بيروت | Clouds 28.7 c

المؤسسات الدينية غير معصومة وإصلاحها من أوجب الواجبات الشرعية

تعقيباً على مقالات حسن صبرا

 
المؤسسات الدينية غير معصومة 
وإصلاحها من أوجب الواجبات الشرعية 
:بقلم 
محمد علي الحاج العاملي 


*الفارق شاسع بين المجلس أيام الصدر وشمس الدين والمجلس اليوم 

*أضم صوتي الى صوت حسن صبرا في دعوة نصرالله لحفظ المجلس الشيعي 

*دور ممثلية السيستاني في لبنان مفقودة 

*((شبق)) في مؤسسات فضل الله لجمع الأموال وإرباك منعها من بلورة دور خاص بها 

*علي فضل الله يحاول تشكيل زعامة دينية لا يمتلك مؤهلاتها 

 
لا يمكن لمنصف أن يمرّ مرور الكرام على المقالات المتتالية التي تصدر في مجلة ((الشراع)) حول كشف الفساد المستشري على كل الأصعدة، والذي بات يتغلغل في مجتمعنا بشكل مخيف.. 
كما لا يمكنني كرجل دين لديّ اهتمام بالشأن العام أن لا أحييّ الصديق العزيز الأستاذ حسن صبرا الذي تطرّق لأكثر من مؤسسة دينية شيعية، مطالباً بإصلاحها، انطلاقاً من حرصه على المال العام، وعلى ممتلكات الوقف والجمعيات الخيريّة التي ينبغي أن تستفيد منها فئات الفقراء والمعوزين .. عكس ما هو معمول به راهناً، حيث صُرِف المال الشرعي على بناء ((زعامات)) دينية شخصية، وبدل أن تصرف الأموال على مستحقيها صارت في الحسابات الخاصّة للبعض، وبات الثراء والفحش المالي سِمة لبعض أقطاب الجسم العلمائي والديني، علماً أن تاريخ الجميع معروف، وكان بعضهم أقصى طموحه ((لشبع)) واليوم في أرصدته الملايين من الدولارات!! 
ومن ناحية مبدئية، قد لا أتفق مع الأستاذ صبرا بكل ما نشره.. لكن في الوقت عينه لا يمكنني إلا أن أحترمه وأقدره عالياً، حيث إنه صاحب صوت جريء وصادق، ولعل مجلة ((الشراع)) أضحت الوسيلة الورقية الوحيدة في الإعلام اللبناني التي تضيء على مكامن الخلل في مؤسساتنا الدينية، فضلاً عن المدنية. 
أقول هذا في الوقت الذي قد يُشْكل عليَّ فيه البعض - بل بالتأكيد سيشكل البعض - بأنه ليس من المناسب أن أقبل بالتعرّض للمؤسسات الدينية، وبأنه من الأنسب عدم ((نشر غسيلنا)) في الإعلام.. كما يردد كُثر. 

 
 
وجهة نظر في المقام 

 
 
وردنا على ذلك في ثلاث نقاط: 
أولاً: الأجدى بكم أن تتمتعوا بالمصداقية والإخلاص والشفافية.. وباحترام الحقوق الشرعية والمال العام قبل انتقاد من يثير قضايا التجاوزات والفساد، وتالياً فالخلل في تجاوزاتكم وليس في إشهارها والإعلان عنها، والتواتر بها. 
ثانياً: اللجوء للإعلام - بالنسبة لي - في هكذا قضايا هو الخطوة الأخيرة بعد اليأس من إمكانيّة الإصلاح ((سراً)). 
فيكون الإعلام أداة ضغط للتراجع في بعض الأحيان، ولكنه في كل الأحيان هو أداة لمعاقبة الجناة، الذين لن يرحمهم التاريخ، كما لن ترحمهم طلائع المصلحين اليافعة والناشئة.. 
ثالثاً: إنّ الطلب بعدم بروز هذه القضايا على الرأي العام فيه انتقاص من حقوق الناس، الذين من حقهم المشروع معرفة مصير الأموال العامة، والحقوق الشرعية، وأوقاف الطائفة.. وتالياً فكل من يطالب بعدم إظهار الوقائع - الإيجابية والسلبية - في مؤسساتنا الدينية هو يمنع حقاً طبيعياً لكل إنسان.  
بل هو شريك فعلي عملاً بحديث رسول الله (ص): ((الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في فعل إثمان: إثم الرضى، وإثم الفعل)). 

 
 
 
هل المؤسسات الدينية ((مقدّسة))!؟ 

 
 
 
ينطلق المجتمع ((الديني)) من خلفيّة تُحرّم المسّ برجال الدين والمؤسسات الدينية، وكأننا نعتبر أن قداسة الخالق أو المرسلين تنسحب على رجال الدين والمؤسسات الدينية! 
والواقع أن رجال الدين شأنهم شأن سواهم من البشر.. كل ما في الأمر أنهم مؤتمنون على القيم والأخلاقيات الدينية، وهذه - القيم والأخلاقيات - تجعلهم أكثر عرضة للمساءلة، ولأن يكونوا تحت سلطة القانون والأنظمة العامة.. ولا ترتب لهم أي ميزة للتفاخر أو التمايز عن بقية الناس. 
بل أكثر من ذلك، فيمكن القول بأن الشخص الرسالي مسؤولياته الأخلاقية أكثر شدة من سواه، ومطلوب منه التواضع والزهد، وأن يقدم أنموذجاً في المجتمع، وهذا ما طبّقه الرسول وآل بيته الكرام.. وليس أدل من الحادثة المعروفة عنه (ص) حينما اقتربت منه الوفاة، فقد جمع الناس وسألهم إذا كان قد أخطأ مع أحدهم، أو أساء إليه، وإذا كان لأحدهم بذمة الرسول أي حق.. كذلك فهو صاحب القول الشهير: ((والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)). 
ومن هذا نستنتج منهجية الرسول (ص)، الذي أراد أن يسنّ سنّة في ضرورة محاسبة كبار القوم، والمقدمين فيهم، وتحديداً مَنْ يتولون المسؤوليات العامة، وقد عوّدنا الرسول (ص) على هذا المنهج في كل مسلكه وسيرته. 
هذا ناهيك عن الأدبيات الشرعية والدينية التي تحثّ على المداومة على محاسبة النفس، وأنه ((مَنْ حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر)) وفقاً لقول أمير المؤمنين علي عليه السلام. 

 
 
ملاحظات على المؤسسات الدينية 

 
 
كي لا يكون كلامي بالعموميات فالأجدى أن أتوقف عند بعض المواضيع التفصيلية التي أثارها الأستاذ صبرا: 
 
الأول: المجلس الشيعي، والإفتاء الجعفري، والمحاكم الجعفرية. 
تناولت ((الشراع)) في العديد من المرات قضايا الفساد المنتشرة في المؤسسات الدينية الرسمية، كما تعرّض الأستاذ صبرا للخلل القائم في المجلس الشيعي، مطالباً بإصلاحه، وتفعيل دوره.. وهذا مطلب محق، وسيسجل في ميزان حسناته يوم القيامة، لا سيما ما كتبه في العدد1845، الصادر بتاريخ16 نيسان/ ابريل 2018. 
وقد كنتُ حملت لواء الإصلاح في هذه المؤسسات منذ قرابة العقدين من الزمن، وكلي أمل بأن ثمار جهودنا ستظهر في المدى المنظور. 
ومع تمنياتي بطول العمر للرئيس نبيه بري وللشيخ عبد الأمير قبلان((وهما في الثمانينيات من عمرهما)) إلا أن الدعوى التي أقمتُها في مجلس شورى الدولة لا زالت قائمة.. ولا بدّ أن تظهر الحقيقة يوماً ما، في كل الملفات، كما ينبغي إعادة المال العام المنهوب، والذي تمكّنا من رصد جزء منه، وسنتابع رصد ما تبقى، في كل ما يتعلّق بالتفريط بالمال الشرعي والأوقاف..  
ولا شكّ سنتمكن من إرجاع ولو جزء من تلك الحقوق، بإذنه تعالى، سواء في العقارات المنهوبة من الوقف، والتي سجّلت بأسماء أشخاص، أو عقارات الوقف التي لا يتم دفع ايجارها للوقف.. أو حتى الثروات المجموعة على حساب المال الشرعي والأوقاف ومؤسسات الدولة الدينية الرسمية.. هذا مع العلم بأن بعض الملفات القضائية((مجمّدة)) لكن في نهاية المطاف ((لا يصح إلا الصحيح)). 
وبالعودة لمقال الأستاذ صبرا ((لمصلحة مَنْ يستورد المجلس الشيعي ملابس نسائية))؟! فأهم ما طالب به على هذا الصعيد هو بإحكام الرقابة، وتعزيز دور المؤسسة الدينية الرسمية، بما يؤهّلها لأداء دور أبوي في الطائفة.. وهذا ما نؤيده تماماً. 
ولو كان لدى القائمين على المجلس الشيعي أدنى حسّ أخلاقي أو إنساني - ولن نتحدث عن التقوى الدينية التي يفتقدونها - لاستقالوا من مناصبهم، نتيجة موبقاتهم وإساءتهم للأمانة، واستغلالهم لنفوذهم وامتيازاتهم في سبيل جني المكاسب والأموال..! 
 
أي مستوى منحط وصلت إليه القيادة الدينية الشيعية حينما تحصر اهتماماتها بتجميع الثروات، وبالإحتيال على القانون!..  
وكم هو الفارق شاسع بين المكانة الوطنية والعربية والإسلامية التي كان يضطلع بها المجلس الشيعي في عهد الإمامين السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين، وبين هذا المستوى الوضيع الذي آلت إليه، حيث جل اهتمام المجلس الشيعي هو إدخال سلع من الخارج دون جمرك، نتيجة سمسرة لبعض ((أولادهم)).. ولماذا زجّ المجلس الشيعي بـ((تجارة الأحذية)) و((غرف النوم)) و((ألعاب الأطفال)) و((ثياب بالية))!! 
لن نزيد من التفاصيل والمعلومات التي نمتلك منها الكثير الكثير، لكنني أضم صوتي لصوت الأستاذ صبرا الذي عبّر عنه في رسالته المفتوحة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، متمنياً عليه القيام بمسؤولياته كاملة في حفظ المجلس الشيعي وأخويه ((دار الإفتاء الجعفري، والمحاكم الشرعية)) من ألاعيب الصغار، خاتماً له: فساد بيتنا الداخلي أولى بالإصلاح من إصلاح الفساد خارجه، وإذا كانت الموبقات في مؤسسات الدولة تتحمل مسؤوليتها الطبقة السياسية الحاكمة كاملةً؛ فإنّ موبقات مؤسسات الشيعة يتحمل مسؤوليتها قادة الشيعة حصراً، وتالياً يتحملون مسؤوليات إصلاحها. 

 
 
 
الثاني: مؤسسة الإمام السيستاني في لبنان 

 
 
كما تعرّض الأستاذ صبرا في مقال له تحت عنوان: ((السيستاني على الأرض وحامد الخفاف في القصر)) في العدد ((840 1الصادر بتاريخ 12 آذار/ مارس2018)) لموضوع ممثليّة المرجع الديني السيد علي السيستاني في لبنان. 
وهذا الأمر ينبغي مقاربته بطريقة صريحة وشفافة، حيث ضرورة بقاء مؤسسة ((المرجعية الشيعية)) على الحياد، وتعاطيها بنفَس أبوي جامع، من دون الدخول في الزواريب السياسية والإجتماعية الضيقة. 
 
وبهذا الصدد لا يمكنني التغافل عن الجوانب الشخصية الإيجابية في مدير مؤسسة السيد السيستاني في لبنان الحاج الخفاف، رغم مآخذ العلماء الفضلاء عليه، والتي لا يجاهرون أمامه بها، لكنهم لطالما تداولوا بها في جلساتهم الخاصّة.. حول عدم كونه من علماء الدين.. على اعتبار أن مَنْ يتبوّأ هذا الموقع ينبغي أن يكون مرتدياً للزي الديني، احتراماً للمرجعية نفسها، بل وتقديراً لأهل العلم في لبنان.. 
وبمعزل عن هذه الملاحظة التي قد لا أتبنّاها، لكنني أتوقف كثيراً عند الدور المفقود لممثليّة السيد السيستاني في الساحة الشيعية اللبنانية، فهي ليست كممثليّة أي مرجع شيعي آخر، على اعتبار أن السيستاني كبير مقدّمي الحوزة العلمية الشيعية، ناهيك عن الإمكانيات المالية الضخمة التي يحوز عليها.. وهذا ما يفرض مزيداً من دور رائد لهذه المرجعية، ولا يقبل منها أن تبقى متحفظة حيال كل شيء.. 

 
 
الثالث: مؤسسة السيد فضل الله 

 

توّج الأستاذ حسن صبرا مقالاته حول الجسم الديني بالحديث عن ورثة المغفور له العلامة السيد محمد حسين فضل الله، في العدد ((1850 الصادر بتاريخ 21 أيار/مارس 2018)) حيث تناول بعض الجوانب المهمّة التي لا يجوز إغفالها. 
وهذا يستدعينا الإضاءة على بعض النقاط: 
أوّلاً: لم تعد مؤسسة السيد فضل الله مرجعيّة فكريّة تنويريّة بالمعنى الذي كانت عليه في عهد السيد الراحل ((قدس سره))، بل تحوّلت-بشكل رئيسي- لمجرد جمعية خيرية يديرها نجله السيد علي فقط، الذي يُشْكل عليه بعض أخوته والمحيطين به أنه يصرف من رصيد والده، ويعيش عليه، ولم يتمكن من تشكيل شخصية خاصّة به بصورة مستقلة.. وانطلاقاً من ذلك فأكثر من شخص - ممن ذكرهم الأستاذ صبرا من الورثة الفكريين للراحل - يمكنهم أن يعبّروا عن فكر السيد محمد حسين فضل الله بجدارة أكثر مما يتمكن السيد علي منه. 
وقد صار ظاهراً للعيان أن أولى أولويات هذه المؤسسة هو جمع الأموال وجبايتها، من الداخل والخارج، ولم تعد تتحرك هذه المؤسسة إلا على وقع مصالحها المالية الخاصّة.. 
و((الشبق)) لجمع الأموال جعلهم يستخدمون ((المشتركات)) على الطرقات والأرصفة لوضع ((صناديق الجباية)) بشكل مزعج. كما جعلهم يتوسلون أي شيء يجذب الناس للدفع، وحتى لو كانت صورة السيد محمد حسين ((قدس سره)) على صناديق الجباية، بشكل مسيء للسيد الراحل. كما لا يمانع السيد علي من مدح إحدى الدول الخليجية في خطبة الجمعة حينما يتقاضى منها مبلغاً مرقوماً.. وهكذا استباحوا كل شيء في سبيل جمع الأموال وتكديسها.. وكأنّ المال هو الهدف الوحيد في الحياة وليس وسيلةً.. 
ثانياً: تعيش مؤسسة السيد فضل الله حالة إرباك في دورها المناط بها، وحول مستقبلها، فلم تتمكن من بلورة دور خاصّ بها، فبين سعيها للإستمرار بالحالة الدينية التي زرعها السيد محمد حسين ((قدس سره))، وبين كونها جمعية خيرية، وبين المؤسسات الإنتاجية والإقتصادية التي تمتلكها..، وبين اهتمامها في المجال السياسي ومحاولتها التمايز عن السواد الأعظم الشيعي.. كسباً لساحات عربية وإسلامية. وبين الاهتمام المستجد للسيد علي على مستوى الحوار بين الأديان، بشكل جعله يخلق إطاراً لهذه الغاية، ما حدّ من حضوره وقزّمه، بعد أن كان الفضاء متاحاً بشكل أرحب. 
طبعاً فشلت المؤسسة في الجمع بين الأدوار التي تحاول تأديتها، وستفشل أكثر، إلا في الجانب الخيري، المتمثّل بجمعية المبرات، وليت الأخ السيد علي يدرك ذلك جيداً، ما يجعله يوجّه الطاقات، ويقتصر على ((المبرات))، من دون محاولته لتشكيل زعامة دينية لا يمتلك مؤهلاتها، ومن دون تعاطيه في الشأن السياسي الذي أظهره هزيلاً، وكأني به يحاول تقليد والده الذي كان يجيد مخاطبة كل الأفرقاء والمختلفين، ويحسن تطبيق ((لكل مقام مقال))..، في حين أن السيد علي أخفق في تظهير نفسه كحالة متمايزة ضمن الجو الشيعي، حيث إنه يتحرك ضمن ((سقف المسموح للثنائي الشيعي)) ولا يمكنه تجاوز الخطوط الحمراء، بل يمكننا اعتباره جزءاً من منظومة الثنائي أيضاً. 
كذلك لم يتمكّن من مخاطبة الأطراف الأخرى التي أجهد نفسه للإيحاء إليها أنه ((غير الثنائي))، ولكن اتضح للجميع أنه - على الأقل - حاجة للثنائي، لإظهار ((التنوع)) ضمن الطائفة، ولو كانت حدود هذا التنوع لا تتجاوز السقف.. ناهيك عن ارتباط السيد علي بجملة مصالح ضمن بيئة الثنائي ما يمنعه من التفريط بها، بل يجعله أسيراً لتلك المصالح. 
ثالثاً: إنّ التساؤل حول بيع العقار في منطقة المزرعة في بيروت يجعل السيد علي مطالباً بالكشف عن مصير هذا المبلغ الضخم الذي ليس ملكاً شخصياً له، فأموال جمعية المبرات ملك للأيتام والفقراء، وقد تبرّع الناس بأموالهم وممتلكاتهم للجمعية بهذه الخلفية..  علماً أن ثمن العقار باهظ جداً، ويتجاوز الخمسة والعشرين مليون دولار. 
وهذا السؤال الذي طرحناه - بل كررنا إعادة طرحه بعدما طرحه الأستاذ صبرا - لا ينتقص من قيمة السيد علي فضل الله إطلاقاً، بل ما ينتقص من قيمته هو إبقاء الأمور مبهمة، وهذا ما يجعله في موضع التهمة أيضاً.. 
وهناك أكثر من قضية مشابهة يجب أن تثار لكن في وقتها المناسب.. فالمقام لا يتسع لأكثر من ذلك. 
رابعاً: لا أطالب بأن يتعامل المجلس الشيعي مع ((جمعية المبرّات الخيريّة)) كما تعامل مع ((الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية))- التي يرأسها الوزير السابق محمد يوسف بيضون، حيث وضع المجلس يده على مسجد الصفاء - العاملية، والذي يعود بملكيته للجمعية - ولا أن يتعامل المجلس كما تعامل مع ((الجمعية الخيرية الثقافية))- التي يرأسها الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، حيث وضع المجلس يده على مسجد الإمام الصادق - شاتيلا، الذي يعود بملكيته للجمعية - ولكن يجب أن تتعزز الرقابة على جمعية المبرّات. 
والنص القانوني واضح في ذلك، حيث إن من مسؤوليات المجلس الشيعي الإشراف على جمعيات الطائفة ومراقبتها، وهذا ما جاء في البند الرابع من المادّة ((30)) من النظام الداخلي للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في فصل صلاحيات الهيئة التنفيذية، حيث جاء: 
الإشراف على مؤسسات وجمعيات الطائفة الخيرية، وعلى انتخاب هيئاتها الإدارية وتصديق نتائجه، والإطلاع على حسابات وموازنات هذه المؤسسات والجمعيات والمصادقة عليها. 
خامساً: يجب إنهاء المهزلة بإبقاء ((مكتب السيد محمد حسين فضل الله)) حيث إنه مرجع متوفٍ وانتهى، ولا يجوز الإستمرار بالضحك على السذج في هذا الإطار، والتعامل وكأنّ السيد محمد حسين حيّ.. 
وهذا لا ينفي حق بعض العلماء المجتهدين في إدارة مؤسسات السيد فضل الله لطرح مرجعيتهم، وبعضهم يمتلك المستوى العلمي.. لكن الكثيرين لديهم ملاحظات على الكفاءات المحدودة للأخ السيد علي، فضلاً عن شخصيته الطيبة، لكنها ضعيفة، ولا تؤهّله لإدارة أي شيء.. وتالياً في ظل غياب مؤهّلات شخصية ليست علميّة فحسب، بل في الإطار الإداري والتنظيمي.. يحسن تطبيق: ((رحم الله امرئ عرف حده فلم يتعدّ طوره)). 
أكرر ما أسلفت قوله في إحدى كتاباتي بأن مرجعية السيد محمد حسين فضل الله ((منتهية الصلاحية)) فقهياً، وذات مرّة استفتيته خطياً - وما زال الإستفتاء في حوزتنا- حول مشروعية تقليد الميت، فقد حبّذا ((قدس سره)) الرجوع للحي، رغم تجويزه للبقاء على تقليد الميت. 
أخيراً: 
ويبقى أنه لا يجوز إبقاء الأمور متفلتّة في الساحة الدينية الشيعية، ولذلك تداعيات وخيمة ترتد على انحدار مستوى التدين والأخلاق والتقوى والورع في جسمنا، فإخفاق تجربة القادة الدينيين يضعف إيمان الناس. 
وإذا لم يتم إصلاح الأمور، وإرجاع الحقوق، والأموال العامة، فينبغي الإستعانة بالقضاء لوضع الأمور في نصابها.. ويجب تطبيق قانون ((من أين لك هذا))؟ على الجميع دون استثناء، وإذا كانت علاقة البعض بمواقع النفوذ - في وقتنا الراهن - تحميه، فلا شكّ سيأتي اليوم الذي تتغيّر فيه المعادلات القائمة.. 
 
 
لقادة الطائفة حصراً 

 
 
بعد كل ما مرّ ينبغي وضع النقاط على الحروف، والتوجّه بشكل صادق وشفاف لدولة ((الأستاذ)) لسماحة ((السيد))، حيث انحصار القيادة بهما، وتالياً فهما مسؤولان مباشرة وبشكل شخصي عن كل ما يحصل في ((عهدهما))، فـ((مَنْ حسُنت سياسته دامت رياسته)) كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و((ملاك السياسة العدل)) وفقاً لحديث آخر له 
إنّ التاريخ سيسجل أنه في ظل قيادتكما حصلت كل هذه الأمور.. هذا إذا لم يتم تحميلكما المسؤولية كاملة عن كل هذا الخلل. 
وأكرر على مسامعكما قول علي عليه السلام لابن عباس: ((أما بعد: فلا يكن حظك في ولايتك مالاً تستفيده، ولا غيظاً تشتفيه، ولكن إماتة باطل وإحياء حق)). 

الوسوم