بيروت | Clouds 28.7 c

عقيدة العالم الروسي" الشعب الذي يعيش في اكبر مساحة هو الاقل سكانا ! / محمد المشهداني

 

"عقيدة العالم الروسي"
الشعب الذي يعيش في اكبر مساحة هو الاقل سكانا ! / محمد المشهداني 

الشراع 17 نيسان  2023

 

المساحة الجغرافية لروسيا هي الأكبر في العالم لكن عدد سكانها قليل جدا (144 مليون نسمة )روسيا خسرت الكثير من أبنائها في قرن واحد .
في بداية القرن العشرين كان عدد السكان في عهد  الإمبراطورية القيصرية الروسية يعادل 7\1 من عدد سكان الأرض ….في العام 2022 صار عدد سكان روسيا الاتحادية يعادل 50\1 من عدد سكان العالم!
في أكتوبر العام 2021. جاءت الأرقام صادمة فروسيا تشهد اكبر انخفاض سكاني في وقت السلم عبر تاريخها المسجل ،وينخفض عدد السكان بقرابة المليون نسمة توصف الأزمة بأنها الانهيار الديموغرافي الذي تفشل روسيا في إيقافه على مدار عقود ..بين عامي 1999 _2009 انخفض عدد سكان روسيا بمقدار 983 الف نسمة أيضا وعدد سكان روسيا الحالي هو أقل مما كان عليه عندما تولى الرئيس فلاديمير  بوتين مقاليد الحكم.
وفي بدايات القرن 20 كان عدد سكان الأرض وقتها مليار نسمة كانت الإمبراطورية الروسية شاسعة المساحة اكثر من روسيا الحالية ،وتضم سبع سكان الأرض .في الحرب العالمية الأولى خسرت الإمبراطورية الروسية قرابة 17 او 18 مليون نسمة وفي الحرب العالمية الثانية خسر فيها 
الاتحاد السوفيتي ما يقارب 27 مليون نسمة ،معظمهم من سكان روسيا الاتحادية ،لكن بعد انتهاء الحرب ارتفع عدد السكان من 100 مليون إلى 146 مليونا بسرعة كبيرة وبحلول عقدة التسعينيات كان عدد السكان في 
الاتحاد السوفيتي 291 مليون نسمة لكن في العام 1991جاءت كارثة جيوسياسية على حد تعبير ووصف 
الرئيس فلاديمير بوتين. وديموغرافية  بإجماع المؤرخين .
تفكك الاتحاد السوفيتي الى 15 دولة 48بالمئة من سكان الاتحاد اصبحوا في 14 دولة أخرى غالبية الفاقد من السكان وهم قرابة 40 مليونا يعيشون في اوكرانيا وحدها من بين الملايين الذين توزعوا على دول مستقلة .
حديثا استقر 25 مليونا من اصل روسي او ناطقين بالروسية ويصف الرئيس بوتين الأمر بمصير مأساوي ، ويعلن طموحه لاستعادة هؤلاء المواطنين عبر مفهوم العالم الروسي الذي يشكل اساس عقيدة السياسة الخارجية الروسية الصادرة في العام 2022 .
ان ملايين من ذوي الأصول الروسية في الخارج وان كل من يتحدثون ويفكرون ويشعرون بالروسية حتى لو لم يكونوا من العرقية الروسية كلهم لروسيا الحق في الدفاع عنهم وضمهم إليها !!وبهذا العالم كل الأراضي والشعوب التي تدخل ضمن النفوذ والطقس التاريخي الاثني والثقافي الروسي هذا المبدأ هو المبرر الذي استخدمه الرئيس فلاديمير بوتين في ضم الأقاليم الأوكرانية عدة منذ العام 2014. وهي 
"شبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابورويجيا" لطالما كانت الديموغرافيا الروسية مشكلة وجودية فلاديمير بوتين منذ العام 2000. البلاد متأخرة عن نسبة الحفاظ على عدد السكان المتمثلة ب2.1 طفل لكل امرأة منذ عقد التسعينيات القرن الماضي وحتى الآن على الرغم من بعض التحسينات الطفيفة تتأكد هذه المشكلة اكثر مع حقيقة ان العرقية الروسية ذات خصوبة اقل مقارنة مع بقية الاعراق المكونة للاتحاد الروسي ..قرابة مليون ونصف المليون من سكان موسكو من اصل غير روسي. 
اتبعت روسيا استراتيجية تشجيع الهجرة إليها من الدول السوفييتية سابقا مثل أذربيجان وأوزبكستان .في العام 2020الغت موسكو خطر ازدواج الجنسية وبات بإمكان الحاصلين على الجنسية الروسية ان يحافظوا على جنسياتهم الأخرى. 
اجتذاب ما يصل إلى عشرة ملايين مواطن جديد وزادت البلاد من الإنفاق الحكومي لتشجيع المواليد وأدخلت حظرا على "الدعاية للمثليين" وحظر الزواج من الجنس نفسه كي لا تهدم فكرة العائلة ،وأعلن الرئيس فلاديمير صراحة ان إنقاذ الشعب هو أولويتنا الوطنية القصوى .
يوسع الرئيس بوتين مفهوم الإنسان الروسي ليشمل الذين يشعرون بروسيا ،ويعمل على تعزيز مكانة الأقليات المسلمة ذات الخصوبة العالية والمرتفعة مثل جمهورية الشيشان الروسية .
إعاد الرئيس بوتين "لقب الام البطلة" للنساء اللاتي ينجبن 10 أطفال او اكثر كما كانت الحال أيام عهد 
الاتحاد السوفيتي وحصلت زوج حاكم جمهورية الشيشان "رمضان قديروف" على هذه اللقب في شهر نوفمبر العام 2022. لكن خطة كبح التراجع السكاني في حلول العام 2024طموحة اكثر 
تتفاهم الأزمة الديموغرافية بسبب مغادرة الشباب روسيا فأكثر من نصف الشباب الروسي الذين نشاؤا في عهد 
"الرئيس فلاديمير بوتين" يرغبون في الهجرة للخارج.
ان الجنود الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى كانوا أفرادا في عائلات تضم 7 اشقاء و الذين قتلوا في 
"حرب أفغانستان" كانوا افراداً في عائلات تضم ثلاثة أشقاء لكن الذين يقتلون في اوكرانياقد يكون لدى كل منهم شقيق واحد او من دون أشقاء .فالتوجه العام بين الروس لإنجاب عدد اقل من الأطفال مستمر.
يريد بوتين شعبا اكثر عددا بكل الطرق الممكنة ..حتى لو كان ذلك بضم أقاليم تابعة لدول أخرى ،وتجنيس مواطنيها هو يعيد مفهوم تعريف الهوية والمواطنة الروسية .
في العام 2007اعتبر بوتين ان "الأرثوذكسية المسيحية" هي ضامن الصحة الأخلاقية للمجتمع .فهل هذا يعني أن كل ارثوذكسي دينا هو روسي أيضا. في التعديلات الدستورية لعام 2022تم تكريس اللغة الروسية على أنها لغة الشعب المكون للدولة.
كما يخبرنا مرسوم العام 2022الذي يمنح الجنسية لكل من تطوع  للقتال في الجيش الروسي لمدة لا تقل عن عام واحد. 
تعاني روسيا من أزمة ديموغرافية كبيرة يتضح الأمر اكثر فأكثر من خسائر حرب اوكرانيا وتجنيد البلاد ل300 الف جندي احتياطي بالتزامن مع موجة هجرة كبيرة للذكور.  
روسيا كيان سياسي وحضاري ممتد عبر التاريخ لطالما بنت قوتها وهيبتها على اساس العدد ..والان قد ينخفض عدد سكانها إلى النصف ويبقى فيها 83 مليون نسمة بحلول العام 2100. 
نعم ان الرئيس فلاديمير بوتين يعرف ان الامر وجودي للأمة الروسية. 
محمد المشهداني _ الشراع