بيروت | Clouds 28.7 c

العاصوف: افتراءات على البيئة السعودية ام مواكبة لانفتاح بن سلمان 

فضائيات  *((العاصوف)) اسم لمسلسل  تسبب في ((عاصفة)) داخل المملكة العربية السعودية، يدور في إطار الدراما الاجتماعية التاريخية، وتقع أحداثه في السبعينيات، مأخوذ عن رواية ((بيوت من تراب)) للراحل عبد الرحمن الوابلي، وللمخرج السوري المثنى صبح، وإنتاج شبكة ((إم بي سي))، وكان من المفترض أن يُعرض عام 2017، وقد كثرت الأقاويل حوله ما بين منتقدين بشدة، ومتهمين بأنه لا يمثل الشعب السعودي في الماضي أو الحاضر، وآخرين معُجبين بجرأة العمل. 

((العاصوف)) من بطولة ناصر القصبي، دانة آل سالم، عبد اﻹله السناني، ريم عبد الله، حبيب الحبيب، حمد المزيني، مديحة كنيفاتي، فادي صبيح، وآخرين، ويُجسد لمفردات درامية وفنية جديدة وغير معهودة في المشهد الدرامي السعودي، ببداية غير نمطية أثارت جدلاً كبيرًا، حيث تضع امرأة مولودًا على باب المسجد، وتكشف الحلقة الثالثة أن الطفل قد يكون ثمرة علاقة محرمة أحد طرفيها ((خالد)) (ناصر القصبي)، كما يظهر أيضًا وهو يُقيم علاقة مع جارته المتزوجة، وينطلق العمل من قصة عائلة ((سعد الطيان)) عن مرحلة مفصلية في تاريخ السعودية بداية السبعينيات التي ظهر خلالها نشاط لافت لتيار ((الصحوة الدينية))، وما تلاها من متغيرات اقتصادية واجتماعية ودينية وضعت رجال الدين في واجهة الحياة الاجتماعية في البلاد، وعلاقة ذلك بالصراع العربي - الصهيوني، وتوسع ((الناصرية)) في تلك الحقبة.  
العمل من وجهة نظر صناعه حاول تبسيط العلاقات الإنسانية بعيدًا عن التكلُف، وجعل أحداثه واقعية وشخصياته طبيعيين، ويمثل عودة إلى الصواب واجتثاثًا للفكر التكفيري، لكن منتقديه من المحافظين، يرون أنه يبرز سلبيات و((افتراءات)) عن البيئة السعودية، ويتجنى على السعوديين ويحرف تاريخ أجدادهم، مُتعمدًا إظهارهم بالصورة التي تريدها ((الليبرالية)) من تخلف وإنعدام الغيرة، وإظهار المرأة السعودية على أنها بلا حياء، حسب وصفهم. 

((العاصوف)) من جانب آخر، يأتي متواكبًا مع حركة الانفتاح التي تشهدها المملكة ثقافيًا وفنيًا واجتماعيًا، والمتغيرات الاجتماعية والدينية والسياسية الراهنة للسعودية، والتي يقودها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بعدما تعهد بإعادة المملكة إلى ما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا، وهي الحقبة التي يتناولها المسلسل. 

العمل يعكس وجهًا آخر للسعودية غير المسكون في مخيلة الغالبية خلال هذه الفترة مثل وجود اللقطاء، وقصص الحب الرومانسية والغزل والرقص، وخلافات أسرية وأسرار اجتماعية لم يكن من الممكن الاقتراب منها قبل ذلك، يحمل طيات من أدب الحارة الشعبية بكل ما يدور فيها من أحداث وتناقضات وصراعات نفسية واجتماعية الذي أسسه كاتبنا الراحل نجيب محفوظ. 

​المسلسل أيضًا يُعيد ذاكرة السعوديين إلى البعثات التعليمية إلى مصر في تلك الفترة، التي شهدت إرسال عدد من موظفي الدولة والطلاب إلى جامعات القاهرة للابتعاث ودراسة بعض التخصصات، من خلال دور نجم الدراما السعودية عبدالإله السناني،  فيُجسد دور ((محسن)) الذي يأتي من القاهرة إلى الرياض، مثقلاً بحالة عاطفية عاشها إبان دراسته. 

على المستوى الفني، ينجح المسلسل في تقديم محاكاة جيدة للغاية لشوارع وأحياء الرياض في الماضي، بإيقاع يستوعب كثيراً من التفاصيل الصغيرة قبل الانتقال إلى تحولات كبرى ومهمة في الأجزاء الأربعة المقبلة، وتم توثيق تاريخ العاصمة وتطورها العمراني مع الاستعانة بواحدة من كبريات دور الأزياء السعودية، لتصميم ملابس الممثلين لجميع الفترات الزمنية، وكذلك تم استخدام ديكورات خاصة بالبيوت الطينية، والأحياء الشعبية التي تقع في قلب الرياض، بأداء تمثيلي مميز من قِبل أبطال العمل. 

((العاصوف)) ومعناه ((الريح الشديدة))، هو أول أدوار الفنان السعودي ناصر القصبي خارج مجال الكوميديا الذي كرّسه نجمًا منذ ظهوره في ثمانينيات القرن الماضي، وبالنسبة للمحافظين في المملكة، هو أحد رموز التيار الليبرالي، وعُرف بانتقاده لتيار الصحوة وممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

الوسوم