بيروت | Clouds 28.7 c

الفتنة النائمة.. لنئدها / العميد غسان عزالدين

 


الفتنة النائمة.. لنئدها 
العميد غسان عزالدين 

الشراع 2 تشرين اول 2024

 

عرضت مساء امس قناة غير لبنانية تقريراً عن ردات الفعل الشعبية على اغتيال  السيد حسن نصرالله ورفاقه خصوصاً  في بعض المناطق السورية ..
حيث شاهدنا تجمعات شعبية تهلل 
للخبر وتحتفل به ..عبر اطلاق المفرقعات والاسهم النارية وتوزيع البقلاوة ..الخ كما تم رفع صور بعض المجازر التي أُرتكبت وكذلك صور الجائعين ..الخ 
كما نقلت القناة بعضاً من المقابلات السريعة مع الناس المحتفلين الذين عبروا عن سعادتهم العارمة .. طبعاً لن انقل عباراتهم التي كانت بمعظمها كلمات مبتذلة وشتائم ،لأنني أربأ بنفسي من تكرارها والهبوط الى ادنى درجات الاسفاف ..
كما تعمد معدّ التقرير ان يمرر لقطات سريعة لمقاتل زعم انه من الحزب بكل عتاده الفردي الحربي ..يتفاخر بالنصر  وسط مجموعة من المدججين بالسلاح و يقول كلاماً غير مقبول وغير عقلاني ومما قاله : حرقنا دينهن وبدنا نضل وراهن لحتى ما نخلي ولا أخو  ( … )سني …الخ !!!

كان واضحاً  ان الفيديو مأخوذ بكاميرا لهاتف خليوي ،وعلى الارجح  ان رفيقاً له قد التقطه  وظهرت مجموعات من المقاتلين تحمل رايات الحزب الصفراء … كان المقاتل وسطهم  ويبدو انه اطلق لسانه في نشوة الانتصار المسجل في منطقة القصير ..قبل عدة سنوات 

بين فرحتين وبهجتين واحدة سنية سورية واخرى شيعية لبنانية بفارق عدة سنوات كان حزني اكبر من الفرحتين الممجوجتين  معاً … انها حرب الاخوة .. لا منتصر فيها الا عدو الجهتين المهللة اساريره .. حرب الكل فيها مهزوم ..
شخصان عربيان من بلاد الشام .. من قومية واحدة ومن عرق واحد ومن دين واحد ..يقفان على طرفي نقيض دامٍ .. كل يفرح في عزاء ورزايا ومصائب الآخر .. مجرد ضحيتين غافلتين  والذئب يتربص بهما سعيداً ضامناً وجبته التالية والأخرى التي تلي التالية … مصير كليهما محدد ومعروف واشداق الوحش يبللها ريقه المنساب من بينها … وكما 
نقول بالعامية  :
" كطائر الحجل الذي يرقص فرحا لمقتل أخيه " ….

صانع التقرير يتمتع بنية غارقة في السؤ ،فقد نقل الكاميرا الى مصر واسمعنا رشقات من التخلف والتعصب والإنغلاق ورفع الصوت عالياً لأن حزب الله الشيعي يقول :
( حرقنا دينهن للسنة …الخ ) اي ان للشيعة ديناً مغاير عن دين السنة ويرومون حرقه !!! هذا ما رمى اليه معدو التقرير  بدوافعهم الخبيثة ،وارجّح انهم يعلمون علم اليقين مقصد ذلك المقاتل الجاهل من إطلاق عبارته تلك  لأن عبارة  : " بدي احرق دين كل سني … "  لا تعني ابداً معناها الحرفي بل هي نوع من المبالغة في القول ،يلجأ  اليه كثيرون للتعبير عن انتصاره  على الآخر وكرسحته بغض النظر عن دينه او معتقده ولا علاقة للعبارة بالدين ،لا من قريب ولا من بعيد . 
انا هنا لا ابرر اطلاقاً بل احاول توضيح مسألة أُريد منها استثارة العصبيات التي تتمظهر في مجتمعاتنا المتنوعة والمختلفة  والمتخلفة .. فلا توزيع البقلاوة فرحاً وابتهاجاً كان من اختصاص السنة  ،وحكراً عليهم وحدهم بل كذلك فعلها الشيعة ايضاً مرات عديدة اذكر مثلاً  حادثة اغتيال الصحافي جبران تويني في ١٢ كانون الاول من عام ٢٠٠٥ .. وكذلك فعلها الفلسطينيون بعيد اغتيال الياس حبيقة في ٢٢ كانون الثاني من عام ٢٠٠٢ …
… وتستمر مهازل البقلاوة وكأنها اكتسبت في بلاد العرب صفة الازلية السرمدية !!! واتساءل عما كانت حجال العرب توزع قبل اكتشاف البقلاوة ؟؟؟؟

خلص التقرير الى ان ايران  تريد غزو كل بلدان المنطقة واحتلالها وفرض " الدين الشيعي " بالقوة على كل الناس .. وليس المذهب بل الدين امعاناً في التحريض والفرقة !!
لا يقولنّ  احد ان المسألة مجرد كلام في كلام وهي تافهة لا تستحق الاهتمام !! إن تسخيف ما يبدو تافهاً وهو ليس كذلك لا ينمّ الا عن جهل وانعدام الدراية والمنطق ..لذلك تراني اعاند وأحاجج وأسأل :
عن اي دين يتكلم  التقرير السافر ؟؟؟ ان التشيع هو مجرد مذهب واجتهاد ضمن حضيرة الإسلام(وليس حظيرة)هو ليس ديناً قائماً بذاته على الإطلاق … كما ان التقرير تعمد وضع كل الاقليات الاسلامية وحتى غير الإسلامية في سلة واحد ،وهذا خطأ مريع وشائع  !!! 
ان استعراض النقاط المشتركة بين اهل السنة والشيعة الامامية الإثنا عشرية او المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفري لا يمكن حصرها لكونهما شبه متطابقين بالجوهر … انهما  متقاربان  لحد التطابق تقريباً ،إن في العبادات او المعاملات واختلاف التفسير او الإجتهاد في بعض القضايا لا يجعل لا من السنة ديناً مستقلاً، ولا من الشيعة ديناً مغايراً  … الإختلافات لا الخلافات هي مظهر ديموقراطي لا يفسد في الود قضية .. الا ينطق الجميع بالشهادتين ؟؟ الا يصلون ويتوجهون نحو قبلة واحدة ؟؟ الا يصومون شهر رمضان ؟؟ الا يحجون بيت الله الحرام ؟؟ الا يقفون سوياً على جبل عرفات ؟؟؟ اننا نتحدى  العالم ان كان فيه من هو قادر على تمييز زوار بيت الله الحرام وهم او وهنّ بثياب الاحرام ان كانوا او كنّ قادرين على تمييز السني من الشيعي …فعلى الرغم من الاختلافات والخلافات ..يظل القرآن الكريم هو الفيصل والمرجع الاول والأخير الذي يجب على الجميع الركون اليه .

ان الحملات التي يطلقها موتورون من عملاء وجواسيس وكذلك من جهلة واغبياء مثل المدعو الشويخ وليد اسماعيل (المصري الجنسية )الذي يبث سمومه ليل نهار ويلصق بالمسلمين الشيعة اموراً كاذبة ما انزل  الله بها من سلطان ..هذه الحملات ستبقينا في جهل عميم وستبقينا سنة وشيعة اسرى الذئب  الإسرائيلي ودمويته .

الجهلة واصحاب السرائر الخبيثة تدعي وتروج ان المذهب الجعفري منشق عن الاسلام ،وهو واحد من مجموعة انشقاقات حصلت عبر التاريخ وأُصطلح  على  تسميتها  بالفرق الشيعية  "  دونما  تمييز وهذا محض كذب وافتراء ،لأن لا شيء مشترك في الاصل  والجوهر بين الامامية والمذاهب الاخرى الباطنية كالإسماعيلية والنصيرية والعلوية والدرزية وغيرها.. وكلامي هذا ليس انتقاصاً من المذاهب المذكورة على الاطلاق  ،بل هو توصيف واخراج للحقيقة الواضحة لمن رامها وسعى اليها مع احترامي الكلي لها ولاصحابها .
ان كلمة شيعة مشتقة من فعل تشيّع وهي حصرية  تُطلق على كل من  وَالَى  الرسول صلعم  وآل بيته 
واصبح من شيعته فيقال شيعة آل البيت الأطهار  ..
وهي تُطلق حصراً على الجعفريين ،اذ ان باقي الفرق الباطنية والسرية لا تكني نفسها بهذه الكنية على الإطلاق .ولكن يتقصد التلموديون على الخلط بينها لتترسخ في اذهان المسلمين السنة تحديداً، ان الشيعة الإثناعشرية هي من ضمن الفرق التي انشقت عن الاسلام بغية تأجيج نار الحقد والكراهية بين ابناء الدين الواحد

كلمتي الأخيرة : لن يرتاح اليهود التلموديون والصهاينة، الا بعد ان تذر الفتنة قرنها بين المسلمين  ،وقد وصلني ذات يوم تقرير خطير  اثناء عملي في رئاسة الجمهورية يقول :انه اذا لم تحصل الحرب بين السنة والشيعة فإن مستقبل اسرائيل سيكون في خطر داهم .
لننشر حملات التوعية كلٌ في مضماره وهذا ليس ترفاً بل هو جهاد يماثل جهاد الميادين الأخرى ،ورسالتي الى كل اخوتي واخواتي والى كل 
المبتهجين اليوم .. اصحاب أسى وكرب الامس ..
والى اصحاب المصاب الجلل اليوم المبتهجين بالأمس .. اعلموا ان الذئب يتربص  بنا  جميعاً ،
وآخر  همّه  اذا  صلى احدنا  متكتفاً او سابلاً 
يديه .. او اذا سجد على سجاد او حصير …
هو يستحلّ كل ما لدينا ويستبيح دماءنا وارضنا واولادنا واموالنا .. ولنتذكر دائماً بأن الفتنة نائمة لعن الله موقظها كائناً من كان .