بيروت | Clouds 28.7 c

غياب ثقافة احترام الدستور والقانون!! / حكمة. س. أبو زيد

 

غياب ثقافة احترام الدستور والقانون!! /

حكمة. س. أبو زيد

صحافي وكاتب سياسي

الشراع 25 نيسان 2024

 

قُضي الامر وصحّت "نبؤة" رئيس مجلس النواب، نبيه بري، وتم التمديد للبلديات والمختارين سنة جديدة قد يحدث خلالها ما لا يعلمه الّا السلطة المتسلطة على رقاب اللبنانيين، والراسخون في علم انتهاك الدستور والقانون والمبادئ الديموقراطية وموجباتها!!

قد يكون التذرع بالوضع الملتهب في الجنوب مقبولا" الى حدٍ ما لتمديد ولاية البلديات والمختارين، ولكن " ما ليس مقبولا" أن يقال ان استثناء الجنوب من اجراء الانتخابات في موعدها القانوني هو "سلخ" للجنوب من لبنان، ما دام هذا الجنوب المنكوب بعدوه الإسرائيلي والقيمين على قراره وإرادة اهله قد استثني في السابق من اجراء الانتخاب ولم يُعتبر ذلك الاستثناء سلخا" للجنوب من باقي مناطق لبنان؟؟ أليس هذا هو الصيف والشتاء على سطح واحد هو سطح المسيطرين على الجنوب وإرادة أهله؟؟

وبعد، هل أن ما حدث في الجنوب والانتخابات البلدية والاختيارية هو أمر طارئ وعابر “ما بيحرز" التوقف عنده والمناقشة فيه؟؟ انه وليد ثقافة هذهالطغمة المتحكمة برقاب الناس وقرارها التي أوصلت الوطن والمواطنين الى الهوة السحيقة التي نحن في قعر قعرها اليوم. انها طغمة فاشلة، فاسدة، مرتشية، تستبيح الدستور والقانون والأعراف لتشبع جوعها الدائم للتسلط والسطو على المال العام والاملاك العامة والاحتفاظ بمواقعها ومكاسبها.

لا فرق، هنا، بين موالاة ومعارضة. ففريق الموالاة لمن بالله مثل الفاخوري " بيركّب ذينة الجرّة متل ما بدّو". فمرة هي عند العنق وأخرى أقرب للوسط وثالثة بأذن واحدة لا باثنتين وكل ذلك لأنهم أصحاب مبدأ وهم يكونون حيث يكون مبدأهم كما قال العبقريان الخالدان عاصي ومنصور الرحباني في احدى مسرحياتهما. اما المعارضة فتشتغل على القطعة وكأن الشأن العام عندها منبثق من مناخ شهر شباط "هبّه سخنه وهبّه بارده". بينما هو يجب ان يكون وليد مشروع وطني شامل وصريح وجريء في التعبير عن نفسه دون تردد أو تذبذب في هذه المحطة أو تلك!!

قد يزعج هذا الكلام فريق المعارضة ولي بين اركانه غير صديق، ولكن صداقتي للحقيقة تعلو كل الصداقات حتى لو لم تُبقِ لي صراحتي أي صديق، على قول علي بن ابي طالب. الأوضاع الدولية والإقليمية هذه الأيام أكثر من خطرة وأكبر من أن تُقارب بمواقف رمادية وحسابات انتخابية. فاذا كان فريق الموالاة للطغمة الحاكمة يعزف ألحان مصالحه ومكاسبه يُطلب من فريق المعارضة ان يعزف، ألحان المصلحة العامة والمكاسب الوطنية طالما أن هذا الفريق يميّز نفسه عن فريق الموالاة ويدين تموضعه وتصرفاته.

ان من يستمع الى حوارات ومناقشات الفريقين عبر شاشات التلفزة يُصاب بالدوار الفكري والمعرفي: تنظيرات وبهلوانيات كلامية وآراء لا تخطر على بال المنجمين ومنها الرأي الذي قال بأن يصدر مجلس النواب قانونا يجيز للذين استقالوا سابقا" من المجالس البلدية العودة عن استقالاتهم واستئناف نشاطهم البلدي طول مدة التمديد الجديد للبلديات!!

الخلاصة: ليس في لبنان ثقافة احترام الدستور والقانون. وليس في المناهج التربوية من الحضانة حتى الجامعة ما يركز على ثقافة الاحترام هذه لذلك ليس غريبا" ان تكون هذه الثقافة "سارحه والرب راعيها" بينما يجب ان تكون حجر أساس ثقافتنا الوطنية. و"ما كل ما يتمنى المرء يدركه" بكل أسف.

 

حكمة . س. أبو زيد

     صحافي وكاتب سياسي