بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ - منعوا بشار فمنعت ليبيا / كتب: حسن صبرا

لم ولن يكون انسانياً او وطنياً او عربياً تجاهل كشف مصير الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، بعد مرور 41 سنة على جريمة اختفائهم في ليبيا اعتباراً من 31- 8- 1978 التي قصدوها تلبية لدعوة رسمية تلقاها الصدر من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

لذا

فإن المطالبة بهذا الكشف هي واجب وحق بكل المقاييس.. ولكن وبغض النظر عن أي تفسير يعطي لهذه المراوحة في الاهتمام بقضية بهذه الأهمية، بين تقديمها على انها أولوية على كل ما عداها كما في تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ورث رئاسة حركة أمل التي أسسها الامام الصدر وبيان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الذي ورث رئيسه رئاسته من وارث الصدر الشيخ عبدالأمير قبلان.. وبين السكوت عنها لسنوات تكاد الناس لا ترى اهتماماً بها إلا في الاحتفال بذكرى الاختطاف المعروفة، فإن أمرين حدثا في مسار هذه القضية كان ينتظر ان يكشفا خبايا وخفايا وألغاز وأسرار غموضها منذ نحو ثماني سنوات.

الأمر الأول: هو ان المتهم الأول بهذه القضية العقيد معمر القذافي قتل في 21 – 10 – 2011 بعد ثورة الليبيين ضده، وكان يمكن اعتبار غيابه فرصة لكشف كل هذا.. فلم يعد في ليبيا من يخشى هذا الكشف.. بمقتل المتهم بالخطف.

الأمر الثاني: هو ان المعنيين في لبنان بقضية اختفاء الصدر ورفيقيه أي الحكومة اللبنانية بدفع من المرجعين الأساسيين في قضية المجلس أي بري وقبلان، أمل والمجلس الشيعي لم يتركوا وسيلة إلا وسلكوها الى ليبيا لمعرفة مصير المختفين او المختطفين.

تابع اللبنانيون وبعض العرب المهتمين هذا المسار، في تفاؤل كبير.. لماذا؟ لأن خلفاء القذافي كان يهمهم كشف أي أمر سلبي عنه، ولأن اللبنانيين المعنيين توجهوا اليهم لمعرفة الحقيقة.

فما الذي حصل؟

لا أحد يعلم أمراً جديداً غير المتداول منذ عشرات السنين عن مصير المخطوفين.. والمتداول كان يتراوح بين إسقاطات واتهامات وإشاعات ومعلومات كان يدلي بها معارضون او من كان ما زال على صلة مع الداخل الليبـي (انفردت ((الشراع)) بعدة روايات موثوق بعضها، ولم يتم اختبار بعضها الآخر). من هنا فنحن نتساءل:

1-لماذا لا نسمع معلومات لبنانية جديدة وبالتحديد من الرئيس نبيه بري ومن المجلس الشيعي، ومن أي موفد لبناني رسمي الى ليبيا التقى حكام ما بعد القذافي فيها عن القضية؟

2-من هي الجهات الليبية التي قابلها مندوبو لبنان المكلفون بالحصول على المعلومات؟

3-هل صحيح ان مسألة التعويض المادي هي احدى العقد التي تمنع كشف مصير الصدر ويعقوب وبدرالدين؟

ماذا تعني مسألة التعويض المادي:

أ-كم هو؟

ب-لمن سيدفع؟

ج-هل هناك عقبات تحول دون قبول الجهات اللبنانية المعنية بالتعويض المادي؟

د-هل ما زال في لبنان من يعتقد بأن الثلاثة المختطفين ما زالوا على قيد الحياة؟.

هـ-أين هم. ولماذا لم يظهروا؟

و-قانونياً هل في ليبيا من يقدر الآن على تحمل المسؤولية؟

ز-وهل صحيح ان السلطات المختلفة المتحاربة في كل ليبيا متفقة على أمر واحد وهو ان الذي يجب ان يدفع هذا التعويض هم ورثة القذافي؟ من هم وأين هم؟

ح-لماذا يدفع ابن القذافي هنيبعل ثمن العجز عن حل هذه القضية لبنانياً – ليبياً – شيعياً – انسانياً.

4-تعالوا الى الأمر الآخر.. ارتبطت اثارة قضية هنيبعل يعني موسى الصدر الآن بمسألة عقد قمة اقتصادية عربية في لبنان، وطرح بري وقبلان تأجيلها بسبب دعوة ليبيا لحضورها، هل هذا يعني ان المتحاربين الليبيين كلهم في كل ليبيا هم المسؤولون عن مصير المخطوفين؟.. وهل هناك في ليبيا الآن في ظل المحن التي يعيشها هذا البلد العربي من يذكر أمراً عن هذه المسألة؟

5-في ظل ضباب هذه القضية تمر مسألة الموقف من دعوة بشار الأسد لحضور القمة الاقتصادية العربية، وقد بات محسوماً عدم دعوته، إلا بعد استعادة نظامه مقعده الذي فقده في جامعة الدول العربية، وكان أوضح موقف في هذه الناحية هو موقف مصر الذي عبر عنه وزير خارجيتها سامح شكري بأن لا عودة لبشار الى الجامعة العربية إلا بعد ان يلتزم بشروط حل سياسي اتفق عليه في جنيف في حزيران/ يونيو عام 2013 وأبرز عناوينه مرحلة انتقالية سياسية حاربها بشار ومعلمه بوتين منذ تاريخها.. وكان في حضيض ضعفه.. فكيف سيقبلها مجرم الحرب بوتين وتابعه في سورية وهو منتشٍ بنصر عسكري تجمع الكون كله لتسليمه إياه على حساب الشعب السوري كله..

عدم دعوة بشار الى لبنان هو بيت القصيد الأساس وليس أي أمر آخر مهما طرأ او تخيل أحد انه يمكن الاختفاء خلفه.

6-كل لبنان الشيعي يعلم ان واحداً من أكثر العارفين بكل خبايا وخفايا وغموض وأسرار اختفاء موسى الصدر هو حافظ الأسد وأجهزته الأمنية كلها، ومن ضمنها الجهاز الفلسطيني الأمني برئاسة أحمد جبريل..

والدنيا كلها تعرف العلاقة شبه العضوية بين لبنان الشيعي كله وحافظ ونجله الوريث وأجهزته الموروثة والوارثة.. وتعلم ان جبريل هذا أرسل بعض طياريه لقيادة طائرات القذافي الحربية للاغارة على مواقع ومدن وزحف ثوار ليبيا منذ بدء الثورة عليه في 17 – 2 – 2011، وأن بعض طياري جبريل قتل بعد سقوط طائرته.. وهذا يعني ان بشار كان يقاتل مع القذافي ضد الثوار.. ألا تستحق هذه الوقائع التوجه الى الأجهزة الأمنية السورية لمعرفة مصير الصدر ورفيقيه؟

في القرآن الكريم آية تحمل كل الدلالات الانسانية في التمييز بين المتهم وأي فرد من أفراد عائلته: ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))، واستمرار احتجاز هنيبعل القذافي هو ظلم يمكن وضعه في خانة ظلم أخرى هي عملية اختطاف الامام الصدر ورفيقيه..

والمفارقة المضحكة المبكية ان هنيبعل القذافي قصد سورية للاقامة بعد مقتل والده وهروب عائلته لأنها الأكثر أماناً لأسرته، ولأن سلوك النظام السوري الذي يشم المصالح المالية من على بعد آلاف الأميال احتضن هنيبعل، والدنيا كلها تتحدث عن ثروة تقدر بمئات مليارات الدولارات والتي تركها والده منتشرة في كثير من بلدان العالم.

هذا النظام يطالب الآن بإعادة هنيبعل اليه بعد ان خطفه حسن ابن الشيخ محمد يعقوب (المخطوف مع الصدر وبدرالدين).

يا سبحان الله.

حافظ الأسد الذي كان يعرف مصير الصدر في ليبيا من خلال علاقته مع القذافي، أورث ابنه شم المصلحة مع ابن العقيد، وفي الحالتين ما زالت المرجعيات الشيعية في لبنان تتجاهل سؤال آل الأسد الأب كما الابن عن المعلومات الحقيقية عن صلب هذه المسألة: من ولماذا اختطف الصدر ورفيقيه؟

لماذا تم تجاهل هذا الخطف سورياً من العام 1978 حتى العام 2011.. وحتى الآن؟

كان اختطاف الصدر عام 1978 نقطة تحول جذري في المكانة الشيعية وعصبيتها في ظل احتلال حافظ الأسد للبنان منذ ذلك التاريخ.

أصبح اختطاف وحجز هنيبعل القذافي نقطة تحول جذري في إعادة سورية الى الجامعة العربية بدءاً من القمة الاقتصادية العربية في بيروت.

أيها السادة.

لو كان ممكناً إعادة بشار الى جامعة الدول العربية لما كان هناك مشكلة في الحضور الليبـي الى بيروت وما عدا ذلك تفاصيل يمكن ان تتسلوا بها وتحموا أنفسكم في ظل موجة الصقيع التي تجتاح لبنان والمنطقة.. خصوصاً وان الذكاء الليـبي برفض حضور هذه القمة سحب البساط من تحت أرجل كثيرين.

حسن صبرا

 

نحن مع بري.. ولكن!

في أي نزاع سياسي بين نبيه بري وميشال عون، فنحن مع بري، ولا يمكن ان نكون مع عون.

لقد خاصمنا سعد الحريري، لأنه انتخب عون للرئاسة، وأيدنا بري لأنه جهر برفض ترشيحه.

ابو مصطفى خفيف الظل المحنك كعصفور الدوري قال لعون حين زاره الأخير طالباً تأييده للرئاسة بالقول: ((انا لن أؤيدك لأن وصولك للرئاسة يعني انني انتخب رئيسين للجمهورية (يقصد عون وصهره الصغير))).

بعد ذلك أضاف رئيس مجلس النواب الأطول فترة حكم في تاريخ مجالس نواب العالم: كنت أظن اننا انتخبنا رئيسين للجمهورية.. الآن اتضح لنا ان هناك رئيساً واحداً!!

جاء عون رئيساً.. وأعلن بري التزامه دوره التشريعي، ومع تشكيل أولى حكومات سعد الحريري في مطلع رئاسة عون استفز عونيون بري بالزعم ان لا وزارة مالية لشيعي..

كنا أول من امتلك وثيقة تعهد من عون لبري بتسليمه وزارة المالية لشيعي اذا ساعده بري على اقناع حافظ الأسد بتعيين عون رئيساً للجمهورية، وكان هذا التعهد خلال وساطة لنا بين عون وبري في تموز/ يوليو 1988.. وهناك شهود على هذا التعهد وهما العميد محمد حلال والحاج غسان مطرجي، والمكان هو في منـزل قائد الجيش في الفياضية.

نحن مع بري في نزاعه مع عون لكننا لسنا مع تحريك الشارع ضد أي كان، لسنا مع أي حركة ضد النظام اياً كان القائم بها والمقصود منها.

ما كانت القمة الاقتصادية سوى ذريعة في التغييب وفي الغياب.. فلا تتركوا لبنان رهينة للحسابات الخاصة.

 

 

الوسوم