك واضح في سيطرة نبيه بري على وزارة المالية ، وسيطرة جبران باسيل على وزارة الطاقة ) ونحن هنا لا نناقش ان كانت وزارة المالية لشيعي قد يكون كفؤاً ، فلا اعتراض على الشيعي هنا ، انما الاعتراض هو على ان يحتكر نبيه بري هذا الاختيار ، وهو لا يختار إلا حملة الشنطة والتابعين له المنفذين لأوامره ، ولا يهمه مدى كفاءته ، لأن المهم هو ان ينفذ اوامره فقط ..
وكذلك الحال مع جبران باسيل الذي احتكر وزارة الطاقة ، وسلمها لإتباعه في التيار الوطني الحر ، وقد ادى هذا الاحتكار الى انهيار الطاقة الكهربائية ، واستنزاف المال ( قدر الخبير المالي والنفطي مروان إسكندر الهدر في مجال الكهرباء ب 65 مليار دولار ، كاتباً ذلك عدة مرات ومنذ سنوات في جريدة النهار ثم في الشرق )
ولم يكتف باسيل بالكوارث التي سببها في الكهرباء ، بل اخترع نظرية بناء السدود التي استنزفت اكثر من ملياري دولار ، وسبب ضياع وهدر المياه منذ نحو خمسة عشر سنة ،
تعالوا إلى الأهم
———————-
كتبنا ان الرئيس جوزيف عون محكوم في صلاحياته بالدستور ،الذي يضع السلطة التنفيذية وهو رأسها في مجلس الوزراء.. هذا صحيح ولكننا نعتمد ليمارس دوره عملياً على العوامل التالية :
١- شخصية الرجل القوية ونظافة كفه وكفاءته المختبرة -
٢ - الإجماع العربي والدولي على دعمه بشكل غير مسبوق ، وعليه ان يستفيد من هذا الدعم سريعاً قبل ان تنفذ مدة صلاحية الدعم
٣ - شبه الإجماع الشعبي على شخصه ، وصدق التأييد له يكشف تعطش الناس إلى شخصية سياسية فوق المذاهب وفوق الطوائف ، بعيداً عن المحاصصة التي دمرت الادارات والمشاريع ، وقتلت المواهب وابعدت الكفاءات وأهدرت المال .
ونحن نذكر فخامة الرئيس جوزيف عون بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري حكم منذ سنوات وحيداً كملك غير متوج :بقدرته الشخصية الجموحة خارج الدستور، وابعد من صلاحياته ( معتمداً لفترة على حاجة حزب الله له والى جموحه وجنوحه نحو التفرد ) ، فضلاً عن دهائه غير المسبوق .
ونحن ثقة بكفاءة ونظافة كف الرئيس جوزيف عون نطمح إلى النجاح في هاتين النفطتين الرئيسيتين…. كمنطلق لتطبيق بقية التعهدات وهو يردد : عهدي وهو التعهد وقد فسرها البعض بسذاجة انه يقصد حكمي