الانتخابات الرئاسية في "خبر كان" ورهان على حوارات ثنائية تشمل القوات وحزب الله / خاص- "الشراع"
تعليق الدكتور مخلص الصيادي على: القضية الكردية منظور مختلف مقال الأخ الدكتور محمد حبش الذي نشر في فبراير من العام الماضي على موقع يكيتي ميديا بعنوان: كردستان.. درس التاريخ وفرصة المستقبل"
تعليق الدكتور مخلص الصيادي على:
القضية الكردية منظور مختلف
مقال الأخ الدكتور محمد حبش الذي نشر في فبراير من العام الماضي على موقع يكيتي ميديا بعنوان: كردستان.. درس التاريخ وفرصة المستقبل"
الشراع 9 كانون اول 2022
-
المقال أرسله لي أخ عزيز، ورغم أنه ليس مقالا جديدا،- وأنا أعتذر أني لم اطلع عليه في حينه - ، لكني رأيت أهمية إبداء الرأي فيما حواه من أفكار، وذلك للحضور المستمر والمتصاعد للقضية الكردية، ثم لمكانة الكاتب في مسار هذه القضية ودوره وأفكاره في الفضاء والحراك الاسلامي المعاصر وكذلك لمكانته في المعارضة السورية.
د. مخلص الصيادي.
********
لم يعط التاريخ درسا ذا قيمة لما بات يعرف باسم " القضية الكردية"، إلا الدرس الذي يؤكد على أن الأكراد جزء أصيل، ومكون طبيعي من مكونات الحضارة العربية الإسلامية، ومن التكوين الاجتماعي العربي الإسلامي، ومن التشكيلات السياسية التي أفرزتها المراحل المتعددة التي مرت بها المنطقة والأمة العربية الاسلامية، وفي هذا المسار لا يبقى هناك قيمة فعلية للحديث عما كان يفعله صلاح الدين، أو ابن الأثير. وابن الصلاح، وغير هؤلاء كثير جدا، سواء كانت جذورهم كردية أو أمازيغية، أو كازاخية، أو أذرية ...الخ.
فهولاء الأعلام في السياسة والقيادة والعلم، هم مساهمون حقيقيون في إشادة الحضارة العربية الاسلامية، والحياة العربية الاسلامية التي كان شعارها وقوامها "(لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى) -رواه الإمام أَحمد -.
ويصبح كل حديث عن حياة خاصة كردية أو غير كردية لهؤلاء الأعلام، حديث أحلام لم يطلع عليه أحد، أو لم يظهر له أثر يعتد به في حياتهم، وحياة مجتمعاتهم الخاصة إن صح أن كان لهم مجتمعات خاص، كما يوحي مقال الدكتور حبش..
وحديث التاريخ الذي يحمل قيمة حقيقية يقول لنا إن هؤلاء كانوا مدافعين حقيقيين وبكل ما ملكوا من علم ومعرفة عن العربية وعلومها، وكل ما يقوم بشأنها، وأن عددا من ألمع أعضاء مجمعات اللغة العربية في العصر الحديث في مصر والشام أصولهم كردية.وهم لم يعتبروا هذه الأصول مما يحول وهذا الدور الذي يقومون به، وبالمقابل لم يعرف لهم دور في انبات أو تعزيز أو تنمية "لغة كردية"،أو خصوصية كردية على أي نحو تجلت هذه الخصوصية.
هذا تعليقا على درس التاريخ، وقبل الحديث عن المستقبل لابد من الوقوف على درس الحاضر. وهو يشمل اللحظة الراهنة، والتاريخ القريب الملموس، والمستقبل القريب المرئي بوضوح:
** تؤكد هذه اللحظة الراهنة والمشاهدة أن الدعم الحقيقي "للقضية الكردية" يأتي من الأعداء الحقيقيين لهذه الأمة: الأمة العربية الإسلامية، وفي مقدمة هؤلاء الحركة الصهيونية وكيانها، والغرب الاستعماري ودوله، وليس فيما يقومون به انتصار لحق يروه في هذه القضية، وإنما محاولة لتخليق قضية بهدف ايجاد أدوات تمزيق لأمتنا تكون عونا للكيان الصهيوني، ولتحقيق الأهداف التي وجد هذا الكيان لتحقيقها، ومن هذه الزاوية تكون "القضية الكردية" مماثلة ل "القضية الأمازيغية"، من حيث التخليق، والتوظيف، والاستهداف.
** كذلك فإن في هذه اللحظة الراهنة - الحاضر -، تأتي ممارسات قادة الحركة الانفصالية الكردية لتقدم لنا نموذجا يتماهى مع النموذج الصهيوني من حيث الاحتلال للأرض، وتهجير أهلها، واستخدام الارهاب وسيلة لذلك، وحرق المحاصيل الزراعية ، وإقامة سلطة مستبدة طاغية، لا تقيم أي وزن لأي مفهوم من مفاهيم حقوق الانسان، وهي تعمد إلى تصفية قيادات كردية تعتبرها خطرا على منهجها الانفصالي. وتقوم بتزوير الجغرافيا فتطلق أسماء لمناطق ومدن وبلدات ما عرفت مثل هذه الأسماء في أي مرحلة تاريخية، والمثال الفاقع والمتداول في هذا المقام إصرارهم على تسمية "عين العرب، أو عين عرب" باسم "كوباني".
ورغم كل ما تقوم به هذه القوى الانفصالية العنصرية لم تستطع بعد الاتفاق على جغرافية وحدود ما تدعوه ب "كردستان"، وحين تبحث عن خارطة لهذا المسمى تجد تناقضات لا يمكن إخفاؤها، إذ كلما وضعت هذه القوى يدها على منطقة ذات أهمية اقتصادية ( منطقة ثروات طبيعية)، أو ذات أهمية استراتيجية ضمتها إلى كردستان التي تتخيل.
** أما الحديث عن "فرصة المستقبل"، كما جاء في عنوان المقال، فإن هذه الفرصة غير مفهومة، أو لنقل إن الباحث الجاد، أو المراقب النزيه لا يجد لها إلا أحد سبيلين:
** إما أن تقوم هذه الفرصة على هدم، وتقسيم الدول الأربعة القائمة الآن وهي: سوريا والعراق وتركيا وايران، من أجل إقامة كيان "كردي".
والتقسيم في هذه الحالة لن يكون بين الأكراد وغيرهم من أهالي هذه الدول، وإنما سيكون تقسيم متتال، وقد ألمح المقال إلى المكونات السورية الأخرى، فإذا كان من حق الكرد كيان مستقل لهم، فسيكون هذا حقا للجميع، جميع المكونات، أي أن حالة تشظي كاملة ستحدث في هذه المنطقة، وهذا مسار قاتل للجميع، بل إنه سيمثل دمارا لخارطة العالم القديم كله، وللسلم والأمن الدوليين، ولن يقف هذا المسار عند حد معين.
وقد يرى البعض أن تصورنا لهذا المسار فيه مبالغة، لكن التدقيق فيما يجري يظهر أن العمل على هذا المسار يجري على قدم وساق تحت مسميات عدي
** وإما أن يكون كل حديث عن حقوق أو تطلعات منضبطا بقاعدة "وحدة كل دولة من دول المنطقة"، ومعززا لهذه الوحدة، ومستندا إلى الارادة الحرة لأبنائها، وفي إطار ما يؤكده ويعززه المسار التاريخي للمنطقة وشعوبها، في دوائر هذا التاريخ نفسه، وهي دوائر حضارية عربية وإسلامية متفاعلة ومتداخلة
وفي هذا المسار - وهو المسار الوحيد البناء- يصبح الحديث عن "فرصة، أو فرص" المستقبل مفهوما، ويصبح مطلوبا ووجبا البحث عن رفع الظلم عن كل المكونات الوطنية. وايجاد الأطر الكفيلة بتنمية هذه المكونات تنمية تتيح للوطن كله أن ينهض، دون أن تكون هذه التنمية غطاء وخطوة نحو الانفصال والتفتيت
وما ورد في المقال من حديث عن الظلم الواقع على الاكراد فيستأهل التوقف والتعليق، وأنا هنا لا أنفي وقوع هذا الظلم، لكني لا أجعله واقعا خاصا بالأكراد، من حيث كونهم أكرادا، لكني أضعه في سياقه التاريخي، والاجتماعي، والجغرافي، وفيغطار تحليل النظم القائمة والختلاف التنمية بين الريف والمدينة، بين الجبل والسهل، بين البادية والمناطق الحضرية، كذلك فإن الظلم والتهميش لم يكن للأكراد فقط، لكنه كان لكل مكونات الوطن:
الاستبداد والطائفية والفساد هي مولدات هذا الظلم، والسلوك المستند إلى هذه العناوين تغلغل ـ نتيجة تصحير الحياة السياسية الوطنية على مدى زاد عن نصف قرن ـ في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية السورية، وإذا ضربنا مثلا في النظام القائم فإن القوى التي شاركت وقاسمت هذا النظام ودعمته في ممارساته، كان فيها من كل مكونات هذا الوطن، كان فيها كرد. كما كان فيها عرب، وكان فيها سنة كما كان فيها علويون وكان فيها مسلمون كما كان فيها مسيحيون، ووقف رجال دين من جميع المكونات مع هذا النظام، كما وقف آخرون منهم ضد هذا النظام