بيروت | Clouds 28.7 c

أسرار زيارة بشار لطهران: سليماني اصطحبه من دمشق والسرية شملت الجميع حول الاسد / السيد صادق الموسوي - طهران

*لهذا السبب لم يرفع العلم السوري خلال استقبال خامنئي وروحاني لبشار

*طائرة سليماني الخاصة حملت بشار ومرت في أجواء سورية- العراق - ايران من دون ان يعلم بطبيعتها أحد

*ظريف استقال.. وكان مرتاحاً ان أحداً لن يسأله عن زيارة بشار لأنه ما كان يعلم أمراً عنها

*بوتين حصل على مئات مليارات الدولارات من دول الخليج لتكسب وده ضد ايران

 

 

أرسل السيد صادق الموسوي من ايران هذا التقرير والتحليل عن زيارة بشار الأسد الى طهران يتضمنان معلومات وآراء مميزة ننشرها كما هي تحت عنوان:

نتنياهو في موسكو والاسد في طهران

تعليقاً على مقال ورد في مجلتكم الموقرة عن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران وورود تحليل لهذه الزيارة، أرجو نشر هذا المقال لتوضيح الصورة.

ما زالت أصداء زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الإيرانية ولقائه غير البروتوكولي مع آية الله السيد علي خامنئي والرئيس الشيخ حسن روحاني مستمرة، والتحليلات والتعليقات تتوالى بين المؤيدين والمعارضين سواء في وسائل الإعلام الفضائية أو في مواقع التواصل بالعالم الإفتراضي، لكن الكثيرين لا يملكون معلومات دقيقة كون الزيارة أحيطت بأعلى درجات السرية، ولم يتسرب خبر الزيارة إلاّ بعد عودة الرئيس الأسد إلى دمشق.

إن النجاح الأول في الزيارة هو في الجانب الأمني حيث خرج الرئيس الأسد من القصر برفقة اللواء قاسم سليماني متجهين إلى المطار من دون مرافقة أي كان حتى حرسه الخاص ومن دون أن يتمّ إعلام أي من المقربين للرئيس السوري وكذلك لم يتمّ إخبار السفير الإيراني لدى سورية، وركبا معاً طائرة تابعة لشركة ((ماهان)) المعدة أصلاً للواء سليماني من دون أن يحس أحد بوجود الرئيس الأسد في الطائرة إذ أن اللواء سليماني له أسلوبه في التنقل جواً وبراً في داخل ايران وفي الخارج وله فريقه الأمني الخاص، وهو الذي قام بالإجراءات اللازمة وأشرف عليها بتفاصليها شخصياً.

ومرت الطائرة في الأجواء السورية فالعراقية فالإيرانية من دون أن يلتفت أحد إلى خصوصية الرحلة، وهبطت الطائرة في مطار ((مهراباد)) بصورة طبيعية، وهنا تحرك أيضاً الفريق الأمني الخاص للواء سليماني وخرج الرئيس الأسد في سيارة واحدة زجاجها داكن من الباب الخاص للمطار من دون أية أجراءات والجميع يتصورون أن في السيارة سليماني وحده، وتوجها مباشرة إلى مقر إقامة آية الله خامنئي، وتجاوز اللواء بالتوافق مع المسؤول الأمني الخاص بالقائد اللواء وحيد دهقانيان كافة الإجراءات الأمنية المعقدة المتعارف عليها قبل لقاء القائد، وكان الوحيد الذي على علم بالسفرة هو رئيس مكتب آية الله خامنئي حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمدي كلبايكاني، وتمّ على عجل وفي سرية كاملة استدعاء الدكتور ولايتي والعدد المحدود جداً ممن حضروا اللقاء، ويبدو واضحاً من خلال الفيديو الذي نُشر بعد التأكد من وصول الأسد إلى دمشق أن كل الأمور جرت على عجل ومن دون بروتوكولات رسمية فلو كان التحضير من خلال إحضار العلم السوري من السفارة السورية في طهران أو وزارة الخارجية الإيرانية لكان ممكناً التساؤل لدى الطرفين لكون السفارة والوزارة فقط يملكان نماذج للعلم، وهذا مخالف للخطة السرية بإتقان.

والسرية فرضت عدم إعلام السفير السوري في إيران أيضاً رغم أنه موضع الثقة لدى الاسد، وبقيت رئاسة الجمهورية بعيدة عن الأجواء والرئيس روحاني كان يقوم بنشاطه المعتاد خارج مقر الرئاسة، وفي أواخر اللقاء مع آية الله خامنئي تمّ الإتصال برئيس الجمهورية على هاتفه الجوال الخاص وطُلب منه الحضور فوراً إلى مقر الرئاسة القريب جداً من مقر القائد للضرورة من دون إعلامه بأمر حضور الضيف الخاص، ولذلك لم يتسن له إعلام وزير الخارجية الدكتور جواد ظريف ولم تتمكن تشريفات رئاسة الجمهورية من إحضار العلم السوري، وتم استقبال الرئيس الإيراني للرئيس السوري على عجل وبصورة مختصرة، وتمّ الحظر على الصور كلها حتى لا يتسرب أي خبر قبل مغادرة الأسد طهران ووصوله إلى دمشق، وهكذا كان وتم نشر صور اللقاء مع القائد والرئيس بصورة متزامنة بإشارة اللواء سليماني، وكما قدم الأسد مع قاسم سليماني عادا معاً ووصل الأسد إلى القصر الرئاسي من دون أن يعلم أحد بأمر الزيارة حتى أقرب المقربين للأسد، لأن لقاءات عديدة تتمّ عادة مع اللواء سليماني خارج القصر وبعيدة عن البروتوكول وعن أعين الحرس الرئاسي.

وكما لم يعلم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأمر الزيارة مسبقاً كذلك لم يعلم وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وكما لم يعلم السفير الإيراني لدى سورية بأمر الزيارة كذلك لم يعلم السفير السوري في ايران.

والزيارة هذه جاءت متزامنة مع زيارة رئيس الوزراء الصهيوني المستقيل والمهدد بالإدانة والسجن والمؤجلة مراراً للعاصمة الروسية ولقائه مع الرئيس بوتين، والموضوع الوحيد حسب تصريحات نتنياهو هو ايران، حيث أعطى الضمانات للروس بأن مصالحهم وقواعدهم وجنودهم سوف لن يُستهدفوا من قبل الطائرات والصواريخ الإسرائيلية، وأن الكيان الصهيوني يقبل بالوجود الروسي طويل الأمد في سورية مقابل التغاضي عن توجيه الضربات للمراكز الإيرانية وقصف قواعد حزب الله والقوى المتحالفة مع الدولة السورية.

لكن زيارة الرئيس الإسد لطهران والإستقبال الحار له من قبل المرشد والرئيس بعثت برسالة قوية بأن الوجود الإيراني في سورية هو أمر مقرر من قبل أعلى السلطتين المرشد في ايران والرئيس في سورية ولا يمكن لأحد غيرهما شخصياً التأثير في هذا القرار، وهذه الرسالة وصلت إلى الرئيس بوتين الذي يؤكد دائماً احترامه الخاص لآية الله خامنئي، وبالنتيجة فهو يعلم آن أمر الوجود الإيراني في سورية قراره في طهران وبيد القائد الأعلى للقوات المسلحة آية الله خامنئي شخصياً، ولعل فائدة عدم حضور وزير الخارجية الإيراني اللقاء هو أن يكون مرتاحاً في اللقاءات الديبلوماسية، وخصوصاً مع الغرب للتملص من الضغوطات المحتملة، حيث شاهد الجميع غيابه، وعليه فلا يمكن مفاتحته بالأمر.

ولا بد هنا من الإشارة إلى خصوصية العلاقة بين الرئيس بوتين وآية الله خامنئي حيث يرى الرئيس الروسي بأن العلاقة مع ايران تفتح له مجال التحرك في المنطقة وعلى الصعيد العالمي أيضاً، فما يدفع المملكة العربية السعودية، خصوصاً ودول الخليج عموماً إلى التقرب من روسيا وعقد صفقات تجارية وعسكرية بمئات مليارات الدولارات هو بسبب العلاقة والتحالف مع ايران وفي محاولة لكسب شيء من ودّ الرئيس الروسي.

والولايات المتحدة اضطرت للتحاور مع الروس في أمر سورية بعدما استطاع اللواء قاسم سليماني من إقناع الرئيس بوتين بالمشاركة العسكرية القوية في سورية، وهنا اضطر الرئيس الأميركي في حينه باراك اوباما للتراجع بعد أن كان أعلن ساعة الصفر لقصف سورية واستعدت حاملات الطائرات والقطع البحرية الأميركية في شرق البحر الأبيض المتوسط للأمر، لكن مع إطلاق اول صاروخي كروز من جانب البحرية الأميركية تصدت لها الصواريخ الروسية المضادة وتمّ إسقاطها، وهنا فهمت الولايات المتحدة بخطورة المرحلة وتراجعت ورضيت بالتحاور مع الروس، وكانت البداية تشكيل لجنة خاصة لتبادل المعلومات للحؤول دون التصادم بين الطائرات الأميركية والروسية، وتطور الأمر للقبول الأميركي بالإنسحاب الكامل من سورية.

والإسرائيلي الذي كان وضع جميع بيضه في سلة بعض المجموعات الاسلامية المسلحة مدعوماً بالكامل من التحالف العربي والدولي وحاولت جاهدة كسب ودّها من خلال استقبال جرحاها في مستشفياته وتأمين كافة احتياجاتها حتى العسكرية وذهبت إلى حد الإسناد الجوي لها ومهاجمة المواقع العسكرية للدولة، لكن العلاقة الروسية - الإيرانية التي فرضت على الولايات المتحدة التراجع أجبرت الكيان الصهيوني أيضاً للتوجه صوب موسكو حيث يتباهى نتنياهو أنه زار ها في فترة قصيرة 11 مرة، والرئيس الروسي من جهته يسوّف كل مرة اللقاء مع رئيس الوزراء الصهيوني، وأخيراً جاءت القشة لتقصم ظهر البعير في العلاقة الروسية -الإسرائيلية بإسقاط الدفاعات السورية بالخطأ وخلال عملية جوية إسرائيلية طائرة روسية عسكرية وقُتل فيها 15 عسكرياً، حيث حملت السلطات الروسية المسؤولية لإسرائيل في التسبب في ذلك، في حين أن الإيراني سمح مرة للطائرات الحربية الإستراتيجية الروسية للهبوط في قاعدة عسكرية إيرانية والتزود بالوقود بأمر مباشر وإستثنائياً من قبل آية الله خامنئي وإكمال مسيرها إلى سورية، ومرة سمحت ايران بمرور الصواريخ الروسية العابرة للقارات بعبور أجوائها لقصف المواقع المعادية في سورية.

وعلى الصعيد الشخصي أصرّ الرئيس الروسي أن يأتي فور وصوله إلى إيران في أول زيارة رسمية للقاء آية الله خامنئي مصطحباً معه صورة عن نسخة قديمة جداً ومزخرفة من القرآن الكريم وضمن بروتوكول خاص به ثم انتقل بعد ذلك إلى قصر ((سعداباد)) وبدأت مراسم الإستقبال الرسمي له من قبل الرئيس روحاني، ولما أراد علي أكبر ولايتي زيارة موسكو وبُذلت جهود من قبل وزارة الخارجية الإيرانية والسفير الإيراني في موسكو لتأمين لقاء له مع الرئيس الروسي لكنه رفض اللقاء فلما قيل له أنه يحمل رسالة من آية الله خامنئي عاد ووافق على اللقاء.

وعلى الصعيد الفكري فإن الرئيس الروسي يحتاج للتقارب مع ايران لمواجهة التغلغل السلفي وانتشار الفكر الوهابي في صفوف المسلمين السنة المتواجدين في أنحاء روسيا والجمهوريات المتحالفة معها، مما يجعل من هؤلاء خلايا نائمة يمكن للسعودية تحريكها عند الحاجة، كما هو أعاد الحياة للكنيسة الأرثوذكسية لمواجهة الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية الغربية، وفتح المجال للبطريركية الأرثوذكسية لتوسيع نشاطها وتسهيل بناء كنائس جديدة وترميم القديمة منها، ولذلك نرى تسهيل الحكومة للنشاط الواسع لممثلية آية الله خامنئي في موسكو والمركز الثقافي الإيراني واتحاد الطلاب الإيرانيين في روسيا، والاستقبال بحفاوة لممثل آية الله العظمى السيد علي السيستاني حجة الإسلام والمسلمين السيد جواد الشهرستاني في موسكو والموافقة على وجود ممثل له في روسيا، والسماح لرفع الأذان بالمذياع لمسجد الشيعة في موسكو، وتنشيط التبادل الثقافي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعموم روسيا.

أمام هذه الوقائع يمكن القول أن زيارة الرئيس السوري إلى طهران قد أوصلت رسالة واضحة للجميع أن التعامل مع الوجود الإيراني في سورية لا يكون بالالتفاف والتودد لهذا وذاك وتجاوز ايران، وأن جميع الذين قرروا الصلاة في الجامع الأموي في دمشق بعد إسقاط النظام، والذين طالبوا بالتنحي خلال 48 ساعة ثم مددوا المدة ((متكرمين)) حتى 73 ساعة، ورفضوا مشاركة ايران في محادثات جنيف ومقابلة الوفد الإيراني في المفاوضات اضطروا هم للخروج من الحلبة وصار الإيراني هو العنصر الأساسي إلى جانب الروسي والتركي في المفاوضات لإيجاد حل للأزمة السورية ولم يبق للأطراف الأساسيين السابقين حتى دور المراقب، وقبل الجميع بالحل السلمي وصرحوا بعبارات مختلفة بالقبول ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، وحتى ترامب الذي يهدد ويتوعد ويفرض العقوبات يصرح يومياً بأنه يريد التفاوض مع الجمهورية الإسلامية، ومن الطبيعي في حال الشروع في المفاوضات الابتعاد عن المحور المعادي لإيران كما فعل اوباما من قبل، وعند ذاك ينادي بالويل والثبور الذين فتحوا خزائنهم لدونالد ترامب ويعضون أصابعهم ندماً على الصفقات بمئات المليارات التي أبرموها مع أميركا وغيرها على حساب ثروات شعوبهم واضطرارهم لإصدار سندات خزينة لاستقراض مواطنيهم والاستدانة من المصارف الأجنبية  بفوائد عالية، وخصخصة مؤسساتهم السيادية وبيع أكثر أسهمها للأجانب لكسب أموال ومن ثم صرفها على خصوم ايران لعلها تتمكن من وضع العصي في دواليب تقدمها العلمي والعسكري.

إن تجربة صدام حسين وتوهماته باحتلال ايران خلال أيام معدودة وإسقاط النظام الوليد لتوه والفاقد للقدرة العسكرية، والمساندة الكاملة التي قُدمت له من كافة دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي انتهت باستسلامه وقبولةه بشروط ايران كافة، والانقلاب على حماته واحتلال الكويت وتهديد المملكة العربية السعودية، وفي النهاية اختباؤه في حفرة واعتقاله بذلّ وإعدامه على يد واحد من الجهة التي كان مجرد الاتهام بالعلاقة معها يؤدي حتماً إلى الإعدام.

واليوم وبعد أن صار همّ الولايات المتحدة وحلفائها الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة والعالم، وصار وزير الخارجية الأميركي يقول بالنفوذ الإيراني في فنزويلا الحديقة الخلفية التقليدية لأميركا، والكيان الصهيوني يرتعب من عشرات آلاف الصواريخ الذكية التي قدمتها الجمهورية الإسلامية لحزب الله في لبنان وأوصلتها رغم العراقيل لمختلف فصائل المقاومة في قطاع غزة، وبالأمس تمت محاكمة وزير إسرائيلي وسجنه 11 عاماً بتهمة التجسس لصالح الجمهورية الإسلامية، ويشكو الأميركيون كل يوم من اختراق الإيرانيين لمواقعهم الإلكترونية الاستراتيجية والاستحواذ على طائراتهم المسيّرة المتطورة من خلال اختراق أنظمتها، هل يعقل بعد هذا أن يحلم هؤلاء الخصوم بالانتصار، أم أن الذين يستعينون اليوم بالعدو القريب والبعيد ويتزلفون لشذّاذ الآفاق ويتحالفون مع قتلة الشعب الفلسطيني ضد الحامي الصادق للقضية الفلسطينية والمساند الوحيد المتبقي لمقاومة الشعب الفلسطيني، إن هؤلاء سيندمون كما ندموا من قبل وتذهب الأموال التي صرفوها ويصرفونها سدى ثم لا يبقى لهم سوى الحسرة.

السيد صادق الموسوي 

 

خامنئي يستقبل الاسد.. أين العلم السوري؟

قاسم سليماني اصطحب بشار بطائرة شركة ((ماهان)) الايرانية

وليد المعلم لم يعلم بزيارة معلمه إلا بعد نشر الصور والخبر

ظريف لا أحد سيسأله عن الزيارة لأنه لم يعلم بها مسبقاً

 

الوسوم