بيروت | Clouds 28.7 c

إلى شيرين أبو عاقلة / بقلم عمر شبلي


إلى شيرين أبو عاقلة / بقلم عمر شبلي

الشراع 14 ايار 2022

 

يُؤسِفُني يا أختُ، أنّي عربي،
لسانُهُ أطوَلُ من سلاحِهِ،
سلاحُهُ الصراخُ والخُطَبْ
وليس في جعبتِهِ إلاّ كلامٌ يشبهُ
الرصاصَ في حلوقِنا.
"شيرينُ"، لا تسْتصرخي العربْ،
سوفَ يجيئون، وفي أيْدِيهمُ قميصُكِ المشقوقْ،
وفوقَهُ دمٌ كَذِبْ.
أخجلُ من جرحِكِ، يا "شيرينُ"،
وهوَ ينزَفُ العربْ
أُنْبيكِ، يا "شيرينُ"، إنّ الجرحَ لنْ يطيبْ
إلّا إذا ضَمَّدْتِهِ بشعبِكِ الخضيبْ
        *****
يؤسفُني يا أختُ، أنّي مسلمٌ، سلاحُهُ الدعاءْ
يدعو على العدوِّ في الجوامعْ،
وصوتُهُ أعلى من المدافعْ،
ويمدحُ الناطورَ، وهو يسرِقُ العِنَبْ.
يُحرِّرُ القدسَ بما في الفمِ من كلام
يؤسفُني يا أختُ أن دمَنا الحَرامْ
ليس حراماً عندما تمتلئُ الجيوبُ بالحرامْ.
والقدسُ يا "شيرينْ"ـ
بالرغم من وضوحِها وقربِها
ظلَّتْ صلاةُ الغائبِ البتراءْ 
عن روحِها تُقامْ.
وعندما نُصلّي
يَؤُمُّنا الحاخامْ.
مرتديًا غباءَنا وجُبّةَ الإسلام.
        *****
أخجلُ من نَعْشٍ يطوفُ بينَنا
أخجلُ من جرحٍ، متى نسألُهُ،
يرفضُ أنْ يُجيبَ، وهو يعرفُ السببْ.
أخجلُ من صوتِكِ، يا "شيرين،
من ربعِ قرنٍ يُرسِلُ الصراخْ.
تَسمعُهُ الدنيا، ولا يسمعُهُ العربْ
         *****
نحن خيولٌ، إنّما يا أختُ، لا يَنقُصُنا اللجامْ
خيولُنا سريعةُ العَدْوِ إلىِ الوراءْ
سيوفُنا معلّقاتٌ سَبعْ
"ملأنا البرَّ حتى ضاق عنّا     وماءُ البحرِ نملؤُهُ سفينا"
للآنَ لا نعرف أنَّ الأمسَ ماتْ،
والنهرَ لا يكُفُّ مذْ كان عن المسير.
والدَلْوُ مثقوبٌ، ونحن لا نزالْ
نريدُ أنْ نملأَهُ بالماءْ بالدعاء
        *****
يا ليت، يا أختاهُ، أني عربي،
لسانُهُ في جَيْبه،
سلاحُهُ في يدِهِ وجرحُهُ.
ما أجملَ الجرحَ الذي ضمادُهُ القضيّةْ
ومن خضيبِ نزْفِهِ تولَدُ بندقيّةْ.
عندئذٍ لو قبِلَ السلامْ
يكونُ من بنودِهِ الحسامْ
        *****
وعندما قُتِلْتِ يا "شيرينْ"
ما كان في رأسِكِ إلاّ وطنٌ
يقتلُه "الليكودُ" و "المابام"
        *****
دمُكِ يا "شيرين"،
قد صارَ فوقَ نعشِكِ الإكليلْ،
كانَ على الحضارةِ الساقطةِ الدليلْ
" شيرينُ" أنتِ مُجْرِمةْ،
وآلةُ التصويرِ في يَدَيْكِ من أسلحةِ الدمارْ
وصوتُك الأبعدُ من أوهامِهمْ
تُهمتُه الإجرام.
       *****
أنثى يُغَطّي فمُها مِساحةً أبعدَ من رصاصةِ
القاتلِ والعميل
مِساحةُ الجرحِ الذي يحدُّنا أوسعُ من
بنادقِ الغزاة
      ****
قابيلُ، يا "شيرينُ" حتى الآنْ
يخافُ من "هابيل"
لأنَّ في العدوانِ ما يناقضُ الإيمان،
والبندقيّةْ،
عندما يطلقها العُدوانْ
تخافُ من سِكِّينْ.
             *****
"شيرينُ" لن نخافَ من سلاحِهمْ
إنَّ الذي يخافُ من عدوِّهِ هو القتيلْ
إنَّ الذي يخافُ من آلةِ تصويرٍ هو القتيلْ،
نامي بقلبِ شعبِكِ الواسعِ يا "شيرينْ"،
فالموتُ لن ينامَ، والرصاصُ في بنادق العدوِّ لن ينام.
لكنّما الأحقادَ في الصدورِ لن تنامْ
لكنّنا نؤمنُ يا "شيرينُ" أنَّ الجرحَ،
مهما غاصَ في أعماقِنا
تُبرِئُهُ إرادةُ انتقامْ.
وآلةُ التصويرِ قد يكسرُها رصاصُ بندقيّةْ
وقد تكونُ التهمةَ الهُويّةْ.
وقد يَتِمُّ القبضُ يا "شيرين"
على الفدائيِّ الذي سلاحُهُ السِكِّينْ
لكنَّ ما لم يستطعْ "بينيت" أنْ ينالَهُ
إخضاعُ شعبٍ يَلِدُ الأطفالَ كي لا يبلغوا
مرحلةَ الكهولةْ
بل ليسَ مسموحًا لهم أنْ يبلغوا مرحلةَ الكهولةْ
لأنّ كلَّ واحدٍ منذور
للثأرِ ممّنْ قتلوا أخاهْ
وسجنوا أباه
لأمه إذْ ولدتْ لهُ أخاً في السجنْ
لم يبصرِ السماءْ
ولم يرَ الطيورْ
لا بدَّ أن يثور،
لا بدَّ أنْ ينتصرَ المقهورْ
لا بدّ للسجينْ
من أن يرى السماءْ،
ويبصِرَ الطيورْ
       *****
"شيرينْ"
لا بدّ من أنْ يقِفَ الموتُ أمامَ نعشِكِ الملفوفِ
بالوطنْ.
والشهداءُ سوف يحضرون،
ويخجلُ الأحياءُ من حضورهمْ
لأنّهمْ جاؤوا بلا كفنْ.
لا بدّ أنْ تبدأَ من نعشِكِ، يا شيرينْ"،
خارطةُ الوطنْ
فمن رأى خارطةً تبدأُ من بَدَنْ.
أسألُ، يا "شيرين"،
عن وطنٍ يرسمُهُ أبناؤه بالدمُ.
أجابني نعشُكِ: إنّ الحبَّ، مُذْ كان، ذِمَمْ.
إذنْ، أحِبّي مثلما شئتِ، فلن تُخطِئُكِ الطلقةُ،
والحبُّ ذِمَمْ.
سوفَ تَمَسُّ الطلقةُ البدنْ،
لكنَّها لن تقتلَ الوطنْ
                    ****
"شيرينْ"،
تقتلُكِ الطلقةُ لكنْ أبداً
لن تقتلَ الوطنْ
لأنّهُ مؤلَّفٌ من كلِّ من ماتوا، ولم يموتوا
          *****
"شيرينُ" إنّ شعبَنا مقهورْ.
لا بدَّ في يومٍ من الأيام أنْ يثورْ،
لابدَّ أن يثور،
لا بدَّ أنْ ينتصرَ المقهورْ