السفير رياض طبارة: الحكومة من الآن وحتى آخر السنة ، حزب الله مضطر للانسحاب من سورية اذا نجحت العقوبات ضد ايران / حوار فاطمة فصاعي

السفير رياض طبارة: الحكومة من الآن وحتى آخر السنة ، حزب الله مضطر للانسحاب من سورية اذا نجحت العقوبات ضد ايران / حوار فاطمة فصاعي
- *عقدة ترامب انه خسر ويقول انه ربح
- *اذا نجحت العقوبات الاميركية ضد ايران ستقع روسيا في افغانستان جديدة
- *ترامب يريد من ايران التفاوض على اتفاق نووي يشمل صواريخها ووجودها في الشرق الأوسط
- *أتوقع شللاً في الحكومة الاميركية بعد الانتخابات النصفية
- *ترامب حالة عرضية وما يحصل الآن فورة بيضاء ستموت
- *روسيا مستعجلة للوصول الى حل في سورية خوفاً من تأثير العقوبات الاميركية على ايران
- *العقوبات الاميركية سيكون أثرها البالغ على القطاع المصرفي الايراني
- *تأثير العقوبات الاميركية على العلاقة الاميركية – الأوروبية سيكون كبيراً جداً
- *سيحصل نوع من اتفاق السلام في اليمن ترعاه الدول الكبرى
- *قضية العقوبات لا يمكن ان تحل في جلسة واحدة انما على مدى سنوات
- *قضية مقتل الخاشقجي لن تؤثر على العلاقة السعودية – الاميركية
بعد ان دخلت العقوبات الاميركية على ايران حيز التنفيذ وبدأت هذه العقوبات تسلك طريقها، بدأت تداعياتها تظهر واحدة تلو الأخرى. لا سيما على صعيد قطاع المصارف في ايران. وبالتالي فإن حدة التداعيات لن تكون موضعية لا بل ستتأثر بها دول أخرى لا سيما دول الشرق الأوسط وبعض الدول العربية.
وتتزامن هذه العقوبات مع الانتخابات التي جرت في اميركا والتي قد تغير مسار الأمور وتوجهات اميركا تجاه عدد من الملفات الاقليمية والعالمية.
العقوبات والانتخابات الاميركية سيكون لها تأثير بالغ في ملفي سورية واليمن وعلى الوضع العراقي وعلى لبنان تحديداً الذي ينتظر تشكيل حكومته بانتظار ان تتبلور صورة هذه الملفات الاقليمية والعالمية.
هذه المواضيع وسواها تحدث عنها سفير لبنان الأسبق في الولايات المتحدة الاميركية رياض طبارة في هذا الحوار.. فسألناه:
#هل تبلورت الصورة لديك فيما خص الانتخابات الاميركية؟
- من المتوقع ان يأخذ الديموقراطيون مجلس النواب ويحافظ على الجمهوريون على أغلبية مجلس الشيوخ. ولكن داخل اميركا هذا الأمر له معنى، لأن مجلس النواب كل سنتين ينتخب كله، فيما مجلس الشيوخ ينتخب ثلثه كل سنتين.
لذلك فإن انتخابات مجلس النواب تظهر تراجع شعبية ترامب لأن كل الولايات المتحدة تدخل في هذه الانتخابات وكل المقاطعات أيضاً، لذلك التصويت سيكون عاماً، فيما مجلس الشيوخ يقتصر على الثلث، ويمكن القول ان الديموقراطيين اكتسحوا الساحة.
ترامب أعلن انه ربح وهذه عقدته دائماً يخسر ويقول بأنه ربح. ولكن الواضح ان هناك هجمة ضد ترامب ولديه الأقلية من الشعب الاميركي.
هذا يعني انه سيحصل شلل في الحكومة الاميركية لان الديموقراطيين أخذوا مجلس النواب الذي يقرر الموازنة وهو الذي سيصدر عقوبات ويتعلق بكل ما هو داخلي. الجمهوريون الذين حصلوا على مجلس الشيوخ من حسنات ذلك بالنسبة لترامب ان كل التعيينات الكبيرة تمر عبر هذا المجلس، كتعيين كبار القضاة. ولذلك ترامب مهتم بذلك كثيراً حتى تبقى المحكمة العليا بيده. ولكن كحركة شعبية تبين أن شعبيته على مستوى الدولة ككل قد انخفضت او على الأقل لم ترتفع.
سيحصل انقسام طبعاً. بإمكان مجلس النواب ان يحيله الى المحاكمة ولكن المحاكمة تحصل في مجلس الشيوخ. في مجلس النواب يجب ان يحصلوا على نسبة نصف الأصوات زائد واحد كي يحيلوه الى المحاكمة، في حين انه في مجلس الشيوخ يجب ان تصل النسبة الى ثلثين كي تتم محاكمته، بإمكان مجلس النواب ان يحوله الى المحاكمة ولكن ليس بإمكانهم تنحيته من منصبه ومجلس الشيوخ هو الذي يتولى هذا الأمر.
هذا الانفصام سيعيق قدرة ترامب على تنفيذ مشاريعه.
بالنسبة لقضية الشرق الأوسط فإن هذا الانفصام لا يؤثر عليه وانما يؤثر على العقوبات على ايران لأن كلا الطرفين أي مجلس النواب ومجلس الشيوخ يريدان وضع عقوبات على ايران.
#هل ستكون اميركا في الفترة المقبلة مع ترامب أم من دون ترامب؟
- شعبية ترامب باتت محدودة، ولكن جماعته لم تتغير مهما فعل لأنه لعب على الوتر الحساس فهو مناهض ((للسود)). ولا ننسى ان أصحاب البشرة البيضاء كانوا يحكمون اميركا قبل الستينيات وبعد هذه الفترة ازداد عدد السود واللاتين في اميركا وتراجع عدد البيض بنسبة 60% والاحصاءات الاميركية تقول انهم سيصبحون أقلية بعد 15 سنة.
وهذا الأمر أدى الى دب الرعب في نفوسهم. ولكن ترامب يحاول ان يخفف من حدة الخوف لديهم بما انه أعلن انه سيطرد السود واللاتين وسيمنع المسلمين من دخول اميركا. لذلك الأغلبية التي حصل عليها في الانتخابات كانت من قبل البيض في حين حصل على الأقلية من أصوات النساء لأن النساء اعتبرنه لا يحترم المرأة.
#ولكن لديه تصريحات ومواقف تجعل شعبيته تتراجع؟
- صحيح ومع ذلك لا تتغير شعبيته لأن هدف جماعته الحفاظ على سيطرتهم على البلد. وتبين في الانتخابات انهم تمسكوا به بالفعل.
#ولكن هل ستكون اميركا في المرحلة المقبلة من دون ترامب؟
- كتبت في السابق ان ترامب هو Passing Phenomena أي مسألة عرضية لأنه في النهاية لديه الأقلية. وما يحصل في اميركا هو فورة بيضاء ستموت. بعد عيد الاستقلال صدرت قرارات بأنه لا يحق لأي شخص ان يحصل على الجنسية الاميركية إلا اذا كان ((أبيض حراً)). هذا التغير خلق ظاهرة ترامب، وكل سياساته الداخلية تتوجه نحو هذه الوجهة.
#ماذا عن العقوبات الاميركية على ايران، وكيف ستسلك طريقها؟
- عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي أعلن انه سيعيد كل العقوبات التي أزالها اوباما. الآن نحن بصدد العقوبات القاسية، وهي تتعلق بثلاثة قطاعات اساسية:
*قطاع الطاقة.
*قطاع النقل.
*قطاع المصارف.
كان هناك تخوف انه اذا منع ايران من بيع نفطها وغازها سوف ينكمش العرض في السوق بشكل يرفع أسعار النفط وبذلك تتضرر اميركا أكثر من ايران. فاستثنى 8 دول من ذلك. لذلك سعر النفط لم يرتفع لا بل هبط لأن النفط الايراني لم ينسحب من السوق، هذا القطاع حتى الآن لا تأثير عليه.
قطاع النقل مهم لأن الشركات الايرانية للطيران تواجه صعوبات في ان تحط في مطارات معينة او ان تشتري وقوداً بسبب الحظر الذي وضع عليها.
القطاع الذي سيواجه مشاكل أكثر هو المصارف. ممنوع التعامل بالدولار ومن الصعب عدم التعامل بالدولار، اضافة الى انه ممنوع التعامل مع البنك المركزي الايراني وهذا يشل قطاع المصارف.
الى جانب نظام Swift الموجود بين المصارف فهناك 11 ألف مصرف حول العالم تحول بين بعضها البعض الأموال من خلال هذا النظام وقد أعلن وزير الخارجية الاميركي انه في حال تعاملت Swift مع أي مصرف ايراني سوف نضع عليها عقوبات.
لقد وضعت اميركا العالم أمام خيارين اما التعامل مع اميركا او ايران. في حال تم التعامل مع اي شركة ايرانية فإن كل الشركات الاميركية لن تتعامل معك، لذلك من مصلحة الجميع التعامل مع اميركا وليس ايران.
وهذا التأثير أصبح واضحاً على ايران بحيث تراجعت العملة الايرانية 60% من قيمتها والتضخم أصبح 20%، والناتج المحلي الايراني سيتراجع 4%.
ولكن برأيي الأهم من ذلك هو تأثير العقوبات غير المباشرة اذ أثرت هذه العقوبات على العلاقة الاميركية – الاوروبية. أوروبا تقول انها لا تريد الانسحاب من الاتفاق النووي وتريد التعامل مع ايران. ولكن الشركات الاوروبية تقول انه في حال استمر التعامل مع ايران ستخرج من السوق الاميركي.
تحاول اوروبا ان تعمل نظاماً جديداً لخلق آلية يتم من خلالها قيامها ببيع ايران والعكس صحيح، من خلال عدم الدفع نقداً، من دون الدخول في السوق النقدي.
ولكن المشكلة في الآلية انهم لم يجدوا دولة تتبناها خوفاً من ان تتعرض للعقوبات في حال احتضانها الآلية.
لذلك هناك محاولة لإستقلال اوروبا عن اميركا. ويحاولون ان يجهزوا جيشاً اوروبياً من 11 دولة للدفاع عن اوروبا ضد اميركا وضد روسيا. ولكنهم تراجعوا عنها بعد ان اعتبرها ترامب اهانة لأميركا.
بدأت خلافات جدية بين اميركا وأوروبا من خلال خطاب ماكرون الذي كان موجهاً لترامب الذي اعتبر ان الوطنية هي بعكس اميركا اولاً، لأن اميركا أولاً تعكس الانعزالية. لذلك حصل نوع من التوتر الذي ازداد بسبب العقوبات وسيكون بالتالي تأثير العقوبات على العلاقة الاميركية – الاوروبية كبيراً جداً.
#ماذا عن تأثير هذه العقوبات على بعض الدول العربية لا سيما سورية، اليمن، لبنان..؟
- العقوبات ستوثر على سورية، اذا غابت العقوبات وخضعت ايران واضطرت للانسحاب من سورية ماذا سيحصل بروسيا؟ فهي تحارب من خلال الايرانيين والميليشيات التابعة لها. لذلك فإن روسيا مستعجلة جداً للوصول الى سلام في سورية خوفاً من تأثير العقوبات على ايران ومنع روسيا من استخدام الجيوش على الأرض.
اذا نجحت العقوبات وانسحبت الميليشيات من سورية فإن روسيا ستقع في الحظر الذي وقعت فيه في افغانستان في أواخر الثمانينيات.
هذا الأمر ينطبق ايضاً على الحوثيين والحشد الشعبي لأن هؤلاء يلقون الدعم والمساندة من ايران.
#حتى حزب الله؟
- وخصوصاً حزب الله، لأنه اذا نجحت العقوبات سيكون حزب الله مضطراً للخروج من سورية واذا عاد 10 آلاف مقاتل من حزب الله الى جانب 30 ألف مقاتل موجودين في لبنان فإن الارتدادات ستصل الى لبنان.
فيصبح حزب الله ليس لديه حرب يقوم بها وسيحصل كما حصل بعد الحرب الأهلية.
#ماذا سيحصل بطالة مثلاً، أم ماذا؟
- البطالة هي جزء أيضاً، ولكن التأثير المباشر لن يكون كبيراً على لبنان حتى لو وضعت عقوبات على حزب الله لأن، أميركا تحاول وضع عقوبات على حزب الله من دون المساس بالاستقرار الامني او الاقتصادي في لبنان.
الارتدادات على لبنان بعد فرض عقوبات على ايران سيتأثر بها حزب الله لناحية التمويل.
#ما هو مصير اليمن والحوثيين؟
- سيحصل نوع من اتفاق السلام في اليمن ترعاه الدول الكبرى ولن يكون في اليمن غالب ومغلوب. هذا كله سيحصل اذا نجحت العقوبات.
#ماذا عن احتمالات نجاح هذه العقوبات؟
- ثمة أشياء كثيرة يمكن ان تحصل، في كوريا الشمالية كانت الناس تتوقع حصول حرب وما حصل هو العكس، وقد يحصل الأمر نفسه بين اميركا وايران.
ما يريده ترامب هو ان تجلس ايران معه لتفاوضه في اتفاق نووي جديد يتضمن الصواريخ الايرانية والوجود الايراني في عدد من دول الشرق الأوسط، بالرغم من الود الذي ظهر في لقائه مع الرئيس الكوري فإن العقوبات ما زالت موجودة.
قضية العقوبات لا يمكن ان تحل في جلسة واحدة انما على مدى سنوات عديدة. المفاوضات بين اميركا وايران حتى لو كانت جدية ستأخذ وقتاً طويلاً. قد تتحلحل سياسياً بين اميركا وايران ولكن ليس اقتصادياً. والمتضرر الأول هو ايران والارتدادات ستكون على الشرق الأوسط وأوروبا.
#ماذا عن تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على العلاقات السعودية – الاميركية لا سيما على الصعيد الاقليمي؟
- هناك ضغوطات على ترامب عكرت صفو العلاقة بين اميركا والسعودية ولكن هذه العلاقة عضوية وسيتم ايجاد حل لها. اوباما كان يقول انه لا يمكن الاعتماد على العرب وانه يريد اعادة ايران الى المجتمع الدولي والى علاقة مع اميركا كي يسيطر على الشرق الأوسط.
وعندما جاء ترامب اعتبر انه حتى لو نجحت اميركا في ذلك فستنتهي الأمور الى حرب مذهبية أي سنية – شيعية، والحل يكمن في ان تنسحب ايران من المنطقة وتكون حليفتهم السعودية مع الخليج وتركيا ومصر. لذلك حصل انقلاب كامل على موقف اوباما بنسبة 180 درجة.
لذا لا اعتقد ان مسألة مقتل الخاشقجي ستؤثر على العلاقة السعودية – الاميركية. وأتصور ان تركيا لن تترك القضية وستبقى تعمل عليها ولن تصل الى حد الانفصام بين اميركا والخليج.
#سبق وتوقعت في حوار أجريناه معك في شهر ايلول/ سبتمبر ان الحكومة لن تتشكل قبل نهاية العام وهذا ما حصل حتى الآن لم تتشكل الحكومة؟ هل ما زلت عند توقعاتك؟
- توقعت ان الحكومة لن تؤلف قبل ان تبدأ العقوبات لأنه اذا نجحت العقوبات ستتغير موازين القوى في المنطقة ولا سيما في لبنان. يعني الفريق الذي تسانده السعودية وأميركا والفريق الذي ستسانده ايران، كلاهما يتأثر بقضية العقوبات. أي فريق في لبنان لن يحسم الأمر قبل ان تبدأ نتيجة العقوبات. واعتقد انه حان موعد تشكيل الحكومة وبات الأمر قريباً لأنه بدأت تظهر نتائج العقوبات. هذا يعني انه من الآن وحتى آخر السنة ستشكل الحكومة.
حوار: فاطمة فصاعي