فلسطين: حكاية الأرض التي انتصرت على الطغيان عبر التاريخ
الشراع 17 كانون الثاني 2025
منذ أن عرف العالم فلسطين، لم تكن مجرّد أرض تُسكن أو تُزرع، بل كانت بوابة السماء ومهد الحضارات، وشاهدًا على أعظم الصراعات في التاريخ. واليوم، كما بالأمس، يقف الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الاحتلال الصهيوني، مسطرًا ملحمةً لا تقل روعة عن ملاحم الشعوب التي انتصرت على أقوى الإمبراطوريات في التاريخ.
فلسطين عبر العصور: أرض الصمود الدائم
تاريخ فلسطين هو تاريخ المقاومة، منذ أولى الحضارات الكنعانية، حيث أسس أجداد الفلسطينيين المدن الأولى التي صمدت في وجه الغزاة، مرورًا بالعهد الروماني الذي واجه فيه الفلسطينيون أشرس الحملات، ووصولًا إلى الاحتلال الصهيوني الحديث.
في كل حقبة تاريخية، كان لهذه الأرض قصتها مع الصراع والانتصار. عندما واجهت فلسطين الحملات الصليبية في العصور الوسطى، لم تكن النتيجة سوى تحريرها على يد القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي وحّد الصفوف وجعل القدس مرة أخرى مدينة السلام.
واليوم، كما الأمس، ينهض الفلسطيني من تحت الركام، مؤمنًا بأن من صنع تاريخ المقاومة في الماضي قادر على كتابته مجددًا.
الشعب الفلسطيني: امتداد تاريخي للمقاومة
الشعب الفلسطيني هو الامتداد الحقيقي لأبطال التاريخ الذين رفضوا الاستسلام مهما كانت التضحيات. تمامًا كما وقفت المدن الفلسطينية كغزة وعكا أمام الحملات الصليبية، وقفت غزّة الحديثة أمام أعتى الأسلحة الصهيونية لتُسطر صفحات جديدة من المجد.
• ثورة 1936: لم تكن مجرد انتفاضة ضد الاحتلال البريطاني، بل كانت صرخة شعب أعزل يرفض أن تُسرق أرضه وهويته.
• انتفاضة الحجارة 1987: سلاح البسطاء الذي حوّل الحجر إلى رمز عالمي للمقاومة ضد الاحتلال.
• صمود القدس: المدينة التي تعانق التاريخ، وتواجه يوميًا محاولات التهويد، لتبقى رمزًا للوحدة الإسلامية والعربية.
رسالة الانتصار عبر التاريخ
التاريخ يُعلمنا أن الشعوب التي تؤمن بحقها تنتصر دائمًا، مهما طال الزمن. عندما احتلت فرنسا الجزائر، ظن العالم أن الشعب الجزائري قد انتهى، لكن مقاومته استمرت 132 عامًا حتى انتصر. وعندما احتل الصهاينة فلسطين، أرادوا أن يمحوا شعبها، لكن الفلسطيني أثبت أن الهوية لا تُمحى بالإرعاب، وأن الأوطان لا تُشترى بالمعاهدات أو الصفقات.
فلسطين اليوم: انتصار الإرادة على القهر
اليوم، وعلى الرغم من الحصار والدمار، يقف الفلسطينيون كرمز عالمي للكرامة. كل قتيل يرتقي، وكل أسير يتحدى سجّانه، وكل طفل يرفع العلم، هو رسالة للعالم بأن فلسطين لن تكون إلا لأهلها، مهما حاول الاحتلال أن يغير معادلات التاريخ.
الختام: وعد النصر القادم
كما حرّر صلاح الدين القدس من الصليبيين، وكما استعاد الجزائريون أرضهم من المستعمر، فإن فلسطين ستعود لأهلها. إنها قضية شعب يرفض أن يُنسى، وقضية أمة لن ترضى بغير الحرية.
فلسطين هي ملحمة التاريخ التي تُعيد للأمة العربية والإسلامية مكانتها، وستظل رمزًا لانتصار الحق على الباطل، مهما بلغت تضحيات أبنائها.
راشد شاتيلا